يظهر أن هناك لغزا كبيرا وخطيرا في فضيحة المعلومات التي تسربت عن المشاورات التي جرت بين الرئيس الأمريكي بوش ورئيس وزراء بريطانيا بلير حول عزم الأول أو تخطيطه لشن هجوم على مقر قناة الجزيرة الفضائية في قطر وبعض مكاتبها في الخارج بهدف إسكات صوت تمرد على تعليمات المحافظين الجدد في واشنطن. اللغز أو السر الخطير الذى عندما سينكشف سيدمر جزء كبيرا من مخططات البيت الأبيض يعود فضله لهؤلاء الأبطال العراقيين الذين واجهوا قبل سنة تقريبا في مدينة الفلوجة التي لا يتجاوز تعداد سكانها 300 الف نسمة القوة العسكرية الأولى في العالم فصمدوا وأذاقوا خصومهم طعم الأنكسار حتى كتب لهم الأستشهاد بعد ذلك وفي هجوم أمريكي صهيوني جديد استخدم فيه ضدهم قادة البنتاغون أسلحة محرمة دوليا وفي مقدمتها القنابل الفسفورية. يوم الثلاثاء 22 نوفمبر 2005 صدمت صحيفة ديلي ميرور الشعبية البريطانية العالم حين قالت إن الرئيس الأمريكي خطط لقصف قناة الجزيرة القطرية في الدوحة التي تتهمها الحكومة الأمريكية بإشعال نار المقاومة في العراق، وتعتبرها المتحدث بإسم أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة. واستندت الصحيفة على مذكرة سرية للحكومة البريطانية، حيث ذكرت أن الهجوم كان سيؤدي الى قتل العديد من الأبرياء والعزل، وهو ما يفسر على أنه يعني كل من يعمل بالجزيرة، أو بمعنى آخر أن كل العاملين في الجزيرة الفضائية هم أهداف استراتجية يجب ضربها. ونقلت صحيفة ديلي ميرور عن مسؤول في داخل الحكومة البريطانية قوله إن المذكرة تعتبر قنبلة وتضر بسمعة الرئيس بوش. وأفاد التقرير أن تدخل رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، منع من حدوث هذا، حيث حذر من الاثار السلبية والمدمرة جراء هذا الهجوم. وقال المسؤول لقد كان مصمما على ضرب الجزيرة في قطر، الا ان بلير اجاب ان هذا سيؤدي لحدوث مشكلة. وأكد المسؤول أنه لم يكن هناك أدنى شك في أن بوش كان يريد الهجوم، ولا مدعاة للشك في موقف بلير الذي رفضه. تقول تقارير واردة من واشنطن أنه حتى قبل ساعتين تقريبا من نزول صحيفة الديلي ميرور الى الأسواق أشتعلت الخطوط الرابطة بين واشنطنولندن باتصالات كانت في أغلبها مشفرة أي أن أفضل أجهزة المخابرات في العالم تحتاج لستة أشهر لحل الغازها . البعض في الأوساط الصحفية في بريطانيا وبرلين قالوا أن أحد أهداف هذه الاتصالات كان إستصدار أمر قضائي بمنع توزيع الديلي ميرور تحت عذر نشرها وثائق سرية تمس الأمن القومي في المملكة المتحدة. نفس التقارير تضيف أنه بعد أن ظهر أن الأجل الزمني المتوفر للتدخل ضد الصحيفة الشعبية البريطانية قد فات بدأت مرحلة شن حرب لتفنيد وتكذيب ما نشر ومنع كشف المزيد من الحقائق. في البداية طلبت الحكومة البريطانية من الصحافة البريطانية ألا تنشر أي معلومات حول مضمون المذكرة السرية، وحذرت المؤسسات الإعلامية من أنها ستنتهك القانون إذا نشرت تفاصيل جديدة. ووجه النائب العام البريطاني مذكرة تحذيرية لرؤساء هذه المؤسسات الإعلامية. البيت الأبيض قال أن مزاعم صحيفة الديلي ميرور غريبة جدا الى درجة لا تستحق الرد عليها، كما أحجم مكتب بلير عن التعقيب. صحيفة (الغارديان) ذكرت يوم الخميس 24 نوفمبر أن المخاوف من أن يؤدي أي كشف جديد عن الخلافات بين رئيس الوزراء البريطاني توني بلير والرئيس الأمريكي جورج بوش حول حرب العراق الى توتير