سيدات الجيش الملكي إلى نهائي دوري أبطال إفريقيا    جزائريون ومغاربة يتبرؤون من مخططات النظام الجزائري ويُشيدون بدور المغرب في تحرير الجزائر    أخنوش: المغرب المصنع الأول للسيارات في إفريقيا ونصدرها نحو 70 وجهة في العالم    بورصة البيضاء تنهي التداولات ب"الأخضر"    وضع الناشط المناهض للتطبيع إسماعيل الغزاوي رهن تدابير الحراسة النظرية    أخنوش يكشف نتائج الصناعة الوطنية ويبرز مواكبة الحكومة للاستثمارات    تألق دياز يلفت أنظار الإعلام الإسباني    أونشارتد: أحدث العروض التوضيحية المفقودة تراث عرض الكنز الصيد ديو في المزامنة    ليدي غاغا سحبت قبالة واحدة من أفضل عروض الوقت الحقيقي من أي وقت مضى    "اليونسكو" تدرس إدراج الحناء في قائمة التراث الثقافي غير المادي    انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في المغرب بعد بدء عملية الاستيراد    درك أزمور يحبط محاولة للهجرة السرية    جدول أعمال مجلس الحكومة المقبل    حكيمي يبتغي اعتلاء العرش الإفريقي    لافروف يحذر الغرب من النووي الروسي    مقتل جندي إسرائيلي في معارك لبنان    الأمطار تعود إلى الريف وسط انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة    ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى منطقة الفيضانات بعد الغضب الشعبي    للا مريم تترأس حفلا في ذكرى برلمان الطفل    وزارة الصحة الروسية تطلق اختبارات سريرية لعلاج جديد لسرطان الدم    حادث مأساوي على طريق القصر الكبير – العرائش ينهي حياة طالب جامعي    جماعة الزوادة في قلب التنمية الاجتماعية و الاقتصادية الحقيقية بالإقليم    الذهب يلمع عند أعلى مستوى في أسبوع مع تراجع الدولار    محاولة اغتيال وزير العدل الكندي السابق الداعم لإسرائيل    مساء هذا الثلاثاء في برنامج "مدارات" : لمحات من السيرة الأدبية للكاتب والشاعر محمد الأشعري    النرويج.. القبض على ابن ولية العهد بتهمة الاغتصاب    الكاف يبعد رحيمي من قائمة ترشيحات جائزة أفضل لاعب أفريقي    من حزب إداري إلى حزب متغول    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    العرائش.. نزاع حول قطعة أرضية بين سيدة وشقيقها ينتهي بجريمة قتل    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    وزارة الداخلية تخصص 104 مليارات سنتيم لإحداث 130 مكتبًا لحفظ الصحة    ولي العهد السعودي يهنئ الملك بمناسبة عيد الاستقلال        الركراكي: الصبر والمثابرة أعطيا ثمارهما وتسجيل 26 هدفا لم يكن بالأمر السهل    حاتم عمور يصدر كليب «بسيكولوغ»    شبكة تسلط الضوء على ارتفاع أسعار الأدوية في المغرب    أربع جهات مغربية تفوز بجائزة "سانوفي" للبحث الطبي 2024    الشاعرة الروائية الكندية آن مايكلز تظفر بجائزة "جيلر"    تسجيلات متداولة تضع اليوتيوبر "ولد الشينوية" في ورطة    اتهمتهم بمعاداة السامية.. عمدة أمستردام تعتذر عن تصريحات تمييزية بحق مسلمي هولندا    في تأبين السينوغرافيا    ما هي الطريقة الصحيحة لاستعمال "بخاخ الأنف" بنجاعة؟    فريق بحث علمي يربط "اضطراب التوحد" بتلوث الهواء    صحتك ناقشوها.. إضطراب النوم / الميلاتونين (فيديو)    إندرايف تغير مشهد النقل الذكي في المغرب: 30% من سائقيها كانوا يعملون بسيارات الأجرة    مجموعة ال20 تعلن وقوفها خلف قرار وقف إطلاق النار في غزة    جمعية الإمارات لطب وجراحة الصدر تضيء برج خليفة في حملة توعوية لمكافحة مرض الانسداد الرئوي المزمن    نشرة إنذارية: زخات رعدية ورياح عاصفية في عدد من أقاليم المملكة    زنيبر: الاضطرابات الناجمة عن كوفيد-19 زادت من تفاقم الآثار "المدمرة بالفعل" للفساد    شركة سوفيرين برو بارتنر جروب في قطر تعلن عن انضمام مدير عام جديد إلى فريقها، لقيادة مسيرة التوسع وتعزيز التعاون الاستراتيجي، في خطوة طموحة تنسجم مع رؤية قطر الوطنية 2030    عرض الفليم المغربي "راضية" لمخرجته خولة بنعمر في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الضبط والتحكم بذكاء -13
نشر في التجديد يوم 04 - 08 - 2011

الاحتلال، وقد أُنجز على أساس أهداف في نفس الوقت سياسية واقتصادية، هو مجموع الإجراءات والتصرفات التي تسمح لأمة قوية وأكثر نموا وتطورا، ومتقدمة أكثر؛ من حيث الحضارة المادية، أن تستقر على الدوام عند شعب أضعف وأن تمسك بمصيره بين يديها بأقل جهد، وبالطرق الأكثر مرونة والأقل إيلاما، بحيث يمكن تقبلها بسهولة من طرف الشعب المرغم على الخضوع.
