حصلت في المغرب تطورات وإيجابيات في مجال حقوق الإنسان، والوتيرة التي كان يتطور بها الفضاء الحقوقي كانت مطمئنة، غير أن تداعيات أحداث 11 شتنبر وكذا أحداث 16 ماي جعلت الدولة تنزيلا لتدبيرها لملف محاربة الإرهاب ترتكب تجاوزات خطيرة في المجال الحقوقي ، أضرت كثيرا بسمعة المغرب، وشوشت على مسار التطور الإيجابي الذي عرفه هذا الملف. جاء ذلك على لسان الأستاذ مصطفي الرميد في محاضرة حول: واقع حقوق الإنسان بالمغرب يوم الأحد 12 يونيو بالدارالبيضاء. فالتحولات الإيجابية بالنظر إلى مآلات الوضع الحقوقي بالمغرب، أصبحت تفرض أن يعاد النظر في مجموعة من الممارسات الخاطئة . فقد تبين من خلال التأمل في جملة من الملفات، أن العديد من القضايا التي تم البث فيها قضائيا على خلفية أحداث 16 ماي كانت تفتقد لشروط المحاكمة العادلة . وقد آن الأوان يقول الرميد - : لإعادة النظر في هذا الملف وإصلاح الاختلالات ، وإعادة النشاط والحيوية للمسار الحقوقي النوعي الذي درج المغرب على انتهاجه ، والقطع النهائي مع الانتهاكات الجسيمة التي أصبحت غير خافية على أحد خاصة منها ما يتعلق بالاختطاف والتعذيب والتحفظ على المعتقلين خارج النصوص القانونية المنظمة لهذا الشأن. إن جرأة سياسية في هذا الصدد لكفيلة بإعادة التوازن واستكمال التطورات النوعية التي ينتظرها المغرب لبناء التحول النوعي المطلوب في الحقل الحقوقي. وهو أمر ليس بالعسير، خاصة وأن المغرب خطا من قبل خطوات جريئة بهذا الصدد وقد تناولت المحاضرة التي نظمها المكتب الإقليمي لحزب العدالة والتنمية بعمالة درب السلطان بالدار البيضاء بالنقاش محورين أساسيين : الأول نظري وخصه للحديث عن أنواع حقوق الإنسان، والقوانين الدولية التي تنظمها، حيث تحدث عن ثلاثة أنواع من هذه الحقوق :الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والحقوق الجديدة وهي نوع جديد تم تبنيها في الغرب نظرا لأهميتها، كالحق في البيئة النظيفة والحق في التنمية ...... أما المحور الثاني، فكان حول واقع حقوق الإنسان بالمغرب. وقد تناوله من زوايا متعددة: دراسة السياق التاريخي وقد أشار بهذا الصدد إلى أن المغرب عرف انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في مرحلة الستينيات والسبعينيات، ويرجع الأمر إلى حداثة العهد بالاستقلال والصراع على السلطة بين الدولة والأحزاب السياسية. كما أشار إلى أن طبيعة الانتهاكات لم تكن بالضرورة من الدولة اتجاه المجتمع ونخبه السياسية، بل عرف المغرب انتهاكات من نوع آخر، لم تكن الدولة طرفا فيه مباشرة، وإنما تورطت بعض الأحزاب السياسية في انتهاكات كالاختطاف والقتل، فيما يعرف في تاريخنا السياسي :بدار بريشة . ثم ظهرت انتهاكات قوية لحقوق الإنسان من طرف الدولة، نتيجة لتبلور معارضات للنظام الحاكم ولسياساته، فقد عرفت مرحلة الستينيات تحديدا، أشكالا من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، كالاختطاف والقتل والتعذيب، وازدادت فظاعة هذه الانتهاكات بعد الانقلابين، إذ كان رد فعل السلطة السياسية عنيفا، فأنشأت