طنجة تتأهب لأمطار رعدية غزيرة ضمن نشرة إنذارية برتقالية    تساقطات ثلجية وأمطار قوية محليا رعدية مرتقبة الأحد والاثنين بعدد من أقاليم المغرب    نشرة انذارية…تساقطات ثلجية وأمطار قوية محليا رعدية مرتقبة الأحد والاثنين بعدد من أقاليم المملكة    توقيف ثلاثة مواطنين صينيين يشتبه في تورطهم في قضية تتعلق بالمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات الرقمية    توقيف 3 صينيين متورطين في المس بالمعطيات الرقمية وقرصنة المكالمات الهاتفية    ريال مدريد يتعثر أمام إسبانيول ويخسر صدارة الدوري الإسباني مؤقتًا    ترامب يعلن عن قصف أمريكي ل"داعش" في الصومال    ريدوان يخرج عن صمته بخصوص أغنية "مغربي مغربي" ويكشف عن مشروع جديد للمنتخب    "بوحمرون".. الصحة العالمية تحذر من الخطورة المتزايدة للمرض    الولايات المتحدة.. السلطات تعلن السيطرة كليا على حرائق لوس أنجليس    أولياء التلاميذ يؤكدون دعمهم للصرامة في محاربة ظاهرة 'بوحمرون' بالمدارس    CDT تقر إضرابا وطنيا عاما احتجاجا على قانون الإضراب ودمج CNOPS في CNSS    هذا هو برنامج دور المجموعات لكأس إفريقيا 2025 بالمغرب    الشراكة المغربية الأوروبية : تعزيز التعاون لمواجهة التحديات المشتركة    تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج فاقت 117 مليار درهم خلال 2024    مقترح قانون يفرض منع استيراد الطماطم المغربية بفرنسا    حجز أزيد من 700 كيلوغرام من اللحوم الفاسدة بطنجة    توقعات احوال الطقس ليوم الاحد.. أمطار وثلوج    اعتبارا من الإثنين.. الآباء ملزمون بالتوجه لتقليح أبنائهم    انعقاد الاجتماع الثاني والستين للمجلس التنفيذي لمنظمة المدن العربية بطنجة    مؤسسة طنجة الكبرى تحتفي بالكاتب عبد السلام الفتوح وإصداره الجديد    شركة "غوغل" تطلق أسرع نماذجها للذكاء الاصطناعي    البرلمان الألماني يرفض مشروع قانون يسعى لتقييد الهجرة    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. أرقام صادمة وهذه هي المناطق الأكثر تضرراً    BDS: مقاطعة السلع الإسرائيلية ناجحة    إسرائيل تطلق 183 سجينا فلسطينيا    ثمن المحروقات في محطات الوقود بالحسيمة بعد زيادة جديد في الاسعار    رحيل "أيوب الريمي الجميل" .. الصحافي والإنسان في زمن الإسفاف    الانتقال إلى دوري قطر يفرح زياش    زكرياء الزمراني:تتويج المنتخب المغربي لكرة المضرب ببطولة إفريقيا للناشئين بالقاهرة ثمرة مجهودات جبارة    مسلم يصدر جديده الفني "براني"    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    تنس المغرب يثبت في كأس ديفيس    بنعبد الله يدين قرارات الإدارة السورية الجديدة ويرفض عقاب ترامب لكوبا    "تأخر الترقية" يخرج أساتذة "الزنزانة 10" للاحتجاج أمام مقر وزارة التربية    لمن تعود مسؤولية تفشي بوحمرون!    