إن وضع السجين ومطابقة حقوقه بالمواثيق الدولية يقتضي معرفة المصطلحات القانونية المحددة لوضعه وفق التعريفات القانونية، فيعنى القبض اعتقال شخص بدعوى ارتكابه لجريمة أو بإجراء من سلطة ما، ويعني الشخص المحتجز، كل شخص محروم من الحرية الشخصية ما لم يكن ذلك لإدانته في جريمة، ويعنى الشخص المسجون كل شخص محروم من الحرية الشخصية لإدانته في جريمة، ويعتبر معتقلا بمفهوم هذا القانون، كل شخص اتخذ في حقه تدبير سالب للحرية وتم إيداعه داخل مؤسسة سجنية. ويعتبر معتقلا احتياطيا، كل معتقل لم يصدر في حقه مقرر قطعي بالإدانة، سواء كان ظنينا أو متابعا أو متهما. ويعتبر مدانا، كل شخص معتقل صدر في حقه مقرر قطعي بعقوبة سالبة للحرية. ويعتبر مكرها بدنيا، كل شخص اعتقل في نطاق مسطرة الإكراه البدني. ويعنى الاحتجاز حالة الأشخاص المحتجزين حسب تعريفهم الوارد أعلاه. ويعنى السجين حالة الأشخاص المسجونين حسب تعريفهم الوارد أعلاه. حقوق السجين حسب المواثيق الدولية إن تحديد مفهوم كل مصطلح يساعد على معرفة الوضع القانوني للمعتقل والحقوق المخول له قانونا، ليتمتع بها وفق المتعارف عليه عملا بمقتضى ظهير 23 .98, القانون الذي أحدث تغييرا جوهريا على القوانين المنظمة للسجون، ومع ذلك لم يسلم هذا القانون من انتقادات لعدم مطابقة بعض مواده للمواثيق الدولية، وخاصة القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء التي أوصى باعتمادها مؤتمر الأممالمتحدة الأول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المنعقد في جنيف عام 1955 وأقرها المجلس الاقتصادي والاجتماعي بقراريه 663 جيم (د24-) المؤرخ في 31 يوليوز 1957 و 2076 (د62-) المؤرخ في 13 ماي 1977. ومجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص، الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن اعتمدت ونشرت على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 43/173 المؤرخ في 9 دجنبر: 1 يعامل جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن معاملة إنسانية وباحترام لكرامة الشخص الإنساني الأصيلة. 2 التمتع بالحقوق المتعارف عليها في المواثيق دولية، ولا يجوز التذرع بأن الدولة تعترف بها بدرجة أقل. ومن تلك الحقوق: حق التظلم من ممارسة السلطة لصلاحيات غير مخول لها قانونا، وحق التبليغ بسبب إلقاء القبض، وحق الإدلاء بالأقوال في أقرب وقت والدفاع والاستعانة بالمحامي، والحق في الحصول على المعلومات وأسباب الاحتجاز بسرعة، والحق في الحصول على المعلومات عن حقوقه وبتفسير لهذه الحقوق وكيفية استعمالها، والحق في الحصول على مترجم لمعرفة هذه الحقوق بلغة الشخص المعني، والحق في الاتصال بالعالم الخارجي، والحق في تبليغ الأسرة بالمكان الذي نقلت إدارة السجن المعتقل إليه، وحق الأجنبي بالاتصال بالقنصلية والمنظمات الدولية، والحق في أن تتولى الدولة بالاتصال بنفسها بالنسبة للأحداث، والحق في المحامي وتوفير جميع تسهيلات الاتصال، وحق المراسلة وزيارة الأسرة، والحق في أن يكون قريبا من الأسرة وفق القواعد النموذجية لمعاملة المسجونين، والحق في احترام حقوقه دون تمييز، والحق في احترام المعتقدات الدينية والمبادئ الأخلاقية للفئة التي ينتسب إليها السجين، والحق في أن يسجل في سجل مضبوط، والحق في الفصل بين فئات الرجال والنساء والأحداث والمحبوسين احتياطيا والمحكومين. وأماكن الاحتجاز لا يجوز أن يوضع في الواحدة منها أكثر من سجين واحد ليلا، كما يجب أن تتوفر على جميع المتطلبات الصحية، مع الحرص على مراعاة الظروف المناخية، وخصوصا من حيث حجم الهواء والمساحة الدنيا المخصصة (للسجناء)، ويجب أن تكون المراحيض كافية