حصيلة تشريعية ضعيفة، هي السمة التي طبعت العمل التشريعي للبرلمان المغربي بغرفتيه، خلال الدورة الربيعية الأخيرة التي امتدت إلى نحو 3 أشهر من العمل النيابي، دون أن ترى الكثير من القوانين المهمة، كمشروع قانون حماية المستهلك ومشروع مدونة السير المثيرة للجدل النور، حيث اكتفت السلطة التشريعية بالمصادقة على قانونين على مستوى مجلس النواب و14 قانونا على مستوى مجلس المستشارين. ففي الوقت الذي صادق فيه مجلس النواب على مشروع القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، ومشروع القانون المتعلق بنقل المدارس العليا للأساتذة التابعة لقطاع التربية الوطنية إلى الجامعات، والذي يروم تصنيف مؤسسات تكوين الأطر ضمن مؤسسات التعليم العالي، وتوحيد مختلف مؤسسات إعداد أطر التربية والتكوين، على المستوى الجهوي، وربطها بالجامعة، سجلت حصيلة مجلس المستشارين التشريعية موافقة المجلس على عدد من النصوص القانونية بلغ عددها أربعة عشر نصا قانونيا. وكان في مقدمة تلك النصوص مشروع قانون يهدف إلى تدبير المناطق المحمية وصيانة التنوع البيولوجي، ومشروع قانون يتعلق بالتقييس والشهادة والاعتماد. وفي مجال تصفية الميزانيات وافق المجلس على أربعة مشاريع قوانين تتعلق بتصفية ميزانيات السنوات المالية 2003 و2004 و2005 و2006، وتضمنت هذه المشاريع كل الأرقام المحاسباتية المتعلقة بتنفيذ ميزانيات هذه السنوات. وحظي جانب العلاقات الدولية بعدد مهم من النصوص القانونية مقارنة مع ما جاء في حصيلة هذه الدورة، حيث تمت الموافقة على خمسة مشاريع اتفاقيات بين حكومة المملكة المغربية وحكومة أندونيسيا لتجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب الجبائي في ميدان الضرائب على الدخل، وعلى انضمام المملكة المغربية إلى بروتوكول 2003 بشأن إنشاء صندوق دولي للتعويض عن أضرار التلوث الزيتي عام 1992 وعلى مصادقة المملكة على الاتفاقية الدولية لمكافحة المنشطات في مجال الرياضة، وعلى التصديق على الاتفاقية الموقعة بين المغرب وجمهورية لاتفيا لتجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب الجبائي في ميدان الضرائب على الدخل. إضافة إلى ذلك شهدت الدورة موافقة المجلس على مشروع قانون السلامة الصحية للمنتجات الغذائية، ومشروع قانون مدونة التجارة البحرية. وبالنسبة لعبد الله باها، القيادي في العدالة والتنمية والعضو في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان في مجلس النواب، فإن الضعف التشريعي للبرلمان، خلال دورة أبريل التي انتهت يوم الخميس الماضي، مرده إلى تزامنها مع الانتخابات الجماعية ل 12 يونيو 2009، حيث انشغل العديد من البرلمانيين بالاستعداد للمشاركة فيها كمرشحين مع ما يتطلبه ذلك من تحركات وحضور في الدوائر التي اختاروا الترشح فيها، فيما كان آخرون مسؤولين في أحزابهم عن تدبير العملية الانتخابية. كما أرجع القيادي في العدالة والتنمية، في حديثه إلى «المساء»، سبب ضعف الوتيرة التشريعية للبرلمان إلى كون حكومة عباس الفاسي لم تقدم مشاريع قوانين كثيرة حتى يكون هناك نشاط برلماني وتشريعي، بل إن الكثير من القوانين المعروضة على البرلمان لم تناقش ولم تجد بالتالي طريقها إلى المصادقة. من جهته، قال محمد مصطفى الإبراهيمي، رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، ل«المساء»، إن مجلس النواب اشتغل خلال الدورة الربيعية بشكل عادي، حيث تمت المصادقة على مشروع القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، ومشروع القانون المتعلق بنقل المدارس العليا للأساتذة التابعة لقطاع التربية الوطنية إلى الجامعات، فيما تم إرجاء التصويت على قوانين أخرى جاهزة لحاجتها إلى تعديلات، كما هو الحال بالنسبة لمشروع قانون ينظم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للأماكن المعدة للسكنى أو الاستعمال المهني. وأشار الإبراهيمي في معرض حديثه عن الحصيلة التشريعية لدورة أبريل إلى وجود مقترحات قوانين كانت تحتاج إلى الكثير من الدراسة والتمحيص والمناقشة، كما هو الشأن بالنسبة لمقترح قانون قدمه الفريق الحركي ويخص تنظيم مهنة «كاتب عمومي». ويتفق رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان مع باها في أن ضعف حصيلة الدورة راجع في جزء منه إلى تأثير إجراء الانتخابات الجماعية الأخيرة والتي أسفرت عن وصول نحو 120 نائبا برلمانيا إلى رئاسة مجالس حضرية وقروية. مشيرا إلى أنه «يتعين التفكير في وضع قانون يعالج غياب النواب بسبب ترشحهم في الانتخابات الجماعية، بشكل يضمن للمؤسسة التشريعية الفعالية والاستمرارية في التشريع وإثراء النقاش داخل اللجان وفي الجلسة العامة». إلى ذلك، قال القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إنه لا يتعين تحميل المؤسسة التشريعية وحدها مسؤولية ضعف المردود التشريعي خلال الدورة البرلمانية الأخيرة، مؤكدا في تصريحاته للجريدة على أن الحكومة تتحمل جانبا من المسؤولية من خلال عدم اضطلاعها بدورها في اقتراح مشاريع قوانين وتأخرها في إيداعها.