اعتبر متتبعون للشأن النيابي أن حصيلة الدورة البرلمانية الربيعية، التي اختتمت أمس الخميس، كانت ضعيفة، سواء على مستوى دراسة النصوص القانونية أو على مستوى تقديم الأسئلة الشفوية والكتابية، مشيرين إلى أن تأثير إجراء الانتخابات الجماعية الأخيرة كان واضحا على مردودية غالبية النواب الذين شارك عدد كبير منهم في تلك الاستحقاقات، بالإضافة إلى أن «الأزمة السياسية» للحكومة، بعد انسحاب حزب الأصالة والمعاصرة منها، أدى إلى انشغالها بالبحث عن بديل لتقوية أغلبيتها بدل اقتراح مشاريع قوانين على البرلمان. واعتبر القيادي في حزب العدالة والتنمية وعضو لجنة المالية بالغرفة الثانية، جامع المعتصم، أن حصيلة الدورة الربيعية كانت ضعيفة بكل المقاييس، مما يعكس ضعف الحكومة الحالية الذي ازداد منذ انسحاب حزب الأصالة والمعاصرة منها، وهو ما جعلها تهتم أكثر بالبحث عن بديل لضمان أغلبيتها، بحيث استقر الوضع، كما يُتداول اليوم، على حزب الحركة الشعبية لتدارك النقص، مشيرا إلى أن ذلك أثر بشكل ملحوظ على تقديم الحكومة لمشاريع قوانين، وهو ما قوبل أيضا بانصراف النواب إلى الانتخابات الجماعية الأخيرة، مما أدى إلى ضعف مردودية الفرق البرلمانية. إنها مظاهر للأزمة السياسية ببلادنا، يقول المعتصم، الذي زاد في حديثه إلى «المساء» بالقول إن عددا من مشاريع القوانين والاتفاقيات الدولية كانت جاهزة للبت فيها ولكن الحكومة ارتأت عدم تقديمها إلى غرفتي البرلمان مخافة التصويت عليها بالرفض، مسيقا كمثال على ذلك مشروع القانون رقم 07.08 القاضي بتحويل بريد المغرب إلى شركة مساهمة، والذي تم «تهريبه» إلى الغرفة الثانية خوفا من «رفضه» من طرف مجلس النواب، حيث ما يزال يلقى معارضة نظرا للنتائج الاجتماعية المنتظر أن يؤدي إليها تحويل مؤسسة البريد إلى شركة مساهمة. وما تزال مشاريع قوانين مهمة لم يحسم بشأنها بعد كمشروع قانون حماية المستهلك ومشروع مدونة السير التي لقيت ردود فعل قوية من طرف المهنيين وتم تشكيل لجنة وزارية بشأنها من أجل إيجاد حلول لعدد من بنودها الأكثر إثارة للجدل، والتي خلفت احتجاجات واسعة من لدن المهنيين، أجبرت الوزير الأول عباس الفاسي إلى التدخل وتشكيل لجنتين لمتابعة الموضوع، بالإضافة إلى مشروع قانون تحويل إدارة البريد إلى شركة مساهمة، وهو المشروع الذي أدى بدوره إلى احتجاجات واسعة من قبل مستخدمي البريد. هذا بالإضافة إلى استمرار تقديم أسئلة باتت مألوفة، في الوقت الذي أحال فيه مجلس المستشارين على مجلس النواب 12 مشروع قانون تتعلق غالبيتها بتصفية قوانين المالية لسنوات سابقة، و14 مشروع قانون هي اليوم لدى لجان الغرفة الأولى، ومن بين هذه القوانين هناك مشروع قانون لمحاربة تعاطي المنشطات في الألعاب الرياضية ومشروع قانون يتعلق بتنظيم العلاقة التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكن أو للاستعمال المهني. هذا بالإضافة إلى أن عدد الأسئلة الشفوية بلغ خلال الدورة الربيعية المنتهية أمس 281 سؤالا شفويا و584 سؤالا كتابيا. وليس من الغريب أن تذهب أغلبية البرلمان إلى نفس ما تقول به المعارضة حول ضعف حصيلة الدورة الربيعية المنتهية، باعتبار أن الدورة جاءت متزامنة مع الاستحقاقات الجماعية الأخيرة، يقول محمد الأنصاري، القيادي في حزب الاستقلال ورئيس لجنة التشريع بمجلس النواب، وهي الانتخابات التي شارك فيها عدد كبير من نواب الغرفة الأولى وأزيد من ثلث أعضاء الغرفة الثانية، معلقا على حصيلة الدورة بأنها من الطبيعي أن تكون «هزيلة»، ومتوقعا في نفس السياق، أن تعرف الدورة الموالية انتعاشة وانطلاقة صاروخية، على حد قوله، نظرا لأريحيتها وللفترة الزمنية التي ستأتي بعد إتمام كافة الاستحقاقات الانتخابية ومنها انتخابات تجديد ثلث مجلس المستشارين. ويرى الباحث في القانون الدستوري بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، محمد الأعرج، أن حصيلة الدورة الربيعية كانت لا بأس بها من حيث أداء النواب في ما يخص دورهم في مراقبة الحكومة، حيث استمر طرح الأسئلة على ممثلي الحكومة، رغم انشغال عدد من النواب بإجراء الانتخابات الجماعية الأخيرة، مشيرا إلى أن الوظيفة الثانية للنائب البرلماني، والتي تتجلى في التشريع، لم ترق إلى المستوى المطلوب، لكن ذلك لا يعني عدم اشتغال اللجان، التي تدارست عددا من مشاريع القوانين إلا أنها لم تصل إلى درجة إحالتها على الجلسات العمومية بقصد التصديق، مما يعني وجود نقاش بين أعضاء الغرفتين على مستوى الأداء التشريعي.