لتمكين كل سجين من تلبية احتياجاته الطبيعية وبصورة نظيفة ولائقة. ويجب أن تتوفر منشآت الاستحمام والاغتسال بحيث يكون في مقدور كل سجين النظافة الشخصية. ويجب أن تفرض على السجناء العناية بنظافتهم الشخصية، ومن أجل ذلك يجب أن يوفر لهم الماء.. بالنسبة للطعام توفر لهم الإدارة وجبة طعام ذات قيمة غذائية كافية لكل سجين للحفاظ على صحته، مع مراعاة الجودة والنوعية وتوفير الماء. التمارين الرياضية لكل سجين الحق في التمارين الرياضية في الهواء الطلق، ساعة على الأقل في كل يوم. الخدمات الطبية يجب أن تتوفر في كل سجن خدمات طبية مناسبة بما فيها الطب النفسي.وينبغي أن يتم تنظيم الخدمات الطبية على نحو وثيق الصلة بإدارة الصحة العامة المحلية أو الوطنية. أدوات تقييد الحرية لا يجوز أبدا أن تستخدم أدوات تقييد الحرية، كالأغلال والسلاسل والأصفاد وثياب التكبيل كوسائل للعقاب. تزويد السجناء بالمعلومات وحقهم في الشكوى يزود كل سجين، لدى دخوله السجن، بمعلومات مكتوبة حول الأنظمة المطبقة على فئته من السجناء، وحول قواعد الانضباط في السجن، والطرق المرخص بها لطلب المعلومات وتقديم الشكاوى. الاتصال بالعالم الخارج يسمح للسجين في ظل الرقابة الضرورية، بالاتصال بأسرته وبذوي السمعة الحسنة من أصدقائه، على فترات منتظمة، بالمراسلة وبتلقي الزيارات على السواء.. ويجب أن تتاح للسجناء مواصلة الاطلاع بانتظام على مجرى الأحداث ذات الأهمية عن طريق الصحف اليومية أو الدورية أو أية منشورات خاصة تصدرها إدارة السجون أو بالاستماع إلى محطات الإذاعة أو إلى المحاضرات، أو بأية وسيلة مماثلة تسمح بها الإدارة أو تكون خاضعة لإشرافها. ويزود كل سجن بمكتبة مناسبة لمختلف فئات السجناء تضم قدرا وافيا من الكتب الترفيهية والتثقيفية على السواء. ويشجع السجناء على الإفادة منها إلى أبعد حد ممكن. ممارسة الدين إذا كان السجن يضم عددا كافيا من السجناء الذين يعتنقون نفس الدين، يعين أو يقر تعيين ممثل لهذا الدين. حفظ متاع السجناء حين لا يسمح نظام السجن للسجين بالاحتفاظ بما يحمل من نقود أو أشياء ثمينة أو ثياب أو غير ذلك من متاعه، يوضع ذلك كله في حرز أمين لدى دخوله السجن. واجب الإخطار لا بد من الإخطار في حالة وفاة السجين أو أصيب بمرض خطير أو بحادث خطير أو نقل إلى مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية، وحين ينقل السجين إلى السجن أو منه، يجب عدم تعريضه لأنظار الجمهور إلا بأدنى قدر ممكن. التفتيش يجب أن يكون هناك تفتيش منتظم لمؤسسات السجون وخدماتها، يكلف به مفتشون مؤهلون ذوو خبرة تعينهم سلطة مختصة. الامتيازات تنشأ في كل سجن أنظمة امتيازات توائم مختلف فئات المسجونين ومختلف مناهج العلاج بغية تشجيع السجناء على حسن السلوك وتنمية حس المسؤولية لديهم وحفزهم على الاهتمام بعلاجهم والمؤازرة فيه. العمل لا يجوز أن يكون العمل في السجن ذا طبيعة مؤلمة . التعليم والترفيه تتخذ إجراءات لمواصلة تعليم جميع السجناء القادرين على الاستفادة منه، بما في ذلك التعليم الديني. العلاقات الاجتماعية والرعاية بعد السجن تبذل عناية خاصة لصيانة وتحسين علاقات السجين بأسرته، بقدر ما يكون ذلك في صالح كلا الطرفين.. ويوضع في الاعتبار، منذ بداية تنفيذ الحكم، مستقبل السجين بعد إطلاق سراحه، ويشجع ويساعد على أن يواصل أو يقيم، من العلاقات مع الأشخاص أو الهيئات خارج السجن. المصابون بالجنون والشذوذ العقلي لا يجوز احتجاز الشخص في السجن إذا ظهر أنه مختل العقل، بل يجب اتخاذ ترتيبات لنقله إلى مستشفى للأمراض العقلية بأسرع ما يمكن.. حقوق السجين حسب القانون المحلي إن قانون 23 . 