العلاقات بين لندنوواشنطن كانت وراء القرار غير المسبوق الذي اتخذه النائب العام البريطاني اللورد غولدسميث وهدد بموجبه باستخدام قانون سرية المعلومات الرسمية ضد الصحف الوطنية. أسرار خطيرة تخبط حكومة لندنوواشنطن في التعامل من المذكرة القنبلة كان على درجة كبيرة من السوء مما دفع المحللين الى إستنتاج أن هناك محاولات لإخفاء أسرار على درجة كبيرة من الأهمية. بعد أكثر من أسبوع على انفجار الفضيحة خرج رئيس وزراء بريطانيا مجبرا عن صمته خلال حضوره موتمر برشلونة، غير أنه زاد الطين بلة حيث تهرب من إعطاء رأي واضح متعللا بأن الأمر في يد القضاء. وبعد عودته الى لندن ارتكب بلير زلة جديدة حيث نفى يوم الاثنين 28 نوفمبر أن يكون قد تلقى تفاصيل خطة أمريكية لقصف قناة الجزيرة.وجاء نفي بلير في رد مكتوب على سؤال (مكتوب أيضا) للنائب البرلماني ادم برايس عن حزب بلايد كيمرو الويلزي حيث أكد أنه لم يتلق أي معلومات بخصوص هذا الموضوع لكن المتحدثة باسم مكتب بلير في داونينغ ستريت لم تقدم أي تعقيب آخر على هذا الرد. ردا على هذا التخبط الحكومي أكدت الديلي ميرور يوم أمس الثلاثاء صحة وثيقة قصف الجزيرة . وذكر رئيس التحرير المشارك في الصحيفة كيفين ماغواير أن محاضر موثقة لدى صحيفته تثبت أن جورج بوش أبلغ توني بلير بعزمه قصف قناة الجزيرة. وسط هذه المتاهة من النفي والتأكيد شرع المراقبون في طرح أسئلة عن الأمور التي يريد قادة لندنوواشنطن إخفاءها، البعض يرى أن القضية تتعلق بالأسلوب الذي كان بوش يفكر في استخدامه لقصف الجزيرة. هل كان سيتم بالطائرات الأمريكية وصواريخ البحرية، مع الإشارة الى أن قصف الجزيرة وهي في مبنى جديد واحد في الدوحة لا يتطلب أكثر من قنبلة واحدة كبيرة أو صاروخين أو شاحنة ملغومة، أم أنه كان سيوكل الأمر إلى عملاء المخابرات الأمريكية والبريطانية ثم تنسب مسؤوليته الى تنظيم مجهول أو معروف. مصدر الماني قال مازحا من الممكن أن ينسب قصف الجزيرة الى الزرقاوي أو أي تنظيم صوري في العراق يعلل عمله بأن سياسة الجزيرة الإعلامية كافرة وتخدم هذا الطرف أو ذاك. في هذا السياق تكمن أهمية تشاور بوش مع بلير حول الخطة حيث أن أمريكا في حاجة الى المخابرات البريطانية الموجودة بقوة في الخليج العربي لإنجاز مثل هذه المهمة. تغطية العملية بهذا الأسلوب كان سيكون سهلا حيث أن التقارير الأمنية الغربية كانت تشير الى أن دولة قطر الإمارة الصغيرة الغنية بالبترول والغاز الطبيعي تعرف تراخيا أمنيا وهي لم تشهد هجمات منذ الحادث المنعزل الذي وقع في التاسع عشر من مارس 2005 حين اندفع مصري بسيارته المحشوة بالمتفجرات الى مسرح في الدوحة كان يعرض مسرحية لممثلين هواة عنوانها الليلة الثانية عشرة لشكسبير، مما أدى الى مقتل مواطن بريطاني وجرح 12 شخصا، و تدمير المبني المؤلف من طابق واحد. في انتظار نتيجة معركة تكذيب وثيقة الديلي ميرور تحدي وزير الدفاع العمالي السابق، بيتر كيلفويل الحكومة البريطانية لنشر المذكرة المكونة من خمس صفحات، وقال إنه من المثير للخوف أن يفكر رجل قوي كالرئيس بوش بمثل هذه المغامرات. ويقول الكثير من رجال القانون: إذا كان الأمر كله أوهام فلماذا وجهت الشرطة البريطانية تهما بموجب قانون سرية المعلومات الحكومية للموظف السابق في الوزارة ديفيد كيوغ (49 عاما) لتمريره المذكرة الى ليو اوكونر (42 عاما) الباحث السابق لدي النائب كلارك.