نشرنا في السابق نص التقرير (الرسالة) التي وجهتها جماعة التبين لعبد الكريم مطيع، تشرح له فيها بدقة التمزق الداخلي الذي آل إليه الوضع التنظيمي داخل الحركة، وتطلب منه قبول بفكرة التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسول الله لاجتناب الفتنة التي احتدمت بينه وبين الستة، وننشر في هذه الحلقة نص جواب عبد الكريم مطيع الذي ينشر لأول مرة، والذي ينفي فيه أن يكون الإخوة في جماعة التبين أعضاء في الجماعة، وأن الشرط لقبول مبادرتهم هو الالتحاق بالجماعة وإعطاء البيعة للأمير. - أي حوار يفتح بينكم وبينه يجب أن يكون له مدخل شرعي ليباركه الله تعالى وتشهده ملائكته، وأول خطوة لفتح الحوار هي أن تكونوا أعضاء في الجماعة عضوية شرعية، وذلك بأن تنتموا إليها انتماء شرعيا بواسطة البيعة. فليس من حق أي واحد غير عضو شرعي في الجماعة أن يتدخل في شؤونها الداخلية وإلا فتحنا باب التدخل لكل شخص كيفما كان لونه العقائدي أو مذهبه الديني. - يجب أن تحظروا تحركاتكم واتصالاتكم مع كل القطاعات مما يساعد على نشر الفتنة وصرف الإخوة عن الاشتغال بالتربية، وفتح باب الجدل والتشكيك والغيبة والنميمة والبهتان، وهذه كلها لا تساعد على الإصلاح، ولا يقوم بها الذين يريدون الإصلاح . - استطاع مطيع من خلال مفهوم البيعة ومفهوم العضوية الشرعية في الجماعة أن يرفض مبادرة جماعة التبين، وأن يجعل من شرط الانحياز إليه (البيعة) مدخلا لقبول آرائهم ونصائحهم، وهو ما لم يكن ممكنا بحكم أن أساس فكرة التبين قائمة على عدم الانحياز لطرفي النزاع. - تؤكد الوثيقة أن المسئول الفعلي الذي عينه مطيع لإدارة شؤون التنظيم في هذه المرحلة كان هو عبد الحميد أبو النعيم بحكم أنه طلب من الإخوة في جماعة التبين أن يبادروا لكتابة رسالة الرغبة في الانتماء للجماعة إليه، وهو ما يعني أنه كان المسئول الفعلي عن التنظيم في هذه الفترة. التعريف بالوثيقة هذه الوثيقة هي الرد الذي أملاه عبد الكريم مطيع على ولاد الحبيب الذي تكلف بتبليغ رسالة جماعة التبين وهي تضم أربع صفحات، مكتوبة بخط يدوي، وموقعة باسم ولاد لحبيب سياق الوثيقة اختلف الإخوة بشأن الخلاف الذي احتدم بين عبد الكريم مطيع وبين السداسيين في الفترة الممتدة ما بين بداية سنة 1977 وبداية شهر 1978، فمنهم من انحاز إلى الستة وهم قليل، ومنهم من انحاز إلى الأمير باعتباره قيادة شرعية، ومنهم من اعتزل العمل الإسلامي برمته بدعوى أن الأمر يتعلق بفتنة. الإخوة الذين باتوا يعرفون بمجموعة 25، اختاروا موقفا آخر، إذ لم يخرجوا عن التنظيم، ولم ينحازوا لأي طرف من طرفي النزاع، واختاروا التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله في التبين في الأمر، ودعوة الطرفين (مطيع، والستة) إلى كشف أسباب الخلاف وتحديد المسئول عن الفتنة التي آل إليها وضع الحركة. في الشهادات الروايات التي سقناها في هذا الملف لثلاثة رموز سابقين في جماعة التبين أكدوا أنهم عرضوا الأمر على الستة : نور الدين ذكير وأحمد بلدهم ومنار عثمان، فأبدوا استعدادهم لذلك وأنهم يقبلون نتائج ما وصل إليه اللقاء مع مطيع