- الآية المرجعية: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُور، أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفاعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز - دلالات العدوان على غزة: - الصهاينة قوم مجرمون إرهابيون - نفاق دولي مكشوف -تخاذل حكام المسلمين - تفاعل الشعوب العربية والإسلامية بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى أهله وصحبه أجمعين، وبعد يقول الله عز وجل في كتابه العزيز وهو أصدق القائلين: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفاعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) وقال سبحانه:وَكَأَيّن مّن نَّبِىّ قتَلَ مَعَهُ رِبّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِى سَبِيلِ ؟للَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا ؟سْتَكَانُواْ وَ؟للَّهُ يُحِبُّ ؟لصَّـ؟بِرِينَ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا ؟غْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِى أَمْرِنَا وَثَبّتْ أَقْدَامَنَا و؟نصُرْنَا عَلَى ؟لْقَوْمِ ؟لْكَـ؟فِرِينَ (آل عمران146:، 147). صدق الله العظيم الصهاينة بطبعهم مجرمون أيها الإخوة المصلون، عظّم الله أجرَكم وأحسن عزاءَكم فيما حلّ بإخواننا المسلمين في قطاع العزّة والشموخ؛ أشلاءٌ متمزِّقة ودماء متدفّقة، بيوتٌ على أهلها تدمَّر ومرافقُ حياتهم تُفجَّر، دموعٌ تتوالى وصيحات تتعالى، ومهما كُتِب ومهما قيل فلن يكون مدادُ المحابر أبلغَ من دماء الأبطال، ولا خُطب المنابر أفصحَ مِن صرخات الأطفال، فحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوّة إلا به. فهاهو جيش الغدر الصهيوني يدك مدن وقرى ومخيمات غزة، يعيث في الأرض فساداً يقتل بوحشية ويدمر ويأسر ويرتكب المجازر ويهدم المساجد والبيوت ويحاصر شعبنا في غزة، وإن كان من دلالة لهذا العدوان فإنما يدل أولا: على أن الصهاينة قوم مجرمون إرهابيون كما قال الله عز وجل فيهم: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ؟لنَّاسِ عَدَاوَةً لّلَّذِينَ ءامَنُواْ ؟لْيَهُودَ وَ؟لَّذِينَ أَشْرَكُواْ (المائدة82). هذا الاجتياح له دلالته على أن اليهود قتلة الأنبياء، فقد قتلوا سيدنا زكريا ويحيى عليه السلام، وحاولوا صلب السيد المسيح عليه السلام، وحاولوا قتل النبي محمد ، وتاريخهم كما تعرفون سلسلة من الجرائم في كفر قاسم وفي دير ياسين وفي صبرا وشاتيلا وكل لبنان والجولان وسيناء وغيرها من بقاع المسلمين. إذاً ما يرتكبه الصهاينة من مجازر في غزة العزة و الصمود هو من مسلسل إجرامهم، وهو يؤكد دائما استحالة التعايش السلمي بيننا وبينهم، وهذا تذكير لأبناء جلدتنا ولمن يلهثون خلف ما يسمى بالمسيرة السلمية والحل السلمي، إذ أنه من الاستحالة أن يكون هناك تعايش سلمي بين هؤلاء الصهاينة ـ الذين ارتكبوا هذه المجازر في الماضي ويرتكبونها اليوم ـ وبين الشعب الأعزل في فلسطين.. وهذا العدوان في دليل لمن لا يزال بحاجة إلى دليل أن هذه العصابة قتلة مجرمون إرهابيون عدوانيون. نفاق دولي مكشوف أما الدلالة الثانية في هذا الإجرام على غزة: هو هذا النفاق الدولي المكشوف فما كان الجيش الصهيوني ليقدم على فعلته إلا من خلال مباركة وموافقة من زرعهوه أول مرة في جسم الأمة ومن يقومون على رعايته اليوم، وكما تعلمون فالغرب وبالتحديد من يقوده وقف مع هذا الكيان الإجرامي منذ أكثر من سبعين سنة، ودعموه سياسياً وعسكرياً ومالياً، وهذا أيضا تذكير لأبناء جلدتنا، ممن يزعمون ويطمحون ويرجون ممن يرعى الإرهاب أن يكون راعيا للسلام ! ولو كنا نسمع لكلام ربنا لسمعنا قول الله عز وجل: وَلَن تَرْضَى؟ عَنكَ ؟لْيَهُودُ وَلاَ ؟لنَّصَـ؟رَى؟ حَتَّى؟ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ (البقرة120). فالصهاينة ومن خلفهم في خندق معادي للأمة ولهويتها ودينها وحقوقها ويهم من ينتظر منهم الحلول، وليس لنا من أمل إلا في الله ثم التشمير على ساعد الجد لمواجهة العدوان وإعداد العدة وتوحيد الكلمة وأداء حقوق الأخوة ونصرة المظلوم. والخروج من هذا الوضع المخزي والعار الكبير. أما الدلالة الثالثة على هذا العدوان: فقد ظهر عجز وتخاذل حكام المسلمين، فهاهم كغيرهم يشاهدون المجازر التي يرتكبها الصهاينة ضد شعبنا ولا يحركون ساكناً ويقفون موقف المتفرج يصدق فيهم قول الله عز وجل: وَضَرَبَ ؟للَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى؟ شَىْء وَهُوَ كَلٌّ عَلَى؟ مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ (النحل76). يعيش عدد من أنظمتهم على مساعدات ملغومة لأعداء الأمة وما من مساعدة يقدمها هؤلاء إلا ويقصد بها مصادرة الإرادة ومصادرة القرار السياسي .. ولذلك يذبح الشعب الفلسطيني وحكامنا ينظرون ويحملقون وما ندري لأي شيء هذه الجحافيل من الجيوش التي تملأ الشوارع والثكنات وهذه الصفقات المتتالية من الأسلحة كلما صدئت خلصوا صناعة الغرب من كسادها ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ويصدق فيهم قول الشاعر: لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي ويقول الشاعر أيضاً: دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي يُذبح الناس في غزة، ولا من يتحرك حركة جادة وفاعلة ومؤثرة، لا نسمع غير مبادرة هزيلة محتشمة من هنا ومن هناك، وبعضهم تقول عند كلامه يا ليته سكت ووقر المجاهدين العظام في غزة والذين يخوضون بما أتاهم الله معركة العزة والكرامة يريدون إما النصر وإما الشهادة، وما أدري كيف يواجه هؤلاء المخذلين من الحكام والأنظمة العاجزة الجبانة ربكم يوم القيامة؟ إن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يقول كلمته المأثورة: (والله لو عثرت بغلة في أرض الفرات لخفت أن يسألني الله عنها يوم القيامة لمَ لم أسوِ لها الطريق)، لله درك يا عمر بن الخطاب تخشى من الله يوم القيامة أن يسألك عن ناقة تعثرت في أرض الفرات. فهذا شعب يذبح، فبأي وجه سوف تلتقون ربكم، وماذا يكتب التاريخ عنكم. تفاعل الشعوب وواجبهم أما الدلالة الرابعة، فقد أظهر هذا العدوان الغاشم تفاعلاً لدى جميع الشعوب العربية والإسلامية بل وجميع أحرار الدنيا، فهذه الملايين في كل أنحاء العالم العربي والإسلامي قد هبت لاستنكار ما يحث إخواننا في غزة وخرجت المظاهرات المليونية ومنها مسيرة الشعب المغربي في الرباط وإنها بداية صحوة ضمير مباركة ينبغي أن يتلوها ما ينفع إخواننا والقضية في مجملها وعموم الأمة، فوجب أن يليها: 1 تجديد التوبة، وصدق الالتجاء إلى الله، والاجتهاد في الاستقامة على شرع الله، واجتناب المعاصي والابتعاد عما حرم الله. 2 تحقيق الأخوة الإيمانية وتوكيد الرابطة الإسلامية بنصرة إخواننا المجاهدين في فلسطين ببذل المال وتقديم الإغاثة لهم بكل الوسائل والإمكانات المتاحة ومشاركتهم شعورياً وعاطفياً باستشعار مصابهم وآلامهم، 3 التوعية بالحقائق الإيمانية والمبادئ الإسلامية في مواجهة الأعداء ومجابهة الخطوب وتوضيح المعاني الشرعية الصحيحة للمفاهيم الإسلامية المهمة كالجهاد والولاء والبراء، وتعزيزها في ضوء النصوص الشرعية والأحداث الواقعية وحقيقة الصراع بين الحق والباطل مع التحذير من التخذيل واختلاط المفاهيم . 4 التحذير من التطبيع مع العدو الصهيوني، وبيان مخاطره الجسيمة،وتجاربه الوخيمة، و توضيح ما ينتج عنه من الغزو الثقافي والفكري، والخلل الاجتماعي، والضعف الاقتصادي، والإتلاف الزراعي، فضلاً عن ا لتجسس والاختراق الأمني، وغير ذلك من الأضرار الخطيرة التي تعين العدو وتمكنه من النيل من المسلمين وإلحاق الضرر بهم وذلك محرم لا يجوز بحال، ويلحق به في الحكم ما يؤدي إليه. 5 التخفف من الدنيا وتجنب الركون إليها والبعد عن الاستكثار من المباحات والانشغال بالكماليات ، والاعتبار بما جرى لإخواننا من الدمار والعدوان، وتهيئة النفوس لحياة الجد والعزم، واستنهاض الهمم لعيش العزة والكرامة، وتحديث النفس بالدفاع عن الإسلام والمسلمين وصد عدوان المعتدين . 