ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التوحيد والإصلاح : المرحلة القادمة تنبني على الإسهام في ترشيد التدين وتعزيز سمو المرجعية الإسلامية
نشر في الوجدية يوم 09 - 11 - 2010

مجلس شورى ''التوحيد والإصلاح'' يحدد الأولويات الدعوية لسنة 2011
صادق مجلس الشورى لحركة التوحيد والاصلاح في دورته الأولى العادية ''مرحلة ,''2014/2010 على البرنامج السنوي، الذي يحدد أولويات السنة الدعوية ,2011/2010 وذلك في إطار التوجه العام للمرحلة المتمثل في الإسهام في ترشيد التدين وتعزيز سمو المرجعية الإسلامية في تدافع الهوية والقيم، والتوجهات الاستراتتيجية لحركة التوحيد والإصلاح في كل مجالات عملها . كما صادق أعضاء مجلس الشورى، الذي يضم في بنيته الحالية 3,33 في المائة أعضاء جددا، وحوالي 12 في المائة من النساء، ونسبة 4,8 في المائة من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 30 سنة. ''صادق'' على الميزانية السنوية، وعلى أعضاء منسقية مجلس الشورى.
وفي كلمته، بمناسبة انعقاد أول دورة لمجلس الشورى، بعد انتهاء مسلسل عقد الجموع العامة الجهوية وانتخاب جل الهيئات المحلية، ركز رئيس حركة التوحيد والإصلاح محمد الحمداوي على العطاء والتضحية وأولوية خدمة الحركة، مشيرا إلى أن عملية انتخاب الهيئات مرت بنفس إيجابي. ودعا الحمداوي إلى الدخول إلى المرحلة الجديدة بنفس جديد تحضر فيه قوة الإقتراح وقوة التنفيذ والإنجاز، الذي هو نفس عام عند الحركة بكل هيئاتها.
من جهة أخرى، أشار رئيس الحركة، إلى أنه بقدر توسع التدين العام، بقدر افتقاده للعمق والقوة المطلوبين، بما يدفع في اتجاه مزيد من الترشيد والتأطير، لمواجهة خطر تمييع الصحوة الإسلامية، وإفراغها من قضيتها وهويتها ومضمونها وأثرها. موجها إلى ضرورة الانسجام بين الالتزام بالشعائر التعبدية وأخلاقيات المعاملات والعلاقات الاجتماعية. مضيفا أن الإسهام في ترشيد التدين وتفويت الفرصة على إفراغه من مضمونه وجعله شكلا بدون روح هي القضية التي تميز تموقع الحركة.واعتبر محمد الحمداوي في سياق حديثه عن الشق الثاني من التوجه الاستراتيجي للحركة والمتعلق بتعزيز سمو المرجعية الإسلامية في تدافع الهوية والقيم، أنه فكرة ناظمة لعمل الحركة وعمل باقي التخصصات، مشيرا إلى أن التدافع حول قضايا القيم هو تدافع عالمي ومحور مخاض كبير. وختم بالقول ''أتمنى ألا ينحصر خطابنا في قضايا المشاركة العامة حول الموانع والعقبات وأن تختزل فيها، وأن المطلوب هو تجاوزها والاشتغال على ما جئنا لأجله وما نحققه من إنجازات وأعمال''.
وسبق وقال المهندس محمد الحمداوي رئيس حركة التوحيد والإصلاح إن الحركة اشتغلت خلال المرحلة الحالية على إعداد منظومة تربية وتكوين جديدة اعتمدت فيها على وسائل علمية وخبراء مختصين في التشخيص والإعداد ، مضيفا في حوار شامل مع التجديد مواكبة للتحضيرات الجارية لعقد المؤتمر الرابع للحركة ، إن هذه الأخيرة حددت في الرؤية العامة هدف القيام بعمل إسلامي تجديدي لإقامة الدين وإصلاح المجتمع، على المدى المتوسط والطويل، مشيرا إلى أن الورقة المطروحة للنقاش في الجمع العام تقترح توجها عاما للمرحلة القادمة ينبني على الإسهام في ترشيد التدين وتعزيز سمو المرجعية الإسلامية في قضايا التدافع حول القيم والهوية.
وأكد الحمداوي أن مظاهر التطاول والتجرؤ على الثوابت الدينية، تحتاج إلى مقاربة جديدة بخطاب جديد، تتجاوز منطق ردود الأفعال والاحتجاج إلى منطق الاقتراح وإنتاج البدائل وتعميق العمل في المجتمع وتحسيسه وإدماجه في حركية هذا التدافع. وشدد الحمداوي على أن الحركة سيستمر في دعم كل الجهود المبذولة من طرف العلماء للارتقاء بالتأطير الديني إلى المستوى الذي يستجيب لحاجيات إقامة الدين وإصلاح المجتمع.
بداية ما هي أهم عناصر تقييم أداء حركة التوحيد والإصلاح في المرحلة السابقة؟
بسم الله الرحمان الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين.
