قبل ساعات من سيطرة القوات الاميركية على بغداد، وقف الرئيس العراقي السابق صدام حسين على ظهر شاحنة صغيرة خارج مسجد ابو حنيفة النعمان وسط العاصمة ملوحا لنحو مائتي شخص تجمهروا في المكان واعدا إياهم بمستقبل زاهر. ولا يزال الموالون للرئيس الراحل يتذكرون آخر كلماته التي قالها يوم سقوط نظامه في التاسع من ابريل 2003. ويقول ابو ريما: «قال لنا في كلماته الاخيرة أعد شعب الاعظمية بإقامة نصب ذهبية بعد هزيمة الاميركيين». ويضيف منفعلا «ما تزال الصور تلمع في عيني كما لو انها تحدث الآن وكأنها مشاهد من فيلم سينمائي.كان ذلك يوم الاربعاء التاسع من أبريل. فهذا التاريخ محفور في دمي وصدام يسري في عروقي». ويسكن ابو ريما وهو مدرس سابق يبلغ من العمر 65 عاما حي الاعظمية، أبرز المناطق ذات الغالبية السنية في بغداد، حيث سجل آخر ظهور علني لصدام كرئيس للبلاد. ويتابع أبو ريما بينما كان يسير أمام منزله المكون من طابق واحد «قبل ساعات من وصول الدبابات الاميركية الى ساحة الفردوس لتحطيم تمثاله، كان هنا في الاعظمية معنا ولم يستطيعوا معرفة مكانه». وبعد ان أسقط جنود من المارينز التمثال الضخم، بدأ بعض العراقيين بضرب رأس التمثال بأحذيتهم. وتحول اسقاط التمثال الى رمز للاطاحة بنظام صدام. ويتذكر ابو ريما مشاهدته صدام وقت صلاة الظهر تقريبا «حيث كنا نؤدي الصلاة في مسجد ابو حنيفة عندما صرخ احدهم بشكل مفاجئ قائلا ان الرئيس في الخارج. وسارعنا لرؤيته حيث كان واقفا على شاحنة صغيرة». وكان يرافق الرئيس السابق نجله الاصغر قصي ومرافقه الشخصي عبد حمود ووزير الدفاع سلطان هاشم. وقد لقي قصي مصرعه خلال معركة مع الجنود الاميركيين في الموصل في 23 يوليوز 2003، بينما ما يزال هاشم في السجن ينتظر تنفيذ حكم الاعدام بعد ادانته بقتل عشرات الآلاف من الاكراد في حملات الانفال أواخر الثمانينيات من القرن الماضي. وشاهد مقيم آخر في الاعظمية هو محمد العبيدي صدام قرب مسجد ابو حنيفة يومذاك، مؤكدا ان الارهاق بدا واضحا على قسمات وجه الرئيس السابق. ويقول: «كان التعب قد نال منه قسطا. تملكتني الحماسة بينما كان يتحدث معنا وبدأت أبحث عن بندقية لاطلق النار في الهواء ابتهاجا باننا سنلحق الهزيمة بالاميركيين». من جهته، يقول ابو عبد الله ان الرئيس السابق قضى ليلته تلك في الاعظمية. ويؤكد الموظف الحكومي المتقاعد (61 عاما) ان «صدام كان في مسجد ابو بشر الحافي في الاعظمية وفي اليوم التالي يوم العاشر منأبريل عبر النهر على متن زورق واختفى». ويضيف: «غادر المسجد عند السادسة صباحا مرتديا العباءة العربية التقليدية واستقل الزورق باتجاه حي الكاظمية» الشيعي في جانب الكرخ (غرب دجلة). ""