اقتحمت القوات الأمريكية والعراقية مسجد الإمام أبي حنيفة النعمان في منطقة الأعظمية وسط العاصمة العراقية بغداد، وذلك بعد الانتهاء من صلاة الجمعة 19-11-2004؛ مما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة 9، حال 8 منهم خطرة. واقتحم ما بين مائتين إلى ثلاثمائة من عناصر الحرس الوطني المسجد بعد صلاة الجمعة، وقاموا بإلقاء قنابل صوتية وإطلاق النار، كما أفاد مراسل وكالة الأنباء الفرنسية. وعلى الأثر وصلت قوة أمريكية إلى المكان، ودخل جنود الاحتلال إلى المسجد، وتمركزوا على سطحه. كما أرغم الجنود الأمريكيون نحو عشرة من حراس المسجد على التمدد على الأرض خارج المبنى. وكان المصلون قد انفضوا للتو من أداء صلاة الجمعة، فرد الآلاف منهم بالتكبير والتهليل، ووقفوا في وجه تلك القوات التي دنست الحرم الداخلي للمسجد، وقامت بإطلاق العيارات النارية ضد المصلين العزل؛ مما أدى إلى سقوط الضحايا. وراحت القوات العراقية تبحث بين المصلين عن الشيخ مؤيد الأعظمي خطيب الجمعة لهذا الأسبوع، دون أن يعرف مصيره، إذ تضاربت الأنباء بشأنه، فالبعض يؤكد أن القوات العراقية اعتقلته، فيما يقول البعض الآخر إنه تمكن من الخروج من المسجد. وعلى الرغم من أن خطبة الجمعة كانت بعيدة عن الأحداث الجارية في العراق عموما والفلوجة خصوصا فإن القوات الأمريكية والعراقية أصرت على الدخول إلى الباحة الداخلية للمسجد منتهكة حرمته، مما أثار ردود فعل غاضبة لدى المصلين، دفعتهم لرمي القوات المهاجمة بالحجارة، إلا أن تلك القوات أطلقت النار بصورة عشوائية، وحشرت المصلين في الحرم الداخلي، دون أن تسمح لأحد بالخروج من المسجد. وألحقت القوات المهاجمة أضرارا بالمسجد بعد أن أصابت بعض العيارات النارية جدرانه ونوافذه. ولم تعرف على الفور أسباب اقتحام المسجد، غير أن عددا من العراقيين المرافقين للقوات الأمريكية أكدوا أنهم يبحثون عن الشيخ أحمد حسن الطه السامرائي، الذي لم يكن موجودا اليوم في المسجد، فيما أكد عدد آخر منهم أن السبب يعود إلى الخطبة التحريضية والمظاهرة التي انطلقت يوم الجمعة 12-11-2004 من هذا المسجد، للتنديد بالهجوم الأمريكي على الفلوجة. وفي خطبة الجمعة 12-11-2004 بمسجد أبو حنيفة النعمان في الأعظمية، قال الشيخ أحمد حسن الطه السامرائي: "ما يحزننا أن يأتي من ينطق بالشهادة ويقف في صف الأمريكي واليهودي ويشارك في ذبح إخوته"، وتساءل "ماذا تقول لله يوم القيامة"؟، في إشارة إلى مشاركة القوات العراقية للقوات الأمريكية في هجوم الفلوجة. وكانت مدينة الأعظمية قد شهدت منذ بدء الهجوم الأمريكي على الفلوجة يوم 8-11-2004 العديد من الاشتباكات بين مسلحين والقوات الأمريكية والعراقية، كمان شهد جامع الإمام أبي حنيفة النعمان يوم الجمعة 12-11-2004 مظاهرة غاضبة، دعت إليها هيئة علماء المسلمين للتنديد بالهجوم الأمريكي على الفلوجة. وعلى صعيد آخر واصلت مدينة الفلوجة العراقية دفن قتلاها الذين سقطوا خلال عملية "الشبح الغاضب" الواسعة النطاق التي يشنها الاحتلال الأمريكي منذ يوم 8-11-2004. وبحسب الموقع الإلكتروني لوكالة رويترز فقد وصلت اليوم الجمعة شاحنة محملة بالجثث إلى مشارف الفلوجة لدفنها وسط مظاهر غضب شديد ضد القوات الأمريكية التي تزعم أنها قتلت 1200 مقاتل عراقي وأجنبي. وكان أفراد من المقاومة العراقية في الفلوجة قد أكدوا في بيان حصلت "إسلام أون لاين.