في الحقيقة، إن أي تقييم يبنى على ما سطر من أهداف في بداية المرحلة. وأهم ما ميز انطلاق مرحلة ,2010/2006 هو بعض التحولات على رأسها:
اعتماد المخطط الاستراتيجي، الذي حدد الرؤية العامة للحركة وطموحها بشكل مركز. فحدد ضمن الرؤية العامة هدف القيام بعمل إسلامي تجديدي لإقامة الدين وإصلاح المجتمع، على المدى المتوسط والطويل، في أفق 2020 و.2022 وحدد بعد ذلك المجالات الاستراتيجية التي ستشتغل بها الحركة طيلة هذه المدة، وحدد الأولويات ضمن كل مجال على حدة. بل حتى أولويات المرحلة القادمة 2010/2014 بنيت في إطاره لضمان البناء التراكمي عند الانتقال من مرحلة إلى أخرى.
النقطة الثانية اعتماد صيغة متقدمة من اللامركزية، بحيث قسمنا عمل الحركة في التراب المغربي إلى أربع جهات، وأحدثنا أربعة مكاتب تنفيذية فوتت لها مجموعة من الصلاحيات المركزية. الشيء الذي أتاح للقيادة المركزية إمكانية أكبر للقيام بوظيفة التوجيه والتأطير والتخفف من القضايا التنفيذية الإجرائية اليومية. وأتاح الإمكانية لبروز واكتشاف قيادات جهوية.
النقطة الثالثة، هي التطور النوعي الذي حصل في العلاقات الخارجية للحركة مع الحركات الإسلامية في الخارج. ومما ساهم في هذا التطور هو الطلب المتزايد من طرف التجارب الإسلامية الأخرى على الاطلاع على خصوصية حركة التوحيد والإصلاح وخاصة بعد إصدار كتاب العشر سنوات من التوحيد والإصلاح حيث بادرت العديد من الهيئات إلى بعث مجموعات من شبابها إلى المغرب للاطلاع على التجربة ومعرفتها عن قرب، أو استدعاء بعض المؤطرين من الحركة إلى بلدانها لشرح رؤية الحركة وتصورها. وهذا في تقديري أي الاهتمام بالتجربة المغربية راجع إلى كونها تجربة تنتمي إلى نفسها قائمة بذاتها وليست امتدادا لأي تنظيم آخر، ولا هي تبحث أن يكون لها امتداد تنظيمي في أي قطر من الأقطار بالإضافة إلى الوضوح الذي تتميز به تصوراتها من خلال وثائقها ومواقفها المعلنة والمنشورة. وهذا في الحقيقة ما يعطيها بعدها الإشعاعي.
وتوج هذا التطور في العلاقات الخارجية باللقاء التأسيسي الذي حضرته الحركة مؤخرا في موريطانيا ضمن فعاليات منتدى الوسطية في غرب إفريقيا، حيث أعرب عدد من المتدخلين، عن رغبتهم في الاستفادة من تجربتها في إشاعة الفكر الوسطي وثقافة الاعتدال.
ما مدى انعكاس هذه الإجراءات التنظيمية على أداء الحركة التربوي والدعوي والتدافعي؟
على المستوى التربوي، وإيمانا منا بأن الصحوة الإسلامية تعيش طورا جديدا تجاوز مرحلة الرد على الشبهات وإثبات الذات إلى مرحلة أصبح مطلوبا منها أن تساهم في الإعداد وتخريج الإنسان الملتزم والقادر على المساهمة في التفاعل مع قضايا المجتمع انطلاقا مما يتلقاه من تربية وتكوين. وقد اشتغلت الحركة خلال هذه المرحلة على إعداد منظومة تربية وتكوين جديدة اعتمدت فيها على وسائل علمية وخبراء مختصين في التشخيص والإعداد لتمكين خريج هذه المنظومة من تحصيل مجموعة من المعارف والقيم والمهارات بشكل متوازن.
أما على مستوى التدافع القيمي فإن اعتماد أسلوب التعاقد وفق الأهداف الإجرائية مع الجهات والتخصصات قد أتاح فرصة أكبر لحضور الحركة وأعمالها المتخصصة بشكل أبرز في عدد من القضايا المجتمعية مثل تنظيم حملات حول موضوع الأسرة وحول العفة، وحول الوقاية من المخدرات والإدمان، وحول حماية القاصرات من الاستغلال الجنسي، وكلها كانت مبادرات تفاعلية مع ما يعيشه المجتمع من تحديات.
خذ على سبيل المثال أيضا، الخط التحريري لجريدة التجديد في إطار الشراكة والتعاقد بين الحركة والجريدة، فقد أخذ مساره الجديد عبر إعطاء الأولوية لقضايا التدافع القيمي ، وأقدر أن التجديد لم تكن بهذا الوضوح في خطها التحريري كما هي الآن، فقد جاء بناء على هذه التحولات.