الدولة معتقلات سرية كمعتقل تازمامرت وقلعة مكونة ودرب مولاي الشريف، هذه المعتقلات التي كانت ملاجئ للتعذيب، إذ أبان الكشف عن الحقائق أخيرا عن وجود معتقلين متحفظ بهم في هذه المعتقلات لمدة تزيد عن العشرين سنة . ولقد استمر هذا الوضع إلى غاية متم العقد الأخير من القرن الماضي أي في بداية التسعينيات تحديدا، إذ عرف العالم تحولا كبيرا نتيجة انهيار المعسكر الشرقي وسقوط جدار برلين . هذا التحول أنهى الصراع ليس فقط بين معسكرين رأسمالي واشتراكي، ولكنه بين رؤيتين مختلفتين، ومنظورين حقوقيين متباينين. فبينما كان يعلي المعسكر الرأسمالي من شأن الحقوق المدنية والسياسية ، كان المعسكر الشرقي لا يعطي أية أهمية لهذه الحقوق، ويراهن على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. فكان سقوط المعسكر الشرقي سقوطا لمنظوره الحقوقي، لفائدة المنظور الرأسمالي، الذي يجعل من الحقوق المدنية والسياسية تصوره الحقوقي المتقدم. وكان من الطبيعي أن يكون لهذا التحول انعكاس على العالم العربي، وعلى المغرب خاصة لاعتبارات تاريخية وجغرافية، فالمغرب قد وضع، لهذه الاعتبارات، تحت الأضواء الكاشفة، فنمت بذلك مطالبات متعددة من أجل أن تضمن الدولة للمواطنين الحقوق الأساسية خاصة الحقوق المدنية والسياسية . وهكذا وضمن هذا السياق، تأسس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وبدأ الانفراج السياسي، وبدأت تبدو في الأفق تحولات حقوقية إيجابية تمظهرت في الإفراج عن كثير من المعتقلين السياسيين، ووضع الحد لبعض الملفات الإشكالية كملف السرفاتي وملف عبد السلام ياسين، ليدعم الملف الحقوقي أكثر بالهيئة المستقلة للتحكيم، ثم هيئة المصالحة والإنصاف، التي قامت بالفعل بجهود كبيرة لتطوير الوضعية الحقوقية بالبلد . تدبير المغرب لحقوق الإنسان يمكن أن نعالج هذا الموضوع من زوايا ثلاثة : 1 البناء المؤسساتي: والمقصود بها التدابير المؤسساتية التي قام بها المغرب لتطوير الفضاء الحقوقي في المغرب، والدفع به إلى الأمام . ونذكر في هذا السياق: - تأسيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ، حيث اعتمدت مقاربة المزج بين الدولة وممثلي المجتمع المدني، حتى يشكل المجلس جسرا للتواصل بينهما . وعلى الرغم من الصفة الاستشارية للمجلس، بحيث إنه لا يتخذ أية قرارات ، إلا أن جميع ملتمساته لم يحصل من الناحية المبدئية عدم قبولها من طرف جلالة الملك . وقد أعيدت هيكلة هذا المجلس منذ سنتين ونيف ، نتيجة للملاحظات الوجيهة التي كانت توجه لتشكيلته السابقة، وللقوانين التي تنظمه . وبالفعل كان للمجلس دور كبير في الدفع بتحولات إيجابية في الملف الحقوقي بالمغرب في كثير من المعطيات ، ولعل أهم معطى في هذا الاتجاه، هو تأسيس الهيئة المستقلة للتحكيم التي كانت من اقتراحه. وقد تم تشكيل هذه الهيئة للنظر في تظلمات المواطنين، وكذا قضايا التعويض في ملفات الاختطاف والتعذيب في المعتقلات السرية. وقد توصلت هذه الهيئة ب 5127 ملف تعويض، واتخذت قرارا بتعويض 6000 شخص بما قدره 1 مليار درهم . وعلى