المغرب التطواني يتمكن من رفع المنع ويؤهل ستة لاعبين تعاقد معهم في الانتقالات الشتوية    توضيح رئيس جماعة النكور بخصوص فتح مسلك طرقي بدوار حندون    لقجع: منذ لحظة إجراء القرعة بدأنا بالفعل في خوض غمار "الكان" ولدينا فرصة لتقييم جاهزيتنا التنظيمية    العصبة الوطنية تفرج عن البرمجة الخاصة بالجولتين المقبلتين من البطولة الاحترافية    الولايات المتحدة الأمريكية.. تحطم طائرة صغيرة على متنها 6 ركاب    بنك المغرب : الدرهم يستقر أمام الأورو و الدولار    المغرب يتجه إلى مراجعة سقف فائض الطاقة الكهربائية في ضوء تحلية مياه البحر    القاطي يعيد إحياء تاريخ الأندلس والمقاومة الريفية في عملين سينمائيين    انتحار موظف يعمل بالسجن المحلي العرجات 2 باستعمال سلاحه الوظيفي    السعودية تتجه لرفع حجم تمويلها الزراعي إلى ملياري دولار هذا العام    الإعلان عن تقدم هام في التقنيات العلاجية لسرطانات البروستات والمثانة والكلي    غزة... "القسام" تسلم أسيرين إسرائيليين للصليب الأحمر بالدفعة الرابعة للصفقة    محاضرة بأكاديمية المملكة تُبعد نقص الذكاء عن "أطفال صعوبات التعلم"    حركة "إم 23" المدعومة من رواندا تزحف نحو العاصمة الكونغولية كينشاسا    هواوي المغرب تُتوَّج مجددًا بلقب "أفضل المشغلين" لعام 2025    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    الممثلة امال التمار تتعرض لحادث سير وتنقل إلى المستشفى بمراكش    الفنانة دنيا بطمة تغادر السجن    نتفليكس تطرح الموسم الثالث من مسلسل "لعبة الحبار" في 27 يونيو    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تذكير "محدثة الأحداث" البطار بقول رسول الله "من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار"
نشر في التجديد يوم 09 - 04 - 2002

تذكير "محدثة الأحداث" البطار بقول رسول الله "من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار": محدثة في حاجة للتفريق بين"رواه الشيخان"و"متفق عليه"قبل الخوض في علم التعديل والتجريح
نشرت جريدة «الأحداث المغربية» بتاريخ 20 و22 و27 مارس تعقيبا لخديجة البطار على مقال نشرته في جريدة «التجديد» بعنوان «نحوشرح رصين لحديث النساء ناقصات عقل ودين» وهو تعقيب حكمت فيه صاحبته على الحديث بأنه «مكذوب على المرأة وعلى الرسول» بناء على مجموعة مغالطات حول ثبوته ومعناه، وعلى طعون فيه وشتائم في البخاري ومسلم اللذين أخرجاه في صحيحيهما، وفي الحافظ بن حجر إذ شرحه. من أجل ذلك وجب علي الإجابة عنه إخلاصا للعلم ودفاعا عن أهله.
لقد كان الباعث الذي دعاني إلى شرح حديث النبي صلى الله عليه وسلم «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن!!» هو سوء استعماله من طرف كثير من العوام وكثرة ترديدهم له حين مخاطبتهم المرأة، مما تيقنت معه أنه حديث سيء فهمه، فسيء استعماله. وزاد تيقني من هذا حين قراءتي التعقيب المذكور الذي يظهر منه أن صاحبته بدورها لها هذا الفهم السيء للحديث لأن «ألفاظه حسب قولها واضحة وضوح الشمس في النهار، ومعناه لا يخفى على أحد ويردده حتى أهل الأسواق إذا ما تخاصم رجل مع امرأة وأقلقته» وقد تقصد بمعناه الواضح أنه «يجعل الرجل كيفما كان وحتى وإن كان فاسقا أو مثل فرعون أفضل من المرأة في التقوى وأكمل منها في الدين». وقد اعتمدت في شرحه على ما شرحه به رسول الله المكلف بالبيان دفعا لهذا الفهم السيء ودفاعا عن المرأة مما تتعرض له من إهانة واحتقار، من غير أن أدعي كما ادعت الكاتبة أنه شرح رصين، وإنما هو إسهام في هذا الاتجاه يدل عليه لفظ عنوان «نحو شرح رصين».
