لم تخرج فلسفة برنامج " في الواجهة " عن خطه&ا الأحادي المضبوط على إيقاع التحرش بالحركة الإسلامية عموما ، و حزب العدالة و التنمية علي وجه الخصوص ،والتعريض به من خلال عملية انتقاء مفضوحة لبعض رموز الفلك اليساري وتوظيفهم / إتاحة الفرصة لهم لإذاعة " بيانات الكراهية " تحت مسمى التبشير بالحداثة والتحذير من " خطر " المشروع الأصولي الزاحف على المجتمع !! . Iكلام لا بد منه في حق 2M أولياء نعمة القناة الثانية والراسمون لسياستها العامة ومنهجها العدواني على الشعب المغربي تمويلا وتهويلا كما المتحلقون على موائدها أمام الكاميرات، لم يعثروا بعد في هذا الشعب المغربي العريق الذي يعد مفكروه ومثقفوه وعلماؤه وسياسيوه وفنانوه بالآلاف، على غير الوجوه الحداثوية المرتبطة تحديدا بما تبقى من أشلاء حركة فكرية وتنظيمية انتهت مدة صلاحيتها النضالية، حسب ما تقضي به السنن الاجتماعية، وامتطى فرسانها المترجلون من فرط العياء، صهوة "البورجوازية الزهراوية " حسب الاختراع الكسوسي ( الزهر = ضربة الحظ ) !! مقدمة برنامج " في الواجهة" بانحيازها المعلوم، كموظفة في سلك جوقة 2M الحداثوية، ابتذلت السيد محمد كسوس وأظهرته بمقدماتها الضعيفة للبرنامج ..وبالانتقاء " اللطيف " للمحاورين، في صورة من جيء به /جاء طوعا ليؤدي دورا هامشيا في عملية مسح سطحي للعديد من الملفات المعقدة ... ولم يكن المشاهد اللبيب يجد صعوبة كبيرة في تبين التعالق بين " حجم الإنشراح " و" طول الابتسامات وعرضها " ! على ملامح السيدة " معدة " البرنامج، وسقطات/ هجومات السيد كسوس الذي بلغ به " الوجد الإعلامي " حالة قصوى من " اللاعلمية " طلب معها الحصول على الوقت الكافي " حتى لا ينفجر !! " لأنه يجب أن " يقول كل شي !! " ليس طبعا عن ملفات الفساد التي يكتوي بها الشعب من قبيل بيان الموقف من فضيحة "النجاة" و نهب المال العام وسوء تدبير ملف الانتخابات..الخ ... و لكن موقفه الشجاع من محاكمة مجموعة من الشباب بتهمة " عبادة الشيطان " ..متخدا دلك المدخل مبررا لنفث سمومه حول قضايا " تهمه " ولا تهم احدا سواه!! ولعل السيد نعيم كمال قد أحس في لحظة معينة بتضاؤل الصورة المفترضة ل " عالم الاجتماع "أمام الصورة الهجينة ل "الداعية السياسي " المنحاز بشكل " لاحداثي " ... فنبه إلى هذا الخلل في الأداء.. فما كان من السيد كسوس إلا أن اعترف بقوله الصريح الفصيح " أنتم لجرتولي اللسان / أنتم من جر لساني " !! فوا أسفا مرتين : - الأولى ..أن لا يعلم عالم الاجتماع أن برنامج " في الواجهة " إنما جعل لجر الألسن وتسويق العداء ونفث الكراهية! - والثانية .. أن لا يصمد علم الاجتماع أمام " بهدلة " السياسة الحزبية الضيقة وأن لا يرتفع إلى حيث مقام النظر السديد والاتزان الرشيد !! . IIكلام لا بد منه في حق جسوس: تضاريس الحوار كما صنعها وانخرط فيها السيد جسوس كانت خشنة وفرضت عليه في مرحلة أولى أن يسير على حبل الموضوعية متوازنا بصعوبة .. تغلبه الأنا الحزبية فيغالبها .. وتميد به النرجسية التنظيمية ويسايرها حينا ثم يستدرك فيضفي على تاريخ " المبادرات الاتحادية " والتدخلات من أجل " إنقاذ المغرب " طابعا نسبيا فيعترف بالطبيعة البشرية للاجتهاد ثم يذهب بعيدا ليعترف مجددا بأن خسارة الحزب جائزة في منطق الموازنات الكبرى !! وإن كانت ستؤدي إلى " ربح