محمد موسوى أستاذ جامعي في الرياضيات من أصول مغربية و رئيس منظمة " تجمع مسلمي فرنسا" ذلك هو الرئيس الجديد للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية الذي انتخب رئيسا الأحد 22 – 6 – 2008 خلفا لدليل ابو بكر عميد مسجد باريس . "" وكان متوقعا انتخاب مرشح "تجمع مسلمي فرنسا" لرئاسة المجلس بعد فوز التجمع بأكبر عدد من المقاعد في انتخابات عضوية المجلس التي جرت يوم 8 يونيو الجاري. وفي لقاء خاص بشبكة إسلام اون لاين نت يطرح موسوى جملة الملفات الشائكة التي سينكب عليها المجلس في الأشهر والسنوات القادمة وفي مقدمتها ملف " تكوين الأئمة ". موسوى وهو في الوقت ذاته إمام مسجد " البخاري " بمدينة افنيون، جنوبفرنسا، يعتبر أن " الإسلام الفرنسي لا يجب أن يكون على حساب محيطه وعمقه العربي و الإسلامي"، مشيرا إلى أن مسألة تدخل ومساعدة البلدان الأصلية لمسلمي فرنسا ضرورية وخاصة في هذه المرحلة. وفيما يلي الحوار كاملا : ما هي أهم الملفات التي ستعالجونها بعد توليكم رئاسة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية ؟ بسم الله الرحمن الرحيم , أهم ملفاتنا في الوقت الحالي هي أولا ملف التأطير الديني داخل المساجد ولكن هذا الأمر يستدعي أولا إيجاد مساجد تحفظ كرامة المسلمين لان ما يسمى بالمساجد الحالية الكثير منها لا يليق بكرامة المسلمين و لا يلاءم فعل التدين الحقيقي وهي عبارة عن بنايات غير صحية و المسلمون في الغالب يصلون في أماكن ضيقة جدا ينزلون إليها عبر السلالم أي أنهم مهددون حتى من الناحية الأمنية وهذا الملف برأيي يجب معالجته سريعا . في ملف المساجد بالذات نعلم أن هناك نقصا كبيرا في عدد المساجد بفرنسا مقارنة ببلد مجاور كألمانيا مثلا ففي فرنسا يوجد حسب التقديرات 1600 مسجد و هذا العدد يدخل فيه عدد المساجد الصغيرة جدا و التي تتمثل في قاعات الصلاة التي تكون عادة في الطوابق السفلية للعمارات . وبالمقابل فإن المسلمين يتراوح عددهم بين خمسة و ستة ملايين حسب التقديرات الرسمية و غير الرسمية . أما في ألمانيا فهناك 2600 مسجد و أغلبها مساجد حقيقية و محترمة و تتوفر على الاتساع و ذات طابع إسلامي حتى من الخارج و الناظر إليها فعلا ينظر إلى المسجد بعدد مسلمين في هذا البلد الذي يقدر بين مليونين وثلاثة ملايين , و أمام مثل هذه المقارنة باعتقادي يجب مضاعفة عدد المساجد الموجودة بفرنسا. أما في ما يتعلق بالتأطير الديني للائمة و المرشدين الدينين داخل المستشفيات و السجون آو حتى الثكنات العسكرية نرى أن عددهم قليل و في الغالب فإنهم ليسوا ذوي الكفاءات وهو أمر يجب تلافيه . هناك أولوية أخرى في اعتقادي وهي تحسين صورة الإسلام و المسلمين داخل المجتمع الفرنسي باعتبار أن الحملات التي تشن على المسلمين و الإسلام بصفة عامة قد تضاعفت بغرض تخويف وترهيب المواطن الفرنسي غير المسلم من الإسلام و تصوير الممارسة الدينية العادية على أنها تطرف. فبعض الجماعات المتطرفة تستغل هذا الوضع لتخويف المواطن الفرنسي وهذا أمر في رأي يجب معالجته بالقيام بعمليات إعلامية مدروسة لإيضاح للمواطن الفرنسي أن الإسلام سيجلب الخير والأمن و الأمان للشعب الفرنسي فالإسلام ليس عامل توتر و لكنه عامل تهدئة و للتعايش السلمي . طبعا هناك ملفات أخرى من قبيل الأعياد الدينية فعيد الأضحى دائما يكون مثار جدل من قبل الجمعيات المدافعة عن الحيوان وهناك جمعيات تنادي بإلغاء هذه الذبيحة و نعلم أن المسلمين أنفسهم ليسوا مرتاحين للطريقة التي تمر بها عملية الذبح في الكثير من مناطق فرنسا .