اعتبر الشيخ جواد الخالصي، الأمين العام للمؤتمر التأسيسي العراقي، المقاومة الوطنية العراقية حالة فطرية، وأمرا مشروعا، للدفاع عن الأمن والوجود، في مواجهة قوات الاحتلال، التي تستهدف الهوية العراقية. وقال الشيخ الخالصي في حوار خاص مع وكالة "قدس برس" إن نظام المحاصصة الطائفية يراد فرضه على العراقيين، وهو أمر مرفوض، لأنه بحاجة إلى جهة خارجية تشرف عليه. وشدد على ضرورة أن تستند صياغة الدستور العراقي على أسس معينة، من أهمها جدولة واضحة لانسحاب القوات الأجنبية من العراق، وإلغاء نظام المحاصصة الطائفية. واستبعد الشيخ الخالصي في حديثه إمكانية نشوب حرب أهلية في العراق، مشيرا إلى أن النسيج الاجتماعي الخاص في العراق لا يمكن تفكيكه. وفي ما يلي نص الحوار، الذي أجراه (إياد الدليمي) أحد مراسلي وكالة "قدس برس" في الساحة العراقية. * لماذا رفضتم الدخول في العملية السياسية منذ البداية؟ - إن الدعوة للانتخابات هي مطلب لجميع القوى الوطنية، ولكن الذي دفعنا إلى مقاطعة هذه الانتخابات، أنها جرت في ظل الاحتلال الأمريكي، ولأنها لم تكن حرة ولا نزيهة، خاصة وأنها اعتمدت على قانون إدارة الدولة، الذي رفضناه منذ البداية، بشكل كامل، مما دفعنا إلى تشكيل المؤتمر التأسيسي العراقي، الذي يضم كل القوى الوطنية الرافضة للاحتلال، والعمل من خلال المؤتمر على إيجاد صيغة توافقية، للعمل على إعادة استقلال العراق. * وما هو الهدف من إنشاء هذا المؤتمر؟ - لقد اجتمعت القوى الوطنية العراقية المناهضة للاحتلال، في جامع أم القرى في 15 شباط (فبراير) 2005، لمناقشة المرحلة الراهنة واستحقاقاتها، على كل الأصعدة. ونظر المجتمعون في المقترحات المقدمة، التي ترمي إلى إعادة استقلال العراق، ووحدته، وسيادته كاملة، ومن هنا كان هذا المؤتمر التأسيسي خيمة لكل العراقيين، الذين يعملون على تحقيق الاستقلال التام للعراق، أرضا وشعبا. * كيف تنظرون إلى المقاومة العراقية بعد أكثر من عامين من الاحتلال؟ - المقاومة حالة فطرية، بل تكاد تكون نزعة تنشأ مع كل كائن حي، يدافع عن وجوده وأمنه وبيئته، وهي أمر مشروع في كل الرسالات السماوية، التي تأمر بمقاومة المحتل، حتى بين العشائر المتقاربة، فكيف والاحتلال يستهدف هويتنا ووجودنا، فضلا عن كون جنود الاحتلال قادمون من الطبقة السفلى في المجتمع الأمريكي. نحن مع المقاومة الوطنية الشريفة، التي تستهدف الاحتلال، وتهدف إلى إخراجه من أرضنا. * حصلت تجاذبات سياسية كثيرة إبان فترة تشكيل الحكومة، وصلت حد الصراع على المناصب بين الفائزين، كيف تقيمون أنتم من خارج اللعبة السياسية ما حصل؟ - هذا الاختلاف نقمة وليس رحمة، لأنه خلاف يتركز على المناصب والكراسي، وهو صراع مثبط للآمال، ومحبط جدا لمن كان له أمل. ونحن منذ البداية لم يكن لنا أمل، لأن مقدمات العملية السياسية كانت تصب في خانة المحاصصة الطائفية، وهذا أسوأ نظام يراد تطبيقه في العراق. ولقد حذرنا الأشقاء اللبنانيين من هذا النظام، لأنه لا يعطي الفرصة للشعب، وسيبقيه دائما بحاجة إلى جهة خارجية تشرف عليه وتسيره، ونحن رفضنا ذلك منذ البداية. * هل ستشاركون في صياغة الدستور الجديد؟ وما هي تصوراتكم لشكل الدستور العراقي القادم؟ - صياغة الدستور يجب أن تستند على أسس معينة، أهمها جدولة واضحة ومحددة لانسحاب القوات المحتلة من العراق، وإلغاء مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية، واعتماد مبدأ المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات، وكذلك التأكيد على هوية العراق الوطنية والعربية والإسلامية، في ظل الاعتماد على الديمقراطية والانتخابات، كخيار وحيد لتداول السلطة سلميا. وقد تم تشكيل لجنة قانونية انبثقت عن المؤتمر التأسيسي العراقي، تضم ذوي الاختصاص، للمساهمة في تحقيق الإرادة الشعبية، من أجل صياغة نصوص دستورية تلبي رغبات الشعب العراقي، مع وجوب أن تكون الشريعة الإسلامية هي القاعدة الأساسية لكتابة الدستور القادم للعراق. * يرى البعض في الطلبات التي تقدمونها مع هيئة علماء المسلمين للمشاركة في العملية السياسية، بأنها طلبات تعجيزية كيف تردون على ذلك؟ - هل انسحاب قوات الاحتلال، أو وضع جدولة زمنية لانسحابها هو طلب تعجيزي؟ إن انسحاب قوات الاحتلال هو الأمل الوحيد لاستقرار الوضع العام في مجتمعنا، وهذا ليس قولنا نحن فقط، وإنما هو حديث سائد في العديد من التجمعات والتيارات والقوى الوطنية في العراق. إن انسحاب قوات الاحتلال من العراق هو الحل الأكثر واقعية والصحيح لخروج العراق من محنته وأزمته الحالية. فالاحتلال وبعد أكثر من عامين لم يجلب لنا سوى التفرقة، ومحاولات التقسيم، بدعوى الفيدرالية. * شهدت الأيام الماضية العديد من العمليات، التي راح ضحيتها أناس أبرياء .. كيف السبيل برأيكم لإيقاف نزيف الدم العراقي؟ - لا شك أن الوحدة الوطنية تشكل حاجة موضوعية لكل الشعوب، من أجل العيش بسلام، وهذا لا يتم إلا بخروج المحتل من أرضنا. لهذا يتجلى الواجب الشرعي والأخلاقي والوطني، للعمل من أجل ترسيخ الوحدة الوطنية، وتأكيد ثوابتها، وتقوية أسسها، وتأجيل مناقشة ما قد يؤدي إلى المساس بصورتها، أو إضعاف قوتها، بأي شكل كان، فهذا وحده كفيل بإيقاف نزيف الدم العراقي. كما يجب على الأجهزة الأمنية أن تأخذ دورها في رصد حالات الفتن، وإخراج العناصر التي تحاول زرع الفتنة من تلك الدوائر، خاصة وأن هناك الكثير منها قد اندس في صفوفها، وتشكيل جهاز أمني قادر على أن يخدم الشعب العراقي ومصالحه. * بعد تصاعد عمليات القتل على الهوية هل تخشون انجرار العراق إلى حرب أهلية؟ - نحن لا نخشى حدوث هذه الحرب، لأن النسيج الخاص بالمجتمع العراقي لا يمكن تفكيكه، ولكننا نخشى من الذين يحاولون دائما إشعال الحرب الأهلية وافتعالها، خاصة ما تبثه للأسف بعض الفضائيات، التي لا شاغل لها سوى هذا الهدف الخبيث. فالعراق فيه مجموعة من العلماء، الذين يحاربون دائما هذه الأفكار، وإن شاء الله سوف لن تنجح أي جهود تريد أن تحرق العراق بنار الحرب الأهلية. * يرى البعض في التيار الخالصي بأنه تيار يغرد خارج السرب الشيعي، كيف تردون على ذلك؟ - نحن لنا نظريتنا الإسلامية التي تدعو إلى وحدة الصف الإسلامي، لذلك فنحن جزء من المجتمع الشيعي الرافض للاحتلال، والذي هو خارج السرب إنما هو من يغرد لترويج سياسات المحتل، وهدفنا من ذلك هو المحافظة على هويتنا، خوفا من أن تُسلب منا. أما الذي يروج لمثل هذه الأقاويل فإنهم أعداء التشيع الحقيقي. * كيف توفقون بين الخالصي رجل الدين المعتدل وبين الخالصي السياسي؟ - لا يوجد رجل دين ورجل سياسة، إنما الدين هو السياسة، والسياسة فرع من فروع الدين، لا ينفصلان أبدا. ولنا في السلف الصالح خير مثل في ذلك، فالخلفاء الراشدون كانوا يحكمون الأمة الإسلامية، وهم رجال دين، وقد نجحوا في ذلك. * هل تعتقدون أن قوات الاحتلال تحاول أن تروج لثقافتها الخاصة، وتعمل على فرضها على المجتمع العراقي المعروف بثقافته المحافظة؟ - أعتقد أن قوات الاحتلال قامت، منذ البداية بالترويج لثقافتها، كما قامت بالترويج لسياستها القائمة في العراق، بعد الاحتلال، ومحاولة تحسينها، مستخدمة وسائل إعلام وفضائيات موالية لها، لتحسين صورة المحتل، أمام الشعب العراقي وأمام العالم. وأعتقد أنه، رغم كل ذلك، فإن الشعب العراقي والعالم رأى بأم عينه ما فعلته تلك القوات من جرائم بحقنا في العراق، لذلك سوف نقف لمثل هذه المحاولات، التي تحاول أن تسلبنا ثقافتنا وهويتنا، بالمرصاد، لكشف جرائم المحتل. وأنا على يقين بأن العراق مليء بالوطنيين الخيرين، الذين لا يرضون بما يفعله الاحتلال. وكذلك هناك الدور المهم للعلماء في التصدي لهذه الهجمة الثقافية، التي ترافق الاحتلال، التي تقع على عاتقها توعية الجماهير المسلمة بشأن ما يراد منها، وكذلك لدينا في هذا المجال العديد من الإصدارات، التي نعتقد أنها قد تساعد أبناءنا على مواجهة هذه الثقافة الدخيلة، التي لا تمت لكلمة الثقافة بشيء. قدس برس