واشنطن ترفض توقيف نتانياهو وغالانت    وفاة ضابطين اثر تحطم طائرة تابعة للقوات الجوية الملكية اثناء مهمة تدريب    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    اعتقال موظفين ومسيري شركات للاشتباه في تورطهم بشبكة إجرامية لتزوير وثائق تسجيل سيارات مهربة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    بورصة البيضاء تنهي التداولات ب "انخفاض"    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في مطار الجزائر بعد انتقاده لنظام الكابرانات    رسميا.. اعتماد بطاقة الملاعب كبطاقة وحيدة لولوج الصحفيين والمصورين المهنيين للملاعب    الحكومة تُعزز حماية تراث المغرب وتَزيد استيراد الأبقار لتموين سوق اللحوم    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    خلوة مجلس حقوق الإنسان بالرباط: اجتماع للتفكير وتبادل الآراء بشأن وضعية المجلس ومستقبله    يخص حماية التراث.. مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون جديد    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صورة حقوق الإنسان في المغرب على ضوء التقارير الحقوقية الدولية
نشر في محمدية بريس يوم 09 - 03 - 2010

إن التقارير الدولية التي تنجزها المنظمات الحقوقية الدولية المتخصصة في مجال حقوق الإنسان والتي تتعاطى مع الإشكالات المطروحة في المجال الحقوقي بغية إثارة الانتباه إليها وضرورة تفادي ما ينتج عنها من تبعات، وذلك من خلال متابعة هذه التقارير لتطور وضعية حقوق الإنسان بالمغرب وتسليط الأضواء على الإرث السيء للانتهاكات من قبيل الاختفاء القسري والتعذيب والتضييق على حرية التظاهر وعلى حرية تأسيس الجمعيات وغياب ضمانات المحاكمة العادلة ...
وهو الأمر الذي استوجب إحياء الرغبة في التقدم في مجال إقرار حقوق الإنسان، وإنعاش النقاش وتجديده حول دولة القانون.
ولعل كلمة المرحوم الحسن الثاني في خطاب 18 مايو 1990 عند إحداث المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان زكت هذا الطرح، حيث يقول فيها ”
هذا هو عملكم وهذه هي مهمتكم، هي أن تغسلوا للمغرب وجهه لأنه لكل سبب تأتي منظمة العفو الدولية وتمارس علينا الرقابة وكأننا لا زلنا تحت الحماية” هذه الكلمات تعكس الإصرار الواضح على ضرورة ترجمة المتغيرات التي عرفها العالم، عند نهاية الثنائية القطبية، والدخول في حقبة جديدة شهدت فيها حقوق الإنسان نقلة توعية، فرضت اهتماما خاصا بهذه الحقوق التي تمت دسترنها ضمن تصدير الدستور بناء على التعديلات التي شملت هذا الأخير بتاريخ 4-09-1972، بإضافة فقرة تشير إلى تشبت المغرب بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالميا ” هذه الفقرة نفسها تم الحفاظ عليها في دستور 1996.
وبفضل هذا التصدير استطاع المشرع الدستوري بالمغرب أن يضيف إلى الدستور إمكانية :
- إدماج النصوص الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ضمن القانون العام المغربي.
- إغناء مفهوم حقوق الإنسان داخل النظام القانوني المغربي .
هذه التطورات والإشارات القوية، ساهمت في تعميق الوعي بحقوق الإنسان، الشيء الذي يسهل التقاطها في بداية العهد الحقوقي للملك محمد السادس لأجل توطيد الأرضية لمسار جديد تود المملكة خوض غماره، حيث تم الإعلان عن العديد من الخطوات الإصلاحية الهامة من جملتها السعي الجاد إلى تعديل وملاءمة العديد من القوانين الداخلية مع المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والحريات العامة.
