الجراحة التجميلية لم تعد هوسا نسائيا فقط، واللجوء إليها تحت ضغط الشيخوخة أو نتيجة تشوه خلقي لم يعد مقتصرا على النساء وحدهن... فزرع الشعر، شفط الدهون، تقويم الأنف وتعديل القضيب... جراحة تجميلية تهم الرجال أيضا... إذن، لم يعد الجنس الخشن معزولا عن الهوس بالجمال، هو أيضا أصبح قلقا يهتم أكثر فأكثر بصورته، مظهره، شكله وفحولته... ورغم اختلاف حوافز الجنسين، إلا أنهما معا مقتنعان بأهمية المظهر والصورة رغم النجاح الاجتماعي والمهني. وهذا ما يؤكد أن الرجال يتغيرون وأن سلوكهم يتحول... > يقول يوسف (30 سنة) مهندس دولة: «نساء ورجال وشباب اليوم يرفضون الشيخوخة والقبح. وبما أن الجراحة التجميلية توفر لهم شبابا شبه دائم وجمالا يقترب من الكمال وحلولا لكل مشاكلهم، فلماذا لايستفيدون من ذلك! الأثمنة جد مكلفة. وأعتقد أنها لو كانت منخفضة لكانت في متناول الجميع؛ وبالتالي سيكون الإقبال عليها أكثر. وطبعا، سيكون الربج أوفر بالنسبة لأطباء التجميل». > يضيف يوسف موضحا حافزه للجراحة التجميلية: «هيئتي الخارجية لا تتلاءم مع حجم قضيبي. فأنا شاب رياضي مفتول العضلات كما ترين، أتوفر على قامة وطول قياسيين، مما يجعل الفتيات يقبلن علي... إلا أنني واجهت عدة مشاكل في علاقاتي الجنسية العابرة، مما سبب لي أزمة نفسية، الشيء الذي اضطرني إلى اللجوء إلى طبيب نفسي. بعد عدة جلسات نصحني باللجوء إلى الجراحة التجميلية. أنا، الآن، تعرفت على فتاة أحلامي ونحن مقبلان على الزواج ولا أريد أن أغامر بسعادتي ولا برجولتي. لم أخبر خطيبتي بالمشكل ولم أعاشرها قبل العملية حتى لا تكتشف الأمر. لذلك لجأت للجراحة التجميلية. وأنا جد راض الآن وأشعر بالثقة بالنفس بشكل أكثر وأعمق. وأستمد ذلك من خلال نظرات خطيبتي إلي وتلهفها على لقائي...». > توضح (حياة. إ) (37 سنة)، طبيبة متزوجة وأم لثلاثة أطفال، دافعها للجراحة التجميلية فتقول: «أجريت العملية التجميلية، لأن وزني زاد كثيرا بعد الزواج وأصبحت أبدو أكبر من سني بكثير. في حين أن زوجي استغل انشغالي بالعيادة والأطفال وبدأ يخونني مع فتيات في عمر الزهور، فكان لا بد أن أصارع من أجل إنقاذ زواجي من طلاق بات وشيكا ولكي أضخ دماء جديدة في حياتي الزوجية. بالنسبة للمشاكل بعد العملية، ليس هناك شيء يذكر. فقط بعض الألم والتعب في الأيام الأولى بعد إجراء العملية والخوف من النتيجة. ويبقى أن الأثمنة جد مرتفعة وليست في متناول الجميع. طبيعي، ونحن في مجتمع محافظ، أن نواجه من طرف المحيط العائلي رفضا للعملية. فمنهم من يناقش المسألة من زاوية دينية وأخلاقية، لكن دافعهم الأساسي هو الخوف على حياتي وعلى صحتي لما قد يترتب عن مثل هذه العمليات من عواقب ومضاعفات. سنجد أيضا من يقول إن المسألة نفسية وعلى المرء أن يثق في نفسه ويقبل شكله كما خلقه الله عليه، وإلا فعليه أن يراجع طبيبا نفسيا وليس جراح تجميل. ولكن في هذا الزمن، زمن العولمة والتحولات السريعة، أصبح الجمال عملة تفتح جميع الأبواب وتمهد الطرق، سواء في الحياة العملية أو الشخصية». > تقول (س. ر): «تفهمت أسرتي رغبتي في التغيير، لكن