لا يمل الأستاذ مصطفى العلوي، قيدوم الصحفيين المغاربة من التعامل مع شأننا الإعلامي بشكل توثيقي أحيانا مع ما يوازي ذلك من نقد جارح، وسنده في ذلك قلمه الذي يشبه مبضع الجراح الذي لا يكلمن رسم عيوب وشوائب مهنة صاحبة الجلالة في بلد يحبو نحو تأسيس نموذج للكتابة الصحفية المهنية، مصطفى العلوي المعروف بين الصحفيين بكونه صاحب أكبر عدد من الأخبار التي يتوفر فيها السبق الصحفي ، مما حذا به إلى التذكير بكون شبكة مصادره أكثر ذكاء ومهنية من جهاز المخابرات المغربية. "" في حوارنا معه والذي يشبه البوح "الجميل" أسر لنا العلوي أن 90 في المائة من الصحافيين المغاربة يشتغلون بدون مراجع صحفية متينة وبأن عدم اتفاقه مع فيدرالية الناشرين المغاربة الموجودة في بعض مبادئها لا يبعده عنها رغم أنه لا يعارض تأسيس فيدرالية أخرى، كما بدا معتزا بكونه لم يتلق درهما من الدعم الذي خصصته الوزارة الوصية لبعض المؤسسات الإعلامية، لكونه غير موافق على الشكل الذي يتم توزيعه به لأنه كان يحبذ أن تتوجه هذه الأموال إلى التكفل بالمشاكل الاجتماعية التي يعيشها الصحافيون المغاربة.. كما تطرق إلى تفاصيل أخرى بجرأته المعهودة تجدونها في هذا الحوار : أنت واحد من القليلين جدا في المغرب الذي بدأ العمل الصحفي منذ أربعين سنة وما زلت مستمرا، ما السر في ذلك؟ السر في ذلك أنني أطلب من الله أن يمتعني بالصحة والسلامة لأستمر، وثانيا لأن من سبقك بليلة سبقك بحيلة، وما أدراك بمن سبقك بأربعين عاما وعرف الوضع السياسي على حقيقته من خلال تجارب كثيرة ومن خلال حكومات كثيرة وزعماء كثيرين، وأعتقد أن القراء لابد أن يستفيدوا من هذه الخبرة وأتمنى أن تكون الاستفادة كاملة. لا أحد يجهل صعوبة العمل الصحفي في المغرب، كيف تفسر عملك الطويل بهذا المجال؟ عملي الطويل كان مشوبا بمضايقات أكثر من اللازم وأعتقد أن المتاعب التي لقيتها لو كانت تكتب في سجل غينيتس لكان لها المكان المرموق، فتجاربي الصحفية مخلوطة بالمتاعب التي لم يسبق لها نظير، خصوصا قبل هذه الفترة التي نعيشها والتي كان فيها القانون يبدأ من مراكز الشرطة، العمل الصحفي في المغرب مزعج، والصحفيون هم المزعجون الأولون لمن يريدون أو يبقوا في حالة استثناء ولا يرغبون في أن يتواجد من يزعجهم . من خلال الاطلاع على بعض أعداد مجلة مشاهد التي أصدرتها أواخر خمسينيات القرن الماضي اتهمك البعض حينها بأنك كنت مع المخزن قلبا وقالبا، مثلا التغطية المتحيزة التي قمت بها لأحداث الريف سنة 1959، حيث أطلقت في أحد أعداد مشاهد السب والشتم في حق "ريافا"، ما قولك؟ هذا كلام قبيح وخطير لأنه لو كان للذين قالوه بعض التأني لبحثوا بين صفحات جريدة أخبار "الدنيا"، التي أصدرتها فيما بعد ولوجدوا أن السيد محمد أمزيان رحمه الله والذي لا زال أولاده أحياء يرزقون، كان هو قطب حركة الريف وهو الذي استدعاني بوسائله الخاصة لأحضر تلك العملية، وبعد ذلك كتبت سلسلة مقالات في جريدة أخبار الدنيا ويمكنني أن أبعثها لك لتطلعي أنني لم أكن من جانب المخزن وإنما من الجانب الثاني، بحيث أنه في نفس المجلة "مشاهد" أعلن أنه تم حجز العدد الذي كتبته عن حرب الريف وتم منعه، وكانت أول جريدة مغربية يتم حجزها في ذلك الزمان. كانت لكم معارك صحفية مشهورة مع وزير الداخلية السابق إدريس البصري ووصفته بالوزير المغبون، ما هي المرات التي ضايقك فيها وماذا عن تفاصيل بعضها؟ هذا شيء طويل جدا، لأن مغامراتي مع إدريس البصري هي مغامرات طويلة، فمضايقاتي معه بدأت منذ يوم اختطافي سنة 1963، ووضعي في دار المقري عندما كان يومها ضابطا للشرطة القضائية في الرباط، توجهت زوجتي عنده لتحرير محضر البحث عني ومنذ ذلك اليوم وإدريس البصري يعرفني، فطبعا علاقته معي كانت دوما تشوبها الرغبة في الانتقام والخوف من أن أنشر تلك الجزئيات، وفعلا حدث يوما أن أحد الصحافيين الفرنسيين جاء للمغرب وعرف هذه الجزئيات ونشرها وعلى إثرها أعلن البصري حربه والتي انتهت باستدعائي يوما إلى وزارة الداخلية ليقول لي إن الملك يمنعك من الكلام عن المخزن، فقلت له سأنفذ رغبة الملك، فقال لي : لا، المخزن هو أنا وعليك أن تمتنع عن الكتابة عني وحكايتي مع إدريس البصري طويلة جدا. ما هي بعض تفاصيل هذه العلاقة التي لا زال مصطفى العلوي لم يبح بها؟ هناك الكثير من الأشياء لم أبح بها ولكن أتمنى أن تأتيني الفرصة لأبوح بها. منعت من إصدار جرائد أكثر من مرة هل السبب لكونك صحفي مشاكس؟ لا يا أختي، العمل الصحفي في بداية الاستقلال وفي جبروت أوفقير والدليمي وإدريس البصري لم يكن مثل ما هو عليه الآن، لم نكن نعاقب من أجل أفكارنا وإنما من أجل تواجدنا، هذا هو المشكل فلا مقارنة بين الوضعين وبين الحالين، وبالتالي فلا مقارنة بين ذلك الماضي واليوم، ففي ذلك الزمان مثلا "كومندو" من البوليس يذهب لإحراق مطبعة جريدة العلم، إذن فالوسائل كانت مختلفة مما هي عليه الآن. يقال إن الملك الراحل الحسن الثاني كان معجبا بك والدليل أنه استدعاك مرة وعرض عليك مساعدة مادية، كما انه وشحك بوسام ملكي، كيف تم ذلك، هل كانت هناك وساطة، أم لأنك صحفي مخزني كما يصفك البعض؟ بخصوص هذه الماديات، أنا أعتز في حياتي بأنه لا يوجد مخلوق على وجه هذه الأرض أعطاني ورقة نقدية، لا الحسن الثاني ولا غيره، فأنا كنت منذ سنة 1963،وبشهادة مدير شركة سابريس السيد محمد برادة أبيع أكبر عدد من الصحف في هذا المغرب، فثروتي ومالي ورصيدي عملته من قلمي، والحسن الثاني رحمه الله لم يدفع لي شيئا، ولكنه كان معجبا بجرأتي وبصلابتي، وبالمناسبة سأحكي لك حكاية طريفة، وهو أنه مرة نشرت خبرا عن استقبال الملك لأعضاء الكتلة الوطنية، عبد الله إبراهيم، علال الفاسي ومحمد بن الصديق في جريدتي وهذا الخبر كان سبقا صحفيا لم يطلع عليه أحد، وبعث لي مستشاره في ذلك الوقت سي عبد الوهاب بن منصور وهو لا زال حيا يرزق واستقبلني في بيت وزير الإعلام الذي كان وقتها اسمه عبد القادر الصحراوي، وقال لي إن الملك لما استقبل هؤلاء الاقطاب السياسيين وضع لهم المصحف وطلب منهم أن يقسموا عليه وألا يبوحوا بهذا الخبر لأحد، فالملك الآن يريد منك أن تقول له من خان المصحف ومن خان القصر وطلب مني أن أكتب ورقة وأعطيها لأحد "المخازنية" الذي كان حاضرا معنا وأضعها في ظرف حتى لا يطلع أحد على جوابي كما أمر الملك، وأخذت الورقة وكتبت عليها عبارة، يا سيدي هل تذكر يوم تقابلنا في دار الباهية في مراكش وقلت لي أن الصحفي المحترم هو الذي لا يعطي مصادره"، هذا نموذج من نماذج حقيقتي مع الحسن الثاني فإن كان إعجابه بي فمن جانب الممارسة المهنية الصحيحة. لماذا تعرضت لأصحاب النزعات الأمازيغية في بعض ما كتبته في حقيقتك الضائعة وهو ما عرضك للكثير من الانتقادات؟ يا سيدتي أولا أنا انتسب من ناحية جدتي للأمازيعية وأنا أول أمازيغي في العالم العربي والعالم المغربي الذي ينشر عمودا بالأمازيغية منذ سنة 1963 إلى 1978 في جريدتي، فالأمازيغية في نظري مكمل للكيان وللأصالة المغربية ولم أكتب كلمة سيئة في مقالي في الحقيقة الضائعة. يعتقد الكثير من المغاربة أنك تنتمي إلى الأسرة العلوية، هل اعتقاد هؤلاء صحيح؟ أنا أنتمي إلى الأسرة العلوية لأن اسمي مصطفى العلوي، وأنا متأصل من الأسرة العلوية لأن عمي الأصلي هو شيخ الإسلام محمد بن العربي العلوي الذي هو عم والدي، فإذن أنا علوي ولم أطلبها من أحد ولم يعطها لي أحد، ولكن هذا لا يعني أن كل علوي ينتمي إلى الأسرة الملكية، لأن الأسرة الملكية هي فرع من العلويين، ولا يعني هذا أنهم كلهم ملوك، لأن هناك عشرات الآلاف من العلويين في إقليم تافيلالت يموتون بالجوع. هناك من لا يفرق بين مصطفى العلوي صاحب الأسبوع الصحفي والعلوي صاحب التعليقات الاستعارية أو الخيالية المرافقة لتحركات الملكين الحسن الثاني ومحمد السادس، خصوصا أن الاثنين يشتغلان في ميدان الصحافة، هل يشرفك هذا أم تستعير منه؟ لم أفهم السؤال. هناك من لا يفرق بينك وبين مقدم أخبار القناة الأولى لتشابه الأسماء بينكما؟ آه، يضحك.. على أية حال، أتمنى أن ينظروا إلى صورتينا ويختاروا من هو الأوسم من الثاني. هل تستعير من هذا الأمر أم أنه يشرفك؟ لا، أنا لا أتأثر بأي شيء في حياتي، ويمكن أن يشرفه هو، أما أنا فلم أكن أبدا متفقا على هذه السياسة التي ينهجها سي مصطفى العلوي، لأنني لا أعتقد أن الأسلوب الإعلامي الذي ينتهجه هو الذي يحتاجه المغرب في هذه الظروف. بعد هذا العمر في مهنة الصحافة، كيف تتذكر أول عمل صحفي قمت به، ثم هل لك طرفة مميزة في هذا الميدان؟ في أوائل حياتي الصحفية حصل مرة أنني نشرت خبرا عن اعتقال مجموعة من الاتحاديين نسبة إلى الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، في شكل يظهر بأنه اكتشاف مؤامرة لمحاولة للقيام بالانقلاب، نشرت هذا الخبر في الجريدة، كان هذا سنة 1963 وتمت متابعتي، حيث رفع علي وزير العدل قضية، وتمت المتابعة، وخفت كثيرا لأنه في ذلك الزمان كان أوفقير هو وزير الداخلية، وتوبعت بتهمة نشر خبر كاذب والمس بأمن الدولة الداخلي، وحدث أن استدعاني رئيس المحكمة صباح المحاكمة وقال لي لقد صدر الأمر بإلغاء الدعوة لأن الخبر الذي نشرته صحيح، وفعلا تم اعتقال مجموعة من الاتحاديين، المهم في هذه القضية هو أن الذين تم اعتقالهم كانوا يقطنون في الحي الذي كنت أسكن فيه، وعلى الساعة الثالثة صباحا لاحظت البوليس والجماهير والاعتقالات والسلاسل، وقد كتبت خبرا رأيته بأم عيني. ألا تتذكر أول عمل صحفي قمت به؟ أول عمل هو الذي صدر في مجلة مشاهد، وفي نظري كانت أحسن مجلة صدرت في تاريخ المغرب، وكانت بالألوان الطبيعية، بوسائل عصرية جدا. جريدتك هي الوحيدة الموجودة من بين الجرائد المغربية في خزانة البيت الأبيض، ماذا يمثل لك هذا الأمر؟ يا أختي أتمنى أن تكوني من قراء هذه الجريدة وتأكدي بأنها الجريدة الوحيدة التي تنشر أخبارا فيها سبق صحفي، فأكيد أن الأمريكان وغيرهم من الإسرائيليين يختارون هذه الجريدة ويقرؤونها لأنهم يجدون فيها المعلومات الصحيحة ومراجع كثيرة وهذا ما يتم تبليغي به حتى من طرف عدد كبير من الدبلوماسيين في الرباط، الذين يختارون جريدتي لينقلوا منها الأخبار والبيانات. يصفك البعض بالصحفي المشاغب، هل الشغب الصحفي ميزة أم سبة بالنسبة لك؟ لا يمكن للصحافي إلا أن يكون مشاغبا ومن لم يكن كذلك فهو ليس بصحفي، وإذا كان الصحافي "بوك إدوارد" الذي أسقط نكسون بالشغب فانا أتشرف بأن أكون مشاغبا. المتأمل للوضع الإعلامي المغربي يتأكد له أنه ليس على ما يرام باعتبارك قيدوم الصحافيين، ما هي قراءتك للمشهد الإعلامي المغربي؟ كنت سعيدا بهذه النهضة الصحفية الموجودة حاليا في المغرب إلا أنه يؤسفني جدا أن الكثير من الصحفيين (قولي 90 في المائة) منهم من الذين يشتغلون في الصحافة ليس لهم مراجع صحفية متينة، هذا هو العيب في الصحافيين المغاربة لأنهم مشغولون بكتابات المقالات، لكنهم لا يقرؤون ولا يرجعون إلى الماضي، فأنا كنت صحفيا مبتدئا وكنت أذهب إلى الخزانة لأقرأ مجلدات الصحف التي كانت تصدر في الستينيات والسبعينات ولأتتبع الأحداث ولأعرف الأسماء، فمثلا في بحر هذا الأسبوع، بما فيه الصحافة المحترمة القوية التي تصدر عن بعض الأشخاص المهمين، تجدين مثلا على هامش أمر القاضي الفرنسي باتريك رماييل بمتابعة بعض المسؤولين الأمنيين المغاربة، أنهم نشروا صورة محمد العشعاشي، ويكتبون تحته عبد الحق العشعاشي بينما محمد العشعاشي مات، فهم يقولون إن هذا الشخص مطلوب من طرف القاضي راماييل رغم كونه ميت، هذا نوع من الأخطاء التي ترجع إلى أن الصحافة ضمن المغرب تحتاج إلى أن تضع في طاقمها واحدا من قدماء الصحافيين أو قدماء السياسيين وعددهم كثير. تبدو مهنة الصحافة كمهنة لمن لا مهنة له، لما ترجعون ذلك؟ لا، لا أقول إنها مهنة لمن لا مهنة له. أقصد أن العديد من الصحافيين جاؤوا إلى هذه المهنة دون دراسة ودون تخصص؟ لا.. خذي المتخرجين من المعهد العالي للصحافة، إن أسوأ ما يمكن، وأنا متأسف لقول هذه الحقيقية أن يكون عليه الصحفي هو أن يدرس المبادئ والمقاييس والأعراف وأشياء لا علاقة لها بالممارسة الصحفية، بل بالوضع السياسي المغربي. أعلن مؤخرا عن تأسيس فيدرالية جديدة، ما رأيك في الأمر وما موقفك من المعارضة التي لقيتها من قبل الفيدرالية الأولى، ولماذا أنت غائب عن مثل هذه التجمعات؟ أولا أنا أول مؤسس للنقابة الوطنية للصحافة المغربية سنة 1963، ثالث أقطاب الصحافة في ذلك الزمان، ثانيا أنا مشارك مؤسس في فيدرالية الصحافيين المغاربة المتواجدة الآن، وإن كنت غير متفق معها لأنها في الواقع خرجت عن الإطار الذي وضعت من أجله بينما تدخل بعض أقطابها في قضايا سياسية أمليت عليهم ليقولوها في التلفزيون، هذا يعطي الحق لمجموعة أخرى أن تؤسس فيدرالية أخرى أو جمعية أخرى وإن كنت غير مستعد للمساهمة مع المجموعة الجديدة وفاء للمجموعة التي أنا ساهمت في تأسيسها. نشبت مجموعة من الحروب بين الصحافيين وبين المؤسسات الإعلامية تجاوزت في بعض الأحيان حدود اللباقة، ألا ترون أن مشاكل الجسم الصحفي أكبر من هذه الأمور؟ أنا أعتقد أن الحرب لم تبدأ بعد، وأنها تغلي الآن وتتجه نحو الانفجار، وهذا الموضوع يستحق دراسة أكبر من مجرد استجواب صحفي. رغم الدعم الذي حصلت عليه بعض المؤسسات الإعلامية إلا أن بعض المديرين لم يلتزموا بمقتضيات القانون من أجل تحسين وضعية الصحافيين، ما رأيك في هذا الموضوع؟ أولا أنا سعيد بهذا السؤال وسعيد بالجواب، نحن في جريدة الأسبوع، وهي الجريدة الوحيدة التي رفضت التوصل بالدعم. لم تقدموا طلب الحصول عليه أصلا؟ لا، رفضنا رغم الاتصالات المتوالية من قبل الوزير السابق، نحن نرفض هذا الدعم لأنني مبدئيا ضد الطريقة التي يوزع بها. فكتبت وقلت في النقابة الوطنية للصحافة المغربية وفي جمعية الناشرين بأن هذا الدعم يجب أن ينقسم إلى شقين، الشق الأول أن تبنى عمارات ومساكن للصحافيين المغاربة ويحل مشكل الصحفي أولا حتى يكون عنده بيت يسكن فيه عوض أن تمنح الأموال لمديري الصحف، فقد طالبت بتأسيس صندوق ليتكفل بالجانب الاجتماعي للصحافيين وقلت إن الشق الثاني يجب أن يتوجه إلى شركة الورق حتى يعطى الورق للصحافة بثمن رخيص، أما أن تعطى شيكات للصحافيين ومديري الصحف، فأنا ضد هذه المسائل، هذا من جهة أما من جهة أخرى فجميع الصحافيين الذين يشتغلون عندي في الجريدة لديهم حقوقهم وضمانهم الاجتماعي وسعداء بالعمل معي. ما موقفك من وزارة الاتصال؟ مبدئي كان دائما وقديما وحتى أيام الحسن الثاني، ضد تواجد وزارة اسمها وزارة الاتصال. ماذا يشكل لك اليوم الوطني للإعلام الذي يوافق 15 من نونبر من كل سنة؟ يشكل لي يوما سيتم الإعلان عنه في الإذاعة والتلفزيون وكفى وليس شيئا آخر. كانت علاقتك طيبة بوزير الاتصال السابق نبيل بنعبد الله قبل أن يعين وزيرا، ما المستجد الذي أفسد هذه العلاقة؟ كما تعرفين، فطبيعة حياة الإنسان وكما نقول، عندما يرغب الله في تعذيب النمل يعطيه أجنحة، وعندما كنا أنا ونبيل بن عبد الله أصدقاء ولا زلنا أصدقاء كانت الأمور على ما يرام، فلما منحته الحكومة جناحي الوزارة "طارعلي شوي" و"تركني أنا في الأرض..." وكما يقول الشاعر "ما طار طير وارتفع إلا وكما طار وقع وبالفعل وقع، "أوعاود تقادينا" تقول إن أسبوعيتكم هي جريدة السبق الصحفي في المغرب، وهناك من يفسر هذا الأمر بكونكم تستقون أخباركم من المخابرات المغربية؟ يا ريت يا أختي كانت لها علاقات بالمخابرات المغربية، يا ريت كانت لدينا مخابرات ذكية بهذا المستوى، فمنذ خمسين سنة وهم يقولون إن مصطفى العلوي له علاقة بالمخابرات، فمثلا اليوم جريدتنا نشرت خبرا لم تنشره أية جريدة، سبق صحفي بكل معنى الكلمة، وهو زواج أخت الأميرة للا سلمى زوجة الملك، فهل هذا خبر مخابراتي يا ريت.. ثم يضحك. لوحظ مؤخرا ظهور جيل جديد من الصحافيين والمنابر، هل هذه المؤسسات تنافسكم أم هي ظاهرة صحية؟ لا.. أنا منذ زمان كنت مصرا على أن أتقاعد، وفعلا فقد بدأت في التقاعد، فأنا لا أذهب للمكتب إلا نادرا، ولا أشعر في الوقت الحاضر بأية منافسة ولا بأي مضايقة، خصوصا وأن صحفيا قديما يكتب أربعة أسطر لابد أن يكون لها مذاق أكثر من صحفي يكتبها بمقتضى أوامر أو تعليمات المدير عندما يطالبه بكتابة مادة عن الموضوع الفلاني. يعاني الجسم الصحفي من غياب المعلومة، بل يتم منعها في بعض الأحيان عن مؤسسات بعينها ما الحل في نظرك لتجاوز هذه المعضلة؟ أنا أعتقد أنها شكوى ليست في محلها لأن المعلومة ترتبط بقوة الصحفي على الوصول إليها، فالصحافي الجالس في مقهى وهو يدخن سيجارة ويشرب قهوة لا يمكن للمعلومة أن تصل إليه، ولست متفقا مع هؤلاء الذين يصرون على أنهم يعانون من أجل الوصول إلى المعلومة، يا أختي المعلومة موجودة ولهذا تجدين بعض الصحفيين يكتبون، سألنا فلانا وقال لنا , ثم يضحك. كيف تجاوزت أنت هذا الشح في المعلومة باعتبار جريدتك هي دائما صاحبة السبق في نشر بعض الأخبار، وللإشارة فقانون الوظيفة العمومية يمنع خروج الخبر، وبعض المسئولون المغاربة يتعاملون بازدراء مع الصحفيين؟. خلال أيام إدريس البصري كتبنا في الجريدة مرة أنني صرحت لإحدى الصحف ووجهت كلمة لإدريس البصري لأقول له عندي جهاز مخابرات أقوى من جهازه، فانا الحمد لله لدي جهازمخابراتي ولدي وسائل للوصول إلى الخبر وعندي مخبرون في جميع أنحاء المغرب، وفي هذه اللحظة التي أتكلم فيها معك حوالي الساعة 4 بعد ظهر الخميس إن قوات الاحتياط نزلت إلى مدن القصدير بضواحي شاطئ أكادير، وهناك حالة من الاستنفار في هذه اللحظة وهو خبر يمكن أن تنشره الصحف غدا أو لا تنشره. رغم الوفرة الموجودة في المغرب في عدد الصحفيين إلا أننا نفتقد إلى نموذج الصحفي النجم كما هو الحال في الشرق وفي مصر تحديدا، ما الذي يحول دون تحقيق هذا الأمر؟ الذي يحول دون تحقيق ذلك هو التحول السريع للصحفي في المغرب، فالصحفي المغربي قديما كان عملة نادرة والوقت الحاضر أصبح يساوي الدرهم الموجود عند كل واحد. ألا يمكن أن نرجع ذلك إلى الآلة الإعلامية البصرية (التلفزيون) التي صنعت منهم نجوما؟ التلفزيون ووزارة الإعلام وأجهزة الدولة تنطلق دائما من كراهيتها ونفورها من الصحافيين الذين يشتغلون في الصحافة المكتوبة، وهو مرض متوارث من أيام رضى أكديرة إلى أيام شكيب بنموسى وزير الداخلية، وبما أن الأعلام والتلفزيون تحت نفوذهم وبين أيديهم فلن يتعاملوا مع الصحافة المكتوبة كما تتعامل معها الدول الراقية. سبق، أن نشرتم رسما كاريكاتوريا للراحل الحسن الثاني تعرضتم بسببه إلى الويلات، هل الوقت الراهن يسمح بنشر كاريكاتير لمحمد السادس في جريدتكم أو جريدة أخرى؟ أولا الرسم الذي رسمناه ليس للحسن الثاني، كنا رسمنا رسما لما جاء الحسن الثاني للتلفزيون وقال بأن المغرب يمكن أن يصدر "الزعبول" إلى أمريكا فنحن صورنا أحد السياسيين وهو يركب حمارا مشحونا "بالزعبول" ومتجها إلى أمريكا، هذا ليس رسما للحسن الثاني فأنا لم أنشر أبدا ومنذ بدأت العمل الصحفي أي كاريكاتير فيه إساءة لأي ملك.