كما أعلن الملك في خطاب العرش بتاريخ 30 يوليو 1999، “إقامة دولة الحق والقانون وصيانة حقوق الإنسان والحريات الفردية والجماعية”، وعلى هذا الأساس عمل الملك بغية الطي النهائي لموضوع الانتهاكات والخروقات السابقة في مجال حقوق الإنسان على إنشاء “الهيئة المستقلة لتعويض ضحايا الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري” للنظر في طلبات التعويض المقدمة لها من الضحايا، والتي ستشكل فيما بعد أرضية لتأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة، الأمر الذي جعل العديد من المنظمات الحقوقية الدولية في تقاريرها تشيد بهذه الهيئة الشيء الذي جعل نبرة جل التقارير إيجابية في تغطيتها لبداية عهد الملك محمد السادس.
وإن كان الأمر فيما بعد عرف تطورات نسبيا تتسم بنوع من السلبية، حيث إن القطيعة التي كانت مأمولة مع ماضي النظام السياسي في انتهاكات حقوق الإنسان لم تحدث، فلا إرث الماضي تمت تصفيته بالشكل المتعارف عليه دوليا، ولا هيئة الإنصاف والمصالحة فتحت طريقا حقيقيا نحو المصالحة، كما أن خروقات وانتهاكات حقوق الإنسان ظلت قائمة.
ولتسليط الضوء على حقوق الإنسان في المغرب من خلال التقارير الدولية سوف نخصص الحديث عن بعض المنظمات الحقوقية الدولية غير الحكومية التي لها إسهاماتها ومكانتها في الدفع بتطوير المجتمعات على صعيد هذه الحقوق، نظرا لما لها من تأثير وصدى بالغ لدى الرأي العام داخل وخارج الدولة، وذلك عبر مجموع الانتقادات الموجهة إلى الأطراف المعنية أولا، والمطالبة المتكررة من أجل إقرار ديمقراطية حقيقية ثانيا، كل ذلك يتم بواسطة آلية الرصد والتتبع وكذا تنفيذ التزامات الدولة في مجال حقوق الإنسان وتأمين وجود حكومات ديمقراطية خاضعة للمحاسبة، ذلك أن الغاية من هذه التقارير تصب في هذا الإتجاه.
في نفس السياق ندرج نموذجا آخر لهذه التقارير ونخص بالذكر تلك التي تنجزها جهات حكومية رسمية من قبيل تقارير الخارجية الأمريكية، حيث أن من خصائصها أنها تتقاسم مع تقارير المنظمات غير الحكومية صفتي الانتظامية والدورية غير أنها تختلف معها في مسار توظيف خلاصات التقارير غير الموجهة أساسا إلى الرأي العام ولكن لصانعي القرار في ارتباط بأهداف؛ كربط تقديم المساعدات المالية بالتقدم الحاصل في مجال حقوق الإنسان.
هذه التقارير الصادرة عن جهات غير حكومية وجهات حكومية تمارس تأثيرها على بلادنا من خلال ما تصدره من تقارير ووثائق يتم نشرها لإثارة الانتباه للوضعية الحقوقية في المغرب، وسوف نتحدث عنها من خلال بعض التقارير التي تصدرها بعض التنظيمات الحقوقية الدولية غير الحكومية “أولا” على أن نتحدث عن بعض تقارير الخارجية باعتبارها تشكل نموذجا مهما للتقارير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان”ثانيا”.
المحورالأول :
تجليات تراجع العمل بمبدأ حقوق الإنسان من منظور التقارير الدولية غير الحكومية
يمكن رصد أهم مؤشرات التراجع التي تسجلها التقارير الحقوقية الدولية للمنظمات غير الحكومية في مجالات سنجملها في استمرار أساليب التعذيب المتنوعة مع تزايد عدد الشكاوى من التعذيب والمعاملة المهينة حسب العديد من التقارير الحقوقية الدولية.
وكذا التضييق على حرية التجمع والتظاهر السلميين والعودة إلى المحاكمات غير العادلة خاصة بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001، كما أشارت إلى ذلك منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها حول أوضاع حقوق الإنسان في المغرب حيث سجلت تصاعد هذا النوع من المحاكمات لاسيما بعد تفجيرات الدار البيضاء في 16 مايو 2003، مما أدى إلى التأثر البالغ لحقوق الإنسان، وتراجع الحريات المدنية والسياسية بشكل كبير في سياق مكافحة الإرهاب خاصة بعدما أقرت السلطات قانون رقم 03-03 المتعلق بمكافحة الإرهاب.
