حمَّل راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة التونسية، نظام الرئيس زين العابدين بنعلي مسؤولية تفاقم أزمة البطالة والأحداث المتصاعدة التي تشهدها البلاد؛ على خلفية المطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية. ووجَّه من مقر إقامته في لندن رسالةً متلفزةً عبر ''الفيس بوك'' إلى الشعب التونسي، حيَّى فيها أرواح الشهداء الذين سقطوا خلال المواجهات العنيفة التي دارت على مدار الأيام الماضية. وقال: ''نحن فخورون بما يفعله أهل تونس؛ فهذا الشعب يدفع اليوم ثمن حريتها، وهذا أمر طبيعي وشرعي، كما أنه أمرٌ يُحسب لهذا الشعب الذي طالما قيل عنه إنه شعب مسالم وخائف.. فاليوم تتحرك سيدي بوزيد كما تحرَّكت بالأمس مناطق المناجم وأبو زيان وغيرها من المناطق الطيبة''. وأضاف: إن ما يقوم به التونسيون هذه الأيام يؤكد أن هذا الشعب حريصٌ على حريته، وأنهم يعملون بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ''من مات دون ماله فهو شهيد''؛ فالذين يتحركون اليوم والذين سيتحركون غدًا بكثافة أكبر؛ هم يدافعون عن حقهم الطبيعي. وشدَّد الغنوشي على أن النظام القائم يتحمَّل مسؤولية الدماء التي سالت بعد أن سلب الناس أقواتهم وأرواحهم، وفي النهاية لم يعُد لهم إلا الرصاص الحي لمواجهة المظاهرات السلمية. ووجَّه حديثه إلى رجال الأمن، قائلاً: ''أيها الجنود، لا تظنُّوا أنكم غير مسؤولين بدعوى أنكم مأمورون، بل أنتم مسؤولون أمام الله وعن كل قطرة دم سالت بغير وجه حق، وإن المسؤولية الكبرى تتحمَّلها السلطة التي كمَّمت أفواه الناس وأفقرتهم''. وفي رسالة إلى الشباب التونسي، قال الغنوشي: نحن لا نريد للشباب التونسي أن يتجه إلى الأعمال اليائسة، بل نريد منه أن يصمد في مواجهة الظلم وفي مواجهة الفساد. ودعا إلى توحيد الصفوف وعدم ترك منطقة سيدي بوزيد لوحدها كما تركت رديف ومنطقة المناجم من قبل؛ ''فالظلم شائع في هذه البلاد؛ ولذلك ينبغي اليوم لكل المظلومين أن يقفوا اليوم دعمًا وتضامنًا، بل دفاعًا عن حقهم في الحياة، فهذا واجبهم الديني، وإذا لقوا الله برصاص الظالمين فهم من الشهداء''. وأضاف: واجبٌ أيضًا على الفئات السياسية والأحزاب والجمعيات الحقوقية أن تتحمَّل المسؤولية، وأن ترفع الصوت عاليًا لوقف الظلم، وعليها أن تتوحَّد من أجل الدفاع عن سيدي بوزيد وبقية الشعب، وكذلك على الصحافة الإلكترونية وغيرها أن تقوم بدورها''. وأشاد الغنوشي بدور وسائل الإعلام الحديثة في تغطية الأحداث ونقل حقيقة ما يحدث قائلاً: نحيِّي الذين كسروا الحاجز الإعلامي من خلال استخدامهم الهاتف المحمول و''الفيس بوك'' والإنترنت، وكذلك القوى الإعلامية الحديثة التي فكَّت الحصار عن الشعب المظلوم في كل أنحاء البلاد، كما نحيِّي الشعراء ومن غنَّى ''الله أكبر'' وكل من حيَّى انتفاضة المظلومين. واعتبر الغنوشي أن أوروبا شريكة في هذه الجريمة لدعمها هذا النموذج، داعيًا الأحرار في العالم الأوروبي والإسلامي أن يقفوا مع المظلومين وأن يقفوا كذلك ضد دعم السلطة الفاسدة التي لا تتردَّد في إطلاق الرصاص الحي على أناس لم يطلبوا سوى حقهم في الحصول على الخبز وحقهم الطبيعي في الحياة.