ولقد مهدت له بعرض متنه كاملا كما ورد فيه من أجل أن يستبين مقصود رسول الله منه لأنه نفسه عليه الصلاة والسلام أجاب من سألته من النساء عما استشكل عليهن فهمه منه. وهكذا أوضحت أنه قيل في مناسبة عيد فطر أو أضحى، وأنه لم يكن من خلقه عليه الصلاة والسلام أن يهين أحدا في كل وقت وحين فكيف يتوهم أن يسيء إلى أحد في هذه المناسبة؟ وأنه لم يكن من منهج النبي في البلاغ أن يسخر من أحد رجلا كان أو امرأة وهو الذي وصفه الله بقوله: (بالمؤمنين رؤوف رحيم) (التوبة: 129). وختمته بأن الشرع قدم الأم على الأب في استحقاق الحضانة لعلمه سبحانه قدرتها على ذلك حتى يظهر أن ما يواجه به عوام الناس النساء من سب لم يكن مقصود رسول الله من حديثه، وإنما هو سوء استعمال نتج عن سوء فهم سببه ما قالته كاتبة التعقيب أن «معناه لا يخفى على أحد ويردده حتى أهل الأسواق»، فكان أهل الأسواق مرجعا في شرحه في زمن الحداثة لمن يتغافل عن كون الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه أوضح المراد من قوله: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين» بأنه يقصد ب»ناقصات عقل» أن «شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل» لقوله تعالى: (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من
الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) (البقرة: 281). وبنقص دينها أنها «إذا حاضت لم تصل ولم تصم» ليثبت أن هذين الوصفين بهذا المعنى لا يجعل المرأة قاصرة عن الرجل ولا الرجل أكرم منها، بل إنهما يشتركان فيما أنعم الله به عليهما من نعم ومنها نعمة العقل، فقد تفوقه هي أو يفوقها في استعمال هذه النعمة. ومن هنا كانا متحدي الصفة في العقل والدين باعتبار إنسانيتهما وتدينهما غير أنهم يختلفان في كون شهادتهما في بعض مسائل المال خاصة وقد بينت هذا هي نصف شهادته وفي أنها تمنع من الصلاة والصيام في فترة حيضها.
هذا ما أوضحه رسول الله فكنت معتمدا عليه في شرحه ولا أرى فيما شرحه به تناقضا كما رأته صاحبة التعقيب حين «تأملت» ظاهر ألفاظه فبان لها أنه «ليس من الكلام الذي يمكن إساءة فهمه أو لا يستبين مراده أو يتطلب الغوص في المعاني والألفاظ للبحث عن الحقيقة "المخفية"« ثم انتفضت ضده غير آبهة ولا مقتنعة بتوضيح رسول الله على الرغم من اعترافها بأنه صلى الله عليه وسلم «يبين بوضوح لا لبس فيه». وحقا قولها إن ألفاظ الحديث ظاهرة ومعناه واضح، لكن بالنسبة لمن سار مع هذا الظاهر مستحضرا سبب وروده والسياق الذي جاء فيه تعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء اللواتي على ضعفهن يغلبن الرجل الحازم ويذهبن لبه. وأما بالنسبة ل «محدثة» «الأحداث» حين وصفت الحديث بأنه «مشبوه» وهو مصطلح جديد في بيان درجة الحديث تضيفه إلى معجم المصطلحات الحديثية ، غاصت فيما تخفيه ألفاظه وقرأت خلفيته لتكشف ما يخفيه من معان!!
ولقد غلب على ردي هنا التركيز على الجانب الحديثي لأن مغالطات صاحبة التعقيب الأخرى تنبني عليه:
أولا محور القضايا الحديثية ويتضمن العناصر الآتية:
1 حول ثبوت الحديث:
وصفت كاتبة التعقيب الحديث بمجموعة أوصاف ورمته بمجموعة طعون منها أنه «ليس من السنة والكتاب وإنما هو من صنع فقهاء الأسواق والسفلة» وأنه حديث «"هوى" لا يمكن أن ينسب للنبي صلى الله عليه وسلم»، وأنه «من هذيان الرواة» وأنه «مشبوه» وأنه «يمنع عباد الله من الدخول في دينه أفواجا» وأنه «مكذوب على المرأة وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم» وأنه «يتعارض مع صريح القرآن» وأنه «يخالف العقل ولا يصدقه» وأنه مما «تخيله البخاري» وأنه حديث «موقوف وحكاية موقوفة على الصحابي».
وهي تقصد بهذه الأوصاف أن "لا يغتر القارئ المسلم كما قالت برواية هذا الحديث الساقط الموضوع من طرف دهماء الرواة والنبي صلى الله عليه وسلم منه برئ".
