} 10 سنوات من حكم الملك محمد السادس، لم يسجل فيها لحد الساعة أي تغيير على مستوى الإصلاحات الدستورية. ماهي قراءتكم لذلك؟ < بادئ ذي بدء، لابد من التأكيد على أن هذه العشرية هي فترة انتقال من عهد إلى عهد. من عهد المغفور له الحسن الثاني الذي دام ما يقارب الأربعة عقود. عهد شهد صراعات سياسية حادة في بعض لحظاته، قبل أن يتجه تدريجيا، عبر سيرورة مد وجزر لتثبيت الاختيار الديمقراطي مع منتصف التسعينيات. وكان التوافق الوطني حول الإصلاحات الدستورية لسنة 1996 والذي سبقه انفراج سياسي واضح، مدخلا لمرحلة سياسية جديدة، كان تشكيل حكومة التناوب سنة 1998 برئاسة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي أبرز عناوينها. وكان ذلك بالفعل نهاية لشد الحبل بين القوى الوطنية التقدمية والديمقراطية والمؤسسة الملكية. وأصبحت الملكية الدستورية موضوع إجماع متماسك. وشاءت الأقدار أن تختطف يد المنون جلالة المغفور له الحسن الثاني في هذه الظرفية بالضبط. وتولي جلالة الملك محمد السادس عرش البلاد سنة 1999. ومباشرة بعد توليه الحكم، أطلق جلالة الملك محمد السادس أوراش إصلاح كبرى جديدة، اقتصادية وسياسية ومؤسساتية ومجتمعية. وأصبح اختيار بناء مجتمع ديمقراطي حداثي، اختيارا وطنيا، واختيار أمة مع ما تتطلبه هذه الأوراش الكبرى من جهد واجتهاد، وخلخلة لعدد من البنيات التي أصبحت متجاوزة، وكل ذلك ليعيش المغرب عصره ويواكب متطلباته حاضرا ومستقبلا. ومن جهة أخرى فإن الدستور الحالي، إذا لم يكن يحترم كله، فإنه أيضا لم تستثمر كل ما تتيحه مقتضياته في تدبير الشأن العام والحياة السياسية والاجتماعية. لذلك عبرنا خلال المؤتمر الوطني الثاني لجبهة القوى الديمقراطية، المنعقد بمراكش سنة 2005، عن رأينا في مسألة الإصلاحات الدستورية. وقلنا بأن مسألة الإصلاحات الدستورية، ليست بالمسألة المستعجلة وذات الأولوية. فضلا عن رفضنا استعمال مطلب الإصلاحات الدستورية كورقة ضغط من أي طرف ضد أي طرف، لاعتبارات ظرفية. وفي الوقت ذاته أكدنا أن المغرب في حاجة إلى دستور جديد. في حاجة الى دستور جديد وليس إلى تعديلات دستورية. ودستور بمواصفات تحضيرية جديدة. { ارتباطا بموضوع الإصلاحات الدستورية. ماهي الأولويات في هذا الباب؟ < كما سبق وأن أشرت، الأولوية بالنسبة لنا هي إعداد دستور جديد، بمواصفات تحضيرية جديدة. وهنا لابد من التوضيح بأن القول بدستور جديد، لانعني به القطيعة مع الدستور الحالي. فدخول المغرب للحياة الدستورية في عهد مبكر من عهد الاستقلال، بالرغم من ملابسات تبنيها ومرورها من فترات مد وجزر، تعد مكسبا وطنيا مركزيا للبلاد. وفي إطارها، تم تطوير نظام الحكم بالمغرب تدريجيا ووضعه على سكة البناء الديمقراطي. وفي إطارها تحققت المكاسب الوطنية والديمقراطية الكبرى. بالطبع عبر مسلسل كفاح طويل للقوى التقدمية والديمقراطية، والذي أفضى إلى الانفراج السياسي الذي عرفته الحياة الوطنية منتصف التسعينات. وفي إطار هذه الحياة الدستورية فتحت أوراش الإصلاحات المجتمعية الكبرى خلال هذه العشرية. نقول بدستور جديد، وليس تعديلات دستورية، لأن حياتنا الدستورية خلال العقود الماضية، طبعها اللجوء إلى إجراء تعديلات دستورية عدة مرات كانت كلها خاضعة لاعتبارات سياسية ظرفية بحكم