أين تندرج جرائم التحرش الجنس، وترويج الصور الإباحية والاغتصاب بالنسبة للتشريع المغربي؟ وهل التشريعات الحالية كافية لصد مثل هذه الأفعال قانونيا؟ تندرج جرائم التحرش الجنسي وترويج الصور الإباحية والاغتصاب...ضمن جرائم العرض، ويلحق بجرائم العرض كذلك التحريض على ممارستها وأعمال الوساطة والاتجار والمساعدة على ارتكابها وجرائم انتهاك أو الإخلال بالآداب العامة. والقانون المغربي عاقب على جرائم العرض بالمواد 483 إلى 504 من القانون الجنائي كما عاقب من خلال المواد من 59 لغاية 66 من قانون الصحافة بتاريخ 15 نونبر ,1958 وتعرض لأعمال ترويج الصور الإباحية المخلة بالمروءة، وكذا المطبوعات، أو المكتوبات أو الرسوم أو الإعلانات أوالمنقوشات أو اللوحات الزيتية أو الصور الشمسية أو الأفلام أو الصور الخليعة، وكل الأشياء المنافية للآداب والأخلاق. غير أن القانون الجنائي المغربي يفتقر إلى نص يجرم جنحة التحرش الجنسي ومعاكسة النساء بالأزقة والسيارات، حيث غالبية الشباب بلا عمل، وهمه الوحيد هو التعرض للنساء ومعاكستهن بسبب عدم الالتزام بالقواعد الأخلاقية التي تحض عليها تعاليم الإسلام، إذ تتعرض النساء وخصوصا التلميذات والطالبات في الأزقة لبعض المطاردات بالسيارات الفاخرة من قبل المتحرشين الغير المسؤولين الذين لا عمل لهم سوى خدش حياء النساء، وأمام مرأى ومسمع رجال السلطة والشرطة، لغياب نص قانوني من شأنه إثارة حملات من قبل رجال المخزن لإحالة المتحرشين على العدالة لإنزال العقاب بهم. ففي دولة الإمارات العربية المتحدة يتعرض المتهم بما أشير إليه لغرامة تصل 3000 دولار، مع سجن مدة عام إذا أدين بخدش حياء أنثى سواء بالقول أو الفعل. هل القوانين المغربية تسير في اتجاه تشديد العقاب على مرتكبي هذه الجرائم؟ على خلاف العديد من الدول العربية؛ القضاء بالمغرب يميل إلى التساهل في العقاب على جرائم العرض كالاغتصاب والخيانة الزوجية والفساد؛ بدعوى التطور أحيانا وصيانة الحرية الفردية، أو بسبب تضييق وحصر حالات التلبس في الأربعة الواردة في المادة 58 من قانون المسطرة الجنائية، والتي ساعدت وبصورة مكثفة على تزايد الإجرام في هذا الصدد، والإفلات من العقاب في جرائم عرض كثيرة. إلا أن الواقع المعاش أثبت أن جرائم العرض في ارتفاع مستمر؛ سواء عن طريق الاحتراف أو الصدفة ، وهي ظاهرة عمت كل المجتمعات لمرونة التشريعات، والقوانين في مواجهتها، وعدم تفعيل وكفاية هذه الأخيرة في محاربة الظواهر الخطيرة. في نظركم، هل تحتاج النصوص المجرمة إلى هذه الأفعال وقفة لمراجعتها؟ بالطبع، الفصول القانونية المتعلقة بالموضوع في حاجة إلى مراجعة، وتعديل وتشديد العقوبات بشكل تصير معه أكثر ردعا مما هو عليه الحال لتكون كفيلة بزجر الناس على إتيان مثل هذه الجرائم الخطيرة على المجتمع، إذ أن المقياس الصحيح لنجاح العقوبة هو مدى تأثيرها على المجرمين وعلى الجريمة بصفة عامة، وبالتالي ففي حالة نقص عدد المجرمين، وقلة الجرائم دليل على أن العقوبة أعطت أكلها، وإن زاد عدد المجرمين كما هو الحال في مجتمعنا فذلك دليل على فشل العقوبة، ووجب على المشرع والقاضي أن يستبدلوها بعقوبات أخرى بأن تردع المجرمين، وتصرفهم عن ارتكاب مثل هذه الجرائم المنتشرة بصورة مهولة. وتبعا لعدم كفاية النصوص القانونية أعلاه لمحاربة هذه الظاهرة الإجرامية المستهجنة والمشينة؛ يبقى النهوض بالاجتهاد القضائي مطلبا شرعيا ملحا تمليه الحياة المعاصرة ونوازلها، وتشفع بهذا المطلب مؤيدات شرعية وعقلية؛ لأن الحياة المعاصرة ولود معطاء تتمخض كل ساعة عن جديد تنزع به قديما، كما أن الاجتهاد يساعد القاضي على إصابة الحق ونصب موازين القسط، وتحقيق الشرع على الواقع. وغير خاف على القاضي أن إصابة الحق مطلب ضروري يستقيم به أمر القضاء، وتزكو به ثمرته. والنهوض بالاجتهاد القضائي المعاصر يحتاج إلى صياغة رؤية إصلاحية محكمة شاملة لمناحي القصور، ومستوفية لأغراض العلاج؛ فضلا عن إخراج هذه الرؤية من الحيز النظري إلى الحيز التطبيقي لتؤتي أكلها بقوة الفعل وفاعلية الإنجاز. ميمون لغميري-محامي بهيئة الناضور