وإني أدعو القارئ الكريم أن يتتبعها وصفا وصفا، ويتأملها ابتداء من نفيها أن يكون الحديث «سنة» ودعواها أنه «من صنع فقهاء الأسواق والسفلة» ومن «هذيان الرواة» إلى قوله إنه «حديث موقوف» مرورا بقولها إن البخاري «تخيله»، ليرى كيف تستقيم هذه الأوصاف في الحكم على حديث واحد.. وكيف يستقيم قولها إن لهذا الحديث «واضعا في صحيح البخاري أو صحيح مسلم أو سنن أبي داود» مع قولها إن البخاري «تخيله» ومع قولها إنه «موقوف وحكاية موقوفة على الصحابي»!!؟ وما هو بموقوف ولكن أوقفته.
ولنا أن نسأل كاتبة التعقيب عن اسم الصحابي الذي تعنيه والذي أوقفت عليه هذا الحديث علما بأنه من حديث غير واحد من الصحابة عن رسول الله. ثم كيف يكون موقوفا وفيه خطاب رسول الله النساء: «يا معشر النساء تصدقن» ويتضمن استفتاء نساء الصحابة رسول الله وجوابه عن أسئلتهن؟ ولو أن المعقبة رجعت إلى كتاب «الباعث الحثيث» الذي نصحتني بالرجوع إليه لما زلت قدمها هنا، قال تعالى: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم؟) (البقرة: 44).
ولم يفت صاحبة التعقيب بعد إطلاقها هذه النعوت أن تدعو إلى لعن من يرويه تبعا لقدوتها التي «تنظم شعرا»، و»الشعراء يتبعهم الغاوون» (الشعراء: 223) والمقصود من الآية طائفة منهم، وأن تفرغ شحنة حقدها الدفين على كل من أورد الحديث في كتابه ابتداء من الإمام البخاري والإمام مسلم الذي وصفته الكاتبة بأنه «تلميذ البخاري في السوء» وانتهاء ب»طبقته في التقليد».
وبينما أنا أتأمل في هذا الارتباك والاضطراب في إطلاق هذه النعوت؛ إذ طلعت علينا «الأحداث» بالجزء الثالث من التعقيب يوم 27 مارس يكشف عن حقيقة مستوى صاحبته المعرفي في علم الحديث إذ تضمن من العثرات والسقطات ما أربأ بالمبتدئ في دراسته أن يقع فيها.
لقد عابت علي الكاتبة في مقدمة جزئها هذا حكمي على الحديث بالصحة بناء على وروده في صحيحي البخاري ومسلم مع أن «الصحيح وهذا قولها لا يعرف بالبخاري أو مسلم أو ابن ماجة أو أي عالم أو أي محدث». ومن ثم أخضعته لعملية «دراسة» فجرحت رواته عند الشيخين و»توصلت» بناء على ما أسمتها «قاعدة فقهية» إلى «ما يتضمنه.. من نكارة في المتن تجعل منه حديثا موضوعا مكذوبا على النبي». وللقارئ الكريم أن يتساءل عن محل «القاعدة الفقهية» هنا وعن محلها في الدراسات الحديثية بصفة عامة. وهل سبق أن سمع ب»القاعدة الفقهية التي تنص وهذا كلام صاحبة الرد على أن الحديث الصحيح هو الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتاه ولا يكون شاذا ولا معللا»!؟ إنه «العلم» حينما يفيض، والغرور حين يتمكن من المرء يجعله يعقب على من يخالفه بكل ثقة من غير حاجة إلى مراجعة ما كتبه. وكذلك الجهل بالأمور مع الإصرار على التعقيب يجعله يهرف بما لا يعرف، فلا يميز بين تعريف المصطلح وبين القاعدة الفقهية التي يدل ظاهرها أنها في مجال الفقه تستعمل. وكأني بصاحبة التعقيب ب»تضعيفها» هذا الحديث على «طريقة» المحدثين تكون قد
استدركت على سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني رحمه الله إذا فاته أن يضمنها هذا الحديث.