6 العمل على إحياء المقاطعة الاقتصادية للبضائع والخدمات والمصالح التجارية للكيان الصهيوني ومن يدعمون هذا الكيان، والتنبيه على أهمية ذلك وجدواه كسلاح من أسلحة المقاومة ضد العدو. 7 استحضار ضراوة المعركة وخطورة المؤامرة التي يجتمع فيها العدو الصهيوني، مع دعم مطلق من أمريكا، وتآزر مباشر وغير مباشر من أوروبا، وأهمية إدراك استهداف مكامن القوة والعزة عند المسلمين، والعمل على تفريق صفهم وتفتيت وحدتهم والاستفراد بهم كلاً على حده على مستوى الدول والشعوب، وضرورة تفويت الفرصة على الأعداء بالوحدة والنصرة حتى لا يأتي يوم يقال فيه أكلت يوم أكل الثور الأبيض . الابتهال إلى الله تعالى، والقنوت في الصلوات، والتضرع في الخلوات، وتحري أوقات الإجابة في جوف الليل والأسحار بأن يعز الله الإسلام والمسلمين ويحبط كيد الأعداء المجرمين . 9 قيام علماء الإسلام ودعاته ومفكريه بواجبهم في إيقاظ الأمة وتنبيهها للمخاطر، وتقوية عزيمتها، وحفظ إراداتها من أسباب الوهن والإحباط والاستسلام، وكشف طرائق ومخاطر الذين يسعون في جعلها تابعة ذليلة خانعة، ومن أوجب واجباتهم وضع التصورات والخطط وبرامج الأعمال التي تستهدف نهضة الأمة ووحدتها ورفع معنوياتها وزيادة فاعليتها ورسم مستقبلها وحفظ حقوق أجيالها وعدم الاكتفاء بإلقاء التبعة في ذلك على الحكومات. قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَان) المائدة: من الآية2 وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا صحيح البخاري (2266)، ومسلم (4684). وصحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى . صحيح مسلم (4685). وصحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَن كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَن فَرَّجَ عَن مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِن كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. صحيح البخاري (2262)، ومسلم (4677 فإذا جاع المسلمون فلا مال لأحد ، فيجب انطلاقا من هذه القاعدة على كل مسلم ومسلمة أن يبذلوا ما في وسعهم لإنقاذ إخوانهم الفلسطينيين مما يتعرضون له وكذلك إنقاذ مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وثالث الحرمين المسجد الأقصى المبارك من براثين الاحتلال الصهيوني. الاحتلال الى زوال ونقول لإخواننا يا أبناء العزة والكرامة ويا أبناء أرض الرباط في فلسطين، استمروا في مقاومتكم، في جهادكم، و تمسكوا بكتاب الله عز وجل وبسنة نبينا محمد، ووحدوا صفوفكم واصبروا على هذه الابتلاءات، فلا يمكن أبدا لشعب مسلم عبر التاريخ أن يمكّن له إلا بعد الابتلاء، فالفرج آت بإذن الله، والنصر قريب بإذن الله.. فمصير الاحتلال كغيره من صور الاحتلال، فقد احتل الفرس والروم فلسطين، واحتل الصليبيون والتتار فلسطين، لكن كل هذا كله زال، وسيزول هذا الاحتلال القائم بإذن الله عز وجل، فمصير إسرائيل إلى الزوال مصداقا لقول الله تبارك وتعالى: فَإِذَا جَاء وَعْدُ ؟لآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (الإسراء104)، فَإِذَا جَاء وَعْدُ ؟لآخِرَةِ لِيَسُوءواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ ؟لْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا (الإسراء7)، أي سيدخل المسلمون، سيدخل الأردني والمصري والسوري والعراقي والسعودي والمغربي، سيدخلون القدسوفلسطين فاتحين مكبرين مهللين، وُسيقضى على دولة إسرائيل بإذن الله إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً (المعارج6-7 صدق القائل: ((واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً)) أو كما قال. ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.