بخصوص قضية القيم، وبما أنكم تحدثتم عن ثقافة التعاقد كأسلوب جديد في تأطير العلاقة التنظيمية بين القيادة المركزية للحركة والجهات، هل لمستم أثرا لهذه الثقافة على مستوى الأفراد؟
هذا بالفعل هو طموحنا، أي كيف يتحول العضو داخل الحركة من مجرد القبول برؤية الحركة والالتزام بمقتضيات العضوية في حدها الأدنى، إلى عضو يطرح السؤال حول دوره في هذه الحركة، وما هو التعاقد الذي يمكن أن يكون بينه وبين الحركة التي ينتمي إليها. وفي تقديري أن تنمية وتطوير هذا المفهوم الجديد للانتماء الذي يتجاوز الالتزام بالواجبات إلى الانخراط في حمل الرسالة وتنزيلها، هو الذي من شأنه معالجة إشكالات الفاعلية والفتور.
كيف تجري عمليات التحضير للمجمع العام الرابع؟ وهل يمكن أن تقدموا لنا معلومات عن عدد المؤتمرين وفضاء المؤتمر والوثائق التي ستعرض فيه؟
فيما يخص الوثائق التي ستعرض على المؤتمر وعلى رأسها ورقة التوجه العام للمرحلة القادمة وهي وثيقة بنيت على تشخيص التحولات التي يعرفها الواقع وتمت مناقشتها في مجلس الشورى وتمت مدارستها في الجموع العامة التي انعقدت بالمدن لاختيار المندوبين، الوثيقة الثانية هي تقرير المرحلة السابقة، وورقة الأولويات، وبعض التعديلات في القانون الداخلي.
وبالنسبة لعدد المندوبين، فقد تم تحديد عدد المندوبين المنتخبين في المناطق في 360 مندوب، يضاف إليهم أعضاء مجلس الشورى والملحقون في حدود 10% ليصل عدد المؤتمرين إلى حدود 450 مؤتمر.
أما على مستوى الإعداد اللوجستيكي، فسينطلق المؤتمر إن شاء الله بجلسة افتتاحية، في سينما روايال بالرباط يوم الجمعة 16 يوليوز، وتنعقد أشغال المؤتمر طيلة يومي السبت والأحد 17 و 18 يوليوز بالمدرسة العليا لأساتذة التعليم التقني. حيث سيتم عرض ومناقشة التقرير الأدبي والمالي، ثم العملية الانتخابية والتي تشمل رئاسة الحركة ومنسق مجلس الشورى وأعضاء المكتب التنفيذي، ثم مناقشة ورقة توجهات وأولويات المرحلة المقبلة 2010/,2014 وبالنسبة إلى الضيوف، فقد وجهنا دعوات أكثر إلى الوفود الإفريقية، لما عبروا عنه من طلب للحضور، ثم إحساسا منا بالواجب الذي يمكن أن تسهم به الحركة في ترشيد الصحوة الإسلامية وإرساء مدرسة الوسطية والاعتدال.
في إطار هذه الاستعدادات كيف يحضر عضو الحركة على مستوى المشاركة والإشراف؟
في الجموع العامة التي تمت على مستوى المناطق لمناقشة ورقة التوجهات، حرصنا على أن يحضر أعضاء الحركة، بما في ذلك الأعضاء الجدد الذين التحقوا مؤخرا وإن لم تتوفر فيهم مواصفات الانتداب والانتخاب، ولكن، قدرنا أن هذه محطة تكون مرة كل أربع سنوات، وأنه من الأفضل أن يشاركوا في النقاش الذي يحدد توجهات المرحلة المقبلة.
في نظركم هل يمكن اعتبار المؤتمر الحالي تجسيدا للاستمرارية، أم أن في أجندته أشياء تسمح بالحديث عن محطة فارقة في مسار حركة التوحيد والإصلاح؟
بالتأكيد ، الجمع العام الرابع لا يمثل قطيعة مع المرحلة السابقة بحكم أن توجهاته تحدد ضمن المسار العام للتوجه الاستراتيجي 2006/,2022 لكن لكل مرحلة خصوصيتها وأولوياتها وهذا ما ستحسم فيه الورقة المطروحة على الجمع العام. ومما يحدد خصوصيات كل مرحلة هو عملية رصد وتشخيص التحولات التي تقع في الواقع ضمن المسار الاستراتيجي وهذا ما اجتهدت الحركة في اعتماده من خلال المرصد العام للحركة ومن خلال الدراسات التي تنجز في هذا الموضوع. وقد كان لتقرير الحالة الدينية الذي أصدره المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة مساهمة فاعلة في هذا المجال.
يدفعنا الحديث عن التدافع القيمي للحركة، للحديث عن حدود اشتباك عمل الحركة بالعمل السياسي في بعده الحزبي.