بوساطة الإخوة كيفما كانت. لكن الإخوة في جماعة التبين لم يجدوا طريقا لإيصال العرض إلى عبد الكريم مطيع، فكان أن اقترح ولاد لحبيب نفسه على الجماعة ليقوم بدور تبليغ الرسالة ونقل جواب عبد الكريم مطيع إلى الإخوة. كما أرسل الإخوة أيضا وفدا آخر كان على رأسه الوافي الركيبي - كما توضح الوثيقة ليقوم بنفس الدور. ولم يتوصل الإخوة بجواب عن هذه الرسالة، بل إن كل من الإخوة عبد اللطيف السدراتي وأحمد المشتالي ومحمد الزروالي أكدوا في شهاداتهم أنهم إلى اليوم لم يتوصلوا بجواب عن الرسالة التي بعثوها في إطار مهمة التبين والتحاكم إلى كتاب الله تعالى. وقد حصلنا على الوثيقة التي تتضمن الجواب الذي يلخص موقف عبد الكريم مطيع من المبادرة التي قام بها الإخوة من أجل الإصلاح. أحمد المشتالي يشرح سياق الرسالة قال أحمد المشتالي في شهادته التي أدلى بها لالتجديد ضمن هذا الملف أرسلنا إليه أحد الإخوان يدعى الحبيب وكان من قطاع العمال، وهو الذي اتصل بنا وأبلغنا استعداده للقيام بهذه المهمة، وقد حملناه رسالة إلى مطيع نشرح له فيها فكرة المواجهة بينه وبين القيادة السداسية وأن ذلك ليس فيه أي طعن في القيادة وإنما هو لمصلحة الدعوة وتجميع الصف الإسلامي. كاتب الوثيقة ليس عبد الكريم مطيع هو كاتب الوثيقة، وإنما أملاها على ولاد لحبيب وهو الذي حكم عليه بالإعدام عدة مرات، وفصله عبد الكريم مطيع في نهاية الثمانينات. وهو من إخوة الدارالبيضاء، وصفه الأستاذ المشتالي في شهادته بأنه من قطاع العمال. نص الوثيقة كاملا بسم الله الرحمان الرحيم إلى السادة: أقوام، والوافي، ونصري ومسوسي ورحمون. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، لقد أوصلت إلى الأخ عبد الكريم رسائلكم التي كلفتموني بإيصالها إلى الأخ، وبحثت معه النقط التي أرسلتموني من أجل بحثها، وقد اتفقت معه على أن أي حوار يفتح بينكم وبينه يجب أن يكون له مدخل شرعي ليباركه الله تعالى وتشهده ملائكته، وأول خطوة لفتح الحوار هي أن تكونوا أعضاء في الجماعة عضوية شرعية، وذلك بأن تنتموا إليها انتماء شرعيا بواسطة البيعة. فليس من حق أي واحد غير عضو شرعي في الجماعة أن يتدخل في شؤونها الداخلية وإلا فتحنا باب التدخل لكل شخص كيفما كان لونه العقائدي أو مذهبه الديني. ومن المعلوم أن أقوام (يقصد عبد الرحيم أقوام) كان كتب رسالة إلى الأخ عبد الكريم يخبره فيها بأنه اعتزل من الجماعة، (كلمات غير مقروءة.) التنظيم أن يوف بشروط بيعته السابقة على السمع والطاعة وحماية الأخ مما يحمي منه نفسه وأبناءه، واعتدى على بعض الإخوة بالصفع الذين يسأل عنهم يوم القيامة ومنهم الشرقاوي وحركات ومراد. هذه التصرفات تجعل بيعته ملغاة وتضعه خارج الجماعة، إضافة إلى أنه اعتزل الجماعة كتابة فأكد بذلك عدم عضويته في الجماعة، إذ عليه إذا أراد أن يبحث أخويا آراءه ومقترحاته أن يعزم على العودة إلى الجماعة وأن يقدم على تجديد البيعة ويطلب من الأخ عبد الكريم الإذن له بتجديد البيعة والعودة إلى الجماعة بواسطة رسالة ترسل عاجلا إلى الأخ عبد الكريم، وإذ ذاك عندما تجدد بيعته يمكنه أن يزور الأخ عبد