كما أنه من أهم التراجعات أيضا التي تسجلها التقارير الحقوقية الدولية ما تتعرض له حرية التعبير وخاصة الصحافة المستقلة والتي تتعرض لعدة مضايقات من خلال تسخير آلية القضاء لمحاولة تصفيتها وتشديد الخناق عليها.
لذلك ودون الدخول في تعداد ورصد المجالات التي تعرف إشكالات حقوقية تؤرق الدولة وتشكك في الحصيلة الحقوقية التي تسعى الدولة المغربية لجعلها إيجابية، فإنه من اللازم التأكيد على أن هناك آراء تقول بأهمية المبادرات التي أقدمت عليها الدولة وتثمين شجاعتها بالنظر لما يقع في المنطقة العربية وبقية العالم من انتهاكات وذلك على الرغم مما استنفد من مجهودات مادية ضخمة دون التوصل لنتائج ملموسة، إضافة إلى عدم ترسيخ مناخ وثقافة حقوقية بين جل أطراف ومؤسسات المجتمع بالبلاد.
بحيث إنه رغم كل ما بذل في هذا الباب إلا أن ثقافة حقوق الإنسان ما زالت لم ترق كمحدد من المحددات الرئيسية في تعامل المواطنين فيما بينهم، وفي تعامل السلطات ورجال الأمن مع المواطن الذي يخضع في أحايين كثيرة لعقلية التسلط التي تعتبر هي المسيطرة في ظل غياب ثقافة حقوق الإنسان واحترام شروط المواطنة الكاملة بما تتطلبه من حقوق شمولية ومسئولية كاملة.
كما نسجل أيضا من خلال التقارير الصادرة عن هذه المنظمات الدولية غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان، مجموعة من الانتهاكات التي تهم حقوق الإنسان بالمغرب نتيجة الانخراط المباشر لهذا الأخير في الجهود الدولية الرامية إلى مكافحة الإرهاب، ومن جملتها الاعتقالات خارج القانون، ففي تقرير لمنظمة العفو لدولية لسنة 2004 وصفت فيه مفهوم الإرهاب الوارد في القانون بكونه يتضمن تعريفا واسعا وغير محدد
. كما لاحظت المنظمة أن القانون المعني قد زاد من المدة القانونية المسموح بها لاحتجاز الأشخاص قبل عرضهم على جهة قضائية للنظر في حبسهم والذي يمكن أن يتم – أي الاحتجاز- دون تهم وإشراف قضائي لمدة 12 يوما في قضايا الإرهاب وهي مدة تزيد أربعة أيام عن الحد الأقصى السابق.
فالتوقيف المؤقت مددت فترته إلى اثني عشر يوما “3أيام يمكن تجديدها أربع مرات” إلى غير ذلك من أنواع التشدد الواضح للدولة، وعدم التسامح مع أي فعل تعتبره تهديدا للأمن العام وبالتالي نصل إلى أن الحديث عن التضييق على الحريات والحرمان من الحقوق لا يكاد يفارق مجمل التقارير الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وهنا لابد أن نشير إلى أن قضية الصحراء في بعدها الحقوقي لم تسلم بدورها من هذه التقارير ونذكر على سبيل المثال تقرير منظمة العفو الدولية لسنة 2006، حيث انصب التقرير على الاحتجاجات لبعض المتظاهرين في الصحراء وتصدي الشرطة بعنف وتعاملها الصارم مع مثل هذه الأحداث، إذ اعتبر ذلك من قبيل الانتهاكات التي يجب على السلطات المغربية الكف عنها.
وأخيرا أقول إن ما تضمنته هذه التقارير الدولية من قوائم طويلة للانتهاكات المسجلة في مجال الحقوق والحريات تقدم صورة مناقضة لخطابات طي ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، و مطلب المصالحة وتقديم ضمانات لعدم تكرار ما سبق أن وقع، غير أنه ومع ذلك تبقى لهذا النوع من التقارير أهميته، إذ قد تكون له غاية مفيدة تتمثل في تقديم توصيات أو بدائل للسياسات المتبعة أو تحويل التقرير إلى قوة اقتراحية لحل المشاكل المطروحة.
