سؤال: علي دين يساوي خمس رأس المال من تجارتي فهل تجب علي الزكاة؟ وما قدر زكاة عروض التجارة؟ جواب: إن السائل إذا كان عاجزا عن أداء دينه لكون تجارته لا تفضل له ما يفي بدينه فهذا لا تجب عليه زكاة تجارته لأنه من الأصناف الذين يحل لهم أخذ الزكاة باعتباره غارما لا يجد ما يقضي به دينه، أما إذا كان قادرا على أداء دينه فيسقط ما عليه من الدين ثم يخرج الزكاة عما بقي من تجارته، وأما النصاب في عروض التجارة والبضائع فلم يرد تحديده في سنة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه يفهم من قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: (أعلمهم أن الله فرض عليهم كصدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم.. الحديث) (رواه والبخاري وفسره)، أما من حققت له تجارته قدرا أدنى من الغنى وجبت عليه زكاة تجارته، فإذا كانت تجارته تفي بحاجاته ومصالحه ونفقات أهله ويفضل له منها مال يدخره عليه زكاة تجارته لكونه معدودا في الأغنياء الذين تجب عليهم الزكاة، أما إذا كانت تجارته ضعيفة لا تسد خصائصه ولا تكفي لنفقة أهله فهذا غير معدود في الأغنياء بل هو ممن يحق له أن يأخذ الزكاة، والقدر الذي يخرج في زكاة التجارة هو القدر الذي يجب إخراجه في زكاة المال، ربع العشر (أي اثنين ونصف من المائة). لزكاة المال شرطان لا ثالث لهما سؤال: لي مبلغ من المال قدره ثلاثة ملايين أقرضت منها مليونا ونصف منذ أزيد من سنة وبحوزتي الآن مليونان فهل أخرج زكاة هذا المبلغ إذا حال عليه الحول مع أن شرط النماء غير متوفر فيه وأدخره لغرض مهم، فهل تجب علي الزكاة في كل المبلغ أو فقط فيما بحوزتي أو لا تجب مطلقا لأن شرط النماء غير متوفر؟ جواب: إن المال إذا بلغ النصاب الشرعي وحال عليه الحول وجبت فيه الزكاة، وهما شرطان إذا اجتمعا في المال وجبت زكاته وليس لهما شرط ثالث، كما ذكر السائل فنماء المال أو ادخاره لحاجات الإنسان وأغراضه لا يعد أي منهما شرطا في وجوب زكاة المال لعدم وجود دليل صحيح في اشتراطهم، فمن كان له مائة مليون مثلا ودار عليها العام وجبت فيها الزكاة كل سنة بصرف النظر عن الحاجة التي يدخر المال من أجلها، وكذلك الحكم فيمن كان له أقل من ذلك فما دام المال قد استوفى النصاب ودار عليه الحول فقد وجبت زكاته، سواء كان ناميا أو جامدا أو سواء كان رصيدا مدخرا للحاجة أو لشراء عقار مثلا أو كان فضلا عن الحاجة، فالزكاة تتبع المال الذي تحقق فيه الشرطان المذكوران دون اعتبار لما أرصد له المال من حاجات ومنافع، إذ لو كانت الزكاة لا تجب إلا في المال الذي استجمع الشروط الأربعة لما وجبت الزكاة في مال أبدا فليس أحد من ذوي المال إلا وماله مذخر لتجارة أو بناء بيت أو معد لنوائب الدهر ومصائبه ولغير ذلك من الأغراض والمقاصد، وهكذا يمنع الزكاة كل من كان له مال من هذا القبيل، ولا يبقى ممن يؤدي الزكاة إلا أحد أو اثنان في الماءة، وأما زكاة الدين فهي موكولة إلى المسلم، إن شاء أخرجها عن ماله الذي هو في يد غيره، وإن أخر أداءها حتى يرجع إليه ماله كان ذلك صحيحا. زكاة الدائن سؤال: مهنتي تاجر في أجزاء السيارات، هل تجب الزكاة على من عليه دين، وما هو مقدار زكاة التجارة؟ رأس المال ما بين عشرين وثلاثين مليونا، ومبلغ الدين أربعة ملايين؟ سائل من تطوان جواب: من كان عليه دين لا يستغرق رأس ماله وجبت عليه الزكاة، والسائل يبلغ رأسماله ضعف ما عليه من دين، فتجب عليه زكاة ماله بعد إسقاط الدين منه، إنه يزكي تجارته ما عدا أربعة ملايين التي هي دين عليه فإنه لا يزكيها لكونه لا يملكها، وأما زكاة التجارة فلا فرق بينها وبين زكاة المال، فالتاجر يقدر رأسماله الذي هو بضاعته ثم يخرج ما وجب فيه من الزكاة، وقد قال السائل أن رأس ماله ما بين عشرين وثلاثين مليونا فعليه أن يؤدي زكاة المبلغ الذي هو راجح عنده، ويكفيه الحرص والتقدير ولا يجب عليه إحصاء بضاعته درهما درهما ومائة مائة. إنما الأعمال بالنيات سؤال: كل شهر أعطي مقدار من المال من راتبي لإحدى الجماعات الإسلامية تتصرف فيه في المجال الدعوي، هل يمكن احتساب هذا المال زكاة؟ سؤال: هل يمكن إعطاء زكاة المال في بناء كمسجد؟ محبكم في الله عبد الحميد جواب السؤال الأول: أن هذا العطاء يصح اعتباره زكاة إذا جعله صاحبه من الزكاة واستحضر نيتها حين دفعه إلى الجهة التي ائتمنها على زكاته، أما إذا كان عطاؤه تطوعا للحركات الإسلامية ولم يستحضر نية الزكاة حين أعطاه فلما حل موسم الزكاة بدا له أن يعتبره زكاة فهذا العطاء حينئذ لا يكون زكاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.. الحديث)، والنية تستقدم العمل ولا تتأخر عنه فما دام المعطي قد اعتبر عطاءه تطوعا فلا سبيل إلى جعله زكاة بعد خروج المال من يده. وجواب السؤال الثاني أنه يجوز إنفاق الزكاة في بناء المسجد وما يتعلق به كإصلاحه أو فراشه أو تنظيفه، فكل ذلك إنفاق في سبيل الله الذي هو أحد المواطن التي تنفق فيها أموال الزكاة. لا حق للمزكي في الإشفاع بمال زكاته سؤال: تاجر بحوزته زكاة سنتين أخرج القليل منها وترك الباقي إلى أن وصل وقت الزكاة لهذه السنة، اشتغل بهذا المال وهو في غنى عنه، فما موقف الشرع من هذا؟ كيف يتم إخراج الزكاة من هذه التجارة؟ وما هي الأشياء التي يجب احتسابها؟ وهل يجوز إخراج الزكاة قبل وقتها بستة أشهر تقريبا؟ جواب السؤال الأول: إن من اتجر في مال الزكاة واستفاد منه ربحا فالمال وربحه يجب أن يدفعه إلى المستحقين للزكاة، ولا يجوز له أن ينتفع بشيء من مال زكاته لأنها حق الفقراء في مال الأغنياء، وإذا أخذ من زكاته شيئا فإنما يأخذه حراما وكان كالكلب يعود في قيئه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. وجواب السؤال الثاني: إن إخراج الزكاة قبل حلول أجلها أمر محمود وهو من المسارعة إلى الخير والمبادرة بالعمل الصالح مصداقا لقول الله عز وجل: (سارعوا إلى مغفرة من ربكم... الآية)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يبيع أحدهم دينه بعرض من الدنيا قليل) (رواه البخاري ومسلم). الزكاة تتبع المال سؤال: هل يجوز إخراج الزكاة قبل حلول الحول للضرورة؟ شؤال: ما حكم المال المدخر من أجل عمل ما كإصلاح بيت وترميمه أو من أجل الأولاد. جواب السؤال الأول أن التطوع بإخراج الزكاة قبل وجوبها على رب المال عمل صحيح دون اعتبار للضرورة في هذا الموطن، فالزكاة إنما تجب على المسلم بعد دوران العام على نصاب المال الذي يملكه ولا تجب عليه قبل ذلك، فإذا أراد المسلم أن يخرج الزكاة قبل وجوبها عليه كان متطوعا بإخراجها، لا يلام أحد على تطوعه بفعل الخير. وجواب السؤال الثاني أن المال إذا توفر فيه الشرطان الموجبان لزكاته فلا عذر ولا رخصة في وضع الزكاة عن صاحبه، فالزكاة تتبع الحالة الموصوفة بالشرطين المذكورين، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم استثناء مال كهذا من الزكاة، ومن ثم ذهب جمهور العلماء من سلف وخلف إلى القول بوجوب الزكاة في مال اليتيم الذي لا تكليف عليه، ولو كانت الزكاة تسقط عن مال مدخر لحاجة لسقطت عن مال اليتيم. من كتابه سلسلة الفتوى الجزء الثالث