هناك إرادة موجهة من قبل مصالح استراتيجية دولية تدعم فكرة الاستئصال قبل النقاش في هذه القضية يجدر بنا أولا تحديد المسلمات الأساسية: 1 ـ وأول هذه المسلمات هو أن نقر بأن هناك تمايزا بين الإسلام والمسيحية واليهودية، وأن الديانة الوحيدة التي بشر بها إبراهيم عليه السلام هي الإسلام. 2 ـ الذين يريدون أن يحعلوا من الإسلام دينا يشبه المسيحية في البعد عن مجال الدنيا لا يفهون طبيعة الإسلام . 3 ـ إن الدارس لحقيقة الإسلام والبحث بعمق في تعاليمه لا يمكن أن يفصل في الإسلام بيبن الدين والدنيا، فهما متلازمان في الدين، وكل من يحاول الفصل بينهما لا يردك حقيقة هذا الدين، بل ولا يرد دور العقيدة في صياغة الاختيارات المجتمعية. والذي يتأمل تغلغي العقيدة داخل المجتمع الأمريكي زهو المجتمع الذي لا يتعدى تاريخه ثلاث قرون لا يمكن أن يقبل أن تنحي العقيدة والقيم الإسلامية عن المجتمع وهو المجتمع الراسخ تاريخيا. فالذي يفهم هذه المسلمات لا يقبل أن تصدر من البعض دعوات اسئصالية لقيم والتدين من المجتمع، بل ولا يستسيغ الدعوات التي تريد الفصل في الإسلام بين الدين والدنيا. وعموما يمكن أن نرجع تنامي هذا النهزوع الاستئصالي إلى أربعة أسباب: 1 ـ الجهل بحقيقة الإسلام، ذلك أن الذين يرفعون لواء الاستئصال لا يعرف عنهم تبع ولا دراسة للإسلام، وقارى ما يرددونه هو مقولات اقتطفوها من كتابات بات تعرف بالإسلاموفوبيا. 2 ـ هناك إرادة موجهة من قبل مصالح استراتيجية دولية تروم فصل المجتمع عن عقيدته الإسلامية، وهو أمر لم يعد خافيا على أحد، وللأسف هناك من ينخرط في هذه الأجندة بوعي أو بغير وعي. 3 ـ غياب المؤسسات الدينية التي كانت تنتج العلماء الحقيقيين. فقد فرغت الساحة المغربية بعد إغلاق جامع القرويين من العلماء الأعلام الذين كان لهم دور كبير في شرح المعالم الحقيقية للدين. وللأسف اليوم، لم تعد دار الحديث الحسنية تخرج لنا مثل العلامة الدكتور أحمد الريسوني الذي لا يمكن أن ينكر مكانته العلمية. 4 ـ عدم اهتمام الكثير من النخب السياسية بالفهم الحقيق للدين ومدى الوظيفة التي يمكن أن يقوم بها في إصلاح المجتمع. فهناك كثير من النخب لا تعرف عن مصادر الإسلام سوى ما تقرأه من الإسلاموفوبيا.