شدد فضلية العلامة الدكتور القرضاوي على أن من واجب الدولة في الإسلام أن تأخذ الزكاة من الأغنياء وتردها على الفقراء بنص القرآن الكريم (خذ من أموالهم صدقة) منبها إلى أن الدولة الإسلامية كانت أول دولة في التاريخ تشن الحرب وتجيش الجيوش من أجل الفقراء لم يعرف قبل ذلك دولة في الدنيا تقاتل من أجل حقوق الفقراء. وذكر د. القرضاوي أن الاهتمام بالفقراء والمساكين وبجمع الزكاة وتوزيعها عليهم ضرورة خاصة في ظل الظروف الراهنة والمستجدات التي تمر بها الأمة، حيث هناك قوى تحارب العمل الإسلامي وتضع العراقيل في طريقه وتتهم المؤسسات الخيرية بتمويل ما يسمى الإرهاب. وأكد أن تلك التهم كذب وافتراء ولا أصل لها. وأشار إلى أهمية العمل الخيري الإسلامي الذي يسعى إلى إطعام الجائع وسد حاجة الفقير ومداواة المريض وكفالة اليتيم وإيواء المشردين ويشغل العاطل ويدرب العامل. وأبدى فضيلته استغرابه من الذين يحاولون إغلاق باب الخير لمساعدة الفقراء ويتهمونه بدعم الإرهاب، وخاطب المؤتمرين قائلا إن من أهم ما تجب مناقشته في جلسات مؤتمر الزكاة اتهام الزكاة والعمل الخيري بالإرهاب مشيرا إلى أن ديننا يفرض علينا أن نعمل للغايات العظيمة والأغراض النبيلة وفي مقدمتها مساعدة الفقراء. جاء ذلك في افتتاح المؤتمر الدولي السادس للزكاة في العاصمة القطرية الدوحة برعاية ولي العهد القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والذي ينظمه صندوق الزكاة القطري بالتعاون مع بيت الزكاة الكويتي والبنك الإسلامي للتنمية في جدة تحت شعار "المستجدات الدولية وانعكاساتها على مؤسسات الزكاة" في الفترة من 28 إلى 30 من الشهر الجاري بمشاركة 40 شخصية من 15 دولة إسلامية. وفي كلمة افتتاح لفضلية الدكتور القرضاوي قال إنها لمناسبة طيبة أن نتحدث في هذا المؤتمر الإسلامي العالمي عن فريضة عظيمة هي الزكاة التي هي الركن الثالث من أركان الإسلام بعد الشهادتين وبعد إقامة الصلاة. لقد كانت الأديان السابقة تحث على رعاية الفقراء والاهتمام بالمساكين ذوي العوز والحاجة، ولكن جاء الإسلام فنقل هذه الصدقات التطوعية نقله نوعية كبيرة حينما ارتقى بها إلى أعلى درجات الالزام الأخلاقي والتشريعي فلم يجعلها مجرد عمل خيري يتطوع به من يشاء ويحبه ويتركه من يريد فجعلها الدعامة الثالثة من دعائم الإسلام ورتب عليها من الأحكام والعقوبات الشيء الكثير في الدنيا والآخرة. في الآخرة نقرأ قوله تعالى (والذين يكنزون الذهب والفضه ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم، هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون). . وفي الدنيا يقول النبي صلى الله عليه وسلم عن زكاة الأبل : من أداها مئتجراً فله أجره ومن منعها فإنا أخذوها وشطر ماله عزمه على عزمات ربنا لا يحل لأي محمد منها شيء. ونفهم من الحديث أن من منع الزكاة يمكن أن يعزر ويعاقب بأخذ نصف ماله ، إذن فهنالك عقوبة لتارك الزكاة في الدنيا وعقوبة في الأخرة . وهكذا ارتفع الإسلام بالزكاة إلى حد الإلزام ولم يكتف بأن يتركها إلى أريحيه الأفراد وضمائرهم، فهنالك ضمائر قد تمرض وضمائر قد تموت وقد يقلب على الناس الشح وحب الدنيا وحب الذات ، فلا يصل من مالهم شئ إلى الفقير . لذلك كلف الإسلام الدولة أن تأخذ الزكاة من الاغنياء وتردها على الفقراء بنص القرآن الكريم (خذ من أموالهم صدقة 00) ومن مصارف الزكاة مصرف العاملين عليها أي الذين يقومون عليها جباية وتحصيلاً وتوزيعها وتفريقا هؤلاء يؤخذ أجورهم من ميزانية الزكاة ، ولذلك كانت الدولة الإسلامية أول دولة في التاريخ تشن الحرب وتجيش الجيوش من أجل الفقراء لم يعرف قبل ذلك دولة في الدنيا تقاتل من أجل حقوق الفقراء 00 ولكن الدولة الإسلامية هي أول دولة فعلت ذلك وقال الخليفة الأول أبو بكر الصديق قولته المشهورة : والله لو منعوني عقالاَ – حبل بعير – كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه وجهز أحد عشر جيشا تقاتل المرتدين وتقاتل مانعي الزكاة سواء بسواء وذكر فضيلته : أن الإسلام نظم الزكاة ولم يتركها للأفراد وجعل عليها حراسا ثلاثة : 1_ حارس من قبل ضمير الفرد وايمانه وهو حب الله ورسوله يدفعه لاخراج الزكاة . 