أَعْلنت فصائل فلسطينية رفضَها قبول الرئيس الفلسطيني محمود عباس دعوة اللجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط إلى العودة للمفاوضات المباشرة مع الاحتلال الصهيوني دون شروط، فيما رحَّبت عدة أطراف دولية بالمفاوضات. واعتبرت كبرى الفصائل الفلسطينية أن ذهاب السلطة الفلسطينية للتفاوض مع الاحتلال الصهيوني دون أي شروط مسبَقة أو قاعدة تنطلق على أساسها هو مجرد مضْيَعة للوقت. كما طالبت بالإجماع السلطة الفلسطينية بالضفة بإيقاف كافة أشكال المفاوضات مع كيان العدو الصهيوني، وذلك على اعتبار أن المفاوضات، وبأي شكل من أشكالها وفي ظل الانتهاكات الصهيونية المستمرة، لا يمكن أن تحمل أي جديد، واعتبرت أن قرار اللجنة الرباعية القاضية باستئناف المفاوضات المباشرة هو جريمة لا تغتفر وقرار غير صائب، ولا يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني في جميع النواحي. في غضون ذلك، اعتبرت صحيفة صهيونية أن الإعلان عن بدء المفاوضات المباشرة يُعدّ انتصاراً سياسياً مرحلياً حققه الإرهابي بنيامين نتنياهو. ورفضت حركة المقاومة الإسلامية حماس قرار اللجنة التنفيذية العودة للمفاوضات المباشرة مع الاحتلال الصهيوني، معتبرة القرار تفريطاً بالحقوق والثوابت، كما شدّدت على أنّ اتّكاء فريق التفاوض الفلسطيني على بيان الرباعية مجرد خداع وتضليل للرأي العام الفلسطيني، مؤكّدة على أنّ الحركة والشعب الفلسطيني غير ملزمين بنتائج هذه المفاوضات العبثية. وجاء في بيان صادر عن المكتب الإعلامي لحماس، أول أمس، نرفض وندين قرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية العودة للمفاوضات المباشرة مع الاحتلال الصهيوني، استجابة لدعوة الإدارة الأمريكية لاستئنافها في 2 شتنبر المقبل.. ونعدّ هذا القرار تفريطاً بحقوق الشعب الفلسطيني وثوابته الوطنية، وصكاً مجانياً لتبرئة الاحتلال وفك عزلته إثر جرائم الحرب والمجازر التي ارتكبها في عدوانه على غزة واستهدافه لأسطول الحرية، كما أنها خطوة تمنح الاحتلال مظلة لاستكمال مشاريعه الاستيطانية في الضفة الغربية ومواصلة عدوانه على شعبنا. كما اعتبرت الحركة اتّكاء فريق التفاوض الفلسطيني على بيان الرباعية مجرد خداع وتضليل للرأي العام الفلسطيني؛ حيث جاء في البيان الرباعية ما زالت عاجزة عن صياغة موقف سياسي واضح وملزم بعيداً عن الإدارة الأمريكية المنحازة للاحتلال، وما بيانُ الرباعية إلاَّ ورقة التوت التي أعطيت لمحمود عباس وفريق أوسلو للتغطية على تنازلاتهم وتفريطهم، وذهابهم للمفاوضات دون تحقيق أيٍّ من الشروط التي وضعوها؛ من وقفٍ للاستيطان أو تحديدٍ لما يسمَّى بمرجعية المفاوضات. كما أكّدت حركة حماس التي ترفض المفاوضات المباشرة وغير المباشرة مع الاحتلال، أنّها والشعب الفلسطيني غير ملزمين بنتائج هذه المفاوضات العبثية.. التي لا تمثل إلا فئة قليلة ومعزولة وخارجة عن الإجماع الوطني الذي تمثل بالموقف السياسي المهم لأحد عشر فصيلاً فلسطينياً (في دمشق الأسبوع الماضي) عبَّروا عن رفضهم المفاوضات المباشرة وغير المباشرة، بينهم عددٌ من الفصائل الممثلة في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. إلى ذلك؛ حذّرت حركة حماس فريق أوسلو من عواقب المضي في مستنقع المفاوضات التي ثبت فشلها، داعيةً اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى التراجع عن قرارها ورفض الرضوخ للضغوط الأمريكية الساعية لتوظيف المفاوضات لحساب أجندات ومشاريع إقليمية صهيونية بعيداً عن المصالح الفلسطينية والعربية. وختم البيان بالتشديد على أنّ الوحدة الوطنية الفلسطينية على قاعدة المقاومة والصمود والتمسك بثوابت شعبنا هي الطريق لانتزاع حقوق شعبنا وحماية القدس والأقصى والمقدسات، وتحرير الأرض وإقامة الدولة الفلسطينية. وكان المتحدث باسم حركة حماس سامي أبو زهري قد أكد في تصريح سابق أن: السلطة ذهبت لمؤتمر أنابوليس، الذي اجتمعت فيه كل القوى الدولية وكانت هنالك وعود خلاله بدولة فلسطينية، مضت أعوام والآن بدلاً من إقامة هذه الدولة تعود للمفاوضات، هذا يؤكد على أن كل هذه العروض محاولات للخداع. وأدان