المحيط ،بصفة عامة، لا يشجع على إجراء الجراحة التجميلية. مادفعني لهذه الجراحة هو عدم الرضى عن الشكل والطموح إلى الأحسن. لكني عانيت، بعد العملية، من مشاكل نفسية بسبب عدم تقبل الشكل الجديد في بداية الأمر. وبخصوص الأثمنة، فهي جد مرتفعة». > سناء (20 سنة)، طالبة: «بدون أي حرج وبكل صراحة، أؤكد أنني إذا توفرت لدي النقود سأصلح بعض الأجزاء من جسدي، رقبتي الضخمة، وذراعي اللذين يشبهان ذراعي ملاكم، وهما جزءان ينقصان من أنوثتي...». > سميرة (28 سنة)، صيدلانية: «أشعر بتحسن كبير وبثقة أكبر في النفس بعد أن أجريت عملية تجميل لأنفي البارز والضخم والمقوس، كان عقدة مسيطرة على تفكيري، أثرت كثيرا على علاقاتي الاجتماعية. العملية غيرت حياتي وسلوكي تجاه نفسي وتجاه الآخرين وأصلحت نظرتي وتقييمي لنفسي. لم تكن العملية فكرة عابرة أو نزوة بليدة، بل حاجة ملحة... فقد كان النظر إلى وجهي، خصوصا إلى أنفي، يثير في الإحساس بالغضب والنقص والمهانة. كنت أشعر أن من ينظر إلى أنفي يهينني. هناك عقد تفسد عليك حياتك وأنفي كان كذلك. وهناك عيوب أخرى بسيطة يمكن تقبلها. وطبعا، لدي عيوب أخرى ككبر الثديين، لكن لا أرغب في إجراء أي عملية لتصغيرهما... فهذا عيب نسبي هناك من يعجبه الصدر الضخم والمكتنز، لكن لا أحد يُعجب بأنف مثل أنفي السابق! ثم إن الجراحة التجميلية لها مخاطر لذلك لا يجب الإفراط في التعاطي معها، بل فقد عندما تكون الحاجة معقولة وملحة». > سعيدة (26 سنة)، أجيرة: «جراحة التجميل كانت حلمي، لكن الإمكانيات المادية لتحقيق هذا الحلم والتي لم تكن متوفرة منعتني من ذلك.الآن، وقد اشتغلت فضلت اللجوء إلى الجراحة عوض السفر إلى الخارج أو بالأحرى أجلته للسنة المقبلة. وهذه السنة أجريت عملية شفط الدهون من بطني وجانبي ظهري لأبدو رشيقة». > ليلى أم لثلاثة أطفال ذكور أكبرهم في 26 من العمر وأصغرهم في 12، تقول: «بعد ولادة طفلي الأخير، قررت عدم الإنجاب مرة أخرى والالتفات إلى نفسي وزوجي، وأجريت عملية تجميل لجهازي التناسلي. لكن بعد 12 سنة، وجدتني حاملا في شهري الثالث، فقررت الإجهاض، خصوصا أنني واجهت مشكلا كبيرا مع ابني الأكبر الذي رفض تماما حملي. لجأت إلى طبيبي، لكنه نصحني بالعدول عن قراري وأكد لي أن الحمل والولادة لن يفسدا ما أصلحته جراحة التجميل وأقنعني بإجراء عملية قيصرية أثناء الولادة بدون تشوه. وقام بمتابعة حملي حتى الولادة. لحسن حظي أنني لم أجهض، فقد رزقت بأنثى هي الآن أحب إلي من أبنائي الثلاث». > سلوى (30 سنة)، أم لطفل وحيد في ال 8 من العمر، تقول: «أحيانا تكون الجراحة التجميلية حلا مفيدا، خصوصا في حالة الأطفال الذين يعانون من آذان بارزة أو كبيرة جدا أو من شفاه ضخمة أو أنوف كمناقير الغربان أو النسور أو كحبات التين أو البطاطس. فملاحظات الأقران أو تعليقات زملاء الفصل أو أصدقاء الحي، وخاصة الخصوم منهم، تكون، عند الشجار، لاذعة، جارحة ومؤلمة. فالصغار لا يرحمون ولا يعون الآلام النفسية الخطيرة التي تسببها تعليقاتهم اللاذعة والساخرة. وهذا يشكل إعاقة اجتماعية تشتد خطورتها مع تجاهل الأهل لأحاسيس