لم يفلح الاتحاديون في استكمال أشغال مؤتمرهم وانتخاب قيادة جديدة لحزبهم، وأعلن حتى وقت متأخر من ليلة الأحد/ الاثنين؛ عن تأجيل ما تبقى من أشغال المؤتمر الوطني الثامن للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي انطلقت أشغاله يوم الجمعة الماضي، إلى أجل أقصاه 6 أشهر، وفقا للقانون الداخلي للحزب، وبالتالي تمديد مهمة المكتب السياسي للإشراف على المرحلة حتى استكمال أعمال المؤتمر في الشهور المقبلة. وفسر محمد الأخصاصي قرار التأجيل بما أسماهضغوط الأجندة وبرنامج المؤتمر، وكذا ضيق العامل الزمني الذي حال دون استكمال بقية أشغال المؤتمر. حيث وجدت رئاسة المؤتمر نفسها يضيف رئيس المؤتمر أمام خيارين اثنين: إما اختزال أشغال المؤتمر من أجل احترام المدة الزمنية المتاحة، حيث كان مقرّرا أن تختتم أشغال المؤتمر يوم الأحد 15 يونيو 2008، أو تأجيل ما تبقى من أشغال المؤتمر إلى وقت لاحق، كما يسمح بذلك القانون الداخلي للحزب، خاصة في المادة 146 منه. مصدر اتحادي آخر أرجع خيار تأجيل المؤتمر إلى توافق بين رؤساء اللوائح بعد توجه أكثر من ثلاثة أرباع المؤتمرين إلى رفض مناقشة قضية اللوائح وطرح قضية خروج الاتحاد من الحكومة، وكشف نفس المصدر أن 70 ملتمسا خرج من قاعدة المؤتمر يطالب بإعادة النظر في المشاركة في الحكومة، وأن الخيار الوحيد الذي كان مطروحا بالنسبة إلى رؤساء اللوائح بمن فيهم عبد الواحد الراضي هو القبول بصيغة تأجيل أشغال المؤتمر خشية من أن يمضي المؤتمر في اتجاه الضغط على رئاسة المؤتمر للحسم في قضية مشاركة الحزب في الحكومة. قرار التأجيل اتخذ عقب الجلسة الخاصة بمناقشة المقرر التنظيمي الخاص باعتماد اللائحة في انتخاب المكتب السياسي، والتي انطلقت زوال يوم الأحد، واستمرت حتى وقت متأخر من ليلة الأحد /الاثنين. الجلسة الخاصة بالتصويت على هذا المقرر، استبقها المعارضون للائحة باحتجاجات قوية، تزعمها مناصرون لادريس لشكر، تدعو إلى الانسحاب من الحكومة، والتحول نحو المعارضة، كما رفعت شعارات مناهضة لمحمد اليازغي، وهي الاحتجاجات التي كان لها الأثر على الجلسة العامة، حيث تبادلت التهم والتهم المضادة، بين أنصار اللائحة ومعارضيها. أقوى تلك اللحظات، هي التي تمت بين عبد الهادي خيرات عضو المكتب السياسي، الرافض لنظام اللائحة، وأحمد الزايدي رئيس الفريق النيابي المدافع عنها، حيث اعتبر الأول أن الذين تقدّموا بلوائح تصرفوا خارج القانون، وأن هدفهم بيع الاتحاد، صارخا بصوت عال لن نباع، فيما ردّ الزايدي في مداخلته، أن أول من تواطأ مع المخزن هم من يقودون معارضة اللائحة، وذلك قبل الانتخابات التشريعية، حسب قوله، في إشارة إلى التوافق الذي تمّ بين ادريس لشكر والوزير الأسبق في الداخلية فؤاد علي الهمّة؛ حول التقطيع الانتخابي. المفاجأة الكبرى في هذه المداخلات، حسب مصادر اتحادية متعددة، والتي قلبت كل الحسابات، هي الانقلاب الذي وقع في موقف أعضاء المجلس الوطني من اللائحة، إذ أعلنوا رفضهم لها، بعدما اتفقوا في آخر لقاء للمجلس الوطني على تبنيها. هذا التحول في الموقف أرجعته بعض المصادر في حديثها لـالتجديدإلى التوافق الذي حصل بين محمد اليازغي وعبد الواحد الراضي، والذي أثمر سحب جمال أغماني للائحته والتحاقه بلائحة الراضي، وهو ما دفع بالمالكي وولعلو للالتحاق بإدريس لشكر المعارض للائحة منذ البداية. وسجلت في المؤتمر مشادات كلامية بين مؤيدي اللئمة ومعارضيها وصلت أحيانا إلى الاشتباك بالأيدي، كما تمّ احتلال منصّة المؤتمر من قبل المعارضين للائحة، اضطرت معه رئاسة المؤتمر إلى توقيف أشغاله لأزيد من نصف ساعة، ثم أعلن بعد ذلك انطلاق مفاوضات حول منهجية التصويت ، وهكذا اجتمعت لجنة رئاسة المؤتمر بالكتاب الجهويين، وتم الاتفاق على تأجيل ما تبقى من أشغال المؤتمر، لتلتئم أشغاله مرة ثانية، ويعلن رئيس المؤتمر محمد الأخصاصي عن تأجيل ما تبقى من أعماله إلى أجل أقصاه 6 أشهر. وتعليقا على قرار التأجيل قال عبد الصمد بلكبيرالقيادي السابق في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي اندمج في حزب الاتحاد الاشتراكي :لا يمكن لأي وطني أو ديمقراطي أن يرتاح لخبر مثل هذا، بالرغم من أن مقدمات هذه النتيجة كانت ظاهرة، واعتبر بلكبير أن العطب المركزي في مؤتمر الاتحاد الاشتراكي هو انحرافه لمناقشة قضايا تنظيمية تعتبر في عمل الأحزاب السياسية عملا ثانويا وتكتيكيا،في حين أن الانشغال الرئيسي الذي كان مطلوبا من قيادة الحزب الاهتمام به يضيف بلكبير هو السياسات العمومية، وقضية المشاركة في الحكومة وما يحيط بها مثل نزاهة الانتخابات التشريعية الأخيرة، والموقف من نسبة المقاعد التي أعطيت للحزب في الحكومة من حيث تناسبها مع وزن الاتحاد الاشتراكي، وكذا نوعيتها وعددها والأسماء التي اقترحت لها.