طبيعة الصراعات السياسية التي شهدها المغرب في النصف الثاني من القرن العشرين، والتي طبعها شد الحبل بين المعارضة والمؤسسة الملكية. ونعتبر أن هذه الصراعات قد انتفت مع العهد الجديد وطويت منذ حصول التوافق الوطني حول التعديلات الدستورية لسنة 1996. لذا نعتبر أن الوقت قد حان لطي تجربة التعديلات الدستورية التي يتم إجراؤها لاعتبارات سياسية ظرفية، ووضع دستور يؤطر الحياة الوطنية المستقبلية. فالعهد الجديد بمشروعه المجتمعي الديمقراطي الحداثي، يستدعي وضع دستور جديد، يرسخ بالطبع ثوابت الأمة، ويمأسس المكتسبات الوطنية والديمقراطية التاريخية، ويدمج الإصلاحات المجتمعية الكبرى للعهد الجديد، ويؤسس لمجتمع الغد، المجتمع الديمقراطي الحداثي، المنفتح على عالم العصر ومستقبله. بديهي أن وضع دستور من هذا القبيل، لن يكون إلا بتوافق مع المؤسسة الملكية. لكن في الوقت ذاته، وليكون دستورا بالمواصفات السالفة الذكر، يثبت ويحصن الاستقرار السياسي، ويضع المغرب على السكة الآمنة لبناء المجتمع الديمقراطي الحداثي، يتطلب الأمر فتح نقاش وطني واسع أمام مختلف الفاعلين السياسيين، ومختلف الفعاليات المدنية، نقاش يتغيا بلورة تصور توافقي وطني حول مشروع الإصلاح الدستوري. فالمعروف في التجربة التاريخية العالمية أن الدساتير الناجحة، كانت دوما هي الدساتير المتوافق عليها وطنيا. هذه هي الأولوية الأولى بالنسبة لنا في جبهة القوى الديمقراطية. وفي هذا الإطار، وبالضبط منذ تحضيراتنا للمؤتمر الوطني الثاني للجبهة سنة 2005، ومؤتمرنا الوطني الثالث لسنة 2008، والنقاش دائر في صفوف الجبهة، لبلورة تصورنا ومقترحاتنا في الإصلاح الدستوري. والأفكار المتداولة في هذا النقاش مازالت بالطبع مجرد أفكار أولية، ستحسم فيها الهيئات القانونية للجبهة عندما يفتح النقاش الوطني بالصيغة التي سبقت الإشارة إليها. وبالطبع هناك قضايا تحظى بنوع من التركيز في نقاشاتنا، ويتعلق الأمر، على سبيل المثال لا الحصر، بقضايا تتعلق بتوضيح وتدقيق فصل السلط وصلاحياتها، قضايا تتعلق بتوسيع صلاحيات المؤسسات المنتخبة والمؤسسات المنبثقة عنها، قضايا تتعلق بالجهوية، ودسترة الأمازيغية، وقضايا المرأة، وقضايا الجالية المغربية بالخارج. بجانب العديد من القضايا ذات الطابع الاقتصادي أو الإجتماعي. { كيف تنظرون إلى المطالبة بالإصلاحات الدستورية؟ هل بشكل منفرد أم عن طريق تكتل القوى التي ترون أنها تتقاسم معكم نفس الرؤية؟ < أشرت إلى أن الإصلاح الدستوري كما نتصوره يجب أن يكون حصيلة توافق وطني، وثمرة نقاش وطني واسع. وهذا لا يعني أن النقاش سينطلق من فراغ أو من ورقة بيضاء. طبيعي أن ينطلق النقاش حول أفكار ومقترحات ملموسة. وأول أفكارنا ومقترحاتنا، هو ما طرحناه من تصور لمواصفات الإصلاح الدستوري، ومن طرح لفتح نقاش وطني واسع حول مضامين هذا الإصلاح. وبشأن مضامين الإصلاح، لا شك أن لكل الفاعلين السياسيين ولكل مكونات المجتمع تصوراتهم، مكتملة كانت أو غير مكتملة. وبلا شك أن اختلافات قائمة في وجهات النظر بين هذه الأطراف في بعض القضايا. فإن تقريب وجهات النظر بين القوى التقدمية والقوى الديمقراطية الحداثية في المجتمع، وتقديم تصور ومقترحات مشتركة، سيكون له الأثر القوي في الإقناع. بحكم انبناء هويتها على