بطولة انجلترا: الفرنسي فوفانا مهدد بالغياب عن تشلسي حتى نهاية الموسم    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    طقس السبت: بارد نسبيا إلى بارد محليا بالمناطق الداخلية للبلاد    إعادة انتخاب مايك جونسون رئيسا لمجلس النواب الأمريكي لولاية ثانية بدعم من ترامب    اجتماع يُقيم وضعية الدواجن والبيض    الرباط.. فتح بحث قضائي في موت شخص أثناء نقله من طرف الشرطة لتنفيذ إجراءات التفتيش عن عائدات متحصلة من السرقة    الفتح يحقق فوزا ثمينا على "الشباب"    وقفة أمام البرلمان تسنُد صمود أطباء غزة وتُجدد مطلب "إسقاط التطبيع"    بورصة الدار البيضاء .. مؤشر مازي يغلق على وقع ارتفاع تاريخي    الغلبزوري يقدم باسم البام تعازيه للطالبي العلمي في وفاة والده    مكتب الصرف يصدر دورية تنص على إجراءات تسهيل وتبسيط نظام السفر للدراسة في الخارج    "التمويل الإسلامي" للإسكان يواصل نموه ليبلغ 24,5 مليار درهم    بيان فرنسي ألماني مشترك يطالب بانتقال سلمي شامل في سوريا    الكونغو الديمقراطية.. 1267 حالة وفاة ناجمة عن جدري القردة في سنة 2024    ميناء طانطان.. انخفاض كمية مفرغات الصيد البحري بنسبة 46 بالمائة عند متم نونبر 2024    دراسة تحدد النوع الأساسي لمرض الربو لدى الأطفال    "التجديد الطلابي" تستنكر المواجهات المواجهات الطلابية العنيفة في كلية تطوان    نقابيو "سامير" يستعجلون موقف الحكومة النهائي بشأن المصفاة    ظهور حالات إصابة بمرض الحصبة داخل السجن المحلي طنجة 2    عبد الصادق: مواجهة ماميلودي مصيرية    رئيس الجهة الشرقية السابق متهم بفبركة شجار للضغط على زوجته    مروحية البحرية الملكية تنقذ مريضا على بعد 111 كيلومترا من السواحل المغربية    وفاة الكاتب البريطاني ديفيد لودج عن 89 عاما    "فيلود": مواجهة مانيما تتطلب الحذر    بعد تداول وثيقة تاريخية تثبت مغربية تندوف ..أصوات تطالب فرنسا بالإفراج على جميع الوثائق التاريخية للمغرب    ساركوزي ووزراء سابقين أمام المحكمة    الفنانة المغربية سامية دالي تطلق أغنيتها الجديدة «حرام عليك»    تارودانت تحتضن النسخة الثالثة للمهرجان الدولي لفنون الشارع    المطالبون بالحق المدني ضحايا الريسوني وبوعشرين يشرعون في مسطرة تنفيذ الأحكام المدنية    مؤسسة وسيط المملكة تتلقى 7226 ملفا خلال سنة 2023    الصويرة تستضيف المخرج والفنان المغربي ادريس الروخ في الملتقى السينمائي السادس    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    مقتل عشرات الفلسطينيين بينهم قائد الشرطة التابعة لحماس في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    شذى حسون تستقبل السنة الجديدة ب"قلبي اختار"    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    أداة "ذكية" للكشف عن أمراض القلب قبل ظهور الأعراض    "آبل" تدفع 95 مليون دولار لتسوية دعوى قضائية حول التنصت على محادثات خاصة للمستخدمين    تتقدمهم كربوبي.. خمسة حكام مغاربة لإدارة مباريات "الشان"    الموسم الثاني من "لعبة الحبار" يحقق 487 مليون