أبو زهري قرار اللجنة الرباعية، قائلاً: مشاركة فتح في المفاوضات جريمة، لأنها توفر غطاء للاحتلال للاستمرار في جرائمه، خاصة وجرائم الاحتفال على تزايد. وأكد أنه حينما ينتهي الاحتلال من مخططاته لن يكون هناك شيء لاستمرار التفاوض عليه، لأن الاحتلال سيكون قد صادر كل ما هو فلسطيني من تاريخ وقدس لصالحه، وهو الأمر الذي يجعلها عبثية. من جهتها، أكدت حركة الجهاد الإسلامي على موقفها الرافض لنهج التسوية والمفاوضات، على اعتباره نهجاً تصفوياً للقضية الفلسطينية، مشددة في الوقت ذاته على إصرار الحركة للتصدي لهذا النهج وإفشاله. وبخصوص إعلان وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون استئناف المفاوضات مطلع الشهر المقبل، اعتبرت الحركة، في بيان لها، هذا الإعلان تكريس للهيمنة ودليل على حرص الإدارة الأمريكية إرضاء الاحتلال الصهيوني من خلال تلبية الرغبة الصهيونية بأن تأتي الدعوة للمفاوضات من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية كونها ملتزمة بتحقيق مصالح الكيان الصهيوني. وأشارت الحركة إلى أن إعلان اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بعد اجتماعٍ صوري، يدلل على تفرد فريق المصالح الذاتية المنتفع من المفاوضات وبقاء الاحتلال والانقسام. وأوضحت الحركة أن إعلان اللجنة التنفيذية قبول بيان كلنتون لا يمثل الإجماع الوطني والشعبي، بل هو رضوخ للإرادة الصهيونية، وتنكر خطير لوحدة الموقف الفلسطيني الرافض للمفاوضات والمتمسك بالثوابت والحقوق. وجددت الحركة تأكيدها على أستمرار خيار المقاومة والجهاد، وعلى ضرورة الوحدة ورص الصفوف والتصدي لكل محاولات النيل من قضيتنا، وإفشال مشروع التسوية التصفوي. وأشارت الجهاد الإسلامي أن موافقة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية على استئناف المفاوضات مع الجانب الصهيوني وتغليف هذه الموافقة من قبل مباركة عربية، مشاركةٌ فعلية لحكومة الاحتلال الصهيوني في حملتها العدوانية والتهويدية المسعورة بحق مدينة القدس وأهلها الصامدين. وحذرت الجهاد الإسلامي السلطة الفلسطينية والأنظمة العربية المعتدلة، من مغبة استغلال أجواء التفاوض في الإقدام على خطوة خطيرة تتهدد مصير المسجد الأقصى المبارك. واعتبر أبو أحمد فؤاد، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أن موافقة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، على الدخول في مفاوضات مباشرة مع العدو الصهيوني تشكل طعنة للعمل المشترك في مؤسسات المنظمة، كذلك تجاوزاً لقرارات المجلس المركزي، ولإرادة الشعب الفلسطيني. وقال فؤاد، في تصريحٍ صحفي، أول أمس، إنه أمر مؤسف أن تصبح مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية شكلية، ولا تلتزم باللوائح والأنظمة الداخلية التي أقرتها هي أو المجلس المركزي أو المجلس الوطني. وأضاف أن القيادة المتنفذة في منظمة التحرير تتفرد بالقرارات، وتضرب بعرض الحائط قرارات الإجماع أو شبه الإجماع لهيئات المنظمة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، قال في الاجتماع الأخير للجنة التنفيذية لم يكن هناك نصاب قانوني لعضوية اللجنة التنفيذية، والأعضاء الغائبين عن الاجتماع أكثر من النصف وبالتالي القرار غير شرعي من حيث الشكل والمضمون. وطالب أبو أحمد ما وصفها القيادة المتنفذة بالالتزام بقرارات الغالبية التي مثلتها غالبية الفصائل المشاركة في مؤسسات منظمة التحرير، مشيراً إلى أن النقاش الذي دار خلاصته كالتالي: حيث وقفت الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وحزب الشعب ضد الذهاب للمفاوضات المباشرة، أما باقي الفصائل فإن موقفها الذهاب ولكن بشروط، إذا ما توفرت يتم الذهاب للمفاوضات، وإذا لم تتوفر لا ذهاب للمفاوضات المباشرة. من جهتِه، قال الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، النائب مصطفى البرغوثي: إن الذهاب إلى المفاوضات المباشرة مع إسرائيل دون وقْف الاستيطان وتحديد مرجعية ملزمة لها سيؤدي إلى فشل أكبر وأخطر مما جرى في كامب ديفيد عام 0002. واعتبر أن الحديث عن مفاوضات من دون