2_ وهناك الضمير الاجتماعي حارس ثاني يوقظ من يهملون في أداء الفريضة . 3_ وهناك حارس الدولة ، حارس القانون فمن لم يدفعها طوعا أخذت منه كرها. ولو ترك الإسلام الزكاة لضمائر الأفراد فقد تنام ضمائرهم وقد يعطي فرد يلتفت إليه أكثر من واحد معظم أموال الزكاة. ويبقى أفراد آخرون دون أن يلتفت إليهم أحد ... شخص يأخذ أكثر جهة وآخر لا يجد من يعطيه . لذلك تدخل الإسلام ونظم الزكاة وجعل تنظيمها أمراً مهماً . وأوضح د. القرضاوي أننا إذ لم نصل لمرحلة الإلزام في إخراج الزكاة فعلينا أن نطالبهم بإخراجها ، وقال هناك منا إذا طالبته بالزكاة دفع ومن لم يطالبه أحد تكاسل وغلبه الشح والبخل. وبين أن من مهمة صناديق الزكاة أو بيوت الزكاة أو إدارات الزكاة جمع الزكاة من ناحية توزيعها على الفقراء من ناحية وتوعية المسلمين بأهمية إخراجها من ناحية ثالثة وتحسس حاجات الفقراء والبحث عنهم من ناحية رابعة. وإشار إلى أن من أشكال البحث عن الفقراء إجراء البحوث الاجتماعية الذي يعرفنا من هم المستحقون ومن الذين لا يستحقون، وكم يستحقون وماذا نعطيهم، موضحا أن مقدار العطاء في الزكاة يختلف من فقير لآخر، فقد نعطي أرملة فقيرة ماكينة خياطة، إذا أعطيت لها تستطيع أن تكتسب منها وتصرف على أيتامها. وذكر أنه ليس من مهمة الزكاة أن تعطي لقيمات يأكلها الشخص أو دريهمات ينفقها ثم نتركه. وأكد د. القرضاوي أن الأصل في الزكاة أن تحل مشكلة الفقر وأن تنقل الإنسان من الفقر إلى الغنى وأن تحول الفقراء إلى ملاك. وقال إن من قراء كتاب الفقه وخاصة فقه الشافعية يقول إن المراد في الزكاة إغناء الفقير إغناء دائماً بحيث لا يحتاج إلى الزكاة مرة أخرى، ولذلك يقول سيدنا عمر بن الخطاب إذا اعطيتم فأغنوا ويقول ( لأكررن عليهم الصدقة ولو راح على أحدهم مائة من الأبل). وأوضح فضيلته أن نصاب الزكاة خمسة إبل من كل مائة، ومعنى كلام عمر بن الخطاب أن يأخذ الفقير 20 نصاباً من الزكاة ما دام في الحصيلة متسع. وذكر فضيلة أن الزكاة ليست الوسيلة الوحيدة لعمل الخير إنما هي السياج وهي الحق المعلوم على من تجب عليه الزكاة وعلى من تجب له الزكاة وعلى المجتمع يطالب به، ولم يترك الإسلام للإنسان أن يخرجها وقتما يريد وإنما جعلها حقا معلوما، معلوم النصاب ، ومعلوم لمن يتم صرفه، فقد حدد الإسلام بنص القرآن المستحقين للزكاة حتى لا يتلاعب الناس. وأشار فضيلة إلى أن كثيرا من الدول تنجح في جمع الضرائب لكن لا تعرف أين تصرفها بالعدل. وقال قبل الإسلام كان يتم جمع الضرائب من الفلاحين والحرفيين وصغار التجار من القرى النائية، وتنفق على الملوك والقياصرة توزع على حاشيتهم ولا ينال الفقراء شيئاً منها، فكان الضرائب تجبى من الفقراء لتوزع على الأغنياء، وعندها جاء الإسلام فرض الزكاة لتؤخذ من الأغنياء وتوزع على الفقراء. وأوضح أن الأصل في الزكاة أن تجمع وتوزع في نفس المكان، فيتم جمع زكاة أغنياء كل أقليم ويتم توزيعها على فقراء نفس الإقليم، فإذا استغنى الإقليم يتم تصدير فائض الزكاة للأقاليم الأخرى الأكثر فقراً لأن الأمة الإسلامية أمة واحدة يسعى بذمتها ادناها وهي يد على من سواها. وقال إن تصدير الزكاة لخارج الإقليم الذي جمعت منه يكون ضرورياً إذا حدثت مجاعات وكوارث وجهاد لغازي اعتدى على بلد مسلم. وأشار