كشفت صحيفة ديلي ميرور البريطانية النقاب عن تلقيها تحذيرات من المدعي العام البريطاني من نشر المزيد بشأن تفاصيل الوثيقة السرية التي قالت إن الرئيس الأميركي جورج بوش خطط لقصف مقر قناة الجزيرة في قطر وعدد من مكاتبها بالخارج, أثناء تغطيتها للهجوم الشامل الذي تعرضت له مدينة الفلوجة عام 2004. وقالت الصحيفة إن المدعي العام حذرها من أن نشر الوثيقة سيعتبر خرقا لقانون أسرار الدولة, وهدد في الوقت نفسه باستصدار حكم قضائي استعجالي من المحكمة العليا إذا لم تلتزم بذلك. وأكدت ديلي ميرور أنها قررت الانصياع لذلك التحذير وعدم نشر المزيد من التفاصيل, رغم الدعوات المتزايدة لنشر ما احتوته الوثيقة بصورة كاملة. وفي هذا الإطار نقلت الصحيفة عن المتحدث باسم حزب الديمقراطيين الليبراليين قوله إن ما جاء بالوثيقة "لو كان صحيحا فإنه يعبر عن مدى يأس الإدارة الأميركية". من جانبها قالت صحيفة تايمز إن المدعي العام البريطاني أرسل إلى كل الصحف محذرا من ملاحقة أي صحيفة تنشر تفاصيل الوثيقة التي تتضمن الحديث الذي دار بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير، حول خطة عرضها بوش للاعتداء على الجزيرة. الجزيرة تنتظر ردا وقد أصدرت قناة الجزيرة بيانا قالت فيه إنها تجري تحقيقا في تقرير ديلي ميرور. وأوضح البيان أنه وقبل الخروج بأي استنتاجات تسعى الجزيرة إلى التأكد بصورة مطلقة من صدقية الوثيقة، وهي تأمل من الحكومة البريطانية أن تصدر تأكيدا بأسرع وقت ممكن. وأضاف البيان أنه إذا ما تبين أن التقرير صحيح فإن ذلك سيكون صدمة قاسية ليس للجزيرة فقط بل ولجميع المؤسسات الإعلامية في العالم بأسره، وسيلقي بشكوك جدية على تبريرات الإدارة الأميركية لحوادث سابقة استهدفت صحفيي الجزيرة ومكاتبها. كما سيفتح ذلك فصلا جديدا في علاقة حكومتي اثنتين من أقوى دول العالم بالمؤسسات الإعلامية بوجه عام. والجزيرة تحث البيت الأبيض والحكومة البريطانية على الرد على تقرير ديلي ميرور. وإذا ما تبين أن المذكرة صحيحة، فإنه يتوجب على الحكومتين الأميركية والبريطانية توضيح موقفيهما من التصريحات المتصلة بالاستهداف المتعمد للصحفيين والمؤسسات الصحفية. تفاصيل الوثيقة وكانت الصحيفة البريطانية نشرت وثيقة اطلع عليها النائب العمالي البريطانى السابق توني كلارك, اشتملت على معلومات تؤكد أن الرئيس الأميركى جورج بوش أطلع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير, خلال زيارته للبيت الأبيض فى أبريل/ نيسان من العام الماضي على خطة لقصف مقر قناة الجزيرة وبعض مكاتبها بالخارج. وقالت ديلي ميرور إن بلير حذر بوش من أن القيام بمثل هذا العمل قد يثير موجة غضب عالمية. ومن المقرر أن يمثل الشخصان المتهمان بتسريب المذكرة أمام القضاء البريطاني الأسبوع المقبل. كما نقلت الصحيفة عن مصادر لم تحددها قولها إن محضر حديث جرى بين بلير والرئيس الأميركي، كشف أن الرجلين بحثا إمكانية توجيه ضربة عسكرية إلى القناة. وأضاف المصدر أن بوش عبر عن نيته مهاجمة الجزيرة في قطر وخارجها لكن بلير حذره من أن مثل تلك الخطوة ستكون لها تداعيات خطيرة، مشيرا إلى أن ما كان الرئيس الأميركي يريده لم يكن محل شك كما أنه من المؤكد أن بلير لم يكن يريده أن يقوم بذلك. ورغم أن الصحيفة نسبت لمصدر حكومي قوله إن تهديد بوش كان في إطار المزاح، فإنها نقلت عن مصدر آخر قوله إن الرئيس الأميركي كان جادا بالفعل, كما أن بلير كان جادا كذلك في تحذيره مضيفا أن هذا ما يظهر من نوعية العبارات التي استخدمها كل من الرجلين. ونسبت ديلي ميرور إلى المسؤول السابق بوزارة الدفاع البريطانية بيتر كيلفويل طلبه من رئاسة الوزراء نشر الوثيقة التي تحتوي على تفاصيل ما دار بين الرجلين في تلك المباحثات, قائلا "إنه من المرعب أن يكون رجل بسلطة ونفوذ بوش قد اقترح بالفعل مثل هذا العمل المتعجرف". سخط واستنكار وقد لقيت خطط بوش استنكارا واسعا في أوساط المحللين الإعلاميين والسياسيين، فقد اعتبر رئيس تحرير صحيفة القدس العربي عبد الباري عطوان أن الكشف عن هذه الخطط يدل على أن الإدارة الأميركية تشن حربا على الجزيرة وعلى الإعلام العربي الحر، وأن كل أحاديثها عن الحرية والإصلاح هي مجرد أكاذيب ولا تمت للواقع بصلة. وقال عطوان للجزيرة نت إن الكشف عن هذه الخطط يدل أيضا على أن الولاياتالمتحدة كانت متعمدة في استهداف مكاتب الجزيرة بكابل وبغداد وأن تبريراتها بأن القصف كان خطأ لم تكن صحيحة، مشيرا إلى أنها تستهدف الجزيرة لأنها وسيلة إعلامية أقرب إلى الحقيقة في عرض الرأي العام العربي والعالمي وبلا أي رتوش. وأضاف أن الإدارة الأميركية عندما فشلت في إسكات الجزيرة سعت لإطلاق وتمويل قنوات منافسة لها إلا أن هذه القنوات فشلت في تحقيق الهدف، ما اضطر هذه الإدارة للإيعاز إلى المسؤولين عن محطة BBC لإطلاق قناة عربية. وشكك عطوان في أن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير سيقوم بنشر هذه الوثيقة، لأنه سيدين نفسه بسبب تورطه في الحرب على العراق وأفغانستان. من جهته اعتبر الخبير بالمركز الدولي للتحليلات الإستراتيجية قاسم جعفر أن التعرض للإعلام الحر سيرتد على صاحبه ويعبر عن إفلاس الحكومة التي تقف وراء ذلك، معتبرا أن حرية الجزيرة أو أي وسيلة إعلامية أخرى تعتبر شيئا مقدسا يجب عدم المساس به.