الرغم من العمل المهم الذي قامت به هذه الهيئة إلا أنها لقيت انتقادات حادة من طرف الكثير من الفاعلين في الفضاء الحقوقي، الذين كانوا ينظرون إلى مقاربة الدولة لملف الماضي بمنطق التعويض على أنها مقاربة تبسيطية تميع المنظور الحقيقي لحقوق الإنسان ، وهكذا نضجت عند بعض التوجهات الحقوقية خاصة لدى هيئة الحقيقة والإنصاف مقاربات راديكالية تدعو إلى اتخاذ قرارات شجاعة وجريئة لتصفية ملف الاختطاف السياسي، فطالبت بمحاسبة ومحاكمة المسؤولين، ولم تكتف بذلك بل حددت أسماء لمسؤولين ودعت إلى تقديمهم للعدالة لتورطهم في انتهاكات حقوقية، كما طالبت الدولة بالاعتذار الرسمي بشكل واضح ومباشر. وأمام هذه المطالبات استقر الرأي على تأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة، كإطار بديل عن الهيئة المستقلة للتحكيم، وعهد إلى هذه الهيئة الجديدة بمهام إجراء تقييم شامل لملف الاختفاء القسري والاختطاف التعسفي، وتسوية بعض الملفات العالقة، ومواصلة البحث في بعض الحالات المجهول مصيرها كحالة ابن بركة والحسين المانوزي . كما عهد لها مهمة مواصلة العمل الذي قامت به هيئة التحكيم في موضوع التعويض وجبر الضرر، وتقديم تقرير للملك يتضمن خلاصة الأبحاث، وإصدار توصيات ومقترحات من أجل عدم تكرار هذه الانتهاكات. إلا أن ما يعاب على هذه الهيئة على الرغم من العمل الإيجابي الذي قامت به، هو أنها قصرت مرحلة اشتغالها على المرحلة ما بين 1999-1965 وهو أمر يدعو إلى طرح السؤال : هل هذه الهيئة أسست للإسهام في تطوير وضعية حقوق الإنسان بالمغرب وللتصالح مع الماضي من أجل عدم تكرار نفس الانتهاكات؟ أم أسست للتصالح مع فئة معينة؟ يقول مصطفى الرميد : أنا مع تأسيس الهيئة ومع التعويض، لكن لا قيمة لتأسيس هذه الهيئة إن نحن قصرنا الأمر على مرحلة تاريخية معينة، ولم نجعل من مهام هذه الهيئة النظر في التجاوزات الراهنة لحقوق الإنسان، إنه لا معنى أن نصرف أموالا كثيرة من أجل أن نعوض أشخاصا ارتكبت في حقهم انتهاكات حقوقية خطيرة، ثم نغض الطرف عن انتهاكات جسيمة تقع الآن، نعم أنا مع التعويض، ومستعد لأوافق على أن تدفع ميزانية الدولة تعويضات كبيرة للمتضررين، ولكن على أساس أن نطوي هذا الملف، وألا نعود إليه، إن صرف تلك الأموال مبرر بهذا الاعتبار، أما أن نعود لنفس الأخطاء فهذا يدعونا للتساؤل: ما جدوى وجود هذه الهيئة ما دام الاستمرار في الانتهاكات أمرا واقعا - ديوان المظالم : وهو مؤسسة أطلق الملك مبادرتها للتمكين لحقوق الإنسان بالمغرب. إلا أن الفاعلين الحقوقيين يرون أن هذه المؤسسة لن تقوم بحماية حقوق الإنسان بالشكل المطلوب لأسباب تتعلق بقانونها التأسيس الذي لا يقبل الشكايات التي بث فيها القضاء أو التي ينظر فيها حاليا القضاء ، ولا يقبل الملتمسات المتعلقة بأحد اختصاصات البرلمان، ولا القضايا التي هي من اختصاص المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ، ولا ينظر في القضايا التي لم يقم صاحبها بالمساعي الشخصية كالسعي لطلب العفو... - الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري : فلما كانت الدولة هي المسيطرة على الإعلام ، وكانت المطالبة في الحق في الإعلام تدفع بقوة من أجل تحييد الدولة جاءت الاستجابة لهذا المطلب ، وتم تأسيس الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري لتشرف على هذا المجال بعيدا ،عن توجيه الدولة وسيطرتها. فهذه الهيئة من شأنها أن تضمن الديمقراطية الإعلامية ، وهي لن تكتفي بمتابعة الأداء الإعلامي، وإنما ستقوم بالترخيص للقنوات التلفزية والإذاعية والفضائية وفق دفتر تحملات تتكلف هذه القنوات بالالتزام به . والحقيقة كما يقول الرميد: فليس المنتظر أن تحدث الهيئة انقلابا في المشهد الإعلامي بالمغرب ، لأن التحول الديمقراطي جملة يحتاج إلى صيرورة تاريخية مسترسلة ودينامية ، وهي على أية حال ستسهم بقدر من الأقدار في الدفع بالمشهد الإعلامي بالمزيد من التقدم والتحول النوعي ولقد كان من أول قرارات الهيئة إنصاف حزب العدالة والتنمية حينما استهدفته القناة الثانية ، كما كان من آخر قراراته أيضا إنصاف النائب الأمين بوخبزة من ذات القناة التي استضافت في أحد برامجها المباشرة أحد ضيوفها الذي اتهم الأمين بوخبزة بكونه هدد شاعرة بالقتل . - المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية : وهو تقدم مؤسساتي لضمان ما يسمى بالحقوق الثقافية . وقد تم إحداث هذا المعهد استجابة لمطالب الحركة الأمازيغية وقد قام المعهد بأعمال مهمة في إطار الاهتمام بالحقوق اللغوية والثقافية، وتم اعتماد تدريس اللغة الأمازيغية في التعليم، كما تم الاتفاق على جعل تيفيناغ الحرف المعتمد لكتابة الأمازيغية . 2 التدابير التشريعية: والمقصود بها المراجعات العميقة التي طالت مجموعة من التشريعات لجعلها أكثر ملاءمة مع المنظور الدولي لحقوق الإنسان . فالدستور يعتبر من أقوى التدابير في هذا الشأن ، إذ يعتبر الفصل 10 أهم فصل مؤسس للفضاء الحقوقي بالمغرب، وبناء عليه تم تنظيم المسطرة الجنائية التي عرفت تقدما كبيرا في نسختها الأخيرة إذ تم تطعيمها بمجموعة من النصوص والتدابير الكفيلة بحماية حقوق الإنسان، فباستثناء بعض التحفظات النادرة كمسالة الإعدام، والحق في التنصت على الهاتف... تبقى هذه المسطرة من أهم التدابير التشريعية التي أسهمت بشكل كبير في الدفع بالملف الحقوقي إلى الأمام بالمغرب. غير أن هذا المكسب المحسوب على رصيد المغرب الحقوقي سرعان ما تم التراجع عليه بعد المصادقة على قانون مكافحة الإرهاب الذي تضمن نصوصا وإجراءات مناقضة ومخالفة للعديد من المسائل المنصوص عليها في المسطرة الجنائية. ويعتبر هذا القانون من التراجعات التي حققها المغرب في مجال حقوق الإنسان. وقد كان مفهوما سياق التصويت عليه ، إذ عرض على البرلمان بعد الأحداث بثلاث أيام قصد المناقشة والتصويت ، في ظروف مشحونة بالتوتر والضغط الإعلامي. يقول الرميد : في سياق الاستجابة لمتطلبات الأمن الداخلي في مواجهة احتمالات هجمات إرهابية أخرى ، كان لا بد من مسايرة التوجه العام للشعب المغربي التي كانت كانت تدعوإلى تشديد الترسانة القانونية