في تقديري أننا قطعنا أشواطا متقدمة في مسار التمايز بين الحركة الدعوية والحزب السياسي، وأننا أصبحنا على مسافة كبيرة من العمل الحزبي السياسي المباشر، خاصة بعد أن استكمل الحزب هيكلته، وامتلك الموارد البشرية الكافية التي تضمن له تأمين عمله السياسي الحزبي. ويتجلى كذلك هذا التمايز في المقاربة التي يعتمدها كل من الحركة والحزب في تشخيص الواقع والتعبير عن المواقف فقد تجد بعض القضايا التي تركز عليها الحركة بحكم وظيفتها الدعوية والتربوية في الوقت الذي قد يعطي فيه الحزب أولوية في مواقفه وبياناته إلى قضية أخرى وفق وظيفته الحزبية والسياسية، وهنا، أرى أنه لا إشكالا أن يكون للحركة موقف في قضية، ويكون للحزب تقديرات أخرى تجعله يعبر عن موقف مخالف لموقف الحركة.
بعض الباحثين يقولون إن هذا يعكس ما يسمى بتقاسم الأدوار بين الحركة والحزب، وهناك من يرى أن الحركة هي المرجع الروحي للحزب، أو هي الذراع الدعوي له أو أن الحزب هو الجناح السياسي للحركة، كيف تنظرون إلى مثل هذه التحليلات؟
يبدو أن بعض المحللين تحكمهم أحكام جاهزة وصورة نمطية معدة سلفا، أي كليشيه جاهز ناتج عن القياس على التجارب الحركية في المشرق، إلى درجة أن بعض الصحفيين كانوا يسألونني: هل أنتم تابعون للحزب؟ أم أن الحزب تابع لكم؟ لأنه لا يملك أن يتصور إلا هذا النموذج. وكان جوابي دائما عن هذا السؤال، أن الحزب ليس جناحا سياسيا للحركة، ولا الحركة ذراعا دعويا للحزب. بل هما هيئتان متمايزتان مستقلتان، تجمع بينهما علاقة شراكة استراتيجية، يلتقيان من خلالها حول الأهداف الكبرى للمشروع المجتمعي الذي ينشدانه. والذي يزعم أن الأمر يتعلق بتقاسم الأدوار بين الحركة والحزب، ينبغي أن يعلم أن هذا الأمر يفترض وجود هيئة عليا تجمع الهيئتين لتنسق العمل وتوزع الأدوار، وهو الأمر المنتفي تماما في حالة العلاقة بين حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية حيث كل هيئة مستقلة عن الأخرى.
وهذا شيء طبيعي، ومسبوق في تجارب هيئات أخرى مهتمة بقضايا مجتمعية مشتركة، ففي أوربا هناك اليوم جمعيات مدنية تدافع عن البيئة، وهناك أيضا أحزاب سياسية تدافع عنها، لكن طريقة الجمعيات تختلف عن طريقة الأحزاب.
بخصوص توجه الحركة في دعم تجربة الاندماج السياسي باعتباره حلقة من حلقات التطور الديمقراطي بالبلاد، كيف تقيم الحركة، باعتبارها هيئة مدينة، هذه التجربة، وكيف تستشرف أداءها في المستقبل في ظل وجود من يستهدف هذا الخيار من منطلق استئصالي فشل في العديد من التجارب (الجزائر تونس مثلا)؟
ينبغي على الحركة أن تستمر في خيار دعم تجربة اندماج الإسلاميين في العملية السياسة حتى وإن واجهت بعض الصعوبات والتحديات، خاصة في ظل ما أصبح يثار من نقاش حول جدوى المشاركة. والاستمرار في دعم خيار الاندماج يرجع إلى وضوح الفكرة منذ البداية التي حددت هدف المشاركة في توسيع المجال الحيوي للمشروع الدعوي الإسلامي. فالعمل الفكري التربوي الدعوي، بالإضافة إلى العمل الجمعوي الذي يعتمد القرب، يتقاطع بالضرورة مع العمل السياسي. ولذلك، أرى أن أي فعل دعوي تربوي لابد له أن يلتقي مع الفاعلين الجمعويين وينسق مع الفاعلين الحزبيين السياسيين حتى لا يتحول إلى جماعة منغلقة على نفسها. ولذلك، نحن لا نزال نؤكد على أن المشاركة السياسية للإسلاميين حققت نتائج إيجابية لفائدة الحركة الإسلامية ولفائدة الوطن بصفة عامة. فلنتصور مثلا، لو لم يشارك حزب العدالة والتنمية في انتخابات ,2007 هل كانت نسبة المشاركة الانتخابية تصل إلى 37 في المائة؟ سيقول البعض، لو لم يشارك هذا الحزب لكان أفضل، حتى تسجل نسبة ضعيفة جدا لهذه المشاركة وتفضح ممارسات السلطة. أنا أقول العكس، المطلوب من قيادات الحركة الإسلامية أن تفكر بمنطق رجالات الدولة الذين يفكرون لمصلحة الوطن بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة، مصلحة الوطن هي في تعزيز الثقة في مؤسساته وتقوية مسار الانخراط في بنائها، فما قيمة أن يحظى حزب ما بثقة الجماهير إن وصلت نسبة المشاركة في الانتخابات إلى 10%. هذا يعني أن 90% من المغاربة سيفقدون ثقتهم في التغيير من خلال المؤسسات، والذي يفقد الثقة في التغيير من خلالها من المحتمل جدا أنه سيفكر في التغيير من خلال وسائل أخرى والتي تضر بمصلحة البلد.