نت" على نسخة منه يوم 16-11-2004 أنها كبدت القوات الأمريكية مئات القتلى والجرحى وأسقطت نحو 20 طائرة ودمرت عشرات الآليات، في حين سقط نحو ألف قتيل من سكان المدينة من الأطفال والشيوخ والنساء، علاوة على أسر المئات منهم، نافية ما أعلنته قوات الاحتلال أنها قتلت نحو 1200 مقاوم. وفي قرية "الصقلاوية" وصلت أكثر من 20 جثة وكان في استقبالها نحو 150 رجلا أخرجوا الجثث من أكياس بلاستيكية خاصة بالجيش في محاولة للتعرف عليها ودفنها. لكن وسط أسراب الذباب وتعفن الجثث وتحلل بعضها نظرا لمقتل أصحابها منذ عدة أيام كانت عملية التعرف عليها شبه مستحيلة. وبعد أداء صلاة الجنازة على القتلى العشرين دعا الإمام إلى الثأر من الأمريكيين وحلفائهم من العراقيين "الذين يعتقدون أن الهجوم على الفلوجة قصم ظهر المقاومة السنية". وطلب الإمام من الله "الرحمة "وأن" يزلزل الأرض تحت أقدام الأمريكيين وتحت أقدام الصليبيين والمنافقين الذين يقدمون لهم العون". من ناحية أخرى جاء في بيان منشور على موقع "منتدى الأنصار" على شبكة الإنترنت اليوم الجمعة أن جماعة أبو مصعب الزرقاوي الذي تقول واشنطن إنه مسؤول القاعدة في العراق ذبحت اثنين من أفراد الحرس الوطني العراقي في وضح النهار بمدينة الموصل الشمالية. وقال البيان "في الوقت الذي ظن فيه أعداء الله تعالى أنهم سيسحقون بحملتهم العسكرية الغاشمة على عقر دار المؤمنين بالفلوجة الصامدة أعزها الله ونصرها على غزاتها من أحفاد القردة والخنازير ومن تبعهم من شراذم الكفر والردة... أظهر أسد الله من أبطال تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين ملاحم بطولية". واستطرد البيان "آخر رسائل الموت تلك لزمرة الردة العفنة... قيام أبطال قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين بعد ظهر يوم الخميس بنحر طاغوتين من طواغيت الحرس الوثني أحدهما برتبة رائد والآخر برتبة ملازم... وتمت عملية نحرهما في دورة الرسالة في منطقة الموصل الجديدة بمدينة الموصل المجاهدة أمام أعين الناس وبحضور جمهرة كبيرة منهم". على الصعيد نفسه هددت مجموعة "جيش أنصار السنة" المرتبطة بتنظيم القاعدة في بيان نشرته الخميس على موقعها على الإنترنت بضرب مراكز الاقتراع وكل من يترشح للانتخابات العراقية، وتعذر التأكد من صحة البيان. وجاء في البيان الذي حمل توقيع "قيادة جيش أنصار السنة": "إننا نحذر كل من تسول له نفسه بالترشيح لهذه الانتخابات؛ لأنه بعمله هذا يريد أن يكون كافرا... كما ونعلن للجميع أن المجاهدين سوف يقومون بضرب المراكز الانتخابية بقوة لأنها أماكن كفرية". اسلام ان لاين