الكريم لبحث أي موضوع يشاء، ونفقات نقله وإقامته على الدعوة. أما الآخرون: رحمون ونصري ومسوسي والوافي، فإن أخانا عبد الكريم لم يصل إلى علمه أنهم أعضاء شرعيين في الجماعة بواسطة البيعة، وإذا أرادوا هم كذلك أن تبحث آراؤهم ومقترحاتهم، فعليهم أن يكتبوا رسالة عاجلة إلى الأخ عبد الكريم يطلبون فيها هم كذلك أن يأذن لهم بالبيعة، ويعين لهم شخصا ثقة ينوب عنه في أخذها، وإذ ذاك، بعد البيعة، يحق لهم أن يزوروه ليبحثوا معه أي موضوع يشاءون، ونفقات السفر على الدعوة. وقبل هذا يجب أن تحظروا تحركاتكم واتصالاتكم مع كل القطاعات مما يساعد على نشر الفتنة وصرف الإخوة عن الاشتغال بالتربية، وفتح باب الجدل والتشكيك والغيبة والنميمة والبهتان، وهذه كلها لا تساعد على الإصلاح، ولا يقوم بها الذين يريدون الإصلاح ويريدون الانضمام إلى الجماعة. فعليكم أن تمهدوا لتحقيق أهدافكم بالالتحاق بركب الجماعة بإيقاف اتصالاتكم وحملة التشكيك، والاتجاه إلى الهدوء والصمت والتقوي وإغلاق باب الجدل والمراء، وأعلموا أن كل واحد يتمتع بعضوية شرعية في الجماعة من حقه أن يوجه وأن يلاحظ وينتقد مستشهدا بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الجماعة بأميرها وأعضائها على استعداد كامل لأن يقوموا ويعدلوا أي تصرف يتعارض مع الكتاب والسنة في أنفسهم وأهليهم وأقوامهم، وهم أول من يجب عليهم أن يحكموهما. فعليكم أن تعجلوا بكتابة الرسائل، وتسليمها لعيد الحميد أبو النعيم ليرسلها إلى الأخ عبد الكريم، فلا تترددوا هدانا الله وإياكم إلى الصراط المستقيم. جزاكم الله خيرا إذا كنتم تريدون لهذه الدعوة الخير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخوكم لحبيب ملاحظات على الوثيقة - تكشف الوثيقة أن عبد الكريم مطيع توصل برسائل من جماعة التبين وليس فقط رسالة واحدة، وهذا يؤكد شهادات كل من أحمد المشتالي وعبد اللطيف السدراتي ومحمد الزروالي، بل إن الوثيقة تكشف عن أسماء الذين قاموا بإيصال هذه الرسائل ومنهم كاتب الوثيقة ولاد لحبيب والوافي الركيبي الذي سننشر في إقراره وتوقيعه في ضمن هذا التحليل، والمرجح قبل تاريخ كتابة هذا الرد أن مطيع وصلته رسالتان الأولى بواسطة الوافي الركيبي، والثانية بواسطة كاتب الوثيقة، بدليل أن الرد ذكر الأسماء التي أقر الوافي الركيبي أنها هي التي كتبت التقرير الذي نشرناه في الأسبوع القادم. هذا دون الحديث عن المحاولة الثالثة التي قام بها وفد من الإخوة كان من بينهم نور الدين دكير لزيارة مطيع في الحج ومدارسة وإيصال الرسالة مرة أخرى. - تؤكد هذه الوثيقة ما سبق وأن أشار إليه نور الدين ذكير من مركزية البيعة في تنظيم الشبيبة الإسلامية وأن مطيع كان يأخذها بنفسه من الأعضاء، أو يكلف من يتولى أخذها من الأشخاص الذين يحسبون على تنظيم الشبيبة الإسلامية. - تؤكد الوثيقة نفس المناورة الذي كان مطيع يتقنه، إذ استطاع من خلال مفهوم البيعة ومفهوم العضوية الشرعية في الجماعة أن يرفض مبادرة جماعة التبين، وأن يجعل من شرط الانحياز إليه (البيعة) مدخلا لقبول آرائهم ونصائحهم، وهو ما لم يكن ممكنا بحكم أن