أفكار الحداثة والديمقراطية، وتعبيرها الفكري والسياسي عن تطلعات أوسع الشرائح الإجتماعية التواقة إلى الإصلاح والتغيير. وهذا يحيلنا عمليا على مسألة التحالفات، والتي يمكن أن تكون مضامين الإصلاح الدستوري إحدى أهم أسس بنائها في هذه الفترة. وكنا ومازلنا ننادي بضرورة توحيد قوى اليسار والقوى الوطنية الديمقراطية، والذي يفسح المجال أمام بناء تجمع واسع للقوى الديمقراطية الحداثية. { ما تقييمكم للأجواء التي جرت فيها الإنتخابات الجماعية الأخيرة؟ < لقد عبرنا في حينه عن تقييمنا لمحطة اقتراع 12 يونيو. وقد سجلنا أسفنا عن أن نسبة المشاركة، بالرغم من التقدم النسبي لأرقامها بحكم طبيعة الإنتخابات الجماعية مقارنة مع الإنتخابات التشريعية لسنة 2007 فإنها لم تكن في المستوى المطلوب، إذا اعتبرنا نسبة المحجمين عن التصويت من المسجلين في اللوائح الإنتخابية، وأضفنا إليها العدد الكبير من المواطنين الذين لم يتسجلوا أصلا في اللوائح الإنتخابية المحينة. وبذلك تأكدت من جديد ظاهرة إحجام نسبة كبيرة من المواطنين عن المشاركة في العمليات الإنتخابية. ونعتقد أن المرجع الأساس في ذلك، هو فقدان نسبة واسعة من المواطنين للثقة في العمليات الإنتخابية، وفي مصداقية المؤسسات المنتخبة، والمؤسسات المنبثقة عنها. كما أن ما عاشه المشهد السياسي بعد انتخابات 2007، بدلا من أن يصبح أكثر وضوحا وسلامة، ازداد تعفنا، باستفحال سلوكات سياسية شائنة كما تجلى في اتساع دائرة ترحال البرلمانيين، وبانبعاث أساليب حزبية لا تختلف في شكلها ومضمونها في العمق عن أساليب أضرت بالحياة السياسية وبمسار البناء الديمقراطي في الستينات والسبعينات والثمانينات. حتى انقلبت الخريطة السياسية ليلة الإنتخابات الجماعية، رأسا على عقب عما أفرزته صناديق الاقتراع في انتخابات سابع شتنبر 2007!.. فاختلطت الأوراق الحزبية إلى أقصى الحدود، وانعقدت تحالفات حزبية كبرى لتنفض بعد بضعة شهور. وتغيرت فجأة خريطة الأغلبية والمعارضة ليلة اقتراع 12 يونيو!.. واندلعت مع دنو موعد الإنتخابات الجماعية معارك « سياسية » مفتعلة وهامشية، احتلت الصدارة في وسائل الإعلام العمومية والصحافة الوطنية. بدل فتح نقاشات سياسية حول الإنتخابات الجماعية، وتعبئة المواطنين للمشاركة في الإنتخابات، بمقارعة البرامج بالبرامج، والكفاءات بالكفاءات. هكذا كانت الأجواء التي هيمنت على الساحة قبيل انتخابات 12 يونيو، وهذا كان له أثره الواضح في نسبة المشاركة في التصويت. والمحجمون عن التصويت، في غالبيتهم، عبروا عن موقف من حال المشهد السياسي وأجواء الإنتخابات. وهذا ما فسح المجال واسعا أمام استعمال المال بشكل فاحش وواسع، لم يسبق له مثيل، لشراء الذمم والتأثير على العملية الإنتخابية. ينضاف إلى ذلك موقف الحياد السلبي للعديد من رجال السلطة المحلية وأعوانهم في العديد من مناطق المغرب، تجاه استعمال المال والخروقات الإنتخابية، هذا ما لم يتدخلوا مباشرة للتأثير على المرشحين، أو التلاعب بنتائج الاقتراع. وهكذا فنتائج الإقتراع وتوزيع المقاعد بين التشكيلات السياسية المشاركة في الإنتخابات، لا تعكس في شيء حقيقة نفوذها الحزبي. وأفرزت هذه الإنتخابات نتائج مشابهة لما شهدناه في انتخابات السبعينات والثمانينات على الخصوص. وهو أمر، يجب تقييم آثاره السلبية على مصداقية العمليات الإنتخابية، تقييما صحيحا وموضوعيا، وتعميق التفكير في ما يمكن أن يكون لها من تداعيات على الحياة السياسية الوطنية وبالتالي على مسار البناء الديمقراطي. قصد العمل من أجل التدارك. { في ظل النتائج التي أفرزتها هذه المحطة الإنتخابية، تبين أن منطق التحالفات لم ينبن على تقاطعات في البرامج والتصورات. ما هي الخطوات العملية التي ترونها كفيلة لتلافي مثل هذا الارتباك؟ < في البداية، أريد التذكير بموقف الجبهة من التحالفات. لأن لذلك علاقة، ليس فحسب بالتحالفات التي انعقدت بعد اقتراع 12 يونيو في تشكيل مكاتب المجالس الجماعية، ولكن لأن لذلك علاقة بالأجواء التي تمت فيها هذه الإنتخابات، وبالنتائج المعلن عنها. لقد اعتبرت جبهة القوى الديمقراطية أن إحجام نسبة كبيرة من المواطنين عن التصويت في اقتراع سابع شتنبر2007، والنتائج المعلن عنها في هذه الانتخابات، كانت رسالة واضحة موجهة للنخب وكافة الفاعلين السياسيين. والواقع أن كل هؤلاء اعتبروها كذلك في حينه. بل واعتبروا جملة وتفصيلا آنذاك، أنه يجب الانكباب على استخلاص كل الدروس الضرورية من معاني ومغازي اقتراع سابع شتنبر، واتخاذ ما يلزم من خطوات لتصحيح الاختلالات واسترجاع ثقة المواطنين في العمل السياسي وفي العمليات الإنتخابية.. لكن مع الأسف لم تتم متابعة هذا التقييم وهذه الخلاصات من طرف الجميع.. أما بالنسبة لجبهة القوى الديمقراطية، فقد أعقبت تقييمها ذاك، باتخاذ المبادرات التي رأت أنها هي المطلوبة لتصحيح الوضع. ولا نفشي سرا إن قلنا إن الجبهة كانت وراء سلسلة مبادرات لمد جسور الحوار والتشاور مع مختلف أحزاب اليسار. وقد تمت بالفعل كما يعلم الجميع عدة لقاءات ثنائية وثلاثية وجماعية بين أحزاب اليسار، كانت حصيلتها التعبير الجماعي عن وعي بضرورة توحيد قوى اليسار، والبحث عن مختلف صيغ التنسيق والعمل المشترك، الذي يفضي تدريجيا إلى خلق قطب يساري، يشتغل في الأفق البعيد - لم لا - لبناء حزب يساري أو اشتراكي كبير واحد. ويعلم الرأي العام أنه تم الإتفاق بين خمسة أحزاب يسارية على وثيقة مشتركة بمثابة أرضية، وبرنامج حد أدنى. إلا أن الأمور لم تأخذ المجرى الذي كان منتظرا منها، أي الإعلان عن هذا التوحيد وهذه الوثيقة قبل الانتخابات الجماعية. حيث اعتبرت بعض هذه الأطراف، أنه يجب تأجيل هذا الإعلان إلى ما بعد الإنتخابات الجماعية، حتى يتفرغ كل حزب لتحضيراته لهذه الإنتخابات. وهذا ما كان. أذكر هذه الوقائع، لأقول أنه كان في قناعة الجبهة، أنه حتى إن لم تتوفر شروط دخول اليسار للإنتخابات بمرشحين مشتركين، وهو بالفعل أمر كان جد صعب في تحضيره خلال المدة الزمنية القصيرة لبدء المشاورات وموعد الإنتخابات الجماعية. فإن الإعلان الرسمي عن الأرضية المشتركة لأحزاب اليسار، وتنظيم أعمال مشتركة بينها في بعض الواجهات وفي مقدمتها الواجهة البرلمانية، والشروع في التنسيق على مستوى المنظمات الجماهيرية، قبل الإنتخابات الجماعية، كان كفيلا بخلق دينامية سياسية جديدة في الساحة الوطنية، كان سيغير بلا شك الكثير من المعطيات، ويفشل الكثير من محاولات تمييع الحياة السياسية والحزبية، ويطلق دينامية جديدة لاستعادة ثقة المواطنين في العمل السياسي، بحكم الإرث التاريخي