بعض الإخوة لم يرقهم في هذا الملف الحديث عن بعض التفاصيل المؤلمة في تاريخ الحركة الإسلامية، وبعضهم اعتبر ذكر هذه الأحداث تشويها لصورة الحركة الإسلامية في عيون من يحبها ويتعاطف معها، وبعضهم نصحنا بلطف أن نراعي المآلات وأن نحرص على عدم تشكيك القارئ من طهرانية هذه الحركة. وحتى نضع الأمور في نصابها، نحب أن نوضح للقارئ ولكل الذين تفاعلوا مع هذا الملف، أن منطق التاريخ الأسود أو الأبيض لا يؤطر تفكيرنا، ولسنا معنيين به ، وليس من مقاصد هذا الملف أن يظهر الصورة الإشراقية للحركة الإسلامية ولا حتى أن يركب على العثرات التي حصلت في محطات كثيرة من هذا التاريخ. مقصد الملف أن يروي الوقائع كما هي منهجية القرآن، ويترك للمعتبر أن يأخذ الدروس، وللباحث أن يدرس التحولات التي عرفها الكسب الفكري للحركة الإسلامية. من الضروري أن نفتح الجراحات، وأن نروي الأخطاء التي أكسبت الحركة الإسلامية نضجا في الموقف وتميزا في الطرح وفرادة في الحضور بين الحركات الإسلامية. لا ينبغي أن نتبرأ من هذا التاريخ، ولا ينبغي أن نخفي مره ونروي حلوه حتى نشعر الآخرين بطهرانية الماضي والحاضر والمستقبل. الحركة الإسلامية كسب بشري، يعتريها ما يعتري الحركات البشرية الأخرى من أمراض وفتن، والتنكر لهذه الحقيقة جهل بطبائع التجمعات، وإضرار بالحركة الإسلامية نفسها واغتيال للتاريخ. ماذا يضر لو حكينا الوقائع كما حدثت في التاريخ؟ وماذا ينقص من شرف الحركة الإسلامية لو اعترفت بأخطاء الماضي وأطلعت محبيها والعاطفين عليها على طريقتها في الاستفادة من أخطائها وعثراتها؟ إنها إن فعلت ذلك، تقدم للحركات السياسية الأخرى درسا في النقد الذاتي، وتعلم أبناءها كيفية التعامل مع الواقع كما هو لا كما ينبغي أن يكون. وحتى لا يغرق مقالي في التأصيل لفائدة رواية وقائع التاريخ كما حدثت أحب أن ألفت القارئ على لطيفة من اللطائف التي تبين الفائدة التربوية من هذا النوع من الكتابة التاريخية. لما حارونا الأستاذ أحمد بلدهم، ووصلنا معه إلى حيثية اعتقاله، ذكر لنا قصة اعتقال محمد بخات، واعترف لنا أن الشبيبة الإسلامية ظلمته ظلما مبينا حين ادعت أنه هو الذي وزع المنشورات وأنها كانت تريد أن تنتقم منه لصلته بوزارة الأوقاف، لكنه عقب حديثه هذا صرح لالتجديد بأنه يتمنى أن يلقى محمد بخات لكي يعتذر له، واللافت أننا لما حاورنا الأخ بخات حكا لنا روايته وقبل اعتذار أحمد بلدهم وكل الذين ظلموه وأعرب عن استعداده للترحيب بهم. درس تربوي في الوضوح وذكر الحقيقة في الشهادة التاريخية. درس في الحاضر يصحح اختلالات الماضي، ويعتبر من العثرات والأخطاء التي وقعت سلفا ليبني المستقبل المشرق. فهل يعتبر من ينتقد؟