2 حول مظان الحديث:
إن قوله صلى الله عليه وسلم: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن!!» ورد بهذا اللفظ عند البخاري في صحيحه وبلفظ «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن» عند الإمام مسلم. وهو جزء من حديث أشعر بوجوب إعادة كتابته ليدرك القارئ سبب وروده والسياق الذي جاءت فيه الجملة المذكورة. أخرج الإمام البخاري بسنده إلى أبي سعيد الخدري قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى فمر على النساء فقال: «يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار». فقلن: «وبم يا رسول الله؟ قال: «تكثرن اللعن وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن!!» قلن: «وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟» قال: «أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟» قلن: «بلى". قال: «فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟» قلن: «بلى». قال: «فذلك من نقصان دينها». وأخرجه الإمام مسلم بسنده إلى عبد الله بن عمر بلفظ: «.. وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن!!» قالت رسول الله: «وما نقصان العقل والدين؟» قال: «أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل
فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي ما تصلى وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين».
هكذا هو لفظ الحديث في الصحيحين وهكذا أوردته في مقالتي المنشورة بجريدة «التجديد»، ولقد أوردت صاحبة التعقيب الطرف الأخير منه بلفظ آخر مغاير ضعيف، وأوهمت القارئ أني استشهدت به، وهذا كذب وافتراء علي، أعرضه على القارئ ليطلع على دقة تدليسها علي الحديث وكذبها علي.
تحت عنوان «الاحتجاج بالضعيف ليس من شيم العلماء» علقت صاحبة التعقيب على مقالتي بقولها: «استشهد صاحب المقال المذكور بالتجديد بحديث شهد له العلماء بالبطلان، حيث قال: يؤخذ من جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وتمكث الليالي ما تصلي..» ثم نقلت مجموعة أقوال لعلماء الحديث في تضعيفه. وفي حقيقة الأمر إن هذه الأقوال التي نقلتها لا تخص لفظ الحديث الذي استشهدت به أنا في مقالتي وإنما تخص لفظا آخر مخالف لم أذكره ولم ألتفت إليه وهو بلفظ: «تمكث إحداكن شطر عمرها لا تصلي». هذا هو لفظ الحديث الذي شهد عليه وليس له العلماء بالبطلان، وأما لفظ الحديث الآخر الذي ذكرته أنا في مقالتي ففيه «وتمكث الليالي ما تصلي» وهو عند الإمام مسلم في صحيحه. وشتان الليالي ما تصلي» وهو عند الإمام مسلم في صحيحه وشطر عمرها. وشتان بين هذين اللفظين اللذين جعلتهما الكاتبة البطار متحدين وهما مختلفان.
وربما لم تنتبه كاتبة التعقيب إلى هذه الزلة بسبب تعاملها الآلي مع المادة التي تبحث عنها، ولو أنها تأملت الأقوال التي قالها هؤلاء الفحول في لفظ حديثها الباطل الذي ساقته لأنقذت نفسها من زلتها وخطئها، ولكنها اختارت من أقوالهم ما يناسب هواها تدليسا على القارئ بطريقة خفية يدل عليها قولها في تعقيبها: «عن هذا اللفظ قال الإمام.. الهروي في كتابه «المصنوع في معرفة الحديث الموضوع»: «حديث تمكث إحداكن شطر عمرها لا تصلي» ولم تذكر ما قاله رحمه الله، بل سكتت عن ذكر قوله ثم قفزت إلى قول غيره من العلماء فيه، ولو أنها ذكرت ما قاله الإمام الهروي لظهر للقارئ سوء صنيعها. وإن هذا الذي قفزت عليه هو قوله رحم الله في لفظ حديثها الباطل: «تمكث إحداكن شطر عمرها لا تصلي»، قال الحفاظ: لا أصل له بهذا اللفظ ومعناه في الصحيح». فهو رحمه الله ذكر نفي الحفاظ أن يكون للفظ حديث صاحبة التعقيب أصل، ثم أثبت أن معناه في الصحيح مشيرا به إلى الحديث الذي عند الإمام مسلم في صحيحه والذي أوردته أنا في مقالتي المنشورة في التجديد. وهكذا يظهر مدى دقة وحنكة صاحبة التعقيب في التدليس على القارئ واستغفاله، فهي توهمه أنها ستورد أقوال العلماء
في تضعيف حديث الإمام مسلم بقولها: «عن هذا اللفظ الإمام.. الهروي» ثم تسوق أقوالهم في لفظ آخر غير لفظ الحديث المعني.