98 يحتوي على 141 مادة وتسعة أبواب، ومن أبرز الحقوق التي ينظمها هذا القانون هو إخبار المعتقل بمقتضيات هذا القانون وما يتضمنه من حقوق وواجبات، إذ يجب إشعار كل معتقل، عند إيداعه بمؤسسة سجنية، بالمقتضيات الأساسية الواردة في هذا القانون وفي النصوص والضوابط الصادرة تطبيقا له. ويجب على الخصوص إخباره بحقوقه وواجباته. ويتضمن هذا الإشعار كذلك المعلومات المتعلقة بالعفو وبالإفراج المقيد بشروط وبمسطرة ترحيل المعتقلين وكل البيانات التي تفيده أثناء قضاء فترة اعتقاله، خاصة طرق تقديم التظلمات والشكايات. وتبلغ هذه المعلومات عن طريق دليل يسلم للمعتقل بطلب منه وعن طريق ملصقات داخل المؤسسة. وإذا كان المعتقل أميا، وجب إخباره شفويا من لدن المكلف بالعمل الاجتماعي، وفي هذه الحالة يشار إلى ذلك الإخبار بملفه، كما يجب أن يشعر كل معتقل عند إيداعه بالمؤسسة، بحقه في الإدلاء باسم وعنوان الشخص أو الأشخاص الذين يمكن الاتصال بهم، في الحالات الطارئة. ويسجل تصريحه في جميع الأحوال بملفه. وإذا تعلق الأمر بحدث جانح يجب أن يسجل مدير المؤسسة في بطاقة معلوماته وبمجرد إيداعه، اسم وعنوان وهاتف أبويه أو وصيه أو كافله، وإذا وجد معتقل بالمستشفى عند وجوب الإفراج عنه، ينبغي إشعار عائلته أو الأشخاص الذين عبر عن رغبته في إشعارهم بالإفراج عنه، وبمكان استشفائه. ويتولى مدير المؤسسة، داخل أجل 51 يوما السابقة لانقضاء العقوبة أو عند وجوب الإفراج عنه، إخبار أبوي الحدث أو وصيه أو كافله قصد الحضور لتسلمه، وعند عدم حضورهم يخبر النيابة العامة، التي تتولى السهر على إيصاله إلى محل إقامتهم. إن المعلومات عن الوضعية الصحية للمعتقل تخضع للسر المهني ولا يمكن أن يطلع عليها إلا الطاقم الطبي والسلطات القضائية والمؤهلة لذلك.. وبالنسبة لتطبيق نظام العزلة، فهو حق للمؤسسة تلجأ إليه لظروف أمنية أو صحية أو إذا طلبه المعتقل على أن لا تتجاوز شهرا واحدا إلا لظروف استثنائية.. وبالنسبة للمعتقلات، اللاتي يقل عمرهن عن 20 سنة، فلهن الحق في أن يخضعن لشروط اعتقال الأحداث ، كما يمكن طلب العمل من لدن المكرهين والمعتقلين احتياطيا، ويعفى منه اللذين يمارسون نشاطا مهنيا أو الدراسة مع مراعاة أيام العطل والراحة. ويستفيد المعتقل في حالة إصابته بحادثة شغل أو مرض مهني بالحقوق الواجبة في هذا القانون. ويمكن لمعتقلي حسن السلوك أن يتمتعوا برخصة الخروج لمدة عشرة أيام بمناسبة الأعياد. وللمعتقل حق الطعن في القرارات التأديبية، والحق في أن يفحص المعتقل مرتين من طرف الطبيب حين وضعه في العزلة.. آمال تحتاج إلى تفعيل وتبقى هذه الحقوق مجرد آمال أو حتى أحلام لدى المعتقل في كثير من سجون بلادنا تنتظر التفعيل والمراقبة لترقى إلى ما تصبو إليه المواثيق الدولية المشار إليها من حفظ الكرامة الإنسانية، لأنه عندما يتحدث القانون عن اطلاع المعتقل على حقوقه، ولو بتسليمه دليل يطلع عليه، نجد أن هذا الحق الأولي لا وجود له على الإطلاق، بل يحرم المعتقل من أبسط الحقوق من تعليم ومتابعة الدراسة، بل إن الظاهرة الخطيرة الموجودة هي تحكم بعض المعتقلين في مصير الآخرين، وهو شاف شمبري الذي لا يتحدث القانون عن صفته أو صلاحياته، بل هي عادات ورثتها إدارة السجون من القوانين الاستعمارية البائدة. إن قانون 32 .89 أحدث ثورة في إدارة السجون، ومع ذلك، فإن أبسط الحقوق مازالت مهضومة، وليست في متناول الجميع، مثل رخصة الخروج في الأعياد، وحق التعليم بحيث يمنع منه البعض وتقريب السجين من أهله وذويه، تفاديا للتنقلات المتكررة المرهقة للعائلة.وأما عن اتخاذ القرارات التأديبية، فهي لا تزال متأثرة بعقلية القوانين المنسوخة بدلا من أن ترقى إلى المواثيق الدولية المصونة لكرامة المعتقل.