ساعة مشاهدة ويتصدر قوائم نتفليكس    عبد الرحمان بن زيدان.. قامة مسرحية شامخة في الوطن العربي بعطائه المتعدد وبَذْله المُتجدّد    توقيف "طبيب نفساني" متورط في عمليات اغتصاب بمركز للمعوقين في بلجيكا    أيت منا يجدد الثقة في موكوينا ويمنحه 3 مباريات للاستمرار في تدريب الوداد البيضاوي    الوزير مزور ينفي وجود خلاف أو توتر بينه وبين نواب حزب الاستقلال    الذهب يرتفع بدعم من الطلب على الملاذ الآمن    بعثة نهضة بركان تشد الرحال صوب باماكو تأهبا لمواجهة الملعب المالي    2025: عام الاعتراف الدولي النهائي بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية    الHCP: واردات المغرب تنخفض ب1.6% والصادرات تسجل ارتفاعاً ب0.5%    نهضة بركان يجدد عقدي لبحري وخيري لموسمين    غابة الأمازون البرازيلية سجلت في 2024 أكبر عدد من الحرائق منذ 17 عاما    الشاعرة الأديبة والباحثة المغربية إمهاء مكاوي تتألق بشعرها الوطني الفصيح في مهرجان ملتقى درعة بزاكورة    خبير يكشف عن 4 فوائد أساسية "لفيتامين د" خلال فصل الشتاء    سقوط طائرة ركاب في كازاخستان    مدوّنة الأسرة… استنبات الإصلاح في حقل ألغام    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    









الدكتور تاج الدين الحسيني لـ "التجديد": صعود أوباما لن يؤثر على الموقف الأمريكي من قضية الصحراء
نشر في التجديد يوم 11 - 11 - 2008


يفسر الدكتور تاج الدين الحسيني ف يهذا الحوار الاسباب التي أطاحت بالحزب الجمهوري الأمريكي والملفات والقضايا التي رجحت كفة أوباما المرشح الديمقراطي، ويعتبر أن ملف العراق والأزمة الاقتصادية العالمية شكلا الملفين القاصمين للحزب الجمهوري، ويؤكد في هذا الحوار أن السياسية الأمريكية لن تعرف تغييرا كبيرا في الشرق الأوسط وأن منطق الاستمرارية سيكون هو السمة الغالبة في السياسة الأمريكية مع نوع من التعديل في أسلوب إدارة الملف النووي الإيراني والملف العراقي. وبخصوص المنطقة المغاربية، يرى الحسيني أن الولايات المتحدة الأمريكية تتحرك بحسب مصالحها الحيوية، وأن من صميم مصالحها الحيوية الإبقاء على التوازن بين القطبين المركزيين في المنقطة المغرب والجزائر، وأن السياسة الأمريكية بخصوص ملف الصحراء ستكون محكومة بمنطق الاستمرارية. كيف تقرؤون نتائج الانتخابات الأمريكية وفوز باراك أوباما؟ فعلا، الانتخابات الأمريكية شكلت منعطفا تاريخيا في الحياة السياسية الأمريكية، وهذا المنعطف شكل على عدة مستويات: يتعلق المستوى الأول بنسبة المشاركة في التصويت، فعلينا أن نعيد التذكير أنه مضى قرن من الزمان لم تصل فيه نسبة التصويت إلى ما وصلت إليه اليوم، فقد سجلت اليوم نسبة 66 بالمائة، وهي نسبة لم يعرف لها مثيل في تاريخ الولايات المتحدة إلا سنة ,1908 فهذه النسبة العالية من التصويت تظهر أن هناك اهتماما حقيقيا للرأي العام الأمريكي بقضية الانتخابات الرئاسية على الخصوص، ثم يلاحظ من جهة أخرى أن هذه الانتخابات حركت الرأي العام نحو المشاركة، فاستقطبت الأمريكيين ذوي الجذور الإسبانية وذوي الجذور الإفريقية