أربعون سنة وهو يشتغل صحافيا بالإذاعة والتلفزة المغربية، ولم يعط حوارا صحافيا واحدا. بدأ بقراءة الشعر والقصة والمسرح على أثير الإذاعة قبل أن يمر إلى تقديم نشرة الأخبار الرئيسية ومنها إلى تغطية الأنشطة الملكية وصولا إلى برنامج حوار. مصطفى العلوي حصل على التقاعد الإداري، لكن الجميع يعلم بأن قرار هذا الشخص الاعتزال ليس بيده، لأنه ببساطة ليس كباقي الصحافيين، إنه «مسقط الطائرات» وأحيانا «مولاي»، كما يحلو لبعضهم أن يلقبه، يتحدث لأول مرة في هذه الحلقات عما يقارب نصف قرن من العمل الصحافي داخل قناة دار البريهي. الحلقة 3 - إذا عدنا إلى الراحل الحسن الثاني. هل سبق لك أن التقيت به مباشرة أو تحدثت إليه؟ < التقيت به في العمل عن قرب، أثناء تغطياتي العديدة للنشاطات الملكية. - هل سبق له أن قال لك شيئا مباشرة أو علق على ما تقوم به في التلفزيون؟ < لم يكن ذلك بطريقة مباشرة، ولكن بين وقت وآخر كانت تصلني أصداء ارتياح خاصة من المربع الملكي، حول ما كنت أقوم به وأقدمه في المجالات المهنية المختلفة. - لكن الحسن الثاني هو من أوقفك عن العمل في إحدى المرات؟ < أبدا، هذا غير صحيح بالمطلق، ما يشاع حول أنني قلت «شعب عويطة وشعب نوال» هو غير صحيح. واش من المهنية أنني نقول «شعب عويطة» وأنا أمام جلالة الملك؟ ثم شكون أنا اللي نكول هاد الكلام؟ واش أنا مسؤول كبير ولا سياسي كبير ولا ضابط سامي كبير باش يوقفني ملك البلاد؟ الله يهديكم أوصافي. - من أوقفك إذن ولماذا؟ < إنه صراع كان وراءه أشخاص لن أذكر أسماءهم، لأن منهم الأحياء ومنهم الأموات، وهو بالأحرى صراع أجيال. لقد كانوا من المتنفذين داخل الوسط الإذاعي والتلفزي الضيق، ونجحوا في تأويل إشارة ملكية طالب فيها المغفور له بتخفيض صوت الميكروفون، ليتحرك فاعلو الخير ويقولوا آنذاك إن «المغفور له طلب أن يصمت العلوي إلى الأبد»، وهذا الأمر كان فيه خير لأنه لم تمر إلا أربعة أو خمسة أشهر حتى طرح السؤال في اجتماع رسمي من طرف مسؤول كبير: «من أوقف مصطفى العلوي؟ ولماذا؟» فلم يجب أحد، وألح المسؤول الكبير آنذاك متسائلا: «هل هناك قرار بتوقيف العلوي؟» ولم يجب أحد، واتضح آنذاك أن الأمر مجرد تصفية حسابات اتضحت أهدافها ومن كان وراءها، فأمر المسؤول الكبير بأن أستأنف العمل في اليوم الموالي، وكذلك كان. زد على ذلك أنه موازاة مع التوقيف المخدوم كانت هناك حملة ممنهجة ضدي في بعض الصحف موازية لهذا القرار، وللمزيد من التوضيح فإن صرف أجرتي لم يتوقف، مما يعني أنه لم يكن هناك قرار رسمي. - يجمع بعض منتقديك على أنك لم تكن يوما ما صحافيا وكنت دائما بوقا للنظام؟ < هذا إجماع أنت من يقوله والجهات المنتقدة معروفة، ولدي فيها أصدقاء، والكثير منهم أسر لي بأن الانتقاد ليس إلا لرفع المبيعات ولقضاء مآرب أخرى، أما أن يقولوا «أنا بوق للنظام» فالنظام لا يحتاج إلى بوق، وخاصة من هذا العبد المذنب الذي كان يشتغل مع مجموعة من الصحافيين داخل القناة منخرطين في أحزاب سياسية ذات توجهات مختلفة، والكل كان يقوم بنفس المهام التي أقوم بها ولم ينعتهم أي أحد بأنهم «أبواق للنظام». - إذن أنت لست صحافيا؟ < أنا أريدك أن تحدد لي الأسس والشروط التي على أساسها تعتبرون الإنسان صحافيا. الصحافة، آالأستاذ، ممارسة، وإذا كانت 40 سنة غير كافية لكي تمنحوني هذه الصفة، فكيف ستتعاملون مع الصحافيين اللي يلاه بداو. إذا كان الصحافي ينبغي أن تكون له مظلة سياسية كي تمنحوه صفة صحافي، راه ما عمر المهنة تزيد. - ولكنهم يقولون إنك تمارس البروباغندا؟ < معرفتش شنو كتعني بالبروباغندا آأستاذ. تمرير السياسة من خلال الإعلام كلشي كيديرها، ثم لا أظن أن شي واحد كيخلق مؤسسة إعلامية أوماعندوش خطاب كيمررو. أنا كندير اللي خصو يدار واللي كيدار في العالم أجمع، وسميه أنت كيف بغيتي. أنا مرتاح أوبيخير، وزيدون أنا متبدلتش... - أو داك الشي اللي كيكتبوه المنتقدين ديالك كل يوم تقريبا؟ < ليس هناك من ينتقدني، هناك فقط أصحاب مواقف مخالفة للخط التحريري المعتمد في القناة التي أشتغل بها. أنا ما طبل ما بوق، أنا مصطفى العلوي، الصحفي المهني المشتغل في تغطية أنشطة إخبارية تدخل في صميم الاهتمامات الأولى ديال القناة اللي كنشتغل فيها وأعتز بكل هذا وسأبقى كذلك، من أي موقع كان. أنا واضح مع نفسي. وإذا كانوا يقولون إنني مخزني لكوني منضبطا، فأنا مخزني بالفعل.