صادق يوم الأربعاء 23 يوليوز 2008 مجلس النواب بالإجماع على مقترح قانون يتعلق بمنع التدخين والإشهار والدعاية للتبغ في بعض الأماكن. إجماع يكشف أهمية هذا القانون من حيث تحديده الدقيق للأماكن العامة التي يشملها المنع، وتأكيده على منع الدعاية والإشهار لفائدة المواد التبغية والتدخين، ومنعه تمكين القاصرين من المواد المواد التبغية، وتشديده العقوبات على المخالفين لهذا القانون خاصة منهم الذين يوجدون في مواقع المسؤولية، وتمكين الجمعيات التي تضع ضمن أنظمتها الأساسية محاربة التدخين من حقها في الانتصاب كطرف مدني في القضايا المتعلقة بمخالفة هذا القانون، وجعل عائد الغرامات المفروضة على المخالفين لفائدة هذه الجمعيات لاستثمارها في مجال البحث العلمي في الميدان الصحي. طبعا، لا يملك المرء إلا أن يبارك هذا القانون على ما اشتمل عليه من مواد قانونية تساعد على محاصرة ظاهرة التدخين والتقليل من خطورتها، ذلك أن المغرب سجل في السنوات الأخيرة أرقاما قياسية بخصوص عدد المصابين بمرض السرطان، وبحسب أحد المختصين فإن المغرب يسجل 40 ألف حالة مصاب بالسرطان سنويا 30 بالمائة منهم يعود فيه السبب المباشر إلى التدخين. المشكلة أن هذا القانون الذي حظي بتأييد الجميع إنما جاء متمما لقانون 1991 الذي لا تقل أهميته في التشديد على العقوبة ومنع التدخين في الأماكن العمومية ، لكن من سوء حظ قانون 1991 أنه لم يجد طريقه للتفعيل والتطبيق، إذ لم يصدر منذ ذلك التاريخ إلى اليوم مرسوم تطبيقي يوضح الإجراءات المسطرية لتطبيق هذا القانون، وهو ما يفتح التساؤل العريض حول مصير هذا القانون الجديد وهل سيؤول لنفس مصير قانون 1991؟ وحتى لا يلقى قانون 2008 نفس مصير قانون ,1991 وحتى يجد طريقه إلى التطبيق بالشكل الذي يساهم بفعالية في محاصرة ظاهرة التدخين والتقليل من تداعياته الخطيرة عى الصحة، فإن الضرورة أصبحت تفرض تأسيس هيئة وطنية لمحاربة التدخين على شاكلة الهيئة الوطنية لمحاربة الرشوة حتى يتم الضغط بقوة كيلا يتكرر سينايو قانون .1991 إنه بنفس الإجماع الذي حظي به هذا القانون، يلزم ان يتهيأ إجماع شعبي مواز يسع كل مكونات الطيف الوطني ممن يشغلهم سلامة الوضع الصحي بالمغرب والحرص على حماية القاصرين، في إطار هيئة وطنية يكون أكبر مهامها هو الضغط أولا لإخراج المرسوم التطبيقي لهذا القانون لحيز الوجود، ثم الضغط الثاني لتفعيله، ثم الانتصاب كطرف مدني لدى المحاكم لمحاربة كل من يخالفه. لقد أثبتت التجربة أن المشكلة لا تكمن بشكل أساسي في النص القانوني، وإنما تكمن في التفعيل والتطبيق، ولو أن قانون 1991 مر إلى حيز التطبيق بالشكل الذي حظي فيه بالتأييد، لما كانت الحاجة ربما داعية إلى تتميم هذا القانون بقانون .2008 وعلى كل حال، فقانون 2008 بما أضافه من مواد يعتبر متقدما في التقليل من خطورة التدخين بالنظر إلى قانون ,1991 في انتظار أن تفعل مواده ويرزق التطبيق. بلال التليدي