والشباب الذي عرف في المرحلة السابقة بعزوفه عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية، فهذه الانتخابات أظهرت أن نسبة مهمة من الشباب صارت تشارك بنسبة فعلية إلى درجة أن كثيرا من المصوتين اضطروا أن ينتظروا أزيد من خمس ساعات قرب مكاتب التصويت حتى يأتي دورهم ليتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم، فهذا الاهتمام الكبير بالشأن العام وبالانتخابات أصبح يشكل منعطفا حقيقيا في الحياة السياسية الأمريكية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى نلاحظ أن الانتخابات الأمريكية تعرف لأول مرة في تاريخها وصول اسود إلى سدة الرئاسة، وهذا كذلك تغيير جذري لأننا شاهدنا فقط وصول رؤساء سود في أفلام الهوليود وكأن السينما الأمريكية كانت تعد الرأي العام الأمريكي لتقبل مثل هذه النتيجة، وأكثر من هذا وذاك، كانت هذه الانتخابات تشكل نوعا من العقاب بالنسبة للممارسات التي قام بها بوش في مدة ولايته، فالكثير من المحللين يقولون الآن بأن بوش هو أسوأ رئيس عرفه تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، إذا أضفنا إلى ذلك أن الاتجاه نحو انتخاب أوباما كان مرتبطا بأحداث أخرى ربما سوف نعاين بوضوح ما عرفته عملية التدخل الأمريكي من فشل ذريع في العديد من المناطق في العالم خاصة في العراق حيث أصبح التدخل الأمريكي هو عنوان تفاقم ظاهرة الإرهاب، وهو عنوان التدهور الأمني في المنطقة، وهو عنوان لفشل السياسية الأمريكية بشكل عام، وإذا أضفنا إلى هذا وذاك الأزمة المالية التي اندلعت من بورصة نيويورك لتشمل كل أعضاء المجموعة الدولية، لتتطور فيما بعد إلى أزمة اقتصادية عالمية وإلى وضعية كساد، إذا أخذنا هذا الجانب بعين الاعتبار أيضا، يمكن أن نستنتج بأن الحزب الجمهوري قد وضع تلقائيا نهاية لولايته، وأن أوباما استفاد من كل هذه التحولات ليكون بذلك ربما أول رئيس أمريكي يحصل على هذه النسبة الجد المرتفعة من أصوات المصوتين الكبار التي تجاوزت الثلثين وأيضا من مشاركة قطاعات كبيرة من الرأي العام، وهنا تجدر الإشارة إلى أنه في سنة 1908 التي عرفت فيها الانتخابات الرئاسية الأمريكية مشاركة واسعة، لم تشارك النساء فيها ولم يكن لهن حق التصويت، ولم يشارك أيضا السود، وبالتالي، فنسبة المشاركة في هذه الانتخابات الرئاسية والشرائح الواسعة التي شاركت فيها تبقى تاريخية بكل المقاييس. رفع أوباما شعار التغيير وفاز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، في نظركم ما هي الملفات التي ساهمت في ترجيح كفته على كفة ماكين؟ هناك عدة مقاييس لبلورة هذا التغيير، المقياس الأول نلمسه في التمييز الواضح في كل من الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي، قد يقول البعض بأن هذين الحزبين ليسا حزبي جماهير وإنما هما حزبا أطر، وقد يقول البعض أيضا إنه بغض النظر عن شعار الحمير أو شعار الفيل اللذين يميزين كلي الحزبين، فهما وجهان لعملة واحدة، ولكن مع ذلك، ينبغي أن نلحظ بعض علامات التمييز بين الحزبين، فالحزب الجمهوري عودنا عبر تاريخه الطويل أن