في هذا الصدد يطرح سؤال الجدوى من المشاركة، حيث يتعلل البعض بقضية مردودية المشاركة وأداء أبناء الحركة الإسلامية في المؤسسات بالقياس إلى هدف الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي؟ فإلى أي حد كانت مشاركة الإسلاميين مقنعة بهذا الخصوص؟
يكفي أن تكون من ثمرات هذه المشاركة السياسية أنها نقلت الحركة الإسلامية من الهامش، إلى أنها أصبحت في صلب اهتمامات الناس، وأصبح لها موقع مؤثر، مكنها من تأسيس نموذج في الاندماج الإيجابي للإسلاميين في الحياة العامة على خلاف نماذج أخرى استئصالية وإقصائية على مستوى الأنظمة وانتظارية على مستوى الحركات، إن المشاركة جعلت الحركة فاعلا منشغلا بتحولات واقعها ومحيطها ومواكبا بمبادراته في التفاعل والتدافع معها. ويكفي النظر في تطور المشاركة على مستوى المساهمة في تسيير مؤسسات الشأن المحلي والتقدم بمبادرات وفعاليات في الإصلاح مما رفع من إشعاع المشروع العام للحركة.
كلمة أخيرة..
أتمنى أن يكون الجمع العام الرابع لحركة التوحيد والإصلاح حلقة من حلقات البناء والتجدد، وأن يكون فرصة لتحريك الحافزية والفاعلية على مستوى هيئات الحركة وأعضائها.، وأحيي جريدة التجديد، وأتمنى لها مزيدا من الصمود ومزيدا من بذل الجهد من أجل توسيع دائرة الصلاح ، وأتمنى أن تأخذ الجريدة المبادرة للاهتمام أكثر بإبراز الاجتهادات الفقهية المعاصرة وتبرزها، وأن تعطي للجانب الفكري الحيز الذي يستحقه، وأن تركز أكثر على معالجة الاختلالات والتناقضات على مستوى سلوك بعض المتدينين وأن تكون للجريدة الجرأة الكاملة للتنبيه عليها، وأن تعالجها بعيدا عن التشهير.
حسب حديثكم، يبدو أن ورقة التوجهات سيكون لها موقع مركزي في هذا المؤتمر، هل يمكن أن تحدثونا عن المعالم الكبرى لهذه الورقة؟
هذه الورقة بنيت على تشخيص التحولات التي لها علاقة بمجال عمل الحركة وركزنا فيها على ثلاثة عناصر، الأول هو توسع وانتشار التدين بشكل أفقي على إثر التطور الذي عرفه التأطير الديني بمختلف الفاعلين والمتدخلين، القنوات الفضائية والمسجد والمرشدين والمرشدات وغيرهم، ومما تم رصده أن هذا الانتشار الأفقي يعرف بعض النقص على مستوى العمق وعلى مستوى الانسجام بين الالتزام بمظاهر التدين بشكل عام والالتزام بأخلاق الإسلام وسلوكياته، أما العنصران الثاني والثالث فرصد التحولات التي تعرفها منظومة القيم ومحاولات تكسير إجماع المغاربة على المرجعية الإسلامية كمرجعية جامعة. فتقترح الورقة المطروحة للنقاش في الجمع العام توجها عاما للمرحلة القادمة ينبني على الإسهام في ترشيد التدين وتعزيز سمو المرجعية الإسلامية في قضايا التدافع حول القيم والهوية.
طبقا لهذا التشخيص، ما هي التحديات التي تبرز على مستوى التدين وما هي المقاربة التي تقترحها الحركة للإجابة عن هذا التحدي؟
هذا تحد جديد يحتاج إلى مقاربة جديدة ترتقي إلى مسايرة هذا التوسع في مظاهر التدين وترشيده في اتجاه الانسجام بين المظهر والممارسة، بين تدين الظاهر وتدين العمق. هذا فيما يخص الأولوية الأولى المتعلقة بإعادة التموقع، أما الأولوية الثانية في ورقة التوجهات، والتي تتعلق بالتدافع القيمي الذي يتجلى في كيفية التعامل مع مظاهر التطاول والتجرؤ على الثوابت الدينية، وهنا لا نتحدث عن استهداف مواقف الحركة الإسلامية، وإنما عن استهداف قيم المغاربة في عمومهم. وهذا يحتاج في تقديرنا إلى مقاربة جديدة بخطاب جديد، تتجاوز منطق ردود الأفعال والاحتجاج إلى منطق الاقتراح وإنتاج البدائل من خلال الاجتهاد في وسائل الاشتغال وتعميق العمل في المجتمع وتحسيسه وإدماجه في حركية هذا التدافع.
