تنص الفقرتان الثانية والثالثة من الفصل 36 من الدستور على أنه: «تخصص بالأسبقية جلسة في كل أسبوع لأسئلة أعضاء مجلسي البرلمان وأجوبة الحكومة. يجب أن تدلي الحكومة بجوابها خلال العشرين يوما التالية لإحالة السؤال إليها». وهذا يعني أن البرلمان بمجلسيه كان مطالبا، بمجرد افتتاح الدورة التشريعية الحالية، عقد جلسة عمومية يومي الثلاثاء والأربعاء تخصص لطرح الأسئلة الشفهية التي تقدم بها أعضاء المجلسين وأجوبة الحكومة عليها. غير أن الترتيبات الخاصة بالدخول البرلماني، بما فيها انتخاب أجهزة مجلسي البرلمان، حالت دون عقد هذه الجلسة الدستورية المخصصة للأسئلة الشفهية. ويرى بعض المتتبعين للشأن البرلماني أنه إذا كان مجلس المستشارين له ما يبرره بشأن عدم عقد هذه الجلسة بسبب عدم توفر الأجهزة المسيرة للمجلس من رئيس وأعضاء مكتبه مادامت الدورة التشريعية قد تزامنت مع تجديد ثلث مجلس المستشارين، بحيث يتم انتخاب رئيس المجلس وأعضاء مكتبه في مستهل دورة أكتوبر عند كل تجديد لثلث المجلس وفقا لمقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل 38 من الدستور، فإن الأمر لا ينطبق على مجلس النواب مادام رئيسه المنتخب منذ الولاية التشريعية 2007 2012 لا تشمله عملية تجديد انتخابه كل سنة، كما هو الشأن بالنسبة لأعضاء المكتب الذين ينتخبون لمدة سنة على أساس التمثيل النسبي لكل فريق، طبقا لمقتضيات الفقرة الرابعة من الفصل 37 من الدستور، بينما ينتخب رئيس المجلس أولا في مستهل الفترة النيابية ثم في دورة أبريل للسنة الثالثة من هذه الفترة، وذلك لما تبقى منها كما تنص على ذلك الفقرة الثالثة من الفصل 37 من الدستور وذلك بهدف تمكين مؤسسة الرئاسة من الاستقرار اللازم الكفيل بضمان السير العادي والمنتظم لأجهزة المجلس والعمل النيابي لمدة نصف الولاية التشريعية على الأقل انطلاقا من التعديل الدستوري لسنة 1996. في إطار هذا المنظور الدستوري، اعتبر بعض المهتمين بالشأن البرلماني أن مجلس النواب كان مطالبا بعقد الجلسة الدستورية المخصصة للأسئلة الشفهية يوم الأربعاء الموالي لافتتاح الدورة التشريعية يترأسها السيد رئيس المجلس وذلك انسجاما مع مقتضيات الدستور، وخاصة الفصل 56، منه بينما ارتأى البعض الآخر عدم امكانية عقد هذه الجلسة من الناحية الدستورية مادام مكتب المجلس غير منتخب باعتباره الجهة المؤهلة دستوريا لوضع جدول أعمال هذه الجلسة وفقا لمقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 56 من الدستور التي تنص على: « يضع مكتب كل من مجلسي البرلمان جدول أعماله، ويتضمن هذا الجدول بالأسبقية ووفق الترتيب الذي تحدده الحكومة. مناقشة مشاريع القوانين التي تقدمها الحكومة واقتراحات القوانين التي تقبلها» وللتذكير ، فقد سبق لمجلس النواب أن عرف هذه الوضعية خلال دورة أكتوبر من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية 1997 2002 عندما لم يتمكن مجلس النواب، بعد افتتاح الدورة التشريعية، من انتخاب أجهزته المسيرة، بما فيها مكتب المجلس، قبل يوم الأربعاء المخصص لجلسة الأسئلة الشفهية، ولكن المجلس ارتأى عقد هذه الجلسة التي ترأسها السيد رئيس المجلس في غياب مكتب المجلس. إن هذه الوضعية الدستورية التي يعرفها مجلسا البرلمان من حين لآخر تقتضي التوافق على اجتهاد يضمن للمؤسسة التشريعية سيرها العادي والمنتظم وللعمل البرلماني الاغناء اللازم لتطويره وللدستور احترام مقتضياته دون الإخلال بالقواعد والاعراف التي راكمتها التجارب النيابية منذ أول تجربة نيابية عرفتها البلاد منذ سنة 1963 والتنصيص على ذلك في النظام الداخلي لكل من مجلسي النواب والمستشارين لسد هذا الفراغ التشريعي مادام النظام الداخلي يشكل الإطار التشريعي الملائم المكمل للدستور.