يمارس السياسة التدخلية في العلاقات الدولية، وأن يهتم بالشأن الخارجي أكثر من اهتمامه بالشأن الداخلي. لقد عودنا الحزب الجمهوري أن يخدم مصالح الفئات المسيطرة على الرأسمال وأن يدفع بالتوازن الاجتماعي لصالح الطبقات المحظوظة، وعلى العكس من ذلك، نلاحظ أن الحزب الديمقراطي هو حزب ينأى شيئا ما عن الشأن الخارجي لمصلحة الاهتمامات الداخلية، وهو حزب يركز على قضايا احترام حقوق الإنسان وإشاعة الديمقراطية، ويركز على المساواة بين أفراد المجتمع الأمريكي، وبالتالي فأوجه التمايز هذه لا شك أنها تنعكس بوضوح على أداء الرئيس فيما إذا كان ينتمي إلى الديمقراطيين أو الجمهوريين. أما فيما يتعلق بشخصية أوباما فهو يتمتع بذكاء استثنائي بالمقارنة مع باقي منافسيه، وهو شخص يتوفر على إمكانيات هائلة في التأثير على الرأي العام من خلال توجيه الخطاب السياسي، وأكثر من هذا أنا أتساءل اليوم: هل نفس القوة التي تمتع بها أوباما وهو يقود الحملة الانتخابية وهو يوجه هذا النوع من الخطاب السياسي المقنع إلى الشباب وإلى الأقليات، هل بنفس القوة سيتمكن من إدارة دفة الحكم عندما يصل إلى السلطة؟ وأعتقد أن هذا سؤال مهم لأن تجربة السلطة هي حقيقة مضنية وخطيرة. ولا شك أن أوباما عندما يمسك السلطة في العشرين من يناير المقبل سيجد أمامه ملفات جد معقدة، وأعتقد أن أكبر تحد سيواجه أوباما هو الملف الاقتصادي، فقد أظهرت توقعات العديد من الخبراء والمختصين أن وضعية الاقتصاد الأمريكي بعكس نزعة التفاؤل التي هيمنت على الرئيس بوش بعد ضخ حوالي سبعمائة مليار دولار، هذه النزعة التفاؤلية لم تؤت ثمارها ، وحتى بعد انتخاب أوباما لا تزال البورصة الأمريكية تعرف مزيدا من التدهور، ولا تزال انعكاسات هذا التدهور تظهر بقوة في الأسواق المالية الدولية. التحدي الكبير لأوباما هو كيف سيواجه هذا الملف الاقتصادي، وأقول هذا لأن السياسة الاقتصادية لأوباما بالأساس هي سياسة ذات طبيعة اجتماعية، أي أنه سيحاول أن يذهب بعيدا في إعادة توزيع الثروات بشكل يخدم مصالح الفئات الفقيرة والمعوزة، وهذا التحدي هو أيضا جد معقد لأننا في إطار إلزامية تدخل الدولة في عهد الرئيس بوش لاحظنا أن الدولة تدخلت ولكن تدخلها - وهذا نوع من المفارقة التي ينبغي أن نسجلها- كان من أجل نقل الثروات من الفقراء إلى الأغنياء أي من دافعي الضرائب إلى ألبناك الكبرى المعرضة إلى الإفلاس، بينما الآن مهمة أوباما ستكون هي نقل الثورات من الفئات الغنية إلى الفئات الفقيرة والمعوزة، وهذه المفارقة ستضعه في ورطة حقيقية سيكون من واجبه أن يستقطب كل القوى الحية في البلاد بما في ذلك أصوات بعض الفئات المحسوبة على الجمهوريين الذين عارضوه في الانتخابات، ولقد لاحظنا منذ التعيينات الأولى التي قام بها أوباما أن هذه النزعة البراغماتية أو الواقعية تطغى على سلوك أوباما حيث عين شخصا معروفا بانتمائه الإسرائيلي كاتبا عاما للبيت الأبيض، وهو منصب ليس بالسهل، إذ يعتبر هذا المنصب القناة التي تمر عليها كل الملفات والقرارات التي يتخذها الرئيس، كما يلاحظ أنه سيحاول استقطاب الجنرال كولن باول الذي خدم مع الجمهوريين، ونضيف أيضا منصب وزير الخزينة الذي يبقى كذلك أمرا مثيرا للجدل، بحيث ينتظر أن تتولاه شخصية تحظى بثقة الأوساط المالية، وكما أشار إلى ذلك أوباما في ندوته الصحفية الأولى: ستكون سياسته مطبوعة بالواقعية والبراغماتية حتى لا يقع في أخطاء ربما تكون معولا يهدم آماله في حكم في حكم صائب وسليم. إذا أردنا أن نلخص في نقاط مركزة القضايا التي أسقطت الحزب الجمهوري؟ هذه القضايا هي واضحة، ولعل أولها العراق، فالرئيس الأمريكي بوش كذب على مواطينه حين ادعى أن صدام حسين يمتلك أسلحة الدمار الشامل، وقد ثبت خطأ هذه التوهمات، وكذب على مواطنيه حين ادعى أن صدام حسين متحالف مع الإرهاب والقاعدة وقد ظهرت عدم صحة هذه المزاعم والتوهمات. كان بوش يستطيع أن ينسي الشعب الأمريكي كل الأخطاء التي ارتكبها في ملف العراق لو استطاع أن ينجح مهمة الغزو خلال بضعة أسابيع كما كان يتمنى أو عندما أعلن أن الحرب قد لكن مع استمرار الحرب، لكن مع تزايد القتلى من الجنود الأمريكيين، ومع تزايد المصاريف المهولة التي تصل إلى عشرات الملايير من الدولارات ، الرأي الأمريكي أصبح يعرف انه أخطأ الطريق عندما صوت على جورج بوش كرئيس للبلاد، وبالتالي أصبح التوجه هو طي الصفحة، والبحث عن جهة أخرى وليس الحزب الجمهوري. الملف الثاني الذي أثر بالتأكيد على وضعية الحزب الجمهوري هو متعلق بالوضعية الاقتصادية، فأهم شيء يؤثر على موقف الناخب الأمريكي هو وضعيته الاقتصادية، ارتفع سعر برميل النفط، فأثر ذلك على المواطن الأمريكي، ثم جاءت الأزمة المالية والاقتصادية فهوت أسعار النفط، وتهاوت أسعار الأسهم في الأسواق المالية فتأثرت الوضعية الاقتصادية للمواطن الأمريكي، وفي اعتقادي أن هذه الوضعية الاقتصادية للمواطن هي التي دفعته إلى استشعار رغبة حقيقية في التغيير. بعد صعود أوباما، في نظرك ما هي عناصر الثبات والتغير في السياسية الخارجية الأمريكية التي سيعتمدها الإدارة الأمريكية الجديدة في الشرق الأوسط؟ لن تعرف سياسة أوباما في الشرق الأوسط تغييرا كبيرا، للأسف هذه السياسية عرفت نوعا من المزايدات على حكومة بوش، فإبان الحملة الانتخابية لاحظنا كيف أن المرشح الديمقراطي يزور منطقة الشرق الأوسط، وكيف كان يجامل إسرائيل لدرجة أنه يؤكد أن القدس ينبغي أن تبقى عاصمة وحيدة وموحدة للدولة العبرية ، وهو ما أثار حفيظة الفلسطينيين، هذا النوع من الرغبة في تكريس التحالف مع إسرائيل إبان الحملة الانتخابية له مبرراته الموضوعية والشخصية الواضحة، فنحن نعلم جيدا أن اليهود ولو أنهم لا يشكلون في الولايات المتحدة أكثر من 2 بالمائة من السكان إلا أن سيطرتهم على وسائل الإعلام تفوق 24 بالمائة، وكذلك فهم يسيطرون على القطاعات المالية والاقتصادية الكبرى، وربما كان من ذكاء أوباما أنه حاول استقطاب هذا اللوبي اليهودي داخل الرقعة الانتخابية الأمريكية حتى يتفادى الإطاحة به بسببه في الانتخابات. ولذلك، أنا أعتقد أن إدارة أوباما لن تعرف تغييرا كبيرا في ملف النزاع العربي الإسرائيلي. أما فيما يتعلق بالملف العراقي، فأوباما وعد