يلاحظ في ساحة التدافع أن هناك فاعلا ينتج القيم، وليس بخلفية إيديولوجية، ولكن بخلفية اقتصادية ريعية، فكثير من المشاريع المستفزة في الغالب ما يكون وراءها جهات اقتصادية، وهذا ما يطرح على الحركة تحديات على مستوى وسائل التدافع وطريقة التعاطي، كيف تنظر الحركة لهذا التحدي الذي برز بشكل لافت في السنوات الأخيرة؟
طبعا هناك بعض الجهات التي تحاول أن توظف الإمكانات الاقتصادية التي لديها، وأن تنهج سياسة التخويف من الحركة الإسلامية والتعبئة ضدها عبر بث ثقافة التمييع. لكن للأسف الشديد، هؤلاء لا يقرؤون تجارب الشعوب، فمثل هذه الأساليب تم تجريبها في تركيا وبشكل قسري، حتى اعتقد الجميع، وبخاصة العلمانيون، أن الموضوع قد انتهى في تركيا، وأنها أصبحت تمثل نموذجا يحتذي في تصفية المضامين والقيم الدينية من المجتمع باعتبارها عائقا في وجه الدمقرطة، لكن ها نحن اليوم وبعد عقود من العلمانية المعادية للدين نرى الأتراك يرجعون إلى هويتهم وقيمهم الدينية وبدأ الحجاب يؤطر مظاهر التدين في تركيا. بل حتى في تونس التي مضت بعيدا في سياسة تجفيف المنابع، ومنعت الحجاب، و ضيقت حتى على بعض مظاهر التدين في بعدها التعبدي، هذا البلد، إذا زرته اليوم، تجد من مظاهر التدين داخل الشارع التونسي ما يكفي ليؤكد على فشل السياسات التي تراهن على تجفيف المنابع لأن العالم اليوم أضحى مفتوحا في وجه القنوات الفضائية والانترنت والمساحات التي يجد فيها الناس متنفسا لتلبية حاجياتهم الدينية. ولذلك، أتصور أن ما تقوم به اليوم، بعض الجهات التي توظف الإمكانات الاقتصادية بقصد تمييع المشهد الثقافي وتمييع القيم، هو أمر مزعج، وأن الجهات التي تقوم به، لا تنظر إلا إلى المصلحة الضيقة في الموضوع، في حين أنها حين تضرب معاني الانتماء عند الشباب، فهي لا تقوم بإبعادهم عن الإسلاميين فقط، ولكنها تبعدهم عن كل الإطارات والهيئات السياسية والمدنية، وتجعلهم من غير هوية ولا انتماء، وهي لا تدري بذلك، أنها تساهم في إفقاد الشباب الحصانة التي تمنعهم من الارتماء في أحضان التطرف. ولذلك أنا أتمنى إن كانت هناك منافسة مع الحركة الإسلامية، أن تكون منافسة بأدوات شريفة، وأن تكون منافسة على تمثيل معاني الانتماء لهذا الوطن. ليس لدى الحركة الإسلامية أية مشكلة في أن يكون لهذه الجهة أو تلك مشروع مجتمعي تدافع عنه، لكن يجب أن تستعمل الوسائل النظيفة والشريفة، لا أن تتوجه إلى تمييع المشهد الثقافي وتمييع القيم وإفقاد الشباب كل معاني الانتماء.
الملاحظ في الأولويات الثلاثة التي فصلت الحديث عنها، أن اثنتين منها تتعلق بمقاومة التحديات والاستجابة لاستراتيجيات فاعلين آخرين، في حين أن واحدة منها تتعلق بإعادة التموقع، وهي نفسها أولوية تتعلق بتقاسم أدوار مع فاعلين آخرين، نتساءل : ألا تلاحظون أن الأولويات اتجهت نحو المقاومة أكثر مما اتجهت إلى بناء المشاريع وإبداع البدائل وإحداث المؤسسات؟
المفهوم القرآني للتدافع والذي ننطلق منه لا يقتصر بالضرورة على الدفاع ورد الفعل، بل هو توجه نحو البناء، كما أن المدافعة ليست تحصينا ومحافظة فقط بل هي توسيع لدائرة الصلاح وفق قاعدة العمل على جلب المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها، ومن ثمة، ففي التدافع الذي نتبناه، هناك المبادرة والمسارعة إلى فعل الخيرات وهناك المقاومة والوقوف في وجه الانتكاسات والتراجعات. وعلى سبيل المثال تجاوزت الحركة في موضوع المرأة أسلوب الاحتجاج على المقاربات المناهضة للمرجعية الإسلامية إلى تطوير أساليب التدافع بالعمل على إيجاد بدائل من خلال تأسيس مراكز الإرشاد والاستماع بمقاربة إسلامية، إلى درجة أن بعض محاكم الأسرة، وتفعيلا لبعض المقتضيات القانونية لتفعيل مسطرة الصلح، تعاقدت مع بعض هذه المراكز، رغم معرفتها بحقيقة انتمائها، فقط لأنها تعرف رصيدها في مجال الوساطة للصلح، وإعادة اللحمة لكثير من الأسر التي أوشكت على التفكك. وهذا نموذج من البعد البنائي في التدافع.
