مازالت تفاصيل حدث اعتقال صدام وأسراره تتصدر تطورات الساحة العراقية، وسط أنباء عن تجدد المقاومة وتصاعدها. فقد أوردت صحيفة القدس العربي على موقعها تقريرا من مراسلها هاني عاشور أمس يقول إن مسؤولين عراقيين قالوا، نقلا عن جنود وضباط أمريكيين شاركوا في مهمة اعتقال الرئيس صدام حسين، أن الرئيس العراقي طلب بعد وصوله إلى مكان الاعتقال فرصة لكي يؤدي صلاة الفجر، كما طلب سجادة ومصحفا وبعض السجائر، في حين ظل طيلة الطريق إلى المعتقل صامتا لا يتحدث إلا بكلمات قليلة، في وقت يرجح فيه عراقيون حسب روايات وشائعات متداولة أن يكون صدام قد تم تخديره بإلقاء قنابل غازية على المزرعة التي كان يختبئ فيها قبل اعتقاله بقليل. وقد وضعت القوات الأمريكية وفق ما أشار أعضاء من مجلس الحكم الانتقالي العراقي الذين زاروا صدام في المعتقل في غرفة تبلغ مساحتها (2 على 3 أمتار) لا يوجد فيها سوى سرير خاص به وطاولة عليها بعض الطعام والعصير وهو يرتدي دشداشة بيضاء ونعال جلد أسود وسترة غامقة. وحسب رواية هاني عاشور، كان أول الوجوه العراقية التي استقبلها صدام في المعتقل هي وجوه أعضاء مجلس الحكم الأربعة وهم موفق الربيعي وعدنان الباججي وعادل عبد المهدي ممثل عبد العزيز الحكيم وأحمد الجلبي، حيث قدمهم له موفق الربيعي بالتتابع، وكان صدام ينظر إليهم بهدوء دون أن تبدو عليه علامات المفاجأة من وجودهم، وقد وقف بول بريمر الحاكم المدني الأعلى للعراق وريكاردو سانشيز قائد القوات الأمريكية جانبا ليشاهدوا المحاورة التي دارت بينهم. وكان صدام وفقا لأعضاء مجلس الحكم قد وجه شتائم إليهم رفضوا ذكرها في أحاديثهم وشهاداتهم، مشيرا إلى قضية غزو الكويت التي أثارها الباججي بأنها حق عراقي في الكويت. وقد كرر صدام أكثر من مرة قوله لهم أنا رئيس جمهورية منتخب، واصفا الذين يهتفون في الشوارع ضده مبتهجين باعتقاله بأنهم جهلة وغوغاء ولا يعرفون شيئا. وكان يجيب عن سؤال وجه إليه حول القصور التي بناها في عهد حكمه، بأنها ليست باسمه وقال إنها قصور الشعب، وعن المقابر الجماعية قال: هؤلاء لصوص وهاربون من الخدمة العسكرية واسألوا عوائلهم عنهم. وأشار كثير من العراقيين أن صدام قدم باعتقاله أعظم هدية إلى المقاومة التي كانت تتحسب من أن تنسب أعمالها ضد الأمريكيين إليه، وهو ما يشير إلى احتمال أن تتصاعد المقاومة في الأيام المقبلة ضد الوجود الأمريكي حيث يمكن أن تأخذ حرية التمويل بعد أن كانت القوات الأمريكية تتهم صدام حسين بتمويل المقاومة من المبالغ التي اغتصبها من البنوك العراقية قبل سقوط بغداد . وذكرت القوات الأمريكية في مدينة سامراء شمال العراق أنها اعتقلت أحد كبار الممولين للهجمات التي تستهدف القوات الأمريكية وصادرت كمية كبيرة من معدات صنع القنابل في عملية مداهمة أول أمس الثلاثاء. وتتحدثت قيادة القوات الأمريكية عن فضل الرجل البدين في اعتقال صدام، وفق ما أوردته البيان الإماراتية صباح أمس على موقعها الإلكتروني. واكتفت القيادة العسكرية الأمريكية فقط بالإشارة إلى أنه صاحب كرش كبيرة وفي متوسط العمر وأن أسرته لها صلة وثيقة بصدام حسين. وأنه بعد ظهر السبت الماضي قدم هذا الشخص المذكور المعلومات التي أدت إلى إلقاء القبض على صدام حسين في مساء اليوم نفسه. من جهة أخرى، قال الكاردينال ريناتو مارتينو، رئيس إدارة العدل والسلام في الفاتيكان وهو مبعوث بابوي سابق لدي الأممالمتحدة، ردا على أسئلة وجهت إليه