بسحب القوات الأمريكية من العراق خلال ستة عشر شهرا، لكن لا ينبغي أن ننسى أنه في نفس الوقت أشار إلى ضرورة تنحية طالبان من أفغانستان، وضرورة القيام بعمل عسكري أكثر توسعا داخل أفغانستان وهذا ما سيجر باكستان أيضا إلى ساحة المعركة وربما يعيد خلط الأوراق في منطقة آسيا. أما بالنسبة للملف الإيراني، فأوباما يتجنب الدخول في مواجهة عسكرية مع إيران، ويقول إنه سيتفاوض مع الرئيس الإيراني محمود نجاد وأن أسلوب التفاوض هو الأفضل، ولكن ذلك في الحقيقة يطرح إشكالية استراتيجية حقيقية، وهي إمكانية أن تضع إسرائيل الولايات المتحدة أمام الأمر الواقع فيما يتعلق بمهاجمتها لإيران ثم البحث عن الحماية الأمريكية في حالة أي رد فعل إيراني، ولا ننسى أن الولايات المتحدة الأمريكية سبق لها خلال الأسابيع القليلة الماضية أن نصبت صواريخ بالستية المضادة للصواريخ فوق التراب الإسرائيلي وأحاطتها بحوالي 120 من الخبراء الأمريكيين الذين يقومون على رعايتها ومتابعتها، وهذا يوضح بأن الأحوال لن تكون مستقرة بحال من الأحوال. أعتقد بصفة عامة، هذه الوضعية بالنسبة إلى الشرق الأوسط هناك استمرارية بالأساس في السياسة الأمريكية، استمرارية تقوم على أنه ليست هناك صداقات دائمة ولا عداوات دائمة ولكن هناك مصالح حيوية ينبغي رعايتها، وهذا يرتبط بالنظرية الواقعية التي تحكم . حاوره بلال التليدي منطق الاستمرارية سيحكم السياسة الأمريكية بخصوص الملف المغاربي، بعض الباحثين يعتبرون أن هذا الملف ظل لفترة طويلة ثانويا في السياسة الخارجية الأمريكية، وأنه اليوم وعلى الرغم من بداية الاهتمام به من طرف الإدارة الأمريكية إلا أنه سيكون محكوما بنفس المنطق السابق في التدبير، وأن الاستمرارية هي السمة التي ستحكم السياسة الخارجية في هذا الملف، كيف تعلقون على هذا الرأي؟ صحيح أن الولايات المتحدة لم تكن في الماضي تهتم بالمنطقة المغاربية أو ما يسمى بمنطقة شمال غرب إفريقيا، فمنذ عدة عقود، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر هذه المنطقة منطقة نفوذ أوربية أو فرنسية بامتياز، لكن هناك أحداث مهمة كان لها دور كبير في تغيير هذا الوضع تدريجيا: - الحدث الأول هو بطبيعة الحال الحرب العالمية الثانية. ـ الحدث الثاني هو موجة الاستقلالات في فترة الخمسينات والستينات. - الحدث الثالث: ظهور مشكل نزاع الصحراء. لكن مع حدث الحادي عشر من شتنبر 2001 تغيرت مجرى السياسة الخارجية الأمريكية بشكل كبير، وانعكس هذا التغير على سياستها في منطقة شمال إفريقيا خاصة وأن نسبة كبيرة مما يسمى العرب الأفغان من أصول مغاربية. أضف إلى هذا المعطى الجانب الأمني، فهذه المنطقة تعرف مشكل عدم الاستقرار الأمني في منطقة الساحل وجنوب الصحراء ، فهذه المعطيات الجديدة دفعت بالإدارة الأمريكية تدريجيا إلى أن تهتم بهذه المنطقة أكثر مما مضى. ينبغي أن أشير هنا فيما يخص قضية الصحراء، إلى أني شخصيا لا أتوقع حدوث تغيير كبير في الموقف الأمريكي من هذه القضية لسبب بسيط لأن الحفاظ على التوازن بين المحورين المركزيين (المغرب والجزائر) تدخل ضمن خانة