النضالي لأحزاب اليسار، وتجاوب فكرها التقدمي والديمقراطي مع تطلعات وطموحات أوسع شرائح المجتمع. ونحن الآن بعد اقتراع 12 يونيو ونتائجه، نعلم أن التاريخ لا تعاد صياغته بكلمه« لو». لكن ذكرت بهذا، لأقول بأنه في غياب اتفاقات قبلية على التحالف والتنسيق على أساس توجهات وبرامج سياسية وعلى ضوء ما اسفرت عنه انتخابات 12 يونيو من نتائج معلنة، فإنه طبيعي أن نرى ما رأينا من تحالفات لا منطق يحكمها غير ميزان القوى المحلي على مستوى المقاعد، والحسابات المحلية، بعيدا عن أي انطلاق للتحالف من تصورات أو برامج سياسية، فالكل تحالف مع الكل، حسب منتوج العملية الحسابية لعدد المقاعد على مستوى المجلس المحلي، وحتى القيادات الحزبية التي أعلنت بأنها أعطت تعليمات صارمة لمنتخبيها بصدد أطراف التحالف، فإن هذه التعليمات لم تحترم. لتلافي مثل هذا الارتباك في مسألة التحالفات، فإنه إذا كان تفادي مثل هذا الارتباك، لا يتوقف فقط على إرادة الأحزاب السياسية، فبالرغم من ذلك، مازلنا نعتقد جازمين أن سبيل استئناف المشاورات والحوار لتوحيد قوى اليسار، هو المسلك الأساس لرد الكثير من الأمور إلى نصابها، وتخويل العمل السياسي والحزبي المصداقية والفعالية الضرورية له، وفي هذا الباب كنا، ومازلنا منفتحين على مختلف المبادرات التي تصب في هذا الاتجاه. { هل اليسار ضمن المنظومة الحالية، يجب أن يكون بجانب الملكية بخصوص مشروع التحديث، أم يتطور في استقلال عنها؟ < اننا نجد تصوراتنا وتوجهاتنا السياسية التي أرسيت مع المؤتمر التأسيسي للجبهة سنة 1997 منسجمة ومتناغمة مع مشروع وتوجهات جلالة الملك لتحديث الدولة والمجتمع، وهذا ما تؤكده وثائق الجبهة عبر مختلف مؤتمراتها الوطنية، لذا فمن هذه الجهة نحن مرتاحون سياسيا، لأننا نشتغل كحزب على أساس خط سياسي يصب في المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي الذي يتبناه جلالة الملك ويقود سياسة إنجازه. وفي إطار العمل لإنجاز هذا المشروع المجتمعي، نعمل في إطار التعددية السياسية التي يقرها ويضمنها الدستور، ونعمل في موقعنا باستقلالية طبقا لمايخوله لنا الدستور من دور ومهام. { خلال تجربتكم الحكومية، متى شعرتم بأن هناك خطوطا حمراء، وأن هناك كوابح للإصلاح؟ < سواء في وزارة الصيد البحري، أو في وزارة الصحة، اللتين تقلدت مسؤوليتهما في إطار حكومة التناوب، لم يحدث قط أن شعرت بأن هناك خطوطا حمراء، وأن هناك كوابح للإصلاح، لقد مارست صلاحياتي بكل حرية في إطار توجيهات جلالة الملك للحكومة، وفي إطار البرنامج الحكومي. وتكفي الإشارة إلى أن قرار عدم تجديد اتفاقية الصيد البحري مع الإتحاد الأوربي تم خلال تقلدنا مسؤولية هذه الوزارة، كما أن التغطية الصحية تم تقديمها للبرلمان وصودق عليها خلال تقلدنا لمسؤولية وزارة الصحة، والمجال لا يسع لاستعراض حزمة الإصلاحات التي انجزت في إطار هاتين الوزارتين. وبهذا الصدد، أذكر بما عبرت عنه جبهة القوى الديمقراطية مرارا، بأن العديد من الصلاحيات الدستورية للمؤسسات الحكومية، لا تستثمر من طرف المؤسسات الوزارية بما فيها مؤسسة الوزير الأول. وأقول هذا عن تجربة، فلم أتعرض قط لأي شكل من أشكال الضغوط، سواء من خارج الحكومة أو من داخلها، ومارست مسؤولياتي وصلاحياتي القانونية بكل حرية.