نقل عدد من الشخصيات والخبراء في المجال القضائي صورة قاتمة عن نظام العدالة في المغرب خلال لقاءات متفرقة مع السفارة الأمريكية في الرباط، بحسب ما نقلته آخر تسريبات موقع ويكيليكس والتي نشرتها صحيفة ''إلباييس''. تقرير السفارة الأمريكية الذي تم إرساله إلى الخارجية في واشنطن في تاريخ 24 غشت 2009 تحدث عن القضاء في المغرب بوصفه ليس مستقلا ولا يحظى بثقة الرأي العام وأن القضاة في كثير من الأحيان غير أكفاء، معتبرا هذا الوضع ''عقبة في طريق تنمية البلاد'' مضيفا أن ''الاستخدام المنتظم للنظام القضائي لتحقيق أغراض سياسية يقوض أيضا جهود تستحق الثناء لتعزيز الإصلاح القضائي والشفافية''، وهي الجهود التي أشار إليها التقرير والتي يقودها الملك محمد السادس من أجل إصلاح هذا القطاع. وفي تعليقه على هذا التقرير، قال النقيب عبد الرحمن بنعمرو إنه متفق تماما مع كل ما جاء في إحدى وثائق ويكيليكس حول وضع القضاء في المغرب، وعدد بنعمرو في تصريح ل''التجديد'' مجموعة من الإشكاليات التي يعاني منها هذا القطاع ومنها: غياب الاستقلالية وضعف الكفاءات باستثناء المحاكم الإدارية وعدم تنفيذ الأحكام الصادرة في حق الدولة والمؤسسات والإدارات التابعة لها إلى جانب تراكم الملفات وبطء النظر فيها. وشدد بنعمرو على أن هذه الإشكالات تعوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية للمغرب، لأن القضاء يلعب دورا أساسيا في حماية الحقوق والحريات والتي بدونها لا يمكن تحقيق الاستقرار السياسي أو الإجتماعي. تقرير القائم بالأعمال في السفارة الأمريكية في الرباط أعطى عددا من الأمثلة والشهادات، منها واقعة اعتقال سعيد يابو الذي ينتمي إلى حزب الاستقلال والذي كان ينافس مرشح حزب الأصالة والمعاصرة حول منصب رئيس بلدية اليوسفيةبالرباط، على الفور بعد فوزه في التصويت ''ألقي القبض عليه، في انتهاك للإجراءات القضائية، واتهم بتهمة الاحتيال. وسرعان ما وجد أنه مذنب، وحكم عليه بالسجن لمدة عامين وخسر مقعده في البلدية'' كما ينقل التقرير ويشير إلى أن ما حدث ''يوضح كيف يمكن استخدام النظام القضائي لتحقيق أهداف سياسية''. السفارة نقلت عن أحد الوكلاء العامين قوله إن بعض البلدان''تستخدم الجيش أو الشرطة للسيطرة على السياسة، ولكن في المغرب يستخدم النظام القضائي''. فيما يشرح قاض آخر ''إذا أرادت الوزارة معاقبة قاض لكونه مستقل جدا، فستفعل ذلك بتعيينه في منصب غير مرغوب فيه، في مكان ما في الصحراء، وعدم السماح له أن يرتقي في السلم الوظيفي''. وكتب القائم بالأعمال في الرباط يقول '' قدرة وزارة العدل على ترقية أو نقل القضاة يجعل من الصعب بالنسبة لهم معارضة تعليمات السلطة''، التقرير نقل عن المحامي والحقوقي عبد العزيز النويضي قوله إن وزارة العدل ليست هي الوحيدة التي لها تأثير على القضاة ولكن أيضا المحكمة العليا و ''كل من لديهم علاقات او اصدقاء في القصر الملكي'' ويضيف '' عندما لا يتلقى القضاة تعليمات واضحة بشأن قضية معينة عادة ما يتصرفون وفق ما يعتقدون أنها تفضيلات الوزارة''. أما المكناسي الفيلالي عن الفرع المغربي لمنظمة الشفافية الدولية، فيشير إلى أن التأثير الكبير للوزارة ليس وحده الذي يقوض استقلال القضاة بل إن '' النمو المتزايد للرشوة يجعل القضاة منصاعين لا يشتكون عندما يتلقون تعليمات من فوق''. إضافة لذلك فإن عدم كفاءة القضاة هو عقبة أخرى تعوق استقلالهم. فقد أقر قاضي لدبلوماسيون امريكييين بان ''عددا كبيرا من القضاة لا يعرفون جيدا بما فيه الكفاية تطبيق القانون بشكل صحيح''. لذلك يعتمدون على توجيهات وزارة العدل للتعويض عن أوجه القصور. وفي تقرير آخر حول وضعية السجون بالمغرب مؤرخ بتاريخ 15 ماي ,2009 قال القائم بالأعمال في السفارة الامريكية روبرت جاكسون، أن السجون المغربية تعرف اكتظاظا كبيرا، حيث تحتوي على حوالي 60 ألف سجين، مشيرا إلى استفادة السجناء الذين يسمون ب ''الإسلاميين'' من بعض الامتيازات، وهو الأمر الذي توقف خلال السنوات الأخيرة. وأشارت المذكرة السرية إلى وفاة حوالي 100 سجين سنة ,2008 مضيفة أنه على الرغم من اعتماد حفيظ بنهاشم على وسائل جديدة في الأمن وبناء سجون أخرى، فإن هناك العديد من المشاكل المعلقة. ووفق الوثيقة نفسها، فإن السجون المغربية تعرف وضعية صعبة، ويستفيد كل سجين من دولار واحد في اليوم سنة .2008 وأكدت الوثيقة أنه بعد فرار حوالي 8 سجناء إسلاميين سنة 2008 تم سحب تدبير السجون من وزارة العدل وتعيين حفيظ بن هاشم على رأس مديرية إدارة السجون تحت وصاية الوزارة الأولى، وقد أوقف بنهاشم الاتصالات مع السفارات الأجنبية حول برامج التعاون، بالإضافة إلى توقيف سياسة الامتيازات لفائدة السجناء الإسلاميين.