كشفت وثيقة نشرتها جريدة الحياة الجديدة لأول مرّة، عبارة عن تقرير خاص أعده فريق التحريات بهيئة الأنصاف والمصالحة، حول قضية اغتيال عمر بنجلون، أحد قادة الاتحاد الاشتراكي يوم 18 دجنبر ,1975 أن ثمّة قرائن قوية على أن المتورطين في اغتيال بنجلون لهم ارتباط بجهاز أمني سرّي، شكل أساسا لهذه المهمة، وأكدت الوثيقة أن مسؤولية الدولة المغربية عن هذه الجريمة ثابتة ومؤكدة. التقرير الذي يقع في 106 صفحات، يتضمن بالإضافة إلى وقائع عملية الاغتيال، وأطوار المحاكمة، وشهادات لبعض الشخصيات، ووثائق مهمة حول القضية، سجّل في استنتاجاته كما نشرتها الجريدة المذكورة، أن الجريمة بناء على شهادة التشريح، تتعلق بجريمة قتل مع سبق الإصرار. وأن منفذيها تصرفوا بإيعاز من المسمى عبد العزيز النعماني المتابع والمحكوم عليه غيابيا. كما أثار التقرير قضية اختفاء المحاضر المتعلقة بتصريحات إبراهيم كمال، والتي تفيد أن جمعية الشبيبة الإسلامية التي أنشئت لهدف ديني صرف، استغلت للاعتداء على شخصيات سياسية يتهمونها بنشر أفكار معادية للإسلام. وأفاد التقرير كذلك، أن قاضي التحقيق رفض الشكاية المقدمة من لدن الطرف المدني في موضوع اختفاء التقرير. كما رفض الطعون المرفوعة في هذا الصدد أمام محكمة الاستئناف والمجلس الأعلى، وطلب استدعاء الأستاذ عبد الرحيم بوعبيد الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، من أجل الإدلاء بخبر اعتقال عبد العزيز النعماني، والتي أكد التقرير أن هذا الخبر تلقاه بوعبيد مباشرة من الملك الحسن الثاني. وأكد ذلك في رسالة مؤرخة في 3 دجنبر 1979 صادرة عن عبد الرحيم بوعبيد.. وموجهة إلى رئيس الغرفة الجنائية، وتفيد هذه الرسالة إخباره من لدن السلطات العليا منذ سنتين بإلقاء القبض على النعماني عبد العزيز وهو على أهبة مغادرة المغرب للالتحاف بإسبانيا. وقد نشرت جريدة الاتحاد الاشتراكي في عددها ليوم 15 دجنبر 1977 خبر الاعتقال دون نفيه من لدن السلطات الأمنية القضائية المختصة. وأبرز التقرير في استنتاجاته سياق الاغتيال، وهو سياق مرتبط بمشوار الضحية السياسي والنقابي باعتباره أحد القياديين البارزين في المعارضة، والذي صدرت ضده أحكام قضائية ذات صبغة سياسية. كما تمت محاولة اغتياله بواسطة طرد ملغوم. إضافة إلى تصريح لمسؤول أمني مهم بالدار البيضاء، إثر إطلاق سراح عمر بنجلون من السجن في غشت ,1974 يفيد استعداده للمشاركة في اغتياله لو تشكلت فرقة للقيام بذلك. وكذا مطاردته من لدن أجهزة الأمن خلال سنة 1975 وإلى حدود الأيام الأخيرة لاغتياله. وانتقد التقرير اقتصار المحاكمة على منفذي الجريمة، مؤكدا أهمية الدور الذي لعبه عبد العزيز النعماني وعدم تقديمه للعدالة رغم إخبار عبد الرحيم بوعبيد من لدن الملك الحسن الثاني باعتقاله، ووجود قرائن على وجوده بالمغرب مدة طويلة بعد الجريمة. كما أبرز وجود قرائن قوية على ارتباط النعماني بجهاز أمني سرّي. ووجود قرائن على عدم إجراء تحقيق حيادي حول خلفيات الجريمة وتحديد الجهات التي كانت وراء تنفيذها، وعلى تدخل السلطة التنفيذية في السير العادي للمحاكمة، وتتمثل هذه القرائن في رفض فتح تحقيق في موضوع اختفاء وثائق من الملف القضائي، واعتقال عبد العزيز النعماني. ثم رفض استدعاء الشهود المطلوب الاستماع إليهم من لدن الطرف المدني أثناء المحاكمة. وخلص تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة إلى أنه اعتبارا لكل هذا القرائن القوية والمنسجمة بعضها مع بعض، ارتأت الهيئة ثبوت تورط جهاز أمني سرّي في اغتيال عمر بنجلون وقيام مسؤولية الدولة عن ذلك. إسماعيل حمودي