خلال مؤتمر صحافي أنه من سبيل الوهم الاعتقاد بأن اعتقال الرئيس العراقي السابق سيضمد كل الأضرار التي أحدثتها حرب عارضها البابا يوحنا بولس الثاني بابا الفاتيكان. وأضاف شعرت بالشفقة، كان من الممكن أن يعفونا من رؤية هذه الصور. وذكرت الأنباء أن صحيفة الحياة الجديدة الفلسطينية الحكومية نشرت أول أمس الثلاثاء علي صفحتها الأولى إعلانا تضامنا مع الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين. وجاء في الإعلان الذي نشر مع صورة لصدام أن رفاق وأصدقاء البعث في محافظة خليل (الضفة الغربية) الرحمن يعلنون تضامنهم مع الرفيق القائد صدام حسين. وأضاف أن صدام حسين يتحدى بشموخ وارادة المحتل أثناء الأسر تماما كما تحدى إرادتهم وهو في قمة السلطة وفي خنادق المقاومة . وأكد معدو الإعلان انهم يعاهدونه بالاستمرار في نهجه ومبادئه ومواصلة معركته حتي دحر الاحتلال في العراق وفلسطين . ولم يعلق رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع الاثنين علي نبأ اعتقال صدام معتبرا انه شأن عراقي. وكان المسؤولون الفلسطينيون وبينهم ياسر عرفات دعموا صدام حسين في 1991 خلال حرب الخليج الأولى اثر الغزو العراقي للكويت. بموازاة ذلك، توالت الأخبار عن تجدد أعمال المقاومة، فقد قتل 17 عراقيا وأصيب 15 آخرون فجر أمس الأربعاء عندما انفجرت قنبلة كانت مزروعة على الطريق قرب شاحنة وقود في بغداد. وقد أحدث الانفجار كرة من اللهب تسببت في اندلاع النيران بحافلة صغيرة. وشنت قوات الاحتلال الأميركي قبيل فجر الأربعاء عملية واسعة النطاق في مدينة سامراء في محاولة لمحاصرة من أسمتهم القوات المعادية للتحالف والقضاء عليها والتي تبعد 120 كلم شمال غرب بغداد. يشار أيضا إلى أن القيادة العسكرية الأمريكية في العراق اعترفت بمقتل جندي أمريكي وإصابة 3 آخرين بجروح في هجومين منفصلين للمقاومة العراقية في بغداد وتكريت. فقد قتل جندي أمريكي في هجوم شنه عناصر من المقاومة العراقية صباح الثلاثاء الماضي، واعترف جيش الاحتلال الأميركي كذلك بمقتل أحد جنوده إثر اصطدام الآلية العسكرية التي كان على متنها بلغم أرضي زرعه مقاومون بالقرب من بغداد ، وقد أسفر الهجوم عن تدمير الالية الامريكية وتناثر حطامها ، إذ قذفت شدة الانفجار بالجندي خارج الآلية . وفي مدينة الفلوجة قالت مصادر عسكرية أمريكية إن جنديا أمريكيا أصيب يوم الثلاثاء في تبادل لاطلاق النار خلال مواجهات مع المقاومة. على صعيد آخر، دافع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أول أمس الثلاثاء عن حرب الاحتلال وانتقد معارضيها، وذلك في كلمة ألقاها أمام مجلس الأمن الدولي. وهاجم زيباري كذلك دولا في مجلس الأمن مثل فرنسا التي ألمحت إلى أن مجلس الحكم الانتقالي في العراق الذي عينته الولاياتالمتحدة لا يتمتع بشرعية سياسية، وقال كعراقيين نختلف بشدة مع هؤلاء الذين يشككون في شرعية السلطات العراقية الحالية. وأكد أن مجلس الحكم الانتقالي هو أكثر الأجهزة الحاكمة تمثيلا وديمقراطية في المنطقة. كما وجه زيباري انتقادات لاذعة للأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الذي عارض الحرب على العراق وشكل مؤخرا مجموعة اتصال حول مستقبل العراق لا تضم عراقيين، قائلا دون مشاركة عراقية في المناقشات التي تتناول المصالح العراقية، مثل لجنة الاتصال التابعة للأمم المتحدة التي شكلت أخيرا، فإن القرارات المتخذة لن تكون قابلة للاعتماد.