شروط مسبقة وبدون التزام بالقانون الدولي يعني القبول بالشرط الصهيوني دون تحديد آليات ومرجعيات واضحة للتفاوض. من جانبه؛ أوضح عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية صالح زيدان في تصريح صحفي بأن الجبهة ضد المفاوضات المباشرة في الوقت الحالي وذلك لأنها تفتقد للشروط والمرجعية. وأشار إلى أن قرار قبول المفاوضات لابد أن يكون ضمن قرارات منهجية مدروسة من كل الجانب الفلسطيني، وضمن شروط تتمثل بوقف الاستيطان، وأن تكون المفاوضات على قرارات الشرعية التي تضمن الحقوق الفلسطينية وحل مشكلة اللاجئين، وأن يكون التفاوض تحت رقابة دولية وضمن جدول زمني أن لا تكون المفاوضات حتى النهاية. في المقابل، رأت صحيفة صهيونية أن الإعلان عن بدء المفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية في الضفة الغربيةالمحتلة والكيان الصهيوني، يُعدّ انتصاراً سياسياً مرحلياً بالنسبة لرئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو. وقالت النسخة الإلكترونية لصحيفة هآرتس العبرية، أول أمس، بعد عام ونصف العام من الجمود السياسي؛ يمكن لنتنياهو تسجيل أول إنجاز سياسي له، وإن كان متواضعاً، وفق قولها. وأضافت الصحيفة أن الإنجاز الكبير لنتنياهو في الأشهر الأخيرة يكمن في أنه نجح في تغيير مسار الضغط الأمريكي؛ فبعد أكثر من عام تخلله ضغط كبير على الحكومة الإسرائيلية من قبل الرئيس الأمريكي، بدأ أوباما بتفعيل ضغوط على رئيس السلطة محمود عباس كي يدخل في المفاوضات المباشرة. وأشارت إلى أن الحكومة الصهيونية نجحت من خلال الإعلان الأمريكي القاضي بأن المفاوضات المباشرة ستجري دون شروط مسبقة، في تفريغ مضمون بيان الرباعية الدولية، ذلك أن واشنطن أصرّت على أن لا يشمل البيان إشارة لتجميد الاستيطان حرصاً على عدم تعرّض نتنياهو لأزمة ائتلافية، مقابل موافقته على الجدول الزمني للمفاوضات لتصويره وكأنه إنجاز للطرف الفلسطيني. وأوضحت الصحيفة أن المحادثات المباشرة بين كيان العدو وسلطة فتح في رام الله ستنطلق وفق الشروط التي أصرّ عليها نتنياهو. وجاء قرار سلطة عباس بالموافقة على استئناف المفاوضات مع العدو الصهيوني بدون أوراق ضغط أو مكاسب واضحة حصلت عليها، في وقت قالت فيه مصادر سياسية صهيونية رفيعة المستوى، أول أمس، إن تمديد فترة قرار تجميد الاستيطان في أراضي الضفة الغربية ليس مطروحًا أبدًا على طاولة حكومة الاحتلال. ونقلت الإذاعة العبرية العامة عن المصادر القول: قرار تجميد الاستيطان بالضفة الذي اتخذه المجلس الوزاري المصغر ينص على وقف البناء لمدة أشهر فقط، على أن تستأنف عملية بناء المستوطنات بعد انقضاء هذه المدة مباشرة. وبحسب الإذاعة، جاءت هذه التصريحات تعقيبًا على بيان اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي أعلنت من خلاله الموافقة على استئناف المفاوضات مع حكومة الاحتلال، شريطة إيقاف النشاطات الاستيطانية بالضفة الغربية. وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أعلن في وقت سابق ثلاثة شروط لاستئناف المفاوضات، لكن إعلان قبولالمفاوضات تجاوزها، والمنظمة قبلت الاستئناف، الأمر الذي عرضها لانتقادات شديدة. وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية أعلنت بدء المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والصهيوني في الثاني من شتنبر المقبل في واشنطن، دون شروط مسبقة. كما دعت اللجنة الرباعية (أمريكا وروسيا وبريطانيا والأمم المتحدة)، الجمعة الماضية، الطرفان إلى استئنافها دون أي شروط مسبقة. ورحَّبت كل من السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس وسلطات الاحتلال الصهيوني بالدعوة. وجدَّد بيان صادر عن مكتب رئيس وزراء كيان العدو الإرهابي بنيامين نتنياهو رفضه لما أسماه شروطًا مسبقة وضعها الفلسطينيون للعودة إلى المفاوضات، وعبَّر عن سعادتِه بالتوضيح الأمريكي بأن المفاوضات ستكون بدون شروط مسبقة. من ناحيةٍ أخرى، عبّرت كلٌّ من فرنسا وإيطاليا والولاياتالمتحدة وبريطانيا عن ترحيبها بدعوة اللجنة الرباعية والولاياتالمتحدةالأمريكية إلى استئناف المفاوضات.