وإنقاذ الوطن " مختزلا عدة إشكالات تصورية ذات صلة بانهيار المرجعية الأم للتجربة، وتنظيمية ناتجة عن انحسار الممارسة الديمقراطية داخل المؤسسة الحزبية: في ثنائيات سطحية تلغي بالمرة تحليل دور مختلف الفاعلين في مجمل التأثير البيني الشامل الذي أدى إلى فشل تجربة ما سمي بالتناوب التوافقي ! في مرحلة ثانية من زمن الحوار، بدأت متاعب الحفاظ على التوازن تظهر على السيد جسوس وأخذ العياء يتسرب إلى أدائه تحت تأثير عملية المزاوجة الصعبة بين صورة عالم الاجتماع المغربي الذي يحلل ويناقش خارج دائرة التموقع الحزبي وبين صورة " عضو المكتب السياسي " الذي تفرض عليه " مهام المرحلة " العمل من أجل " استثمار " الوقت الذهبي " الممنوح " في القناة الثانية من أجل " تمرير " مضامين خطاب حزبي بئيس كما انتهى إليه حاله في آخر طبعة رديئة قائمة على نفث الكراهية والتخصص في صناعة الأعداء وإحصاء عيوب المخالفين والتنقيب عنها، والانصراف عن عيوب الذات، واحتقار ذكاءالمشاهدين. وأما الشطر الثالث من تضاريس الحوار فقد بدا السيد كسوس مترديا في الدرك الأسفل من التواصل مع المخالفين، نازعا عباءة العلم وشاهرا سيف التسفيه والتشهير وإصدار الأحكام، وكأنما انشقت عنه تجاويف " خلية نائمة " فانطلق يهذي بما يدري ولا يدري .. وتتابعت سقطاته الواحدة تلو الأخرى معترفا بعد طول لهاث أن الصحافيين هم من " جبدو لو لسانو " !! . IIIحصيلة السقطات: السقطة الأولى: لا حوار مع من يبدأ ب " الله أكبر " ! قد يبدو هذا العنوان مستفزا للقارئ المغربي .. وقد يظن أنه عنوان صادر عن جهة تنابذ الإسلام والمسلمين العداء وقد يظنها ظان قولة من تراث صناديد قريش في مواجهة الدعوة المحمدية لحظة ظهورها .. لكنها للأسف الشديد صادرة عن محمد كسوس في لحظة ضيق بالمخالف، تنكر عليه حقه في أن يبدأ بما يشاء وينتهي بما شاء ما دام الحوار من فضائل الحداثة وعنوانه الأبرز حتى مع أشد المخالفين وأعتاهم وهنا لا بد من مساءلة معنى الحداثة كما يفهمها السيد كسوس ومن لف لفه؟ السقطة الثانية: رفض الإحالة على عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز وجواز ذلك في حق عمر كسوس!! إمعانا في إنكار الحق في الاختلاف يرفض السيد كسوس حق المخالفين في الإحالة على مثل أعلى من عيار عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما، في مجال بناء الدولة العادلة واستلهام نزاهة الحاكم والتربية على التقوى والزهد والانصراف الكلي للمعالجة الجادة لقضايا الشعب وبناء المجتمع الآمن الذي يسير فيه الراكب من أقصاه إلى أدناه "لا يخشى إلا الله والذنب على غنمه"...مجتمع القوة الذي يرفض أن تظل أجزائه مغتصبة وأراضيه مستعمرة وإنسانه مستضعفا، ينكر السيد كسوس على الحركة الإسلامية وعموم الشعب المغربي أن يرتبط وجدانيا وثافيا بعملاقي العدل الإنساني عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز، ولا يخجل أن يقدم ابنه عمر ومن حق كل والد أن يعجب بابنه ولو كان نكرة نموذجا للشباب في معرض حديثه عن جواز المرور من مراحل الدلع والانحراف قبل على الاستواء على الرشد، وأنه لا بأس بذلك وأنه لا خوف على الآباء من أبنائهم، وإن راودتهم مقدمات الانحراف، فهم سيعودون كما عاد عمر وسيصبحون دكاترة في علم النفس...!!! ومع أننا لا نعرف السيد عمر كسوس، بل