إلى أن هناك موارد كثيرة للخير في الإسلام فهناك الزكاة المفروضة، والصدقات التطوعية، وهناك الصدقات الجارية التي تبقى الإنسان بعد موته وهي الوقف الخيري الذي له شأن عظيم في الإسلام، وهناك الوصايا التي يوصيها الإنسان بها فتقتطع من تركته بعد وفاته، والمال الذي فيه شبهة من موارد الخير لا يحق للمسلم أن يصرفه وإنما يوزعه على الفقراء وعلى وجوه الخير في ما يسمى مصرف المال الحرام أو المال المشتبه فيه. وقد وسع الإسلام في وجوه الخير وطلب من المسلمين أن يتوسعوا فيها قال تعالى (يا أيها الذين أمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون). وذكر د. القرضاوي أن المسلم مطالب بفعل الخير وحث الآخرين على فعله، وكل مسلم قادر مطالب بإطعام المسكين، وغير القادر مطالب بالحض على إطعام المسكين، وقال لا يوجد دين جعل الحض على إطعام المسكين فريضة إلا الاسلام لقوله تعالى (أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين). والمكذب بالدين هو الكافر الذي لا دين له يدع اليتيم ويقهره ولا يهتم بهذا النوع من الناس لأنه يعيش لنفسه. وأشار إلى أن من مشاهد الجحيم يوم القيامة عذاب صنف من الناس وصفهم القران في قوله تعالى (خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه، ثم في سلسة زرعها سبعون ذراعاً فإسلكوه). وأوضح أن سبب ذلك هو أنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين. وأكد فضيلة القرضاوي أننا كمسلمين مطالبون بالاهتمام بالفقراء والمساكين جميعاً وأن هؤلاء ليسوا كماً مهملاً في المجتمع الإسلامي بل لهم قيمتهم ومكانتهم، وقال إن الضعفاء هم عدة الإنتاج في السلم وعمدة النصر في الحرب وذكر الحديث الشريف (هل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم) . وذكر أن الاهتمام بالفقراء والمساكين وبجمع الزكاة وتوزيعها عليهم ضرورة خاصة في ظل الظروف الراهنة والمستجدات التي تمر بها الأمة، حيث هناك قوى تحارب العمل الإسلامي وتضع العراقيل في طريقه وتتهم المؤسسات الخيرية بتمويل الإرهاب ، وأكد أن تلك التهم كذب وافتراء ولا أصل له. وأشار إلى أهمية العمل الخيري الإسلامي الذي يسعى إلى إطعام الجائع وسد حاجة الفقير ومداواة المريض وكفالة اليتيم وإيواء المشردين ويشغل العاطل ويدرب العامل. وأبدى فضيلته استغرابه من الذين يحاولون إغلاق باب الخير لمساعدة الفقراء ويتهمونه بدعم الإرهاب مخاطبا المؤتمرين قائلاً إن من أهم ما تجب مناقشته في جلسات مؤتمر الزكاة اتهام الزكاة والعمل الخيري بالإرهاب، وقال: نحن مطالبون بأن نبين للناس أن ديننا يفرض علينا أن نعمل للغايات العظيمة والأغراض النبيلة وفي مقدمتها مساعدة الفقراء. ويتناول المشاركون عدة مواضيع تتعلق بالزكاة هي : د. نجيب عبد الوهاب – مؤسسات الزكاة ودورها في استقرار المجتمعات ومحاربة التطرف ، د. نوري بشير مبارك – مؤسسات الزكاة والأمن الاجتماعي ، د. العياش فداد – نحو مؤسسة عالمية للزكاة في ظل المستجدات الدولية الراهنة، د. مروان قباني – الأبنية التنظيمية لمؤسسات زكاة المستقبل، د. عبد الستار الخويلدي – آثر المستجدات الدولية في التشريعات المعاصرة للزكاة، مدير صندوق الزكاة في قطر – تجربة الزكاة في دولة قطر، د. أحمد الراوي – تجربة مؤسسات الزكاة في أوروبا، د. أحمد مجذوب احمد – تجربة الزكاة في السودان الجانب القانوني والمالي والتنفيذي والتنظيمي ، د. معبد الجارحي – تداعيات الخصخصة والعولمة على مؤسسات الزكاة، د. رفيق المصري – دور الزكاة في إعادة توزيع الثروة والدخل، د. رفعت العوضي – أثر الزكاة على تشغيل العالمة، د. عثمان يوسف الحجي – أنظمة المعلومات ودورها في دعم القرار في مؤسسات الزكاة. الدوحة- عبد الحكيم أحمين