أساس فكرة التبين قائمة على عدم الانحياز لأي طرف من طرفي النزاع، وقد كان مدخله لهذه المناورة هو عدم الاعتراف بعضوية إخوة جماعة التبين بدعوى أنه لم يصل إلى علمه أنهم أعضاء داخل الجماعة، وأنه لم يأخذ منهم البيعة الشرعية، وأن شرط قبول فمرة الحوار معهم هو أن يكونوا أعضاء في الجماعة وأنه ليس من حق أي أحد خارج الجماعة أن يتدخل في الشؤون الداخلية للجماعة إلا أن يكون عضوا فيها، فحينها يسمع منه النصح، وتكون القيادة ملزمة شرعا بقبول آرائه ومقترحاته، بل إن نفقات سفره وإقامته على الدعوة!! - تؤكد الوثيقة أن المسئول الفعلي الذي عينه مطيع لإدارة شؤون التنظيم في هذه المرحلة كان هو عبد الحميد أبو النعيم بحكم أنه طلب من الإخوة في جماعة التبين أن يبادروا لكتابة رسالة الرغبة في الانتماء للجماعة إلى الأخ عبد الحميد أبو النعيم، وهو ما يعني أنه كان المسئول الفعلي عن التنظيم في هذه الفترة. - هذه الوثيقة تؤكد شهادة محمد الفقيه النايت الذي أشار إلى أن فترة تولي عبد الحميد أبو النعيم للمسؤولية كانت تركز على تأكيد مفهوم البيعة للأمير وخطورة الخروج عن الجماعة ونقض البيعة التي وضعها الإخوة في أعناقهم، وأن عبد الحميد أبو النعيم هو الذي تولى التأصيل بقوة لهذه المفاهيم من أجل تقوية موقع مطيع وإضعاف دور السداسيين وتهميش مبادرة التبين. لماذا لم تتوصل جماعة التبين بالرد أكد غير واحد من الرموز السابقة لجماعة التبين أن الرد لم يصل إلى اليوم. فما سبب ذلك؟ وهل هناك قصد لعبد الكريم مطيع من وراء عدم إيصال الرد؟ ليس هناك ما يؤكد بأن مطيع قصد عدم إيصال رده إلى جماعة التبين فنص الوثيقة يثبت العكس، وأنه يدعوهم إلى العودة إلى الجماعة والتماس البيعة للأمير من شخص موثوق به لدى مطيع يأخذها منهم، وأن شرط السعي في الإصلاح هو حظر الاتصالات التي يجرونها مع من يسميهم مطيع بالجهات التي تشيع النميمة والغيبية والبهتان والتوقف عن مجاراة حملات التشكيك وفتح باب الجدل والمراء والفتنة. بل إنه دعاهم إلى توجيه رسالة إلى عبد الحميد أبو النعيم للالتحاق بالجماعة ببيعة شرعية، فهذه كلها مؤشرات تبين أن مطيع قصد أن يصل الجواب إلى جماعة التبين، لكن يبدو أن ظروف المطاردة التي تعرض لها ولاد لحبيب بسبب اندراج اسمه في نفس ملف عبد الكريم مطيع (محاكمة 1980) والحكم بالإعدام الذي صدر في حقه عدة مرات، واغترابه عن الوطن (فرنسا) هو الذي جعل توصل جماعة التبين بهذا الرد متعذرا. ............................. إقرار يتضمن أسماء الذين كتبوا التقرير الموجه من جماعة التبين إلى عبد الكريم مطيع. بسم الله الرحمان الرحيم أشهد بأن هاته الرسالة كتبها: الوافي الركيبي، أقوام عبد الرحيم، نصري، عبد الله (من الرباط)، عبد اللطيف (من سلا)، إبراهيم من (بن أحمد)، وموهوب (مراكش)، ومسوسي وميلود و(اسم غير مقروء)، وأن هؤلاء الأفراد يطلبون منك التحاكم إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم طبقا لما هو في هذا التقرير، والله على ما أقول شهيد وكل هؤلاء الأفراد ينتظرون الجواب عاجلا. توقيع الوافي الركيبي ..................