لمواجهة الإرهاب ، ولقد صادق الحزب على هذا القانون مصادقة سياسية، غير أنه تحفظ على أمور مبينا رأيه فيها بكل جرأة ومصداقية، وامتنع عن المصادقة في أمور أخرى، وإذا كنا على بعد زمني كاف من تداعيات الأحداث ، وغير متأثرين بسياق الضغط الإعلامي ، فالأمر يتطلب إعادة النظر على نحو يتماشى مع التطور الإيجابي الذي سار عليه المغرب. إن الأمر يتطلب استكمال هذه التطورات الإيجابية، والقيام بالضروري للمضي قدما بوضعية حقوق الإنسان بهذا البلد 3 التدابير السياسية: المقصود بها الإجراءات السياسية التي اتخذتها الدولة من أجل التصالح مع الذات، ومن أجل بناء الثقة، والتأسيس لعهد جديد من الممارسة الجديدة للسلطة. وهي تدابير متنوعة يمكن تصنيفها كما يلي : الإفراج عن المعتقلين السياسيين : وذلك خلال 1990 و 1994 و 1998 و .2002 تعويض الأشخاص الذين اعتقلوا وحرموا من مهنهم ووظائفهم وأجورهم . فمجلس الإرشاد لجماعة العدل والإحسان مثلا، توصل بجميع التعويضات بما في ذلك الدكتور البشيري رحمه الله، الذي توصلت أسرته بجميع مستحقاته. عودة جميع المسرحين لأسباب سياسية إلى أعمالهم . تم التراجع عن بعض القرارات الخاطئة : (ملف السرفاتي وملف عبد السلام ياسين) . تم تعديل الدستور مرتين 1992 و 1996 ، وهو أمر في غاية الأهمية على الرغم من احتياج الدستور اليوم لمراجعة أكثر إيجابية . تم إقفال بعض المعتقلات السرية (تازمامرت وقلعة مكونة ومولاي الشريف ) ولم يفت الرميد أن يذكر بالانتهاكات الجديدة في الصدد، إذ تم استحداث معتقل جديد هو معتقل تمارة، الذي يستثمره جهاز حماية التراب الوطني شس لممارسة نفس الانتهاكات السابقة. فالمفروض في هذا الجهاز أن يسهر على حماية الأمن داخل هذا البلد، وأن يكون يقظا، لكن عليه أن يمارس كل صلاحيته في إطار القانون . تشكيل حكومة عبد الرحمان اليوسفي، التي يمكن اعتبارها تدبيرا سياسيا كبيرا في سياق تطوير الحياة الديمقراطية بالمغرب. فتشكيل هذه الحكومة أعطى نكهة جديدة للعمل السياسي بالمغرب، وأسس لثقافة جديدة، وتحولات نوعية، ومنهجية ديمقراطية تجعل الوزير الأول معينا من الأغلبية التي أفرزتها صناديق الاقتراع. إلا أن هذه المنهجية الديمقراطية، وهذا المسار، سرعان ما تم الانقلاب عليه، إذ تم اختيار إدريس جطو من خارج الأغلبية ، وهو تقنوقراطي. والرجل وإن كان شخصية مقتدرة تتمتع بكثير من الكفاءة إلا أن الأمر لا يتعلق بتقويم الرجل، وإنما يتعلق بشكل عام بتقويم المنهجية الديمقراطية التي كانت تقتضي أن يتم اختيار الوزير الأول من الأغلبية. ولقد عرف المغرب تحولا إيجابيا ملموسا في البناء الديموقراطي وحقوق الإنسان، لولا الرؤية الخاطئة التي تبنتها الدولة لتدبير ملف الإرهاب، خاصة بعدأحداث 11 شتنبر وأحداث 16 ماي . لقد كان المنطق يدفع في اتجاه تقوية الجهاز الأمني والحرص أكثر على سلامة الدولة ومواطنيها، والمواجهة الحازمة للإرهاب، إلا أن التدبير اللاعقلاني للملف جعل الدولة المغربية ترتكب مجموعة من الأخطاء التي أشرت على التراجع الحقيقي في هذا الملف . بلال التليدي