وما هي انعكاسات ذلك على مستوى مقاربة علاقة الحركة مع بقية مكونات المجتمعية الأخرى، وهل سيؤثر ذلك على مفهوم إعطاء الأولوية للعمل مع مكونات الجبهة الدينية؟
لقد سبق أن ألمحنا إلى شيء من هذا في مقالة ما بعد الجبهة الدينية وذلك عبر توسيع دائرة الشركاء المتعاونين لتشمل ضحايا الفساد أو ما أسميته بالتحالف مع المتضررين من الفساد، ونعتقد أن القاسم المشترك الذي يجمعنا هو حماية المغاربة جميعهم من الفساد. هذا العمل بطبيعته، لا يقبل أن تقوم به هيئة واحدة، فضلا عن أن تستفرد الحركة الإسلامية بمقاومته بمفردها. وليس الأمر خاصا فقط بمقاومة الفساد، ولكن يتعلق الأمر أيضا بالعمل من أجل تحصيل المصالح وتكثيرها، فقد قطعنا أشواطا كبيرة في التعاون مع الغير من أجل الخير، والمواقف التي تعبر عنها الحركة لدعم العلماء ودعم مجهودات العاملين على حماية اللغة العربية وبقية الفاعلين من الوطنيين والشرفاء الذين يعملون من أجل خير هذا الوطن ويتحسرون على الاستهدافات التي تتوجه إلى الهوية والقيم أو إلى النخوة والكرامة المغربية، كل هذه المواقف تندرج في هذا السياق.
احتفظت الحركة طيلة السنوات الست الماضية على موقف داعم لمؤسسات الحقل الديني، واليوم تبرز مقولات من قبيل التكامل مع مؤسسات الحقل الديني أو التفاعل معه، كيف تقيم هذه المقولات، وكيف تضع مسألة إعادة تموقع الحركة بالنظر إلى هذه التموقعات؟
منذ البدء كانت قناعتنا أنه لا مصلحة في الصراع بين مكونات الحقل الديني، لأنه لا يخدم إلا خصوم الدين والتدين، وأن العمل من أجل إقامة الدين وإصلاح المجتمع يستدعي مشاركة جميع الفاعلين المعنيين بالحقل الديني وبالإصلاح الاجتماعي. وقد كنا واعين من خلال قراراتنا ومواقفنا وبلاغاتنا التي كنا نصدرها ونساند فيها الإجراءات والسياسات التي تمت في إطار إصلاح الشأن الديني، نظرا لارتقاء المستوى العلمي للمؤطرين، وتحسن ظروف التأطير الديني للمرأة بفضل المرشدات الدينيات، هذه وغيرها من التدابير اعتبرناها خطوات إيجابية، لكنني أؤكد مرة أخرى، أن هذا العمل لا يكفي فيه عمل هيئات ومؤسسات الدعوة العامة وعلى رأسها المؤسسة العلمية والتي نقدر ونثمن قيمة استقلاليتها عن عموم الفاعلين باعتبارها مرجعية للجميع بل يحتاج لدعم وفعل مواز من الهيئات الشعبية المدنية، حيث لا تكفي وحدها لترشيد الصحوة الإسلامية.
أذكر هنا أنه بعد الأحداث الإرهابية الثانية في سيدي مومن سنة ,2007 بادرنا إلى تأسيس مقر لنا في عين المكان، إيمانا منا بأن الواجب يحتم علينا أن نكون قريبين من الشباب، وأن نقوم بدورنا في تأطيره وانتزاعه من شبكات المخدرات وأحضان التطرف والغلو. فليس كل الشباب يقبل على المسجد، وليس كل الشباب يستمع أو يتابع برامج القناة السادسة، فكيف يمكن لمؤسسات الحقل الديني الرسمية أن تصل إلى هؤلاء. ولذلك، كما أن وزارة الثقافة على سبيل المثال لا يمكنها أن تشتغل في الميدان الثقافي لوحدها بل تعمل على إشراك الجمعيات الثقافية والتنموية لتنزيل سياساتها العامة في هذا الميدان، فإن الحقل الديني كذلك يتطلب اعتماد نفس المقاربة التشاركية. ونحن نقدر أن حركة التوحيد والإصلاح، هي واحدة من الحركات التي تضع جهودها في ترشيد الصحوة الإسلامية ونشر ثقافة الوسطية والاعتدال ومحاربة التطرف والغلو.