وتختم الكاتبة تعقيبها جازمة بأن «الكتب الصحيحة غير الشافعية ليس فيها هذا الحديث مثل الموطإ للإمام مالك وسنن الأوزاعي وغيرهما». وللقارئ أن يتساءل وأسأل معه صاحبة التعقيب هل للإمام الأوزاعي (ت 157 ه) كتاب السنن!!؟ ثم هل اختصت كتب الشافعية بإيراد هذا الحديث فعلا؟ إن الجزم بهذا الحكم فيه تسرع كبير ما كان لها أن تطلقه فتزل قدمها في دائرة التهور، فالحديث ورد في الصحيحين وهي تعرف هذا ولم يكن البخاري ومسلم شافعيين، وعند الطحاوي وهو من الحنفية في كتابة «شرح معاني الآثار» في باب المرأة هل يجوز لها أن تعطي زوجها من زكاة مالها؟ وذكره ابن حزم الظاهري في محلاه (ج 39/1) كما ذكره السرخسي وهو من الحنفية مرتين في كتابه «المبسوط» إحداهما في باب النكاح بغير ولي والثانية في باب شهادة النساء. وذكره الحافظ ابن عبد البر وهو مالكي في كتابه «التمهيد» مما يجعل حكم الكاتبة بأن الحديث ورد فقط في كتب الشافعية ينم عن قصور في البحث وجهل بأعلام الأمة ومصنفاتهم، أو عن رغبة في التعمية على القارئ لتأييدها في دعواها.
إذا ثبت هذا فإني أخشى أن يكون إصرار الكاتبة على إنكار أن يكون رسول الله قد نطق بالحديث بالمعنى الذي بينه، ووصفها إياه بأنه موضوع؛ نوعا من الكذب عليه، لأن الكذب في الحديث إما يكون بالتقول على رسول الله أوأن يكون بنفي أن يكون رسول الله قاله.
3 هل لا يحكم على حديث بالصحة إذا ورد في الصحيحين؟
إذا كان علماء الإسلام يعدون الصحيحين كم قال ابن الصلاح : «أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز» ويعدون «ما انفرد به البخاري أو مسلم مندرجا في قبيل ما يقطع بصحته لتلقي الأمة لكل واحد من كتابيهما بالقبول» (5)؛ نظرا لما عرفا نظرا لما عرفا من تشدد في الرواية وما اشترطاه في الراوي؛ فإن صاحبة التعقيب على عكس قولهم جزمت بأن الإمام البخاري «جاء صحيحه مليئا بالضعيف والخيالات» و»الكذب والطامات التي يغلي بها صحيحه والتي ردها نقاد الحديث وعلماء الإسلام». وهذه دعوى لو ظهرت لغولدزهير وشاخت وغيرهما من المستشرقين لما تأخروا في الكشف عنها والقول بها.
إن المبتدئ في دراسة علم الحديث يدرك أن علماء هذا الشأن ميزوا بين ما أورده البخاري في موضوع كتابه الجامع الصحيح من أحاديث، وبين ما أورده منها ومن أقوال في تراجمه. فأما ما أورده في موضوع كتابه فهو الذي تلقته الأمة بالقبول، وأما ما أورده رحمه الله في تراجمه من أحاديث معلقة غير مسندة فقد ميزوا بين «ما كان من ذلك ونحوه بلفظ فيه جزم وحكم به على من علقه عنه؛ فقد حكم بصحته عنه (..)، وبين ما لم يكن في لفظه جزم وحكم (..) فهذا (..) ليس في شيء منه حكم منه بصحة ذلك عمن ذكره عنه (..) ومع ذلك فإيراده له في أثناء الصحيح كما قال ابن الصلاح مشعر بصحة أصله إشعارا يؤنس به ويركن إليه».
