لقد أصبح رهان كسب مزيد من المشاهدين عند القناة الثانية يتوقف بالدرجة الأولى على المسلسلات المدبلجة، وهي إما تركية أو مكسيكية، وتشكل هذه المسلسلات نسبة كبيرة من المنتوجات المعروضة للمشاهدين، إذ تبث القناة الثانية في الفترة الحالية ست مسلسلات مدبلجة في أقل من عشر ساعات، وبمعدل ساعة واحدة لكل مسلسل يوميا. وعند مطالعة دفتر التحملات الذي يفترض أن تلتزم به القناة الثانية، والذي وقعته مع وزارة الاتصال والهيأة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) في الثالث من غشت ,2005 يلاحظ أن الدبلجة لم تتم الإشارة إليها لا من قريب ولا من بعيد، وأن الأكثر حضورا في دفتر التحملات هو التأكيد على المنتوج الوطني، والأخلاق العامة التي يجب أن تحكم معروضات القناة، وعلى حضور اللغة العربية بنسبة 70 بالمائة على الأقل. واعتبر مصدر من الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، رفض الكشف عن نفسه، أن عدم وجود أي إشارة للدبلجة في دفتر تحملات القناة الثانية، لا يمنعها من القيام بذلك، معتبرا أن ذلك فيه تشجيع للموارد البشرية التي تشتغل في الدبلجة. وفي أعقاب رده على سؤال مدى احترام الدبلجة للمقتضيات الأخرى في دفتر التحملات التي تدعو إلى احترام الأخلاق العامة وإبراز الهوية ودعم الإنتاج الوطني، اعتبر المتحدث أن الأمر فيه خلاف كبير، رافضا الإدلاء برأيه في الموضوع. وهو الخلاف الذي حسم فيه فنانون من أمثال أنور الجندي الذي دعا إلى احترام خصوصيات المغرب، وأكد في تصريح سابق للتجديد أن ما تقدمه القناة الثانية يخدش الأخلاق، ولا يمكن لأسرة بأكملها متابعة ما تقدمه، باعتباره يحمل مشاهد وتعابير لغوية سوقية. وأفاد مصدر في وزارة الاتصال أن الدبلجة اجتهاد إعلامي، طالما لا توجد إشارة إلى منعه في دفتر تحملات القناة الثانية، معتبرا أن اللجوء إلى المسلسلات المدبلجة يأتي لكون الإنتاج الوطني، في كثير من الأحيان لا يتوفر على عناصر الجودة التي تؤهله للعرض، عكس هذه المسلسلات، مؤكدا أحقية الاعتراض على المضمون باعتباره يتعارض مع ثوابت المغرب وقيمه الروحية والثقافية، غير أن الإنتاج الأجنبي يأتي لملء الفراغ الذي تسبب فيه النقص في الإنتاج الوطني. ومن جانبه دعا عبد الوهاب الرامي أستاذ في الإعلام، إلى إدخال الدبلجة في دفاتر التحملات التي تسهر وزارة الاتصال على إعدادها، وذلك وفق نسب محددة بالاستناد إلى رأي المختصين، وبما لا يؤدي إلى إقبار المنتوج الوطني، وبما يحترم خصوصيات المغرب، مضيفا أن الدبلجة يجب أن تقوم بأدوارها في التعريف بالثقافات الأخرى، ولا تستعمل لغة الشارع، خاصة وأن اللغة حاملة للمضامين حسب قوله. ودعا الرامي إلى تشكيل لجان فرز تنتقي منتوجات ذات مضامين تعتمد الجودة وتؤدي الوظائف الإعلامية، وليس فقط بجدب عدد المشاهدين، وهو ما يجب أن تحدده دفاتر التحملات على حد قوله.