قال عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح والخبير في مجمع الفقه الإسلامي الدكتور أحمد الريسوني إن إسرائيل تأبى إلا أن تغرس كراهيتها لدى مئات الملايين من المسلمين، وهي الضمانة لحتف إسرائيل. وأوضح أن درجة تفاعل المغاربة أكبر من أي وقت مضى، حيث يرى إجماعا بين المغاربة لم أشهده من قبل، وإن قضية فلسطين يجب أن نعرف أنها قضية دينية ومصيرية وقضية الأمة كلها، وبأن الأمة تتزود من هذه القضية بصمود الشعب الفلسطيني وثباته وتمثيله للأمة. وأوضح الريسوني وهو عضو وفد اتحاد العلماء المسلمين الذي سيزور عددا من البلدان العربية نحن نؤمن أن الدول العربية لو أخذت الأمر بجد لاستطاعت أن توقف الحرب على غزة ووقف الحصار. نحن لا ندعو هؤلاء القادة لعقد قمة من أجل الشجب فقط، ندعوهم لعقد قمة يكون لها أثر، فنحن لا ندعو إلى قمة فاشلة ولكن نعتبر أن القمة مؤشر ودليل على قدر من العناية، ولو أن الاضطرارية خير من عدمها. وشدد الريسوني على أنه على الحكومة في المغرب حتى إذا لم تقم بمثل مبادرة الملك السعودي لجمع المال لغزة فعليها أن تسمح على الأقل عن جمع التبرعات، وبأنه حينما تقوم الدولة بالضغط على التظاهر وعلى التبرع والمساندة الشعبية وإرسال أشكال من الدعم فهذا سيكون جناية ومشاركة بشكل من الأشكال في العدوان على الشعب الفلسطيني. وهذا نص الحوار: أولا ما رأيكم في ما يجري في المغرب بشأن غزة؟ بسم الله الرحمان الرحيم: أولا وأنا بعيد عن المغرب أسمع وأتابع باستمرار أن هناك انتفاضة شعبية حقيقية واسعة وأنها تمتد أكثر من أي وقت مضى على مناطق المغرب وجهاته ومدنه، ومعنى هذا أن الشعب المغربي يعيش في قلب الحدث وقلب المعركة، بل أكثر من هذا قدر لي أن أتابع جلسة النواب المغربي حيث وجدت فيها مستوى من التفاعل والتجاوب غير المسبوق، ورأيت لأول مرة الفرق البرلمانية يصفق بعضها لبعض، بمعنى أن كل المتدخلين المتحدثين باسم الأحزاب المغربية المختلفة يلقى تأييدا من الفرق الأخرى وهذا ما لم نعهده في أي قضية أخرى، ورأيت رئيس البرمان وأعضاءه يضعون الرمز الفلسطيني المتمثل في الكوفية الفلسطينية، وهذا معناه تجاوب البرلمانيين مع قواعدهم وشعبهم، هذه كلها تدل على أن درجة التفاعل أكثر من أي وقت مضى، حيث أرى إجماعا بين المغاربة لم أشهده من قبل. الشعب المغربي كله منتفض تقريبا، هل ستفيد هذه الانتفاضة الفلسطينيين شيئا؟ ستفيد الفلسطينيين كما ستفيد الأمة لأن قضية فلسطين، وإن كان يظهر أنها على بقعة بعيدة عن المغرب لكن قضية فلسطين يجب أن نعرف أنها قضية دينية ومصيرية وقضية الأمة كلها، والذي أسأل عنه هو ما هي استفادة الأمة من قضية فلسطين وليس فقط ما هي استفادة فلسطين من الأمة؟ وأنا كتبت قديما في مقالات قصيرة بعنوان وتزودوا من شعب فلسطين، والآن الأمة تتزود من هذه القضية بصمود الشعب الفلسطيني وثباته وتمثيله للأمة، فهذه التحركات سواء استفادت من القضية الفلسطينة أو استفادت منها القضية الفلسطينية في النهاية، كل هذا يصب في يقظة الأمة وفي مصيرها ودورها وحياتها. وأنا أتذكر يوم تولى أرييل شارون رئاسة وزراء العدو وأعلن عن خطة من مائة يوم للقضاء على الانتفاضة الأخيرة، وتحدثت في مناسبة كانت حول هذه الأحداث بأنه يجب أن نضع خطة في مائة سنة للقضاء على إسرائيل، فنحن نعرف أنها معركة طويلة وأن شروط النصر غير متوفرة، ولكن شروط النصر كامنة، والذي يبقيها حية ومتأهبة وقابلة للتشغيل في الوقت المناسب هو هذه الانتفاضة التي تمتد من داكار إلى جاكرتا بل تمتد في شرايين المسلمين في القارات الخمس. بهذا المنطق أفكر في فائدة هذه الانتفاضة الشعبية في إندونسيا أو في السويد أو في المغرب أو أي نقطة