لقد أسس المغرب لتجربته الدستورية الخاصة التي انطلقت منذ نهاية القرن التاسع عشر مع مشروع دستور1908 وتلتها بعد ذلك الدساتير التي عرفها المغرب الحديث 1962 و1992 و1996هذا الأخير الذي أدى إلى نوع من الانفراج السياسي وإلى علاقات جديدة بين مختلف القوى السياسية، ومهد لتجربة ''التناوب التوافقي''، شهد المغرب على إثرها حركة حثيثة لإنجاز إصلاحات مهمة على كافة المستويات، لكن هذا المسار لم يكتمل إذ شهد المشهد الحقوقي والسياسي تراجعات على عدة أصعدة، فارتفعت الدعوات مرة أخرى بالحاجة إلى دستور جديد يعكس تطلعات الشعب المغربي في عهد جديد، عهد الانتقال الديمقراطي الحقيقي، وبناء دولة المؤسسات التي يسود فيها الحق والقانون. وهكذا اعتبرت الوثيقة الدستورية المتعاقد على مضامينها من أهم شروط نجاح الانتقال الديمقراطي وذلك عبر الاتفاق بين جميع الفرقاء على مجموعة من التدابير المكتوبة التي تكرس مبدأ الفصل بين السلطات وتضمن الحقوق والحريات وسيادة أحكام القانون، وتعترف بحق المواطن في اختيار من يحكمه، وحقه في مراقبته ومحاسبته، وتؤسس لمبدأ التداول السلمي على السلطة بواسطة صناديق الاقتراع. والآن بعد مرور 15 سنة على آخر دستور عرفه المغرب، ومع الدعوات التي رفعت حول ضرورة الإصلاح الدستوري، والأحداث التي عرفتها وتعرفها مجمل الدول العربية فيما يصطلح عليه ''بربيع الديمقراطية العربي''، جاء خطاب 9 مارس ليتفاعل من خلاله الملك محمد السادس بشكل قوي وبارز مع السياق السياسي الذي يعرفه المغرب منذ 20 فبراير، ويعبر عن تطلعات الشباب والمجتمع المغربي بكافة شرائحه، إذ أعلن خلاله وبجرأة عن فتح ورش الإصلاح الدستوري. لهذا الغرض، ارتأينا في منتدى الزهراء للمرأة المغربية بصفته مكونا من مكونات المجتمع المدني المغربي، تنظيم هذا اليوم الدراسي من أجل مناقشة مجموعة من القضايا المرتبطة بملف الإصلاح الدستوري، إسهاما منا في النقاش العمومي حول ورش الإصلاح، بمشاركة مجموعة من الأساتذة والمختصين في المجال، مع تركيزنا على القضايا المتعلقة بالمرأة والأسرة والحريات والحقوق في الإصلاح الدستوري انسجاما مع مجال اشتغالنا من جهة وإيمانا منا بالدور الذي ينبغي أن تؤديه المرأة في هذه اللحظة التاريخية في صياغة الوثيقة الدستورية الجديدة. فما هي أبرز التعديلات الدستورية التي ينبغي أن تكون على رأس جدول أعمال الإصلاحات؟ وهل الحقوق المنصوص عليها في دستور 1996 كافية لتعزيز وتقوية مكانة المرأة ؟ هل يمكن الحديث عن الأسرة كمؤسسة اجتماعية داخل الدستور المغربي؟ وهل يمكن اعتبار توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة بإحداث آلية لتعزيز السياسات العمومية في مجال المرأة من التوصيات الوجيهة التي تستحق الدسترة؟ وما هي مكانة المعاهدات الدولية في النص الدستوري؟ وهل تعزيز المشاركة السياسية للمرأة مرتبط بدسترة الكوطا؟ وما هي انعكاسات التمثيلية النسائية في المجالس الجهوية، على الأداء البرلماني من خلال الغرفة الثانية؟