ومن لم يميز بين هذين الأمرين «يتخيل» كم تخيلت صاحبة التعقيب أن «الصحيح يغلي بالأحاديث المعلقة والموقوفة والغريبة والمدلسة والأفراد». ولعلمها فإن الغريب عند علماء الحديث ينقسم إلى صحيح ومنه «الأفراد المخرجة في الصحيح» يعني صحيح البخاري، وإلى غير صحيح. وإن «الأفراد» عموما «ليس في شيء من (ها) كما قال ابن الصلاح ما يقتضي الحكم بضعف الحديث» . وما قيل عن صحيح البخاري يقال عن موطإ الإمام مالك فإنه تضمن الأحاديث الصحيحة المسندة والبلاغات وهي غير مسندة. وقد عده العلماء أصح كتاب بعد كتاب الله قبل أن يؤلف البخاري صحيحه.
من أجل ذلك كان ولا يزال يحكم على الحديث بالصحة إذا ورد في متن الصحيحين أو في الصحيح وحده، وإن علماء الحديث وعلى رأسهم الإمام ابن الصلاح (ت 643 ه) حين عرفوا مصطلح الصحيح بأنه «الحديث المتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله من غير شذوذ أو علة» إنما توصلوا إلى هذا الحد العلمي بعد دراستهم أسانيد الصحيحين من حيث اتصال الرواة وأحوالهم ومتونهما، فكان مرجعهم في استخراجه هو ما اشترطه البخاري ومسلم في الرواية. وحين غاب عن «المحدثة» هذا الأمر، شرعت في «دراسة» الحديث المذكور سندا فردت جميع رواته في الصحيحين «جرحى»، ووازنت بعقلها بين متنه والقرآن الكريم فوصلت إلى النتيجة التي ابتدأت بها جزءها الأول من تعقيبها كحكم مسبق، وهي أنه «ضعيف الإسناد، ضعيف المتن، يتعارض مع القرآن». ولله در الإمام النووي بتأليفه كتاب «ما تمس إليه حاجة القاري لصحيح الإمام البخاري» فإن عنوانه يظهر منه أنه ألفه مساعدة لمن يريد أن يقرأ الصحيح فأرشده فيه إلى ما يحتاجه لذلك.
4 هل كان الحافظ ابن حجر حقا جاهلا، ضعيف العقل؟
أخرجت كاتبة التعقيب من مخزونها أنواعا من السب والشتم رمت بها الإمام البخاري والإمام مسلم والحافظ ابن حجر. فأما البخاري رحمه الله فخطأته في اعتقاده، لأنه لم يتناول طعاما معينا، وأما الإمام مسلم فوصفته بأنه «تلميذ البخاري في السوء»، وأما ابن حجر فاتهمته ب»جهله لقول النبي صلى الله عليه وسلم وعدم إلمامه بالحديث لضعف عقله». وللقارئ أن يسأل خديجة البطار كيف يكون جاهلا ضعيف العقل من أطلق عليه الأئمة العلماء لقب «الحافظ»، وصنف في مجلدات كتاب «الإصابة في تمييز الصحابة»، و»تهذيب التهذيب» الذي اختصره في كتابه «تقريب التهذيب» وهو كتاب «اتكأت» عليه الكاتبة على الرغم من اتهامها صاحبه بالجهل وضعف العقل في الجزء الثالث من تعقيبها وبترت قوله بما يوافق هواها، و»لسان الميزان»، و»النكت على مقدمة ابن الصلاح» في مجلدين وغير من المؤلفات!!؟؟
وللقارئ أيضا أن يسأل كيف حلا وتسني للكاتبة أن تحيل على صحيحي البخاري ومسلم للدلالة على صحة حديث «المؤمن لا ينجس» في تعقيبها على مقالتي المنشورة بالتجديد وهي تنتقدهما في التعقيب نفسه، وتحكم على الجامع الصحيح بأنه «يغلي بالأحاديث المعلقة والموقوفة والغريبة والمدلسة والأفراد»؟ وإني لا أدعي العصمة لهؤلاء الأعلام، فالعصمة تكون للأنبياء فقط، ولكن أن يكون الإمام مسلم أخذ عن شيخه الإمام البخاري نصوص السنة النبوية فيوصف بأنه تلميذه في السوء، فهذا حقا نوع من البطر.
