يقطع البعض النافلة إذا أقيمت الفريضة فهل يجوز له ذلك أم يتم النافلة ثم يدخل في الجماعة؟ المقصود بالنافلة هو ما زاد على الفرائض من الأعمال والأقوال التطوعية، التي ندب إليها الشرع وحث عليها فالنافلة في الصلوات والصيام والزكوات والحج وغيرها. لكن الفقهاء نصوا على أن أفضل التطوع ما كان في الصلاة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: وجعلت قرت عيني في الصلاة والنوافل في الصلوات منها المندوبة والرغائب والمستحبة ، ولكل معناها وحكمها وثوابها وأجرها، لكن كلها تشترك في تحقيق هدف واحد نبيل وهو لا يخرج عن كونها تحسن من أحوال صاحبها وتهذب من سلوكه، وتجعل منه ذلك المؤمن الفاضل المتخلق الذي يؤثر على نفسه، ويتخلص من تلك الأثرة المهلكة والهوى المتبع، والجشع الذي يجر إلى الويلات أضف إلى هذا أن النوافل جوابر، لكونها تجبر ما قد يحدث من خلل في الفرائض، فتكمل ما نقص منها وتسد الثغرات التي قد يغفل عنها المؤمن في أدائه لفرائضه. وأفضل النافلة وأحسنها ما كان في البيت حيث يخلو المؤمن بنفسه ويتوجه فردا إلى ربه متجردا من كل ما قد يشوب عبادته من رياء أو سمعة، في بيته وخاصة في الليل يقصد مولاه سبحانه ويتذلل إليه راكعا ساجدا خاشعا ممصداقا لقوله سبحانه: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ الزمر: .9 وهذا هو الأصل في النافلة أن تقام في البيت ولذلك كان الجزاء من الله أوفى حيث يبني لصاحبها الذي يحافظ على الرواتب منها بيت في الجنة مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم مما رواه الامام مسلم: ما من عبد مسلم يصلي لله تعالى كل يوم اثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إلا بنى الله تعالى له بيتا في الجنة أو إلا بني له بيت في الجنة. إلا ما كان من تحية المسجد مثلا أو قضاء الفوائت أو رغيبة الفجر أو تراويح رمضان. ولذلك قرر الفقهاء المالكية أنه لا يبدأ صلاة بعد الشروع في الإقامة، فإن أقيمت الصلاة وهو في صلاة نافلة أو فريضة قطع صلاته ودخل مع الإمام ، إن خشي بإتمامها فوات ركعة، وإن لم يخش فوات ركعة معه أتم النافلة والفريضة غير الوقتية. وإن كان يصلي الوقتية انصرف عنها في الثالثة التي لم يعقدها بأن يرجع ويجلس ويسلم ثم يدخل مع الإمام، ويكون بذلك انصرافه عن شفع، وإن عقد الثالثة ( بأن سجد لها ) كملها فريضة بركعة.