أنهت الدورة البرلمانية الاستثنائية يوم الخميس الماضي أشغالها بالمصادقة على ثمانية مشاريع قوانين ومقترح قانون ليفتتح البرلمان بغرفتيه في اليوم الموالي الدورة الربيعية والأخيرة في الولاية التشريعية السادسة من عمر حكومة "التناوب"، فلماذا تم الاضطرار إلى دورة استثنائية؟ وما هي حصيلتها؟ لماذا دورة برلمانية استثنائية؟ بعدما أساءت الحكومة التدبير الزمني لملف الانتخابات، ولم تقدم مشاريع الإصلاح المرتبطة به في السنة الثانية أو الثالثة من عمرها بشكل يسمح بمناقشتها ومدارستها بعمق وتأني، وأمام ضيق الوقت الفاصل عن الموعد المحدد للانتخابات اضطرت الحكومة والبرلمان إلى دورة استثنائية لكي تحال عليها عدد من مشاريع القوانين وعلى رأسها مشاريع القوانين الثلاثة ذات الصلة بالإصلاح الانتخابي. الحكومة بصنيعها هذا تغطي على تراخيها وكسلها بل إخلافها لوعودها. وليتم الحسم بسرعة البرق في مشاريع قوانين لها علاقة بمصير البلاد ومستقبله داخليا وسمعته ومكانته خارجيا. حصيلة الدورة الاستثنائية صادق مجلس النواب في هذه الدورة (التي عرفت توقفا مع بدايتها بسبب انعقاد المؤتمر الدولي رقم 107 لاتحاد البرلمانات الدولي بمراكش والذي عرف حضور الصهاينة الأنجاس) بالإجماع على مشروع قانون يتعلق بمدونة المحاكم المالية ومقترحي قانون يتمم الأول بموجبه قانونا يتعلق بمدونة المحاكم المالية والثاني تحت رقم 95/53 القاضي بإحداث محاكم تجارية بدون أن تعرف نقاشا يذكر. فيما عرف مشروع قانون رقم 00.77 المتعلق بالصحافة والنشر نقاشا كبيرا وساخنا بحضور مكثف للصحافيين حاملين للشارة الحمراء (احتجاجا على عدم أخذ مطالبهم بعين الاعتبار). وقد صودق عليه في نهاية المطاف بموافقة 58 ورفض واحد وامتناع 12. ولم يستطع مجلس المستشارين أن يخفف من معاناة الصحافيين إذ لم يدخل على مشروع القانون تعديلات جوهرية بقدر ما اكتفى بتعديلات اصطلاحية ولفظية، وصادق عليه هو الآخر بالأغلبية رغم معارضة الفريق الكونفدرالي. وسيصادق عليها مجلس النواب مرة ثانية على الأرجح. وصادق مجلس النواب على مشروعي قانون 07.02 المتعلق بتغيير المادتين 14و24 من القانون التنظيمي لمجلس المستشارين والقاضي على كل نائب يريد الترشح لعضوية مجلس المستشارين أن يقدم استقالته من مجلس النواب ويدلي بنسخة من الاستقالة والعكس صحيح، وقانون 08.02 المتعلق بتنظيم مراجعة استثنائية للوائح الانتخابية العامة. كما صادق المجلس على مشروع قانون رقم 75/00 يغير ويتمم بموجبه الظهير الشريف رقم 1 - 58 - 376 الصادر في 15 نوفمبر 1958 المتعلق بتنظيم حق تأسيس الجمعيات وكذا مشروع قانون رقم 37.99 المتعلق بالحالة المدنية، واللذان انتظرا في رفوف البرلمان أكثر من ثمانية أشهر. ولم تستطع الدورة الاستثنائية الحسم في مشروع قانون رقم 06 - 02 المتعلق بالقانون التنظيمي لمجلس النواب نظرا للخلافات التي انفجرت داخل الأغلبية حول العديد من القضايا التقنية والجزئية فضلا عن ما تطرحه المعارضة. ومن المنتظر أن تقدم الفرق النيابية تعديلاتها واقتراحاتها بصدده ويبت فيها في بحر هذا الأسبوع. خلاصة: لم تكن الدورة الاستثنائية استثنائية فعلا بقدر ما كانت وسيلة لتغطية الحكومة عن تراخيها وتأخرها في طرح مشاريع الإصلاح الانتخابي في وقت معقول، فجاءت نتائجها هزيلة بحيث أنها لم تقدر على الحسم في كل مشاريع قوانين الإصلاح الانتخابي التي انعقدت أساسا بسببها، وكشفت عن عجز مؤسسة البرلمان عن تقديم أو إدخال تعديلات جوهرية وإصلاحات حقيقية على المشاريع التي تقدمت بها الحكومة واكتفائها بإصلاح العبارات حيث رفضت الحكومة كل التعديلات والاقتراحات الجوهرية التي تقدمت بعض الفرق النيابية وخاصة على مشروع قانون 08.02 المتعلق باللوائح الانتخابية إذ رفضت تعديلات فريق العدالة والتنمية والمجموعة النيابية لمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي بدون أي تبرير معقول للرفض. وظهر بجلاء أن الحكومة وأغلبيتها لم تخلف وعودها على مستوى الزمن فقط بل أصرت على حرمان فئة عريضة من الشعب المغربي من المشاركة السياسية وإبقاء اللوائح الانتخابية المطعون فيها سابقا والمشوبة بعدة اختلالات كقاعدة للانتخابات المقبلة مع بعض التعديلات الصورية، فضلا عن تباطئها في تعميم البطاقة الوطنية حتى لا تكون أساسا وحيدا للتسجيل في اللوائح الانتخابية العامة التصويت وهو ما ينذر بانتخابات غير حرة ولا نزيهة ويثير علامة استفهام كبيرة حول انقلاب الحكومة على وعودها وتصريحاتها ومدى توفرها على إرادة سياسية للشفافية ورغبة حقيقية في إفراز مؤسسات ذات مصداقية قانونية وشعبية وليست "مجرد مظلة للوبيات وأصحاب المصالح والمفسدين ولقطع الطريق على الإرادة الشعبية وتشويه سمعة البلاد، وتعميق اليأس والإحباط لدى الشعب المغربي وترسيخ كل عوامل العزوف والاستقالة من المساهمة الفعالة للمواطنين في صنع المؤسسات المنتخبة" * عموما لقد انتظرت الحكومة أكثر من أربع سنوات لتقدم مشاريع قوانين مصيرية في دورة برلمانية استثنائية تطلب منها الحسم فيها في ظرف أقل من شهر الأمر الذي لا يحتاج لأي تعليق. محمد عيادي *انظر بيان أحزاب الكتلة الصادر يوم 8دجنبر 1997.