المحور الثاني :
حقوق الإنسان في المغرب من خلال التقارير الحكومية للخارجية الأمريكية إن التقارير الحكومية التي نقصد هنا، ما تعده الخارجية الأمريكية وفقا للقانون الأمريكي، وتكون على هذا الأساس ملزمة بان تقدم سنويا إلى كل من رئيس مجلس النواب ولجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ تقريرا مفصلا عن حالة حقوق الإنسان في الدول المدرجة ضمن البند “أ” من قانون المساعدات الخارجية الصادر سنة 1961، والذي يعني الدول التي تتلقى معونات من الولايات المتحدة،إلا أن هذه الأخيرة قد تلجأ إلى إعداد تقارير مماثلة عن حالة حقوق الإنسان في دول لا تندرج ضمن الفقرة “أ”، ويكون ذلك مندرجا في إطار أهداف واعتبارات سياسية مختلفة .
وعلى ذلك ونظرا لكون المغرب مشمولا بهذا البند، فإنه ظل معنيا بهذه التقارير ذات الصلة بحقوق الإنسان، خاصة مع مطلع التسعينات، حيث إنه في تقرير مقدم أمام الكونغرس يوم 13 ماي 1993 تم لفت الانتباه إلى أنه فيما ” يتعلق بحقوق الإنسان فإن الحكومة المغربية حققت بعض التقدم ...لكن هناك مجالات يعتبر فيها تحقيق مزيد من التقدم أمرا ضروريا “كالتعذيب وحرية الصحافة والمحاكمات غير العادلة...” وهنا لابد من التأكيد على أن جل التقارير اللاحقة كانت بمثابة نقلة نوعية “تقرير1995′′، إذ سجلت اعترافا أمريكيا بحصول تقدم مهم في مجال حقوق الإنسان.
كما ركز جزء آخر من التقارير على التركيز على المكتسبات في هذا المجال، وإن تم التشديد على تسجيل بعض الخروقات كما جاء ذلك في تضمين كتابة الدولة الأمريكية في تقريرها لعام 2002 حيث أكدت على أن هناك تجاوزات تقترفها الدولة ضد بعض الحقوق رغم إقرارها دستوريا”.
كما أن تقرير الخارجية الأمريكية لسنة 2004، لم يخرج عن إطار التقرير السابق، إلا أنه سجل أن تطور حقوق الإنسان سار بشكل متفاوت بين المجالات؛ بمعنى آخر أن هناك ميادين يشملها تقدم بخصوص احترام حقوق الإنسان،وأخرى ما زالت بحاجة إلى مجهودات متواصلة خاصة أن المغرب سجل تراجعا في إنجازات حقوق الإنسان،وفي هذا الخضم وجه تقرير الخارجية الأمريكية الصادر في 11 مارس 2008 حول حقوق الإنسان في المغرب، انتقادات إلى القضاء المغربي واعتبره خاضعا للتأثيرات الخارجية، على الرغم من أن الدستور ينص صراحة على استقلالية القضاء المغربي ويؤكد على أن المحاكم لا تتمتع بالاستقلالية من الناحية المهنية.
ويضيف التقرير أيضا أنه إذا كان الدستور ينص على حرمة المسكن وعدم الحق في إخضاعه لتفتيش إلا بإذن من النيابة العامة، فإن الممارسة أظهرت “خاصة في قضايا الإرهاب أنه تم اللجوء إلى اقتحام البيوت من طرف عناصر الشرطة دون الإفصاح عن هوياتهم، وبدون الإدلاء بمذكرات النيابة العامة”.