فالمطالبة بمذابح منظمة و مؤقتة أيام العيد وتلتزم ببعض القواعد البيئية و القانونية أصبح أمرا مطلوبا وخاصة أن التجربة ناجحة في العديد من مناطق فرنسا و بالتالي نستطيع اليوم أن نعمم التجربة . هناك أيضا ملف اللحم الحلال و للأسف فإن هذا الملف الذي كان من الممكن أن يكون مصدر العيش المبارك للمسلمين باعتبار أن التغذية الحلال تعتبر أمرا مهما في عقيدة المسلم انطلاقا من قاعدة أن يكون المسلم " منبته حلال و مطعمه حلال و ملبسه حلال " فإنه من الضروري الانتباه إلى هذا الأمر في حياة المواطن المسلم بفرنسا. وفي ملف اللحم الحلال بالذات يمكن أن يكون هذا المصدر ممولا في المستقبل لنشاطات المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية و نحن نعلم أن المجلس ليس له تمويل في الوقت الحالي وبالتالي لا نستطيع أن نستعين بالخبراء المختصين من اجل تطوير عمله بسبب فقدان التمويل اللازم . وباعتقادي أن المجلس يجب أن يفكر في هذا الجانب عن طريق إصلاح سوق اللحم الحلال ثم العمل على إخراج طريقة تمويل منه، وهذا قد يزعج بعض الجهات التي تحتكر سوق اللحم الحلال بفرنسا ولكن لا بد لهذه الجهات أن تعلم المصلحة العامة للمسلمين هي أولى من المصالح الخاصة . وفضلا عن ملف اللحم الحلال هناك أيضا ملف المقابر لان ذاكرة المسلم مرتبطة بالمقابر و عملية ترحيل موتى المسلمين في فرنسا إلى بلدانهم الأصلية يجعل الأقلية المسلمة تفقد من الذاكرة الجماعية للمسلمين و تاريخهم في البلاد التي يعيشون فيها، ولان المقابر حمالة للذاكرة و تدل على أنه كان هنا أجداد مثلا جاءوا في التاريخ الفلاني، فهذا أمر يجعل المسلمين يترددون على هذه المقابر و يشعرون أن لهم جذور و هو أمر أساسي في الذاكرة الجماعية . ولئن كان القانون الفرنسي يمنع إيجاد مقابر خاصة، ولكننا وفي اعتقادي وفي إطار ما هو مسموح به الآن في التعامل مع رؤساء البلديات يمكن إيجاد داخل المقابر الموجودة ما يسمى بالمربعات الخاصة وهو أمر معمول به في الكثير من المناطق و بالتالي فانه مطلوب توسيع هذه المربعات . هناك أيضا و حتى لا أنسى ملف الحوار ما بين الديانات لان هذا أمر ضروري لان الموطن المسلم يجب أن يتعرف على المواطنين الآخرين و شعائرهم و طريقة رؤيتهم للعالم و المسلم في هذا الإطار يجب أن يشارك مواطنيه من بقية الديانات في هذا المجتمع و المبادلة ستمكن من عيش اسلم و يكون هناك تفاهم وهذا مهم لأننا نعيش في مجتمع واحد . هناك مسألة مهمة طرحت إبان الانتخابات الأخيرة و هي الطريقة الانتخابية التي دفعت مسجد باريس إلى مقاطعة الانتخابات فهناك من يرى أن الطريقة الانتخابية و التي تتمثل في اختيار نائب على كل مئة مربع من مساحة كل مسجد أي عدد المندوبين بحسب مساحة كل مسجد ، هي طريقة غير ممثلة للواقع الديمغرافي والاجتماعي لمسلمي فرنسا الذين يمثلون ستة ملايين . فما رأيك ؟ هناك في هذا الأمر مسالتين مختلفتين، المسالة الأولى هي إجابة على هذا السؤال ماذا نريد من هذا المجلس هل انه يمثل المسلمين أم انه يمثل الديانة الإسلامية و بطبيعة الحال فان المجلس لا يمثل المسلمين كمواطنين عاديين فالمسلمين الفرنسيين كغيرهم من المواطنين الفرنسيين ممثلين من قبل هيئات برلمانية فالمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية ليس هو مجلس نواب جديد و ليس مقصودا من إحداث المجلس هذا الغرض. فالمسلمون الفرنسيون لهم ممثلوهم في الجمعية الوطنية ( البرلمان ). وفي ما يتعلق بالمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية هو انشأ خصيصا للدين الإسلامي و ليس للمواطنين المسلمين وهذا فرق اعتقد انه من الضروري أن نوضحه. ومن أجل تمثيل الدين الإسلامي حدث مخاض كبير قبل تشكيل المجلس، فقد كانت هناك أفكار كثيرة جدا ولكن سنة 1999 أقرت فكرة أن يكون تمثيل الإسلام عن طريق المساجد انطلاقا من فكرة أن التدين الإسلامي عامة ما يمثله أكثر هو دور العبادة، و بالتالي استقرت الفكرة على المساجد ثم طرح بعدها سؤال أخر وهو كيف يمكن تمثيل المسجد ؟ هل بعدد رواده ؟ أم بأعضاء الجمعية المسيرة له ؟ فوجدوا أن الطريقة الأقرب للواقعية في التمثيلية هو قضية الأمتار المربعة و التي تنم بشكل غير مباشر على عدد الرواد فكون المسجد كبير فانه يتوفر على عدد كبير من المصلين و بالتالي فان نوابه يكونوا أكثر من المسجد الصغير . و لكن طبعا هناك سؤال اخر , وهو لماذا اختيار المساجد ؟ و الجواب : لأنه هناك مظاهر أخرى للتدين فقد يكون أكل الحلال آو الصوم آو الدفن مثلا ولكن باعتبار أن الصلاة من الناحية الدينية هي عماد الدين وهي الشعيرة التي تفرق بين المتدين و بين غير المتدين فقد وقع اختيار المساجد. و اعتقد في هذا الملف بالذات أن من جملة الملفات التي سنقوم بطرحها في الفترة القادمة هو إحداث فريق عمل ينكب على دراسة هذه الطرق و يمكن لهذا الفريق أن يقترح بدائل لأنه أمام اعتراض البعض على القواعد الحالية فان الأمر يستدعي طرح بدائل و المفارقات ان الذين يرفضون القواعد المعمول بها الان لا يقترحون بدائل واضحة وفريق العمل الذي سنشكله سيكون مكلفا بالتفكير في آلية جديدة لتمثيل الدين الإسلامي بفرنسا. ولكن كل هذا المجهود يجب أن يتم داخل المجلس و ليس من خارجه لان المجلس الفرنسي لديانة الإسلامية هو مكسب يجب المحافظة عليه وتثبيته وهذا يستدعي وقتا طويلا جدا، لان المجالس الأخرى في فرنسا سواء أكانت مسيحية و يهودية أخذت الكثير من الوقت من اجل أن تتأسس على ما هي عليها الآن، وبالتالي فان عامل الزمن مهم جدا في أية مقارنة بين مجلس المسلمين و بقية المجالس الممثلة لبقية الديانات إذا لا يجب أن ننسى أن هذا المجلس له خمسة سنوات من الوجود فقط . في مسالة هوية المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية بالذات تبرز المساجد وهي الصيغة التي أسس عليها، ولكن في نفس الوقت عندما يقال المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية يشار في وسائل الإعلام الفرنسية وحتى عند السياسيين إلى المسلمين عامة بفرنسا و في قضية مثل قضية العنصرية الموجهة ضد المسلمين اي الاسلاموفوبيا نجد أن المجلس في مقدمة من يتحركون و هذا يعطي الشرعية للمجلس كممثل لكل مسلمي فرنسا فكيف ترون هذه المفارقة ؟ فعلا، كانت الفكرة من البداية هي تمثيل المساجد في المجلس، و لكن لما نضيف قضية مثل الاسلاموفوبيا والعنصرية الموجهة ضد المسلمين و التي لها علاقة بقضية المواطنة فإننا نحرج عن إطار التمثيلية الدينية إلى تمثيلية المواطنة و في هذا الإطار فان المواطن المسلم من المفترض أن يلجأ إلى المؤسسات المنتخبة للمواطنين الفرنسيين التي تمثله ومن المفترض أن تلعب دورها في الدفاع عنه، ولكننا في نفس الوقت لا نمتنع عن إصدار مواقف تدافع عن المسلمين