أثارت الدعوة التي وجهها المغرب، من خلال بيان صادر عن وزارة الخارجية والتعاون، إلى السلطات الجزائرية، يدعوها إلى فتح الحدود البرية بينهما ، ردود فعل متباينة في الأوساط السياسية والدبلوماسية والإعلامية الجزائرية، بين من اعتبر الخطوة المغربية شجاعة وطالب بالرد الإيجابي عليها، وبين من استقبلها بتحفظ، داعيا إلى التريث في اتخاد أي موقف رسمي تجاهها، وبين الموقفين ثمة فروقات تحمل في طياتها ليس المصلحة التي تقتضيها السياسة فقط، بل الوعي والتراكم الذي يفرضه التاريخ والجغرافيا، والذي يؤكد أن صراع الحدود بين المغرب والجزائر ليس مجرد إجراء إداري بسيط، بل يضرب في عمق تاريع العلاقة بين البلدين، ويرتبط ببنية تشكلهما كنظامين سياسيين في فترة ما بعد الاستقلال. دعوة المغرب كانت صريحة للجزائر، إذ أكد البيان الصادر عن وزارة الخارجية والتعاون أن المملكة المغربية تجدد إرادتها لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين الجارين آخذة بعين الاعتبار ماضيهما ومصيرهما المشتركين، وأضاف البيان أن المملكة تدعو بروح من الصداقة الأخوية والصدق الكامل إلى تطبيع العلاقات الثنائية وفتح الحدود بين البلدين، وهكذا يقول نص البيان يمكننا الاستجابة لتطلعات الشعبين الجلية التي تجمع بينهما قواسم مشتركة وتحقيق آمال ساكني الحدود خاصة الأسر المعنية، وكذا فتح الطريق لتدفق السلع التي تشكل اليوم موضوع حركة غير قانونية وتهريب علني. لكن البيان جدّد التذكير بسياق غلق الحدود البرية بين البلدين الجارين في صيف ،1994 أي قبل 14 سنة، وهو ما اعتبره حالة فريدة واستثنائية في العالم، موضحا أن إغلاق الحدود كان بقرار أحادي من الجزائر في سنة1994 في سياق مناخ دولي وإقليمي وثنائي أصبح اليوم متجاوزا. وأكد البيان أن المغرب اتخد في سنتي2004 و2005 العديد من المبادرات الموجهة نحو المستقبل تهدف إلى تشجيع تطبيع العلاقات الثنائية وإعطاء انطلاقة جديدة فعلية لبناء المغرب العربي. من ذلك قرار المغرب إلغاء إجراءات تأشيرة الدخول على الرعايا الجزائريين الأشقاء عشر سنوات بعد فرضها، وهو الشيء نفسه الذي فعلته الجزائر سنة بعد ذلك، وسجّل البيان أسف المغرب حيال الموقف الجزائري الذي أبقى على الحدود مغلقة منذ ذلك الوقت. النداء المغربي جاء عقب يومين فقط من انتهاء الجولة الرابعة من المفاوضات في مانهاست بنيويورك في الولاياتالمتحدةالأمريكية، والتي وصفت بأنها فاشلة، لكن، وهذا هو الأبرز، فهي جاءت أيضا في أعقاب التصريحات التي أدلى بها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لوكالة رويترز، أياما قليلة قبل المفاوضات حول الصحراء المغربية، أكد فيها أن فتح الحدود مع المغرب أمر وارد جدا، بل إن ذلك أملنا القائم أيضا على اعتبارات ثقافية واجتماعية واقتصادية تستمد أهميتها مما يربط الشعبين الجزائري والمغربي من عرى الأخوة المغاربية في عمق التاريخ، إلا أنه ربط، أي بوتفليقة، إعادة فتح الحدود برفع الأسباب التي أدت إلى غلقها والتي لا زالت قائمة، على حدّ قوله.