انتقد بعض الإخوة ما ورد في المقال السابق الذي كتبته عن عقد التحفظ التاريخي، واعتبر المقال محشوا بنوع من المبالغة، ذلك أن كثيرا من قيادات الحركة الإسلامية تحدثت وكشفت عن جوانب مهمة من التاريخ، وقدمت شهاداتها التاريخية، وأن ما تبقى من شهادات في هذا المجال لا يسمح بالحديث عن التحفظ التاريخي بله عن عقدة تاريخية. والواقع أن هذا الانتقاد له وجاهة كبيرة فكثير من الإخوان فكوا هذه العقدة وانطلقوا وقدموا ما يملكون من معطيات لكتابة هذا التاريخ. لكن هل تم كشف كل التاريخ بمعطياته وتفاصيله؟ وهل تحدث كل من يملك إضافات وشهادات في هذا الموضوع؟ لحد الساعة لا نملك معلومات كافية عن مرحلة التأسيس، والمرحلة التي تغطي أكثر من سنتين أو ثلاثة، أي بدءا من سنة 1970 هذا إن لم نقل 1969 حسب رواية عبد الكريم مطيع، والراجح أن هناك الكثير ممن عاين هذه الفترة ويملك معطيات مهمة لكنه يتحفظ عن الرواية، وأتمنى لو يشارك الأستاذ إبراهيم كمال بمذكراته التي قال بأنها ستنشر قريبا- هذا إن نشرها - لملأ هذا الفراغ الكبير في تاريخ الحركة الإسلامية. ثم إننا لا نلمك معطيات دقيقة عن القيادة الثانية في الشبيبة الإسلامية، ولا نتوفر على معلومات كافية عن الخط الثالث وما هي الحيثيات التي جعلت مطيع يستغني عن هذين الخطين معا، مع العلم أن هناك أشخاصا معروفين ساهموا في هذا التاريخ وكانوا مشاركين في صناعته، لكن لحد الآن لم تصدر منهم معلومات واحدة تغطي هذه المرحلة. هناك نقاط التباس كبيرة تحتاج إلى توضيح وتحتاج أكثر إلى فك عقدة التحفظ التاريخي. هل كان مطيع يعتبر الشباب، شباب الثانويات، عصبة التنظيم وقادته؟ أم أنه فقط كان يوظفهم لإظهار قوة التنظيم وتحسين شروط التفاوض؟ وإذا كان الأمر كذلك فمن كان وقتها المسؤول عن التنظيم قبل خروج مطيع من المغرب؟ هل كان عبد اللطيف عدنان هو المسؤول الحقيقي عن التنظيم؟ هل كان الشباب يقودون التنظيم؟ أم كانوا طرفا في توسيع دائرته ودائرة الاستقطاب إليه؟ الجواب عن هذه الأسئلة يفترض طرح سؤال من كان القيادة الفعلية للتنظيم؟ وما هي الأوراق التصورية التي كانت تؤطره؟ وهل يعقل أن يسير التنظيم بهذه العاطفية والمغامرة دون أن يكون مؤطرا برؤية تنظيمية وسياسية مكتوبة؟ أسئلة تحتاج فعلا إلى فك عقدة التحفظ التاريخي التي ستسعف في كتابة التاريخ بكل ما تعني كلمة التاريخ من معنى.