كهيئة ممثلة . سآتي على نقطة أخرى أثارت الكثير من الجدل في الانتخابات الأخيرة وهو تدخل الدول الخارجية في الإسلام الفرنسي فكل جمعية و منظمة لها تقريبا من يقف ورائها من الدول الخارجية سواء أكانت مغاربية او خليجية وانتم في منظمتكم " تجمع مسلمي فرنسا " وكما هو معلوم تتلقون الدعم من المغرب الأقصى , فهل هذا الأمر يتعلق برأيك بمرحلة مؤقتة من أجل الوصول تدريجيا الى مقولة " الاسلام الفرنسي "أم أن الأمر يتعلق بموت هذه المقولة فعلا عن طريق الإسلام المدعم ماليا و معنويا من الخارج ؟ في الحقيقة يجب أن نفرق بين التدخل في العملية الانتخابية ذاتها من الوجهة التقنية و تدخل الجهات الإسلامية سواء أكانت مغربية آو جزائرية آو تونسية آو غيرها ممن اجل مساعدة مسلمي فرنسا لكي يحافظوا على هويتهم و تدينهم و تساعدهم على بناء مساجدهم و في التأثير في شبابهم و تاطيرهم و بالتالي اعتقد انه يجب الفصل بين الأمرين. من الناحية التقنية اعتقد انه في المستقبل ينبغي أن لا تستمر مثل هذه التدخلات و لكن من ناحية التعاون الديني فاعتقد انه ليس لنا مهرب من مثل هذا الأمر. وفي ما يتعلق بقضية التمويل، نعلم أن القانون الفرنسي يمنع أي تمويل من طرف الدولة للمساجد ونحن نعلم أن مسلمي فرنسا الآن يعانون من مشكلة انعدام المساجد بخلاف الفئات الدينية الأخرى و خاصة أن كل الكنائس و المعابد اليهودية استفادت من فترة ما قبل صدور قانون العلمانية سنة 1905 حيث كانت الدولة قبل هذا القانون هي التي تمول بناء أماكن العبادة و لكن كل مساجد المسلمين بنيت بعد سنة 1905 وهي قليلة و بالتالي كيف لنا اليوم أن نبني مساجد دون تمويل داخلي مع العلم أن الوضعية المادية للجالية المسلمة عسيرة . من جهة أخرى كيف لنا أن نحصل على مؤطرين دينيين وخاصة أن الأقلية الموجودة من الناحية الدينية لا تضم علماء في الشريعة بل هي جالية شعبية مهاجرة جاءت إلى فرنسا من أجل العمل. من كل هذه المنطلقات نقول أن الأقلية المسلمة محتاجة إلى البلاد الإسلامية الأخرى و يجب التنصيص على أمر مهم في هذه المسالة أنه ليست الجالية المسلمة فقط التي لها علاقات بالخارج، إذ ننسى أن الكنيسة لها علاقات وطيدة بالفاتيكان وهناك علاقات وطيدة بين اليهود الذين يعيشون بفرنسا وإسرائيل فهذه العلاقة الوطيدة في اعتقادي بالنسبة لمسلمي فرنسا مع بلدانهم الأصلية في جانب التأطير الديني و حتى في الجانب المادي لا يمكن الاستغناء عنها في الوقت الحالي، والقول بان المسلمين يجب أن يعولوا على إمكانياتهم الذاتية و لا يقبلون المساعدات من الخارج قول غير واقعي و الحال انه يسمح لغيرهم من الطوائف الدينية ما يمنع عليهم . وبالتالي القول بأن التدخلات و المساعدات الخارجية سيعيق ما يسمى إسلام فرنسا اعتقد انه مغالطة فالإسلام الفرنسي سيكون له مستقبل و سيصبح حقيقة و لكنه محتاج إلى مساعدات من العالم الإسلامي بشكل قانوني وطبيعي. سأبقى في مقولة " الإسلام الفرنسي " هناك بعض المسائل لا تحتاج إلى التدخلات الخارجية و خاصة في الملف الكبير وهو ملف تكوين الأئمة و خاصة أن هناك ضغوطات في السنوات الأخيرة من اجل أن يكون الإمام يتمتع بخصائص معينة و انتم بصفتكم إمام لأحد المساجد في وسط فرنسا كيف ترون صورة الإمام النموذج و الذي يتماشى مع البيئة الفرنسية ؟ فعلا، عندما قلنا إن من أولوياتنا أن نجد أئمة مؤهلين كنا نقصد هذا الأمر أي أئمة يعرفون واقعهم الفرنسي وهذه سنة الإسلام في تعامله في كل بلاد نزل فيها ونعلم أن دعاة المسلمين الذين ينتقلون إلى البلدان المتعددة كانوا يتعرفون على نموذج حياتهم و كان الصحابة الذين هاجروا إلى الحبشة و الذين كانوا أقلية في هذه البلاد يعرفون واقع هذه البلاد و كانوا يتعاملون مع واقعهم الجديد بحكمة وهذا طبيعة المسلمين في تاريخهم و ليس الأمر بالجديد بالنسبة ألينا . ففعلا إيجاد أئمة يعرفون هذا الواقع الفرنسي الجديد لا يجب أن ينسينا إيجاد أئمة أيضا يعرفون الأمور الشرعية فلا حاجة لنا لائمة منسلخين عن ضوابط الشرع و غير عارفين بالأمور الدينية وإضافة إلى ذلك على الإمام أن يكون عارفا باللغة الفرنسية و كذلك بالقانون الفرنسي حتى عندما يخاطب الناس يخاطبهم بمعرفة . و لكن عندما ننظر إلى مراكز ومدارس تكوين الأئمة بفرنسا نجد أنها لا تفي بالحاجة وحتى من الناحية المادية تعيش أزمة و غالب المختصين في هذا الميدان يأتون من الخارج فيمكن تبعا لذلك أن نطلب مع الدول الإسلامية بان يكون لها مكونون (معلمون) في البداية في هذه العملية . الأمر الأخر الذي يجب أن ننظر إليه في هذا الملف هو مرتبة الإمام و موقعه الاجتماعي و القانوني وهو أمر يحتاج إلى إصلاح، فإذا قلنا للشباب المسلم بفرنسا على سبيل المثال من يريد منكم أن يكون إماما وهذه ظروف عيشه بعد تخرجه؟ فستجد القلة القليلة ممن سيقبلون أن ينخرطوا في هذا العمل لأنه أمام أفق غير واضح والأئمة يعيشون في حالة استثنائية و غير مستقرة فإذا لم نصلح شان الإمام و نعطيه القيمة اللازمة فلن نستطيع أن نحل مشاكل هذا الملف . إذا أردنا إسلاما فرنسيا أي بمعنى إيجاد جيل من المولودين في فرنسا ومتكون في العلوم الشرعية ليصير أئمة مساجد يجب علينا إصلاح أفق وظيفة الإمام . ذكرت الشباب المولود بفرنسا كمستقبل للوجود الإسلامي بفرنسا و لكن هناك مؤاخذات حول غياب هذه الفئة في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية حيث غالبية القيادات هي من العناصر القادمة من البلدان الأصلية فكيف ترون هذا الأمر ؟ هذا كذلك من الملفات باعتقادي التي يجب أن يفكر فيها المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية لان الكثير من الشباب أبدى عزوفا عن هذا المجلس لاعتبارات كثيرة فعندما بدأ نشاط المجلس بدأ مع هؤلاء الناس الذين يسيرون المساجد و الفيدراليات و كلهم تقريبا من الجيل الأول أي من المهاجرين الأوائل و الذين نشئوا هنا كانوا قلة . وفي اعتقادي أن الملف حساس جدا لأنه إذا أراد المجلس أن يضمن استمراريته يجب أن يستعين بالشباب ممن ولدوا و ترعرعوا في البيئة الفرنسية ولا خيار له و بطبيعة الحال لما ننظر في الواقع نجد أن الصراعات التي حدثت داخل المجلس طوال السنوات الأخيرة ساهمت في ابتعاد الشباب عن هذه المؤسسة و لم يشجعهم على الدخول فيها وخاصة أن الكثير منهم له عقلية الانضباط والالتزام التي تربى عليها في المدارس الفرنسية . ونعرف أن المجلس أسس منذ البداية على بعض المتناقضات التي كان يجب إصلاحها وتلافيها، وهو الأمر الذي لم يشجع الشباب ولكن بالرغم من ذلك نلاحظ وجود بعض الشباب في تجمع مسلمي فرنسا و حتى في اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا والذين بدأوا رويدا ينخرطون في هذا العمل، والأمر في اعتقادي يحتاج إلى بعض الوقت و في نفس الوقت يجب أن نبين للشباب أن المهمة ليست سهلة و معقدة و تحتاج إلى جهود وصبر طويلين. عن إسلام أونلاين.نت