اعتبر محمد الحمداوي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، أن ما حدث في تونس ''نتيجة حتمية لخيار الاستئصال والإقصاء والاستفراد بالسلطة''، واعتبر المتحدث أن إضعاف المشهد السياسي، والفاعلين السياسيين، يشكل خطرا على مستقبل أي بلد، وأن ''مقومات الدولة لا ترتكز على الاستئصال، بل على الإشراك والتنسيق والتعاون والتدافع الشريف''، وأكد الحمداوي خلال محاضرة حول ''الإسلاميون وتحديات المشاركة السياسية''، نظمتها أول أمس الكتابة الإقليمية لحزب العدالة والتنمية بعمالة مقاطعة بن مسيك، -أكد- أن المشروع الإسلامي متكامل ومحتاج لأكثر من وعاء وإطار، من حركة وحزب ونقابة وجمعيات المجتمع المدني، ويرى الحمداوي أن المشروع الإسلامي يحتاج إلى ثلاث مرتكزات، ''فعل دعوي تربوي، ثم فعل جمعوي مدني، وأخيرا فعل سياسي حزبي''، بينما اعتبر العمل السياسي أحد الدعائم الأساسية لنقل أي مشروع إسلامي من القول إلى الفعل، ومن الفكر إلى الممارسة، ومن المبادئ إلى التطبيق والتأسيس، من جهة أخرى، اعتبر الحمداوي أن هناك ثلاث تحديات للمشاركة السياسية للإسلاميين، وهي ''اختيار المشاركة السياسية''، و''المدافعة'' و''الإصرار والاستمرار''، وتوقف الحمداوي عند خيار المشاركة السياسية، وقال ''قد يتساءل البعض عن ما جنته المشاركة السياسية، ويقول الآخر إن سقف المشاركة السياسية جد محدود''، وأضاف، ''نعم واقعنا ليس كله سلبيات وليس كله إيجابيات، ونحن نعلم ذلك منذ البداية، لكن لا يجوز لنا أن نرى الظلم ونسكت، ونعتبر أن المشهد السياسي به اختلالات ونمتنع عن المشاركة''، وتوقف الحمداوي على أهداف المشاركة السياسية لحركة التوحيد والإصلاح، من بينها تعزيز المرجعية الإسلامية، وهو ما اعتبره حصل بنسبة كبيرة جدا، ''إذ بدأ يدخل عنصر الاستقامة والصلاح، في الحملات الانتخابية لعدد من الأحزاب''، ويرى المتحدث وجوب الإبقاء على الأمل في أن الإصلاح أحد مداخله الأساسية، هي المؤسسات الرسمية من جماعات ومقاطعات وبرلمان وغيرها..، إذ ''المفروض الرفع من مستواها كفضاء للتغيير والإصلاح، وتأمين المشاركة في الشأن العام، قصد التقليل من المفاسد والرفع من المصالح''، وتوقف المحاضر عند مفهوم المدافعة، خلال تحليله للتحدي الثاني المتمثل في ''المشاركة السياسية مدافعة وثبات''، إذ أكد أن المدافعة ليست فقط المواجهة، بل قد تكون الحوار والتزاحم والمنافسة، وفي بعض الأحيان قد تكون المواجهة أو الصراع، يضيف المتحدث، ''هي توجيه صانع القرار إلى الحل، لكي لا يكون لنا مجتمع يكتفي بترديد حالات الضعف والانسداد والأعطاب، حيث لم تعد المنافسة في مدى اكتشافنا للاختلالات، بل أصبح مجال المنافسة يشمل مدى قدرتنا على الاقتراح والمساهمة في إيجاد الحلول والبدائل''، وتطرق الحمداوي إلى ثلاث شروط تتطلبها المدافعة، وهي الروح التنافسية والتركيز عليها، ثم استثمار الفرص المتاحة، عوض الاكتفاء بسرد الموانع والتهديدات والإقصاء، وكذا ابتكار البدائل وتنويع الخيارات لتجاوز عقلية الحل الوحيد. وعلاقة بالموضوع، توقف الحمداوي عند الميزة التنافسية التي تتميز بها المشاركة السياسية للإسلاميين المغاربة، واعتبرها تتبلور في ثلاث نقط وهي: المرجعية الإسلامية والفاعلية والمصداقية، وأكد أن الذين يستهدفون حزب العدالة والتنمية الآن، ''يستهدفونه في مرجعيته ومصداقيته وفعاليته لدى أعضاءه، والكل يحلم أن يصبح الحزب كباقي الأحزاب الأخرى''، ليخلص إلى أن اكتساب هاته الميزات هي صمام الأمان، وهي القوة والأمانة، وختم الحمداوي عرضه بالحديث عن التحدي الثالث والأخير، وهو الإصرار والاستمرار، حيث أكد أن خيار المشاركة السياسية هو خيار استراتيجي في عملية الإصلاح، وهو ما يتطلب نوعا من الإصرار والاستمرار، واستحضر هنا تجربة كل من الإخوان المسلمين بمصر، وحزب العدالة والتنمية بتركيا.