تكشف تطورات ملف المعتقلين السياسيين الستة في ما يسمى ملف بليرج على أن مؤسسة القضاء في المغرب أمام امتحان عسير يتطلب تدخلا عاجلا لإنقاد صورة المغرب الحقوقية التي يتم الترويج لها في المنتظمات الدولية. وتشكل تلك التطورات، التي أصبحت لها تداعيات خطيرة كشفت عنها الحالة الصحية الحرجة لمجمل المعتقلين يوم أمس بالمحكمة، ضربة قوية لمشروع إصلاح القضاء بالمغرب، وهو ما يؤكد بشكل جلي الحاجة الماسة إلى مبادرة سياسية جريئة وقوية لحل المشكل قبل أن يتحول إلى كارثة إنسانية لا قدر الله، خاصة وأن المعتقلين يصرون على الاستمرار على إضرابهم المفتوح عن الطعام الى أن ينصفوا. فهل يمكن بعد هذا تصور التعامل بشكل سلبي ولا مبالي بالموضوع في ملف شائك ينال اهتمام المنتظم الدولي ومنظماته الحقوقية المختلفة. فبعد أن تبين أن هناك إرادة لحرمان السياسيين الستة المعتقلين على خلفية ما سمي بقضية بلعيرج من أي حق في محاكمة عادلة، وبعد أن تبين منذ البداية أن المحاكمةَ محاكمةٌ سياسية؛ بدءاً بندوة وزير الداخلية الأسبق ووزير الإعلام الذين خالفا كل الأعراف والمقتضيات القانونية بضربهما عرض الحائط بقرينة البراءة، واتهام المعتقلين وهم في ذمة التحقيق، وقبل أن تثبت إدانتهم، التي لم تثبت قط بأي دليل. وبعد أن تبين أن الاستئناف ماضٍ في نفس القرار السياسي للحكم الابتدائي بالتغاضي عن العِلل الجسيمة في الملف كما أكد ذلك الأستاذ محمد المرواني في رسالته بقوله: +لقد عانت هذه القضية من ثلاث علل جارحة وناقضة لما ترتب عليها من متابعة سياسية ظالمة: الأولى، علة في المنشأ (الاختطاف والتعذيب، انتهاك قرينة البراءة وسرية التحقيق، انتهاك حقل السلطة القضائية من قبل السلطة التنفيذية..)، والثانية علة في التدبير(إجراءات معيبة فيما يتعلق بمساطر الإيقاف والتفتيش والحجز، تزوير محاضر الضابطة القضائية، حرمان من التحقيق التفصيلي...). أما الثالثة فهي علة في ترتيب الجزاء، بحيث جاءت الإدانة سياسية وخالية من أي تعليل يفيد الجزم واليقين (لا وسائل إثبات)؛، دخل السياسيون المعتقلون في إضراب مفتوح عن الطعام. لقد دخلت القضية صباح الأمس في منعرج خطير عندما سقط الأستاذ العبادلة ماء العينين في غيبوبة بعد حوالي أسبوعين من الإضراب عن الطعام وتم حمله إلى المستشفى، ولم يقو بعض المعتقلين على الوقوف ومنهم من أحضر على كرسي متحرك. نعرف أن الجهات إياها التي تعودت أن ترفع لوائح اتهاماتها لبلادنا كلما ادعى شاذ، أو انفصالي أو غيره أنه مضطهد رافعة لافتات حقوق الإنسان والحريات، الفردية خصوصا؛ لن تخرج عن صمتها الذي لزمته اليوم، فالإسلاميون لا بواكي لهم ولا يمكن أن ينفعوا كحصان طروادة لقضاء مصالح تلك الجهات.