المصالح الحيوية الأمريكية التي ينبغي الحفاظ عليها، وقد صرح قبل بضعة أشهر السيد وولف الممثل الدائم للولايات المتحدة داخل مجلس الأمن بأن الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكن أن تسمح بحال من الأحوال أن تنشأ في جنوب المغرب بدولة مجهرية لا تتوفر على وسائل الحياة ولا تتوفر على إمكانيات للدفاع عن نفسها، وبالتالي، تغلغل الإرهاب والجماعات المرتبطة بجماعاته وخاصة قاعدة الغرب الإسلامي تكون لها أكبر الفرص في حالة نشوء هذه الدولة المجهرية، وبالتالي حماية لهذه المصالح ستحاول الولايات المتحدة الأمريكية دائما إقرار التوازن بين القطبين المركزيين المغرب والجزائر، فالمغرب صديق تقليدي لأمريكا ومرتبط بتحالف استراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية على مستوى اختياراته السياسية والاقتصادية الليبرالية، والمغرب أيضا يشكل نقطة وصل إستراتيجية بين أوربا وأفريقيا، المغرب وقع مع الولايات المتحدة الأمريكية اتفاقية للتبادل الحر، وتمتع بمبادرة الألفية التي تشكل استثناء بالمقارنة مع معاملة الولايات المتحدة الأمريكية مع الدول الأخرى، المغرب يشكل بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأمريكية نموذجا يحتذى على مستوى الديمقراطية وحقوق الإنسان بالمقارنة مع دول المنطقة، ولهذه الاعتبارات لا يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تفرط في صديق ذي أولوية كالمغرب، لكن في نفس الوقت تحتفظ الولايات المتحدة الأمريكية بمصالح حيوية مع الجزائر، فيما يتعلق باستيراد البترول والغاز الطبيعي ودور الشركات العابرة للقارات في الاستثمار في الجزائر، ثم إن الجزائر هي نفسها أصبحت متحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية في إطار مشروع أفريكوم، فقد أجرت مناورات عسكرية في البحر المتوسط في هذا الإطار. ولذلك أنا أقول: رغم ما يقال من أن أوباما ذو أصل إفريقي وأنه تربطه صداقة مع نلسن منديلا وأنه يؤمن بمبدأ حق الشعوب في تقري المصير، إلا أن توجهه الأساسي سيكون بدون شك هو الحفاظ على الاستقرار في السياسة الأمريكية لضمان التوازن بين القطبين المحوريين في المنطقة المغرب والجزائر. وكيف قرأت الرسالة الملكية الموجهة إلى الرئيس الأمريكي الفائز في الانتخابات؟ هي بطبيعة حال بحث في هذه الاستمرارية وهذا الاستقرار في السياسة الأمريكية وتذكير هذا الوافد الجديد على البيت الأبيض بأن المغرب صديق قديم للولايات المتحدة الأمريكية وأن تطلعات البلدين مشتركة سواء على الصعيدين السياسي والاقتصادي وأن هدف المغرب والولايات المتحدة الأمريكية هو حماية هذه المنطقة من الإرهاب والعنف وتحقيق نوع من السلام يخدم مصلحة البلدين. وماذا عن قضية الصحراء في الرسالة؟ المغرب يتطلع أن تلعب الولايات المتحدة الأمريكية لتشجيع المجتمع الدولي لقبول تطبيق نظام الحكم الذاتي في الصحراء والدفع بالمنطقة إلى الاندماج الاقتصادي لتكون قوة إقليمية قادرة على التعاطي مع تحديات العولمة وتحديات القرن .21

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.