بإنجازه للاتصال المباشر لحضارة عتيقة وتقليدية مع حضارة عصرية، متسببة إذن في صدام بين عقليتين لهما أساليب مختلفة في الإدراك، و في التخيل، وفي ردود الأفعال، فإن الغزو الأوروبي لبلاد الإسلام نادرا ما يتم القبول به عن رضى، فعند الإنسان المسلم هذا الغزو يصدم أكثر العواطف الدينية حساسية. ألا يتسبب في هيمنة الاحتكاك بالقوة لجنس من الناس ظلوا يُعتبرون أنجاسا، وها هم بجميع تفاصيل الحياة يصفعونه ويهينونه؟
بالنسبة للأمازيغي ، فهذا الغزو يثير الخوف من الأجنبي. وهو بتأثير ممن يحرضونه؛ فإنه لا يتصور الغزو إلا في الشكل الوحيد الذي لم يعرف غيره طول تاريخه: الاستحواذ على الأراضي والاستئثار بها وبالثروات، واغتصاب النساء، بل أسوأ من ذلك؛ فهذا الغزو الذي يقوده أتباع ديانة عدوة، وهذا السلب سيصاحبه بلا شك تدمير لكل ما يمثل أسس المجتمع المحلي. وإلى جانب النكبة الشاملة والكارثية للعادات والأخلاق التي سوف يجلبها معه، سوف تضاف فكرة بلبلة وانقلاب مرتقب، ومن هنا كانت تلك الحكايات العبثية حول عادات وتقاليد المنتصر.
ما الذي يمكن انتظاره من النصراني القادم من البحر؟ الذعر من التغيير، الدفاع عن أرض شحيحة ولكنها حاضنة ومُعيلة، هما الباعثان الكبيران اللذان يثيران رد الفعل المناهض عند الأمازيغي المحلي.
الأجنبي هو عامل تغيير. بينما في الإسلام البدائي لا شيء أحسن من الاستمرار والثبات. ومن هذا فالجديد لا يمكن أن ينتج أي خير. إن ما يُسمى بالتغلغل الهادئ هو المنهجية الناعمة والمتأنية لتدجين هؤلاء الجفلى. ولكنها يجب أن تُسبق مع ذلك حتى تكون فعالة باستعراض ظاهر للقوة.
إن البورجوازيين، والأعيان، والصناع التقليديين في المدن، والفلاحين في السهول أو في الجبال، لن يرضخوا إلا للقوة، سواء خوفا من جهازها المستعرَض أمامهم بقوة، أو لأنهم سبق أن عانوا من سوطها الذي لا يقاوم.
إن رأي الطبقات الحاكمة والحضرية يمكن تلخيصه فيما يلي: «إن غزو النصارى شر مهول، إنه كمثل وباء الطاعون؛ ولكن كيف يمكن مقاومة آفة تتجاوز ضعفنا الشديد؟ أمام المستحيل لا شيء ممكن وفوق طاقتك لا تلام؛ لنتحمل ما لاطاقة لنا به، مع الاحتفاظ بالأمل في أن هذا البلاء،-الذي هو ابتلاء من الله وناشئ عن إرادته كما هو حال كل شيء في هذه الحياة الدنيا- لابد وأن تكون له نهاية يوما ما».