نحسن الظن به، إلا أننا نعتبر أن من الإساءة إليه أن يجيء اسمه في سياق الكلام عن ضحايا عبدة الشيطان، وهم عندنا ضحايا الإهمال والفساد. السقطة الثالثة: " هؤلاء لا برنامج لهم ! " من المعلوم أن " هؤلاء " ليس إسما لحزب قائم بذاته حتى ينسب له برنامج ويعرض للتقييم !! ف " هؤلاء " اسم إشارة لا يفيد جهة معلومة في المشهد السياسي إلا إذا أصيب المتحدث بعي في الكلام أو أصابه جبن منعه من تسمية الهيئات بأسمائها !! ولأن شدة الخفاء تفيد الظهور، فالحزب الذي يتحدث عنه السيد كسوس هو حزب العدالة والتنمية... وهو حزب وطني قائم بذاته وله أدبياته وقياداته وحضوره وفعله السياسي في الميدان وله تواصله مع مختلف فئات الشعب ومواقفه معروفة من مختلف القضايا ... وفي جميع الأحوال فالسيد كسوس ناظر قبل وقت قصير نائب الأمين العام للحزب الدكتور سعد الدين العثماني وقاله له معجبا، ( أتمنى أن يكون) ولذلك لا بد من طرح الأسئلة الثلاثة التالية في هذا السياق: - أليس جبنا سياسيا أن يعرض كسوس بحزب العدالة والتنمية ويلمز مواقفه في العديد من القضايا ( التعليم / يوم الجمعة إلخ ..؟ ) وهو الذي ناظر أحد مسؤوليه قبل أسابيع ولم يتفوه بكلمة واحدة في كل الملفات التي أشار إليها حتى يكون لكل سؤال جواب ويكون لكل مقام مقال؟ - من المعلوم أن من يحكم على البرامج في الديمقراطيات العاقلة، إنما هي الجماهير في لحظات الحسم الانتخابي .. فمن الذي كلف السيد جسوس بالنيابة عن هذه الجماهير في الحكم على برنامج حزب سياسي .. وهو الذي يعلم كعالم اجتماع، ومتابع للوضع أن حزب العدالة والتنمية حاز تأييدا شعبيا هاما في آخر استحقاقات تشريعية؟ أليس في ذلك معنى من معاني احتقار هذه الجماهير ومصادرة حقها في الحكم على برامج الأحزاب؟ - لماذا يشغل السيد كسوس باله ويضيع وقت المواطنين في الحديث عن طرف غائب / حاضر .. بالغمز واللمز والإشارة والإضمار والتلميح ! ويقوم بتقييم غير موضوعي لمواقفه.. أليس الأولى أن " يستثمر الوقت الممنوح " ويقوم بحملة انتخابية سابقة لأوانها ويعرف بالمنجزات الحكومية في طبعتيها الأخيرتين ويبشر بما سيأتي مما لم يتذوق المغاربة طعمه بعد..من قبيل قانون الإرهاب والقوانين الانتخابية الكسيحة التي تنتظره؟ أليس استعراض برنامج حزبه و"جماعته الحداثية " أولى بإغراء الناس بالالتفاف حوله من استفراغ الوسع في صناعة الشتائم وإنتاج الأحكام في حق طرف غائب؟ هل عجز العقل الاشتراكي عن إنتاج ما يجعل الناس يقتنعون بصلاحية برامجه وسياساته...!! السقطة الرابعة: علماء الشريعة خونة ومتزمتون ... وبحضور وزير الأوقاف هذه المرة !! لم يسلم العلماء من هذيان السيد كسوس عندما نعتهم بالخيانة ورماهم بالتزمت لأنهم لا يصافحون النساء في لجنة المدونة!... ولست أدري مرة أخرى هل كان عم السيد كسوس الذي افتخر به من العلماء الذين يصافحون النساء ( مادام السيد جسوس يعتمد منهج الإحالة على أقربائه في معرض ضرب المثل والافتخار ) كما يحق لنا أن نتساءل هل من حقوق المرأة أن يصافحها الرجال؟ أم ليس من حق الرجال أن لا يصافحوا النساء إذا رغبوا في ذلك؟ لأنه من الصعب أن نسأل السيد كسوس عن حكم مصافحة المراة في الإسلام .. فهذا السؤال مطية اتهام بالماضوية وخروج عن معتقدات الحداثة وما إلى ذلك من الإسهال المصطلحي المبتذل كما تلوكه الألسن اليوم! السقطة الخامسة: استهداف يوم الجمعة بالتحقير و" لا لمحاربة الربا " ... !! وفي تحد سافر لمشاعر ملايين المغاربة يستهدف السيد كسوس يوم الجمعة بالطعن والاحتقار ويرى أنه لا يستحق أن يدرج ضمن برنامج هيئات سياسية لرد الاعتبار له وتمتيع المغاربة بالعطلة الأسبوعيةحتى يتمكنوا من الوفاء بكل المعاني الدينية والوطنية والاجتماعية الكامنة في معنى العطلة الأسبوعية كما يمارسها اليهود والنصارى، باحترام كامل لاختياراتهم الثقافية أليس في احتقار يوم الجمعة عنوانا لاستيلاب ثقافي يعبر عن رمزية يوم الأحد في ثاقفة الطبقة الفرنكفونية المغربة بديلا عن يوم الجمعة بأبعاده المعلومة؟ لقد أقصى السيد كسوس البعد الثقافي المرتبط باسترجاع ما ضاع من حقوق رمزية من قبيل اللغة والعطلة وغيرهما باعتبار أن معركة الاستقلال لم تنته بعد. وكما تحدث كسوس عن الجمعة باحتقار تحدث أيضا عن الربا باستخفاف ولم ير في هذا الموضوع الخطير الذي تتخذه الطبقة المترفةمدخلا لسحق الطبقة المستضعفة وامتصاص دمائها سوى عنوانه الصغير المتمثل في مبادرة أولية لحزب العدالة والتنمية عندما ناهض مشروع السلفات الصغرى باعتباره مدخلا جديدا لتعميم الربا على الشعب المغربي المسلم وإدماج الطبقة المستضعفة في دائرة هذا الأخطبوط الدموي الاستكباري. السقطة السادسة: سب صحفي على الهواء بدون مبرر من حق السيد مصطفى العلوي أن يتابع السيد كسوس على ما صدر منه في حقه من الإساءة والتحقير والانتقاص، مما لا يبرره علم ولا تفسره سياسة ! ذلك أنه نعته بما لا يليق أخلاقيا وإنسانيا و" حداثيا " وعلى الهواء. . IVأسئلتنا للسيد كسوس ومن معه! كشفت مضامين الحوار كما عرضها السيد كسوس على المشاهدين وكما سبقه بذلك آخرون عن اختلالات تصورية كبيرة عند رموز من مفكري اليسار، سواء في مقاربتهم لأطروحات مخاليفهم من جهة، أو وعيهم بالحاجات الحقيقية للشعب المغربي من جهة أخرى. وبدا ملحا أن هناك أسئلة محرجة يجب أن يتصدى لها اليسار بالجرأة اللازمة وأن يكف عن دفن رؤوسه في رمال الوهم وممارسة لعبة الغميضة مع التاريخ واتخاذ الحركة الإسلامية مشجبا يعلق عليها فشله وتراجعاته وإحباطاته و" حائط مبكى " يقيم عليه قداسه الشهري في " برنامج في " الواجهة " و هذه الأسئلة يمكن اختصارها في ثلاثة أسئلة كبيرة: السؤال الأول: إذا صدقنا عنوان التفكير الحداثي الذي يشدد على مطلب بناء دولة الحق والقانون وصناعة التقدم واحترام الحريات وتخليق الحياة السياسية وتكريم الإنسان وإقامة عدالة اجتماعية ... إلخ فمن المسؤول عن وضع المغرب اليوم في علاقته بالتراجعات المسجلة على كافة الأصعدة المشار إليها أعلاه؟ السؤال الثاني: أية علاقة للحركة الإسلامية بجوانب الفساد المتعددة المشار إليها أعلاه حتى تفهم العلاقة بين الهجوم عليها ومطالب " الحداثيين "؟ السؤال الثالث: هل اختيار المواجهة مع الحركة الإسلامية هو الاختيار الذي يحتاجه المغرب لصناعة تقدمه واستقراره؟ وهل عقم التفكير اليساري أن يجد من بين رموزه عقلاء يتصدون للتحريف الممارس من قبل زمرة استئصالية من مفكريه على خلفية إيجاد أرضية مشتركة تنهض على أساسها المطالب الوطنية العادلة والمشروعة التي تستوجب اصطفافا عقلانيا من أجل صناعة تقدم المغرب وإطلاق سيرورة تنميته الشاملة؟ 17 مارس 2003 الحبيب الشوباني