تحولت العديد من الأحياء بالدارالبيضاء خصوصا الأحياء الشعبية، والهامشية، فضلا عن الكاريانات ودواوير البناء العشوائي، إلى أوكار طبيعية للجرذان والفئران، وغزت جحافل الذباب والصراصير منازل البيضاويين... فيما أضحى مشهد الجردان المقززة أو الطوبات الكبيرة الحجم مألوفا، وهي تخرج من البالوعات القوادس تتنزه بأهم شوارع المدينة الرئيسية، تتنقل من بالوعة إلى أخرى دون خوف ، لا تستطيع القطط الاقتراب منها، فكبر حجمها يجعلها تضاهي حجم القطط نفسها. ويؤكد عدد من المواطنين أنهم شاهدوا الجرذان بقلب المدينة الذي يحاول المسؤولون جعله صورة حضارية للعاصمة الاقتصادية، وهي تخرج من البالوعات، وتحدثوا عن الرعب الذي يعيشه بين الفينة والأخرى المارة قرب شارع محمد الخامس، حيث يتحول الأمر إلى صراخ وهروب في شتى الاتجاهات.. وتحدث آخرون عن مشاهد وجود جيوش من هذه الجرذان الضخمة في قنوات الصرف الصحي أيضا، وبراميل القمامة وقد ملئت بالصراصير والفئران.. يشجع على تكاثرها وفرة الأزبال والنفايات، وضعف مفعول المبيدات التي من المفروض أن تستعمل لمحاربتها سنويا وبشكل منتظم. لقد أصبحت هذه الكائنات تتعايش مع الكثير من المشاكل، التي تؤثث التدبير اليومي للمدينة. فيما يبدو أن سياسة محاربة الصراصير والجرذان.. باءت بالفشل. وإذا كان من الطبيعي وجود هذه الكائنات، فإنه من غير الطبيعي أن تخصص ميزانية سنوية لشراء الأدوية لكي يتم رشها في الأحياء ومجاري مياه الصرف الصحي.. وهو ما لا يتم أو يتم بصورة تختلف من مقاطعة إلى أخرى. فمجلس مدينة الدارالبيضاء يوكل الأمر إلى مصالح حفظ الصحة، أو ربما قد يعتبر الأمر شأنا داخليا لكل مقاطعة من المقاطعات الستة عشر بالمدينة. في حين لا يحرك من يتحملون هذه المسؤولية بأقسام حفظ الصحة الأدوية من مخازنها، إلا إذا تم الإلحاح من على التدخل من خلال شكايات المواطنين. فيما ترجع مصادر مطلعة ذلك إلى أن كمية الأدوية المخصصة لهذه الغاية قليلة، خصوصا وأن المبلغ المرصود للأدوية لا يتعدى 300 مليون سنتيم، ويتحكم في توزيعها بعض المنتخبين حيث يخصصون الأحياء التي يرشحون فيها الأدوية بالأولوية.. وتبرمج الجماعة الحضرية بالدارالبيضاء اعتمادا ماليا، ضمن أبواب فريدة من نوعها بالميزانية السنوية والحساب الإداري تحت مسميات مختلفة، مواد حفظ الصحة (شراء مواد الصيانة المنزلية، شراء المواد المطهرة) شراء المبيدات للطفيليات والحشرات، شراء مواد إبادة الفئران، مصاريف.. القضاء على القمل...، مع العلم أن مقاطعات المدينة حضرية، وكان الجميع يعتقد أنها قطعت مع القمل وطوت صفحته إلى غير رجعة. من جهته أشار عبد المالك الكحيلي رئيس اللجنة المكلفة بالتنمية البشرية والاجتماعية والشؤون الاجتماعية والثقافية والرياضية، أن تدبير هذا المجال يتم من خلال مصلحة قسم حفظ الصحة والنظافة العمومية بجماعة الدارالبيضاء، الذي يندرج في إطار الشؤون الاجتماعية، وذلك عبر مصلحة إطار الحياة، وهي المصلحة القائمة على مجال التطهير ومحاربة ومكافحة انتشار الأمراض المعدية والمتنقلة عبر الحشرات والجرذان والقوارض، كما تقتني هذه المصلحة المبيدات والمواد المطهرة والآلية المخصصة لذلك، وتوزعها على جميع المكاتب الصحية التابعة للمقاطعات الحضرية، بإمكانيات محدودة جدا (سيارتين لحمل الآليات، و3 آلات لرش المبيدات، وجهازان سوينك) يضيف الكحيلي في تصريح ل التجديد، مؤكدا على أنه تحت مبرر غياب وسائل العمل (النقل، وآلات الرش..)، ومحدودية الموارد البشرية وغياب التخصص تصعب مراقبة تنفيذ البرامج وتقييم أنشطة القسم في هذا الشأن. وقال الكحيلي إن الدور الذي تقوم به الجماعة الحضرية في مجال التطهير ومحاربة الحشرات والجرذان..غير معروف لدى المواطنين، لأنه في غياب سيارات كافية تكون العمليات التي تنجز في هذا الباب تحت الطلب، ولكن ما هو مؤكد بحسب رئيس اللجنة، هو أن هذا العمل الذي تقوم به مصالح حفظ الصحة، وإن كان لا يرقى إلى المستوى المطلوب، لو توقف لتفاقم المشكل بشكل أكبر، مضيفا إلى أن هذه المجهودات وإن بدت محدودة إلا أنها تنقص من حدة المشكل المتفاقم بالدارالبيضاء. ويبلغ مجموع ما رصدته ميزانية 2009 حوالي 500 مليون سنتيم، موزعة بالشكل التالي: مواد حفظ الصحة من خلال شراء مواد الصيانة المنزلية (2 مليون سنتيم)، وشراء المواد المطهرة (2 مليون سنتيم)، ثم شراء مواد إبادة الفئران(280 مليون سنتيم)، وشراء المبيدات للطفليات والحشرات (200 مليون سنتيم)، ومصاريف الدفن والقضاء على القمل (300 ألف درهم). ويذكر أن مجلس المدينة يقوم بإبرام صفقة سنوية لجلب المبيدات، قبل أن يتم تحليلها في مختبر وزارة الفلاحة للتأكد من فعاليتها وصلاحيتها.