توفي والد صديقي منذ مدة وكان قيد حياته يصلي إلا أنه كان لا يؤدي الزكاة بحيث إنه لم يزكي طيلة حياته، وكان يرفض الاستماع لنصائح أبنائه الذين كانوا يحثونه على أداء الزكاة باعتبارها ركنا أساسيا من أركان الإسلام. الآن بعد أن توفي الأب يسأل ابن هذا الرجل وزوجته السؤال التالي: هل يمكنهم أداء زكاة كل السنوات التي مرت عنه، وهل هناك كفارة لهذا الأمر إن الزكاة من أهم الفرائض التي اجتمعت عليها الأمة، واشتهرت شهرة جعلتها من ضروريات الدين، إذ هي عماد الدنيا في مقابل الصلاة التي هي عماد الدين. ولذلك يعد خارجا عن الإسلام مرتدا، من أنكر وجوبها. ومن امتنع عن أدائها ــ مع اعتقاد وجوبهاــ يأثم بلاشك ويدخل ضمن من ينطبق عليهم قول ربنا الكريم والذين يكنزون الذهب والفضة ولاينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم. يوم يحمى عليه في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون الآيتان:43و 35 من سورة التوبة. والآيات والأحاديث التي ترغب في أدائها وترهب عن التهاون في إخراجها كثيرة، كلها تدل ما لهذا الركن الأساسي من فوائد دينية واقتصادية واجتماعية. وقد قاتل أبو بكر الصديق رضي الله عنه مانعيها واعتبرهم مرتدين، وقال قولته المشهورة: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا ــ وفي رواية: عقالاـــ لقاتلتهم على منعها رواه الجماعة عن أبي هريرة. والزكاة في المذهب المالكي من الأمور التي لاتسقط بالموت، ولذلك قرر الفقهاء على أن من وجبت عليه زكاة وتمكن من أدائها فمات قبل أدائها، عصى، ووجب إخراجها من تركته وإن لم يوص بها لأنها حق واجب تصح الوصية به أو حق مال لزمه في حال الحياة. فلم يسقط بالموت كدين الآدمي، ولكن تنفذ من ثلث التركة كالوصية في مشهور مذهب مالك. وهناك من يرى غير هذا الرأي، لكن نظرا لأن الزكاة حق الفقراء والمساكين، وأنها حق المال، الذي هو قوام الحياة وعصبها، فنكتفي بإيراد المذهب المالكي في النازلة والذي يقضي بأدائها بعد الموت عل جميع السنوات التي مرت، وتخرج من تركة الميت قبل التوزيع والقسمة.