هناك الآن بعض المقولات التي تتحدث عن الإسلام المغربي والأمن الروحي للمغاربة وخصوصيات النموذج المغربي كيف تضع الحركة الإسلامية نفسها بإزاء هذه المقولات التي تمثل النموذج الجديد لتدبير السياسات الدينية في المغرب؟
في اعتقادي أننا مدعوون لاستثمار إيجابيات الخصوصية المغربية دون السقوط في التقوقع والانغلاق. ومن إيجابيات الخصوصية المغربية الوحدة المذهبية التي يجب علينا أن ندعمها ونحافظ عليها. خاصة ونحن نلاحظ أن الدول التي فيها تعددية مذهبية، عوض أن تبذل جهود الدعاة في نقل الناس من اللاتدين إلى التدين، تبذل أضعاف هذا الجهود في إدارة الاختلاف وأحيانا الصراع بين الفرقاء.
أما أن يراد بالحديث عن الخصوصية المغربية الانقطاع عن العمق العربي والإسلامي للمغرب تحت دعوى الانفصال عن المشرق وافتعال الذرائع لفصل الصلة بالعالم العربي، فهذا مرفوض ويخدم سياسات تهميش المغرب فضلا عن تعارضه مع الثوابت الدستورية للبلاد، ولن نتردد في مقاومة هذا الطرح الانعزالي والمنغلق. نعم للمدرسة المغربية والتي ينبغي العمل على نشر إشعاعها، لكن هذا لا يعني أبدا الانغلاق.
طرحتم في الرؤية السياسية للحركة مفهوم الجبهة الدينية ،
وبعد ذلك، في سنة ,2003 أو بعدها طرحتم مفهوم الشراكة في الحقل الديني، وأنه لا يمكن لهذا الحقل أن يدبر بشكل أحادي، في تقديركم عل تجاوبت الدولة مع وجهة نظركم؟
وكيف تقيمون طريقة تعاطي الدولة مع موقفكم خاصة وأن بعض الباحثين يطرحون أن المقصود من إعادة هيكلة الحقل الديني كان هو مواجهة نوع من التدين المسيس الذي تمثله الحركة الإسلامية؟
حين أطرح الشراكة لا أقصد الحضور في وضع السياسات، فالدولة دولة والحكومة حكومة، والمجلس العلمي الأعلى هو مجلس علمي أعلى والمؤسسات العلمية هي مؤسسات جامعة ومستقلة. ولكن أعني التكامل والتعاون على الخير بعيدا عن كل أشكال التنافي والتعارض بين مجهودات علماء المجالس العلمية ودعاة الحركة الإسلامية. لا ننسى أن الحركة الإسلامية عالجت هذا الأمر على مستوى التصور، وأصبحت ترى نفسها فاعلا مساهما في الحقل الديني إلى جانب الفاعلين الآخرين، ولايجب أن ينظر إليها على أنها منافس وجب تحجيمه . وهنا ينبغي أن نشير إلى أن التحديات والحاجيات هي أكبر من جهود العاملين، ولا يمكن لطرف ما أن يزعم أنه لوحده قادر على الاستجابة لهذه التحديات. ولذلك سيستمر موقفنا في دعم كل الجهود المبذولة من طرف العلماء للارتقاء بالتأطير الديني إلى المستوى الذي يستجيب لحاجيات إقامة الدين وإصلاح المجتمع.وعلينا في إطار علاقاتنا التواصلية أن نبذل المجهود الكافي لشرح هذا الدور التكاملي والتشاركي خدمة لديننا ولبلدنا.
من الملاحظ أن هناك استهدافا لبعض مواقف الحركة في الساحة الإعلامية وبلغة إقصائية حادة، ما تعليقكم؟
لدي أولا تعليق بسيط، هذا مؤشر على أنه حينما تؤمن الحركة الإسلامية بالتعدية ويكفر بها بعض الخصوم. ويبدو أنه كما مورس على العلماء نوع من الإٍرهاب لتكميمهم، يراد اليوم أن يتم نفس الأمر على الحركة الإسلامية.
هنا أميز بين مستويين: فهناك من يناقشك ويواجهك أحيانا بحدة، هذا لا مشكلة لدينا معه، فنحن نعتقد أن مشروعنا يتسع لسماع مثل هذه الانتقادات، لأنه فيه من المناعة والقدرة على التجدد ما يجعله قادرا على استيعاب هذه الانتقادات والإفادة منها، وهناك من يواجهك في كل مناسبة وفرصة، وغرضه الأساسي أن تسكت وألا تستمر في الحديث.
وبخصوص موضوع الفتاوى، فنحن نثمن أن ينطلق نقاش علمي بخصوصها، لكن أن يستغل البعض المناسبة للمطالبة بأن تتوقف الفتاوى، وأن لا يقدم العلماء الاستشارة الدينية للمواطنين، فهذا إرهاب فكري قصده تكميم أفواه العلماء ووأد دورهم في المجتمع. فكيف يكون الحق للقانونيين والمرشدين الاجتماعيين والأطباء أن يقدموا الاستشارة في دوائر اختصاصهم ويمنع العلماء وحدهم من حقهم وواجبهم في تقديم الاستشارة الدينية للمواطنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.