الطفل الذي يعاني من تشوهات خلقية ولو كانت بسيطة، لأن التعليقات والملاحظات المتكررة حولها هي ما يجعلها خطيرة جدا. وهذا ما دفعني لعرض إبني على طبيب نفسي نصحني بإجراء عملية تجميل لأذنيه غيرت سلوكه ومجرى حياته وأكسبته ثقة في النفس وأعادته للمدرسة وللاختلاط بالأطفال». > هشام (27 سنة)، طبيب متدرب: «المعروف عن المرأة أنها تخاف من مبضع الجراح ولا تلجأ إلى الجراحة، في الحالات المرضية طبعا، إلا إذا أصبح الوضع مسألة حياة أو موت. لكن، اليوم، ومع هوس جل النساء بالجمال وبالكمال الجسدي، أصبحنا نراهن يتوافدن على المصحات المتخصصة في الجراحة التجميلية وبإفراط... فمنهن من أجرت أكثر من ثلاث عمليات جراحية في ظرف سنتين! الضغط الاجتماعي للحصول على جسد بدون عيوب لم يكن أبدا قويا مثل اليوم!». > عبد الرحمان (40 سنة)، سائق طاكسي له رأي معارض: «نحن، الآن، في عصر كل شيء فيه مزيف واصطناعي، نساء داخل غطاء جلدي بدون عيوب ولا تشوهات، لكنهن لسن طبيعيات 100%: وجنات وشفاه محشوة بالسيليكون، أثداء بلاستيكية، شعر مزروع، أسنان مزروعة، وجوه مشدودة وأرداف معدلة... كنا نشتري (مْضَرْبَة ديال سرير) نعرف ثوبها الخارجي ولا نعرف بما حشي. الآن، نتزوج امرأة نحن متأكدون من جلدها لكن ما تحت الجلد الله وهي وحدهما أعلم به! كنت أعتقد أن اللباس والفراش فقد يُفَصَّلان. الآن، المرأة أيضا تُفَصَّل...؟!». > حسن (35 سنة)، أستاذ له نفس الرأي: «لم أكن أعتقد أنه سيأتي يوم نبدل فيه سحناتنا، ملامحنا، بل وجوهنا وأجسادنا كما نبدل ثيابنا، ولا أن نحمل وجها واحدا متطابقا كما نرتدي ملابس واحدة متشابهة.... كنا نرى زوجاتنا يسارعن إلى اقتناء قفطان أو تكشيطة مثل فلانة وعلانة، لكن أن تحملن أنفا أو فما أو ثديا أو وجها كاملا مثل هذه النجمة أو تلك، فهذا ما لم يكن يخطر ببال؟!». > عبد الله (28 سنة)، موظف أعزب شاب يرفض أي تدخل جراحي للتجميل، يقول: «لكل سن حلاوته وجماله... هناك نساء عجائز، لكنهن أجمل وأحلى بكثير من هيفاء ونانسي والشحرورة صباح، رغم التجاعيد والترهل الذي لم ينقص من جمالهن، بل زادهن ليونة وحنانا ودفئا وقبولا... جدتي عندي أجمل وأحلى من كل هؤلاء حتى من بنت ال 16، إنها مسرارة والسر ألّلي أعطاها الله لا يمكن أن يحدثه مبضع أي جراح سوى الله وقلبها الطيب... وزوجتي المستقبلية أريدها عادية على طبيعتها التي خلقها الله عليها ولا أريدها جميلة، بل مسرارة وطيبة القلب كجدتي». > خديجة (50 سنة)، أم لشابة في الثلاثين مهووسة بجسدها، أجرت -لحد الآن- ثلاث عمليات: الأولى لتصغير الأنف، والثانية لتكبير الثديين، والثالثة لشفط الدهون من البطن والردفين: «أنا أرى أن الأمور ستسوء أكثر فأكثر، خصوصا مع إقبال المراهقين والشباب على الجراحة التجميلية وهوسهم بالنجوم والمشاهير من المغنيات والمغنيين والممثلات والممثلين... أخشى أن يأتي يوم لا نعرف فيه أبناءنا فيختلط علينا الأمر بعد أن تتوحد وجوههم وأجسامهم... وجوه بملامح موحدة. وأجسام بحجم أوحد (unique)... ربما سيصبح علينا وضع أرقام لهم (numéro de série)... هذا مقرف جدا!».