اتخد النزاع الحدودي بين المغرب والجزائر وجهين: وجه مباشر يعود إلى السنوات القليلة الماضية، وهو المتحدث عنها في بيان وزارة الخارجية والتعاون المغربية، وآخر يعود إلى ما قبل الاستعمار الفرنسي للمغرب، وهذا الأخير يشكل في العمق إحدى الأسباب العميقة، التي تحول دون بناء علاقات جديدة بين بلدين جارين، لهما من الإمكانات المادية والجغرافية والبشرية ما يجعلهما قوة إقليمية في المنطقة. فالنزاع الأول يعود إلى سنة ,1994 وذلك حينما قررت السلطات الجزائرية عقب اتخاذ المغرب قرار فرض التأشيرة على الرعايا المنحدرين من أصول جزائرية في غشت من نفس السنة، في رد فعل على الهجمات التي تعرض لها فندق أطلس آسني بمدينة مراكش، وكان من بين المتورطين فيها جزائريون يحملون جنسية فرنسية، فضلا عن مغاربة، أسفرت عن مقتل سائحين إسبانيين، لكن السلطات المغربية وجهت حينئذ اتهاماتها للاستخبارات الجزائرية وحمّلتها مسؤولية ما وقع، غير أن الجزائر رفضت ذلك بشدة وبادرت بفرض التأشيرة على المواطنين المغاربة، ثم غلق الحدود نهائيا بعد ذلك. أما النزاع الحدودي في وجهه الثاني فيعود إلى كون الجزائر تدافع عن حدودها كما تركها الاستعمار الفرنسي، بينما نجد المغرب يطالب بحدوده كما كانت قبل مجيء الاستعمار الفرنسي والاسباني، وتمثل معاهدة للا مغنية الموقعة بين المغرب والاستعمار الفرنسي الموقعة في 18 مارس 1845 إطارا مرجعيا لها، وهي المعاهدة التي وقّعت بعد هزيمة المغرب في معركة إيسلي سنة ,1844 بسبب دعمه لثورة الأمير عبد القادر الجزائري. وفي تلك المعاهدة تم النص على أن استمرارية الحدود بين المغرب والخلافة العثمانية لتبقى هي الحدود نفسها بين المغرب والجزائر، غير أن الاتفاقية نفسها أبقت منطقة الصحراء الشرقية في الجنوب، منها منطقة تندوف، في وضعية غامضة. وبعد حصول المغرب على استقلاله ومشكل الحدود مع الجزائر مطروحة، غير أنه كان يؤجل دائما مناقشة الملف، لكون الجزائر كانت لا تزال تحت الاستعمار الفرنسي، وحتى لا يعتبر طعنا لها من الخلف، وذلك حتى حصول الجزائر على استقلالها في يوليوز ,1962 حيث تجدد طرح المشكل.وقد نجم عن هذا الخلاف الحدودي مواجهات عسكرية بين البلدين عرفت بحرب الرمال في أكتوبر ,1963 وقد تم احتواء النزاع بعد تدخلات عربية وافريقية، إلا أن المشكل المتعلق بالصحراء الشرقية بقي عالقا خصوصا بعد اكتشاف الحديد فيها وتجدد المطالب المغربية بضرورة تسوية المشكلة، هذا النزاع اكتسى بعد ذلك بعدا دوليا، واصطبغ بصراعات الحرب البادرة، حيث اصطف المغرب لجهة الغرب الرأسمالي بزعامة الولاياتالمتحدة بينما اصطفت الجزائر لجهة الشرق الاشتراكي بزعامة الاتحاد السوفياتي حينها، خاصة بعد انقلاب الهواري بومدين في 1965 على أحمد بن بيلا، وهو ما زاد النزاع حدة.