طرح مؤخرا للبيع في الأكشاك والمكتبات كتاب تحت عنوان في نقد البخاري...كان بينه وبين الحق حجاب من منشورات جريدة الأحداث المغربية بثمن زهيد لا يتعدى 27 درهما رغم عدد صفحاته ال ,271 وذلك حتى يكون في متناول أكبر عدد من القراء لعلهم يستيقظون من الغفلة التي ظلت فيها الأمة الإسلامية على مدى 14 قرن من الزمان فيرجعون عن دينهم وسنة نبيهم إلى فقه جديد رواده ثلة من فقهاء التنوير عفوا التزوير من أمثال سلمان رشدي صاحب كتاب آيات شيطانية ومصطفى بوهندي صاحب كتاب أكثر أبو هريرة وفقيهة آخر الزمان خديجة البطار صاحبة كتاب في نقد البخاري...كان بينه وبين الحق حجاب وغيرهم. الكتاب المذكور، كما قال ناشروه، عبارة عن مجموعة المقالات الواردة في هذا الباب والتي تم نشرها ضمن أعداد جريدة الأحداث المغربية في السنوات 2001/2002/2003 ولسان حالهم يقول : إذا كانت تأنف نفسك عن اقتناء أعداد الجريدة تأففا وتقززا وحفظا لماء وجهك وخوفا من أن يتهمك أحد بالكبت الجنسي، فإننا نجمع لك حصيلة ما توصل إليه فقهنا المتنور من نقد عفوا من سب وقدح وشتم في حق الإمام البخاري، ننور به بصيرتك ونوقظك به والأمة جمعاء من سباتكم العميق وضلالكم المبين. بالرغم من أنني لست ممن يدأب على قراءة الجريدة المذكورة، خشية أن تصيبني لوثة، ونظرا لأنه سبق لي أن قرأت على صفحات التجديد وغيرها ردود بعض العلماء الأجلاء على تراهات خديجة البطار فقد اقتنيت الكتاب لأرى الجرأة والوقاحة اللذين تتصف بهما الكاتبة ومن نشر لها في حق إمام عظيم كالإمام البخاري، وإلى أي مدى استفادا مما نشر في حقهم من ردود، غير أنه ظهر لي أن مصير حال هذه الردود يصدق عليه قول الشاعر: ولو نارا نفخت بها أضاءت ولكن أنت تنفخ في رماد. تصفحت الكتاب الفضيحة فأثارت انتباهي العناوين التالية: - خطؤه (الإمام البخاري) في معرفة الرجال. - البخاري كان بينه وبين الحق حجاب (كذا). - البخاري انتهى كلامه ووجب ملامه (وجب ملامه). كانت هذه العناوين كافية لمعرفة توجه الكتاب رغم أنه كانت تكفي منذ البداية معرفة الناشر لتكوين فكرة عن طينة المنشور . قرأت المقدمة وشرعت في قراءة الصفحات الموالية على مضض، ولا أخفي القراء الكرام (وأشهد الله على ذلك) أنني لم أستطع تجاوز الصفحة .15 نعم لقد كانت الصفحات الأربعة عشر الأولى عبارة عن سب وشتم وقلة أدب في حق علم من أعلام الأمة، وتتطلب من القارئ أناة وصبرا وضبطا كبيرا للنفس، كيف لا وقد وصف الإمام ب: من جمع في صحيحه آلاف الأحاديث، جزء عظيم منها مكذوب (ص8) المتكبر (ص9) ذو الشرع المأفون (ص10) ناشر الإسرائيليات ...عدو الحق والمرأة (ص11). الداعي بدعوى الجاهلية (ص13). ويستمر التصعيد والتطاول والافتراء إلى أن تقول، وهي المقبحة، :لقد أخرج قبحه الله حديثا مكذوبا على الإسلام ... (ص15). لم أتمكن من الاسترسال في القراءة .. ففي هذه الصفحات الخمسة عشر الأولى ما يكفي مما يدل على ما يراد بهذه الأمة من إثارة للفتنة وزرع للبلبلة والقلاقل وزعزعة لعقيدة أفراد الأمة من المسلمين وإساءة واضحة لمقدسات البلاد. 1. الإساءة إلى الدين دأبت الجريدة المذكورة على فتح صفحاتها أمام كل ذي نية مبيتة وكل ذي عقل أعرج وفهم اعوج ليبث سمومه في جسم هذه الأمة وينخر جسدها ويأتي بنيانها من القواعد، فلم يسلم من مداد كتابها الأحياء ولا الأموات من علماء الأمة (ورثة الأنبياء )علما منها، مثلا، أن التشكيك في صحة صحبة أبي هريرة رضي الله عنه للرسول صلى الله عليه وسلم إسقاط ورد لكل ما رواه هذا الصحابي الجليل عنه عليه الصلاة والسلام وبالتالي حرمان الأمة مما جاء به أكثر الصحابة رواية عن المصطفى صلى الله عليه وسلم من قول وفعل وعمل .كما أن اتهام الإمام البخاري بعدم معرفة الرجال و برواية الموضوعات والإسرائيليات وعدم صحة غير النزر القليل مما رواه، إبطال و تشكيك في كل ما ضمه هذا الجامع من أحاديث نبوية شريفة ونسف لكل ما بنته الأمة من فقه وعلوم الدين على مدى القرون الأربعة عشر الماضية . إذا كان مصير صحيح البخاري، الذي وصفه العلماء بأصح كتب الحديث، البطلان فما مصير بقية كتب الحديث الأخرى، أليس الزيف والبهتان؟ جاء في الصفحة9 من الكتاب المهزلة : ...بل إن الذين اتقوا الله حق تقاته وعرفوا تبعات التأليف في هذا العلم (أي جمع الأحاديث)، لم يتركوا أي كتاب من هذا الصنف، حتى يلقوا الله بريئين من كل شيء.سبحان الله. بهذه العبارات تفصح البطار عن سوء نيتها وينضح إناءها بما فيه، فإذا لم يكتب أحد سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم ولم يبلغنا أحد أحاديثه فهل علينا أن ننتظر فقهاء الأحداث المغربية المتنورين ليكتبوا لنا في القرن الرابع عشر سيرة نبينا وأحاديثه على مقاسهم ووفقا لنزواتهم وأهوائهم؟ بهاتين المبادرتين الخسيستين والخطيرتين تحاول الجريدة وكتابها ضرب ثاني مصدر للتشريع الإسلامي في الصميم، ولا ندري على من تكون الدائرة بعد ذلك، نخشى أن تكون على القرآن الكريم. (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (الصف:8) 2 الإساءة إلى وحدة الأمة إذا كانت صحبة الإمام أبي هريرة رضي الله عنه للرسول صلى الله عليه وسلم محل شك فما مصير كل ما رواه الإمام مالك رضي الله عنه عن هذا الصحابي الجليل من أحاديث ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الحديث المشهور الذي يحفظه الصغير والكبير ممن حضر ولو صلاة جمعة واحدة في حياته وهو : روى إمامنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت الحديث. وإذا دأب علماء الأمة الإسلامية منذ أكثر من عشرة قرون على تقديم الصحيحين، البخاري أولا ثم مسلم ثانيا، على سائر كتب الحديث وجاءت هذه المتفيقهة النكرة لتقول لنا بأنه لم يصح في صحيحه إلا النزر القليل مما حدث به (ص 5) فإننا نتساءل عن مآل كتب الحديث الأخرى ونخص منها موطأ الإمام مالك رحمه الله. مما أسلفنا يظهر جليا، لكل ذي منطق سليم، أن كل تشكيك في رواية أبي هريرة رضي الله عنه وتفنيد لما جاء في صحيح البخاري إبطال لما جاء في موطأ الإمام مالك والذي يعتبر مذهبه إحدى ضمانات تماسك ووحدة عقيدة هذا البلد الأمين. وبهذا لا يكون بوهندي والبطار والجريدة التي فتحت لهم صفحاتها قد سعوا إلى زعزعة عقيدة مسلم واحد (وكفى بها جريمة يحاكم من أجلها العشرات في هذه الأيام) بل زعزعة عقيدة أكثر من مليار و300 مليون مسلم عموما وأكثر من 30 مليون مغربي خصوصا. 3 الإساءة إلى حمى أمير المؤمنين ظلت الأسرة العلوية الشريفة منذ نشأتها وإلى عهد أمير المؤمنين وحامي الملة والدين محمد السادس نصره الله وأيده صمام أمان لاستقرار هذه الأمة وثباتها على عقيدتها غير أن فقيهة آخر الزمان تفتقت بصيرتها عن شيء لم يره كل هؤلاء الملوك العظام وتجاهلت ما ظل يحظى به صحيح البخاري من مكانة لديهم جميعا. فهل غاب عنها ما لا يجهله أي مغربي مغربي، بخصوص جيش البخاري في عهد المولى إسماعيل؟ وهل لم تر بأم عينها على شاشة التلفزيون حرص المغفور له جلالة الحسن الثاني ووارث سره مولانا محمد السادس على الترؤس شخصيا لحفل ختم صحيح البخاري ليلة السابع والعشرين من كل شهر رمضان؟ أم أن الأمر لا يعدو مجرد بدع وتقاليد كما جاء في الصفحة الثامنة من كتابها؟. ففي الفقرة الثانية من هذه الصفحة تنهج البطار لعبة الرقص على الحبلين قائلة : لقد بدأ صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله يغير من البدع (كذا) والتقاليد شيئا فشيئا ومنها زواج ملك المغرب ونأمل أن يأتي دور بدعة (كذا) قراءة البخاري أو ختمه في رمضان ولأمير المؤمنين القول الفصل والرأي الأمثل والقدوة الحسنة. فإذا لم يرق صحيح البخاري لفقيهة الأحداث المتنورة فلتتركه جانبا ولتستعمل نفس المنطق الذي أدخلت به جهنم زمرة من الصحابة والتابعين (انظر الصفحة 7) ولتفتتا في كل من أقام ويقيم بدعة قراءة البخاري أو ختمه وذلك على ضوء ما رواء النسائي وابن ماجة والإمام أحمد واللفظ هنا للنسائي:1560 كان رسول الله صلى اللهم عليه وسلم يقول في خطبته يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله ثم يقول من يهده الله فلا مضل له ومن يضلله فلا هادي له إن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. ننتظر فتوى البطار في هذا الأمر الجلل على صفحات الأحداث المغربية. ذ. رشيد لحلو