ثانيا محور القضايا المنهجية:
مما ورد في تعقيب الكاتبة قولها: «يكفي "العاقل" لرد وإبطال شرح صاحب المقال، أنه شرح بدون مراجع، لا علمي». وهذه ملحوظة لا أتحمل مسؤوليتها لأن الإخوة في هيئة تحرير جريدة «التجديد» رأوا عدم نشر مراجع مقالتي. وهذه الملحوظة نفسها لا أريد توجيهها للكاتبة لخلو الجزء الثالث من تعقيبها من التوثيق. وعلى العموم فإن التعقيب بأجزائه الثلاثة «يغلي» على حد تعبير صاحبته بالنقول بينما لم تحل إلا على بضع منها.
ويكفي أن نتأمل من أجل الوقوف على «علمية» توثيق الأحاديث عندها، ما ورد في الهامش رقم 2 في الجزء الثاني من تعقيبها ومضمونه قولها: «هذا الحديث متفق عليه رواه الشيخان والأربعة عن أبي هريرة وأخرجه الإمام البيهقي وكذا مسلم وأبو داود والنسائي.. كما أخرجه النسائي في سننه عن أبي مسعود..»؛ لنسأل صاحبته عن الشيوخ الذين أخذت عنهم طريقة تخريج الحديث هاته؟ فقد بدأته بأن الحديث متفق عليه رواه الشيخان، ومعلوم أن أهل الحديث عندما يصفون حديثا بأنه متفق عليه فإنهم يريدون اتفاق الشيخين البخاري ومسلم على تخريجه في صحيحيهما، فإذا كان هذا المعنى هو الذي تقصده كاتبة الهامش هنا فلماذا أتبعت قولها: «متفق عليه» قولها «رواه الشيخان» وهما البخاري ومسلم؟ ثم أفردت الإمام مسلما بالذكر بقولها: «وكذا مسلم»!؟ و»الأربعة» وهم أصحاب السنن أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجة وتعني أنهم بدورهم أخرجوا الحديث، لتقول بعد ذلك في الهامش ذاته وأبو داود والنسائي مع أنهم من الأربعة الذين أحالت عليهم، لتتبعه قولها بعد ذلك «كما أخرجه النسائي في سننه» وهو منهم. يكفي أن نتأمل مضمون هذا الهامش لنسأل هل تستقيم هذه الطريقة في تخريج
الحديث «حسب مناهج البحث العلمي التي كانت تدرس وهذا قول كاتبة التعقيب في دار الحديث الحسنية في مادة مصطلح الحديث!!؟».
هذا غيض من فيض المغالطات والمهالك التي وردت في تعقيب الكاتبة اكتفيت ببيانه ورده، وليسمح لي القارئ أن أرجع إلى الحديث موضوع النقاش لأؤكد أن القصد من الاهتمام به كان هو دفع المعنى الخاطئ الذي أخذه الناس منه فصاروا يستعملونه لإهانة المرأة التي كرمها الله عز وجل مع شقيقها الرجل بقوله سبحانه: (ولقد كرمنا بني آدم) (الإسراء: 70). وكان الشرح يستند إلى ما أجاب به رسول الله عن السؤال: «وما نقصان العقل والدين؟» ويقتصر عليه. وهو جواب يستند إلى القرآن فيما يتعلق بالشهادة كما هو واضح في آية المداينة وإلى ما فطرهن الله عليه من خضوعهن لفترة حيض تمنعهن من الصلاة والصيام. وأؤكد أيضا تتميما لما قلته في مقالتي السابقة أن الحديث هذا ينبغي قراءته مع مراعاة سبب وروده والسياق الذي جاء فيه، والوقوف على عبارته التي جاءت في صيغة تعجبه صلى الله عليه وسلم من غلبة النساء الرجل الحازم على الرغم من ضعفهن. وحسبي أني قمت بنحت المعاني من معادنها. ولا يفوتني بالمناسبة أن أحيي المرأة الفلسطينية التي تقف إلى جنب شقيقها الرجل الفلسطيني في رد عدوان الصهاينة ولم تقبل أن تمنح شرف ووسام المقاومة ب»الامتياز».
عبد الرحمان العمراني
أستاذ الدراسات الإسلامية
كلية الآداب / مراكش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.