من العالم بأن تبقى القضية حية، وإيمانها بحقها يبقى، وإيمانها بذاتها يبقى فهذا كله يتحقق، والنصر اليوم في هذه الظروف هو نصر جزئي أحيانا، فكل المحللين والمراقبين يجمعون على أنه يكون هناك نصر إذا لم تحقق الدولة الغاصبة هدفها، ولذلك اعتبرت الحرب في لبنان في 2006 نصرا، مع العلم أنها فعلت ما فعلت لأنه الآن إذا أوقفنا عدوان العدو وتحطمت آماله، هذا يعتبر نصرا بالنسة إلى هذه المرحلة. ولكن النصر التام آت لا ريب فيه، وإسرائيل تأبى إلا أن تغرس كراهيتها لدى مئات الملايين من المسلمين هو الضمانة لحتف إسرائيل وحذفها من الخارطة. حاليا الشارع العربي والمغربي منتفض، لكنه يعاني من تدخل أمني عنيف ومن غياب قيادات تقوده دون وقوع بعضه في الفوضى وتقوده نحو الاستمرار في الانتفاضة، كيف تنظرون إلى هذه المعطيات؟ أرى هذا كله إيجابيا وبدون مبالغة أو افتعال الروح الإيجابية، أولا أن تكون هناك معاناة من الأمن وقمعه فهذا يعطي التظاهرات قيمتها وإلا أصبحت نزهة، لأن الناس يخروجون إلى الشوارع في جميع الأحوال، فما الفرق بين من يتمشى ويتنزه ومن يخرج لأداء رسالة؟ الفرق هو هذا أن يكون هناك اضطهاد وهراوات وقمع وتضييق. أما عدم وجود قيادات فهذا يؤكد أن هذه الانتفاضات شعبية وإلا سيقولون هذه قضية الإخوان المسلمين أو قضية العدالة والتنمية أو قضية حماس، لا، فحينما تخرج الأمور عشوائية وتلقائية ومع وجود كل هذه الفئات مع الجماهير هذا هو الذي يؤكد أن هذه القضية شعبية وهذه رسالة مهمة، لأنه حينما يفهم القادة والغربيون أن هذا تعبير عفوي فوضوي عشوائي يقدرون أن هذه الأمور متجدرة، ولكن حينما نخرج كما خرجت في تظاهرات تنظيمية محددة ذات لون واحد أكون متأسفا مهما كان العدد والتنظيم لأننا نكون أصحاب قضية معزولة ومحصورة فيما بيننا. ما دور المسؤولين المغاربة في هذا الظرف بالضبط؟ الفاعلون المدنيون والسياسيون المغاربة يقولون بأننا نحن لا نطلب من الحكومة أن توقف أو تدعم، لكن كما أن لها حساباتها وأجندتها فلتترك الشعوب والقوى الأهلية والشعبية تعبر عن أجندتها، باستثناء دول الطوق التي لها مسؤولية إضافية، أما الدول الأخرى إذا تركت الشعوب تتحرك وتتبرع ومن أراد أن يتطوع فليتطوع دون أن يعد إرهابيا، فالآن في السعودية يعلن الملك عبد الله عن حملة شعبية، فهذا أمر ممتاز، في المغرب حتى إذا لم تقم الدولة بهذه المبادرة فعليها أن تسمح بجمع التبرعات، فحينما تقوم الدولة بالضغط على التظاهر وعلى التبرع والمساندة الشعبية وإرسال أشكال من الدعم فهذا يكون جناية ومشاركة بشكل من الأشكال في العدوان على الشعب الفلسطيني. ما الأولويات التي ترى أن على المجالس العلمية القيام بها ولو في الحد الأدنى؟ ما يسمى عندنا بالمجالس العلمية هي مجالس وعظية، هذا هو الاسم الصحيح لأن المجالس العلمية تعني أنها مجالس للعلماء وهذا غير صحيح، طبعا فيها بعض العلماء ولكن حسب ما أريد لها هي مجالس وعظية، وفي إطار الوعظ والدروس التي يلقونها من واجبهم أن تكون هذه القضية حاضرة على الدوام خاصة في هذه الظروف باعتبارها قضية إسلامية ودينية وقضية أمة مذكورة في القرآن والحديث الشريف، لذا لا نطالبها بالشيء الكبير فهي ليست مؤسسة علماء عليها أن تتخذ مواقف فحينما نطالبها بهذا، نطالبها بغير ما أنشئت له وبغير ما هو في قوانينها وشروطها، لكن علماء المجالس العلمية بصفاتهم كعلماء وكأفراد عليهم أن يتحركوا بمستوى آخر خارج المجالس العلمية، فمن كان له مستوى علمي يتحمل مسؤولية أكبر في إطار المستوى العلمي. أنتم عضو في وفد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والذي سيزور قادة عربا، فما الرسالة التي تودون إيصالها إليهم؟ الوفد أعد ورقة مبادئ عامة التي ستكون مؤطرة لكل حديث مع القادة في إطار خصوصية كل بلد، فالمشترك تقريبا هو التأكيد على حق المقاومة وعلى رفع الحصار ووقف العدوان وأن الدول العربية بصفة خاصة تملك من الأوراق والوسائل ما لو فعّلته لأوقفت الحرب، نحن نؤمن أن الدول العربية لو أخذت الأمر بجد لاستطاعت أن توقف هذه الحرب ووقف الحصار، ثم لكل بلد خصوصية مثلا رفع الحصار مما لاشك فيه أن لمصر خصوصية، لأننا نحن لا نرى فقط بأن مصر قادرة ويجب عليها أن تفتح معابر مع الحدود المصرية خاصة معبر رفح بل مصر قادرة على فتح المعابر الأخرى التي هي في قبضة إسرائيل مائة في المائة، خاصة وأن هذه المعابر تم وضعها والتحكم فيها في إطار عملية السلام التي تربط مصر مع إسرائيل. ثم جزء من الحديث لا يكون مبرمجا، فلكل حادث حديث وكل قول يرد عليه بقول، والمهم عندنا هو أن يتحرك العلماء أولا بهذا المستوى لأننا قررنا أن لا نقابل إلا رؤساء الدول. هذا تحرك ونضال وجهاد جديد في القضية الفلسطينية وغيرها من القضايا إن شاء الله. أحد أهدافكم هو الدعوة لعقد قمة عربية رئاسية، هل تتوقعون أن تخرج القمة الرئاسية بأكثر مما خرجت به القمة الوزارية؟ نحن ندعو القادة العرب والمسلمين أن يتحملوا مسؤوليتهم، إذا عقدوا قمة كباقي القمم فسيحكم عليهم التاريخ بحكمه، نحن لا ندعوهم لعقد قمة من أجل الشجب فقط، ندعوهم لعقدها ليكون لها أثر، فهناك نقطتان أساسيتان أو كلمتان أساسيتان: الحصار والنار، وقف النار ورفع الحصار، قمة لا تسهم بشيء طبعا قمة فاشلة سيبوؤ بإثمها الذين أفشلوها، فنحن لا ندعو إلى قمة فاشلة ولكن نعتبر أن القمة مؤشر ودليل على قدر من العناية ولو أن الاضطرارية خير من عدمها. يقول محللون إن هناك مؤامرة لاجتثاث فكر المقاومة انطلاقا من فلسطين، فهل تعتقد أن هذا الهدف سهل التحقيق؟ أقول لك بكل صراحة وبمسؤولية شخصية جميع الدول التي سلكت ما يسمى بمسلك السلام هي ضد المقاومة، جميع الدول وجميع المنظات بما فيها السلطة الفلسطينية، لأن مشروعهم يتكسر بالمقاومة، لكن ما نرجوه هو أن يكونوا ضد المقاومة سياسيا، نعم، لكن ضد المقاومة بالحصار والقتل هذا هو الذي نرفضه، فعرفات رحمه الله كان ضد المقاومة على الأقل من الناحية الرسمية لأنه في قرارة نفسه الله أعلم به فلا أظنه إلا محبا للمقاومة، فهو ابن المقاومة وهو مقاوم في عمقه، لكن سياساته وعلاقاته قادته إلى أن يصبح داعية إلى سلام الشجعان كما كان يسميه رحمه الله، ولذلك كان يعتقل أحيانا ويحاكم، لكن هؤلاء أشد منه في هذا الاتجاه، فهم من كانوا يجرّون عرفات أكثر فأكثر إلى التسليم والقبول فكان هذا التيار أشد استسلاما، ومصر والأردن ومن وقعوا اتفاقات سلام قد وقعوا على أنه ليس هناك حرب وليس هناك مقاومة والتزموا بها، فهم تلقائيا ضد المقاومة، مثلما أن المقاومة تلقائيا ضد اتفاقات أسلو وغيرها، لكن هل هناك تآمر تحتي عمليا لا أدري به، ولا أستطيع أن أثبته أو أنفيه. فكل من له توجه سلام مع إسرائيل فهو ضد المقاومة. ما الرسائل التي توجهونها إلى القادة العرب والمسلمين من خلال التجديد؟ هي رسالة واحدة، نحن اخترنا ما يسمى دول الطوق وأضفنا عليهم تركيا لأنها صاحبة مبادرة وأصبحت تنوب عنهم إن هم استجابوا وقرروا استقبالنا، وإلا هذا الكلام يقال للجيمع ولذلك ولنفس الغرض بعثنا ببرقية إلى السيد أغلو الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي ووزراء الخارجية المتجمعين معه في جدة اليوم (السبت الماضي)، الخصوصية ستكون في اللقاء المباشر وفي كوننا اخترنا بعض الرؤساء لنذهب إليهم كما قال بعض الصحفيين بلحمنا وعظمنا زيادة في تأكيد الأهمية وإلا ما يقال لهم يقال للكل بلا فرق.