وهذا المقطع من كتاب الاستقصا (وهو كتاب أُلِّف في المغرب منذ أزيد من ثلاثين سنة) يترجم بوضوح هذه العقلية القدرية: «لا يخفى أن النصارى اليوم على غاية من القوة والاستعداد والمسلمون -لم الله شعثهم وجبر كسرهم- على غاية من الضعف والاختلال، وإذا كان الأمر كذلك فكيف يسوغ في الرأي والسياسة، بل وفي الشرع أيضا أن ينابذ الضعيف القوي، أو يحارب الأعزل الشاكي السلاح، وكيف يُسْتَجَازُ في الطبع أن يصارع المقعدُ القائمَ على رجليه، أو يعقل في النظر أن تناطحَ الشاةُ الجَمَّاءُ الشاةَ القرناءَ؟». ونجد مقطعا بعده بأسطر يقول: «وما مثلنا ومثلهم (أمم النصارى) إلا كمثل طائرين أحدهما ذو جناحين يطير بهما حيث شاء، والآخر مقصوصهما، واقع على الأرض لا يستطيع طيرانا ولا يهتدي إليه سبيلا. فهل ترى لهذا المقصوص الجناحين الذي هو لحم على وضم أن يحارب ذلك الذي يطير حيث شاء؟».
من هذا الشعور بلا جدوى مقاومة عاجزة يمكن للولاء أن ينبعث على شكل مواربة هي في نفس الوقت فريدة و منطقية. والروائي "موريس لوغلي" الذي تغلغل عميقا داخل النفسية المغربية، يقول على لسان إحدى شخصيات روايته، وهو زعيم قبيلة أمازيغي هذه الكلمات المعقولة، على الأقل في عمقها: «كن على يقين - قال لي القايد ادريس، قايد بني مطير-، أنني لو اعتقدت شعبي قادرا على العيش بمفرده، وعلى أن يقود نفسه بنفسه، لما كنت إلى جانبكم. ولكنني أعلم أنه حتى يكون في وضع يسمح له بممارسة الحكم، عليه أولا أن يتحكم في الفوضى المهيمنة، وأن يوحد قواه ثم ينتصر. لو أنه كان يملك هذه الصفات لرأيتني على رأسه أقاتلكم بكل ضراوة واستبسال، ولدفعتكم إلى الساحل، ورميت بكم في البحر الذي جئتم منه. ولكنني فقدت كل أمل في أن يقدر شعبنا على النصر. إنكم أقوياء جدا، ومنضبطون وجدا ومدربون جدا. ثم إنكم لستم وحدكم في هذا. فلو لم تكونوا أنتم، فإن أمة أوروبية أخرى سوف تحتلنا وتُخضِعنا إن عاجلا أو آجلا. هذا مكتوب للأبد في فكري، الصراع سيكون طويلا، دمويا ، ومقاومة إخواني ستكون مؤلمة، ستكون مؤلمة جدا، وبدون طائل أو جدوى». (من رواية "موت محند" للكاتب "موريس لوغلي"، الصفحة 224، من فصل "بادة، بنت أمازيغية").
صحو ووضوح كثير ما يحدث هنا، ولقد عرفنا كيف نستفيد منه بالمكافأة عليه. إن فكر الفوائد الممكن إحرازها بانضمام غير متأخر جدا إلى الغازي المحتل، الذي هو وحده يمَكِّن من الحصول على سلطة راسخة ومكرسة، بل وحتى متزايدة النفوذ تحت ظل المحتل، هو تفكير لَطَّف دائما في بلاد المسلمين ولَيَّن العديد من الممانعة والمقاومة، ولكن، أي ثنائية تلك التي تستمر كامنة دائما بين حساب العقل و الذكاء الذي يقبل بالأجنبي، والدعوة القوية لعاطفة وسلفية المقاومة التي تريد أن تفنيه!؟
الشيخ سيد إمام الشهير بالدكتور فضل في مراجعاته:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.