لم يعد يفصل البرلمان عن اختتام الدورة التشريعية الربيعية الحالية سوى 10 أيام طبقا لمقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 40 من الدستور التي تنص على أنه: «إذا استمرت جلسات البرلمان ثلاثة أشهر على الأقل في كل دورة، جاز ختم الدورة بمرسوم» مادام افتتاح الدورة كان يوم الجمعة 10 أبريل الماضي. ويأتي هذا الإكراه الزمني الذي فرضته متطلبات الانتخابات الجماعية التي عرفتها بلادنا يوم12 يونيو الجاري، في الوقت الذي عرفت فيه هذه الدورة لحد الآن مصادقة البرلمان على 3 قوانين فقط، واحد منها يتعلق بحرية الأسعار والمنافسة واتفاقيتان دوليتان، مع العلم أن مجلس النواب صادق على مشروعين قانونيين ومجلس المستشارين على 13 مشروع قانون. وهذا يعني ان انشغال اعضاء البرلمان بالانتخابات الجماعية ساهم في تجميد العمل البرلماني على مستوى التشريع ليقتصر عمل البرلمان على جلسات الأسئلة الشفهية الدستورية، في الوقت الذي أحالت فيه الحكومة على البرلمان 34 مشروع قانون توجد قيد الدرس فوق رفوف اللجان البرلمانية المختصة، 22 منها لدى مجلس النواب و 13 لدى مجلس المستشارين، بالاضافة الى 141 مقترح قانون: 75 منها لدى مجلس النواب، و 66 لدى مجلس المستشارين، مع العلم ان مشاريع القوانين التي أحالتها الحكومة على البرلمان يكتسي بعضها طابعا استعجاليا لارتباط مضامينها بتنظيم قطاعات مهنية أو إنتاجية أو تهم معالجة بعض القضايا المطروحة داخل المجتمع كما هو الشأن بالنسبة لمشاريع القوانين بتنظيم مهنة التوثيق وبإحداث هيئة وطنية للموثقين، تنظيم مهنة المرشدين السياحيين، محاربة تعاطي المنشطات خلال ممارسة الرياضة، الطاقات المتجددة، تنمية الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية، الكواشف المستعملة لأغراض التشخيص في المختبر، تنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني، تنظيم الصيد البحري، النقل عبر الطرق للبضائع الخطيرة، التحفيظ العقاري، القانون الجنائي، المناطق المحمية، التقييس والشهادة بالمطابقة والاعتماد، تحديد تدابير لحماية المستهلكين، مزاولة مهنتي المؤتمن على السفر والسمسار البحري ، النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، تنظيم أنواع النقل البحري، تحويل بريد المغرب الى شركة مساهمة، إحداث المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، رهن الصفقات المبرمة لحساب الدولة والجماعات المحلية وهيئاتها والمؤسسات العامة، بيع السمك بالجملة، سير المراقبة التقنية لصناعة المنتوجات الغذائية المعدة للتصدير وتعبئتها وجودتها، مدونة السير على الطرق، سن نظام أساسي للتعاون المتبادل، الأملاك الجماعية،. ولتجاوز هذه الوضعية التي من شأنها أن تجعل من الدورة الربيعية الحالية دورة شبه بيضاء على مستوى التشريع وأضعف دورة من حيث الأداء التشريعي، يبقى أمام البرلمان تمديد الدورة التشريعية مادامت الحكومة غير ملزمة بختم الدورة التشريعية طبقا لمقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 40 من الدستور ومادامت التجارب البرلمانية السابقة قد عرفت تمديد دورات تشريعية كما حصل خلال الدورة الربيعية من سنة 1998، حيث اشتغل البرلمان طيلة شهر غشت، وذلك بهدف إتاحة الفرصة أمام اللجان البرلمانية للدراسة والتصويت على النصوص التشريعية المعروضة عليها، خاصة فيما يتعلق بالمشاريع التي صادق عليها أحد مجلسي البرلمان ولازالت تنتظر البت من طرف المجلس الآخر حتى لاتقل حصيلة العمل التشريعي للبرلمان خلال هذه الدورة عن سابقاتها، والتي كانت إيجابية بالنظر لعدد القوانين المصادق علىها وأهميتها على مختلف المستويات لما فيه خدمة المؤسسة التشريعية مادامت مردودية العمل البرلماني على مستوى التشريع ومراقبة العمل الحكومي تشكل دعامة قوية لتحسين صورة البرلمان وتعزيز مصداقية المؤسسات المنتخبة وترسيخ دولة المؤسسات باعتبار المؤسسة التشريعية واجهة حقيقية للديمقراطية.