غير أن هذا التراجع المسجل على مستوى هذه التقارير الحكومية الأمريكية، خاصة بعد الحادي عشر من شتنبر 2001، جعل إدارة بوش تسعى إلى مكافئة المغرب بدل معاقبته، حيث إن الإدارة الأمريكية دفعت سنة 2003 منحة قدرت بملايين الدولارات لمساعدته في الحرب التي تدعي ضد الإرهاب، الأمر الذي يدعو للاستغراب، ذلك أنه في الوقت الذي يمنح المغرب هذه الأموال فإنه في الوقت نفسه يسجل ارتدادا عن حمية الحقوق المدنية والحريات الفردية.
وهنا تكمن قيمة التقرير بالنسبة للإدارة الأمريكية،نظرا لكونه يعكس الموقف الذي تتبناه الخارجية الأمريكية إزاء دولة معينة، فإذا كانت هذه الأخيرة تسعى إلى دعم سياستها إزاء هذه الدولة أو تلك،فإنها تعد التقرير على نحو يختلف في نبرته، وإن لم يختلف بالضرورة في مضمونه، كما هو الحال بالنسبة للعديد من التقارير السنوية المتعاقبة حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب .
وإذا كان تقرير الخارجية الأمريكية ينتهي دائما بخصوص مختلف الحقوق المدنية،السياسية، الإجتماعية، الاقتصادية والثقافية، إلى خلاصة أساسية مفادها أن ممارسات السلطات التنفيذية والقضائية والأمنية تأتي في الغالب مناقضة لما تنص عليه المرجعيات “الدستور والتشريعات الوطنية”، فإن تقرير 2004 لم يعمد إلى النظر إلى هذه الممارسات من زاوية المواثيق والعهود الدولية التي صادق عليها المغرب.
ولعل ذلك يجد تفسيره في موقف الإدارة الأمريكية التي اختارت هي نفسها عدم التصديق على العديد من المرجعيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، كما أن الإشكال السياسي الذي يطرح، يأتي في سياق خاص يتميز داخليا بغياب طرف رسمي فعال، ومعني مباشر بالحوار مع مختلف الجهات الأجنبية بعدما تم إلغاء وزارة حقوق الإنسان وتعطيل دور المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في العديد من المواقف والمحطات.
كما يلاحظ أيضا أن هذه التقارير يعتريها الالتباس وتنقصها الدقة في المعطيات، غير أن ذلك لا يمنع من القول إنها تستند بنسبة كبيرة إلى الوقائع المغربية والتقارير التي سبق أن أصدرتها منظمات وجمعيات وطنية ودولية.
الخاتمة :
هكذا وتدعيما لثقافة المواطنة وحقوق الإنسان ومن أجل ضمان احترام الحقوق والحريات، فإنه يجب العمل على تطوير خطط وآليات العمل في هذا المجال حتى نتمكن من متابعة تنفيذ وتفعيل التوصيات والمقترحات الصادرة عن هيأة الإنصاف والمصالحة، خاصة الجوانب المتعلقة بإصلاح الترسانة القانونية وإعمال مقتضيات الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب في مجال حقوق الإنسان، وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية نحو تحقيق حكامة أمنية، ومواصلة انخراط البلاد في المنظومة الحقوقية الدولية.
ثم السعي إلى بلورة خطة وطنية للنهوض بحقوق الإنسان وإعداد ميثاق للمواطنة يتيح دمج البعد الديمقراطي وحقوق الإنسان في آن واحد،وذلك في إطار التزام المغرب بإعمال التوصية الصادرة عن الندوة الدولية حول حقوق الإنسان التي انعقدت بفيينا سنة 1993، والقاضية بحث الدول على صياغة خطة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان.
وتتمثل أهداف الخطة في مرافقة الحكومة باعتبارها داعمة للخطة، لمنظمات المجتمع المدني في الأنشطة الرامية إلى تقوية المؤسسات الوطنية العاملة في مجال حقوق الإنسان ومتابعة التصديق على الاتفاقيات الدولية، وملاءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية . كما تهدف الخطة أيضا إلى رد الاعتبار للدور الفعال الذي تؤديه حقوق الإنسان في التنمية الوطنية، وتحسين وضعية المجموعات الهشة بالبلاد.
د. الطالب بويا ماء العينين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.