27 فبراير/شباط، 2010 جلالة الملك محمد السادس، القصر الملكي الرباط، المغرب صاحب الجلالة، تكتب إليكم هيومن رايتس ووتش لتطلب من جلالتكم النظر في قضية قدور طرزاز، وهو مغربي حامل للجنسية الفرنسية، 72 عاما، كولونيل-ماجور "متقاعد" في القوات الجوية المغربية. السيد قدور في الوقت الحالي يقضي عقوبة 12 عاما سجنا في سجن سلا بتهمة "المس بأمن الدولة الخارجي بإفشاء سر من أسرار الدفاع الوطني". وتعتقد هيومن رايتس ووتش أن السيد طرزاز قد أدين ظلما بسبب تعبيره السلمي عن آرائه، وأنه ينبغي الإفراج عنه وإلغاء إدانته. كما أننا نعترض على قساوة الحكم والظروف الخاصة باعتقاله، والتي تشمل وضعه منذ 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2009 في زنزانة انفرادية وحرمانه تقريبا من أي اتصال مع زملائه السجناء. وألقت السلطات القبض على السيد طرزاز، الذي تقاعد من الجيش سنة 1995، يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2008، وحكمت عليه المحكمة العسكرية الدائمة للقوات المسلحة المغربية بالرباط في 28 نوفمبر/تشرين الثاني، 2008. إن القضية المرفوعة ضده نابعة من خطاب كتبه إلى جلالتكم سنة 2005، موجها نداءً إلى جلالتكم، بصفتكم رئيس الدولة والقائد العام للقوات المسلحة الملكية، من أجل معاملة أفضل للطيارين السابقين في سلاح الجو الذين أسقطت جبهة البوليساريو طائراتهم واستولت عليها خلال حربها مع المغرب حول الصحراء الغربية في أواخر السبعينيات. هؤلاء الطيارون عادوا مؤخرا إلى المغرب بعد أن قضوا ربع قرن من الزمان كأسرى حرب في المخيمات التي تديرها البوليساريو في الصحراء الجزائرية. وفي رسالته، أعرب السيد طرزاز عن دعمه للطيارين الذين كانوا تحت قيادته في وقت سابق، متأسفا عن كونهم لم يستفيدوا من الترقية أثناء سنوات الأسر، ومشتكيا من أن الدولة لم تكرمهم على النحو الذي يليق بخدمتهم وتضحيتهم. كما اتهم المغرب بكونه تعامل مع نشطاء البوليساريو الذين عادوا إلى الجانب المغربي على نحو أفضل من تعامله مع طياريه، على الرغم من الصعوبات التي عانوا منها في الأسر والجديدة التي واجهوها عند عودتهم إلى الوطن. السيد طرزاز في رسالته، التي وصف فيها الخطر الذي واجهه هؤلاء الطيارون في مهماتهم، لاحظ أنه تم إسقاطهم بينما كانوا يقودون طائرات لم تكن مجهزة بأنظمة مضادة للصواريخ. وقبل إرسال هذه الرسالة إلى جلالتكم، قدم السيد طرزاز نسخة لعلي نجاب، أحد طياري القوات الجوية الذي سجن لمدة 25 عاما من قبل جبهة البوليساريو بعد أن أسقطت طائرته في عام 1978. نجاب كان، في العام 2005، يعمل من أجل التأثير على الدولة لتقديم معاملة أفضل لزملائه السجناء السابقين. للتأكيد على الطابع الشجاع والخطير لخدمتهم لبلدهم، قال السيد نجاب للصحافة أنه وزملائه الطيارين أسقطوا بواسطة صواريخ جبهة البوليساريو عندما حلقوا بطائرات تفتقر لأنظمة الدفاع المضادة للصواريخ. السيد نجاب كان يروي اعتقاله من قبل جبهة البوليساريو على صفحات جريدة "أوجوردوي لو ماروك" في 7 مايو/أيار 2004 -- وهو تاريخ سابق بكثير على تسلمه الرسالة من السيد طرزاز: ما حدث في الحقيقة هو أن واحدا من المحركات اشتعلت فيه النيران. ثم جرى إطلاق الصاروخ الذي توجه مباشرة نحو الطائرة، والمحرك المحترق كان مصدرا رئيسيا للحرارة التي ساعدت في توجيه الصاروخ. في ذلك الوقت، لم تكن لدينا طائرات مجهزة بأنظمة مضادة للصواريخ. مع اشتعال النيران في كلا المحركين، لم يعد يمكنني توجيه الطائرة واضطررت إلى أن أقذف بنفسي خارجها. وفي عام 2006، نشرت المجلة المغربية "ماروك إبدو الدولية" مقالا في عددها بتاريخ 21 أبريل/نيسان عن نجاب وجهوده لصالح أسرى الحرب السابقين. ونقل المقال عنه ملاحظته: وبالنسبة لنا نحن ربابنة المقاتلات، فإن طائراتنا لم تكن مجهزة بالأجهزة الالكترونية المضادة للصواريخ. كنا نعرف هذا ومع ذلك توجهنا إلى القتال. كنا مطالبين بالقيام بذلك من خلال الأوامر التي تلقيناها، وحبا للوطن. السلطات، حسب علمنا، لم تتهم أو تحقق جنائيا مع نجاب في اتصال مع هذه التصريحات أو أخرى مثلها. وفي حدود علمنا، لم يتلقى السيد طرزاز أي رد عن رسالته لعام 2005 التي وجهها لجلالتكم. ومع ذلك، في 9 نوفمبر/تشرين الثاني، 2008 -- ثلاث سنوات بعد إرسال السيد طرزاز هذه الرسالة وقاسم السيد نجاب نسخة منها -- ألقت السلطات القبض على السيد طرزاز. تسعة عشر يوما بعد ذلك، في 28 نوفمبر/تشرين الثاني، أدانت المحكمة العسكرية السيد طرزاز بتهمة نقل " سر من أسرار الدفاع الوطني" إلى جهة غير "مؤهلة" للاطلاع عليه، في خرق للفصلين 187 و 192 من القانون الجنائي. كما أن نص الحكم المكتوب الصادر عن المحكمة (حكم حضوري عدد 3437/08 في القضية الجنائية عدد 3314/3009/2008 ع.ع)، لم يشر إلى سر آخر غير أن طائرات سلاح الجو، التي أسقطتها جبهة البوليساريو ما يقرب من ثلاثة عقود مضت، تفتقر لأنظمة المضادة للصواريخ، وإلى أي جهة أخرى غير"مؤهلة" التي توصلت بهذا السر المزعوم سوى الطيار السابق علي نجاب. حكمت المحكمة على السيد نجاب ب 12 سنة سجنا نافذا، ونطقت بالحكم باسم جلالتكم. حكم الإدانة للمحكمة العسكرية تم تأكيده في 13 مايو/أيار، 2009، حينما نطقت محكمة النقض والإبرام، برئاسة القاضي الطيب أنجار، باسم جلالتكم، رفضها نقض الحكم. النقض هو المستوى الوحيد المتاح للطعن في الأحكام الصادرة عن المحكمة العسكرية. لو كان السيد طرزاز قد حوكم أمام محكمة مدنية، لكان باستطاعته الوصول إلى كل من الاستئناف والنقض. القانون الجنائي في الفصل 187 يحدد "أسرار الدفاع الوطني" لتشمل، من بين أمور أخرى، " المعلومات العسكرية أو الدبلوماسية أو الاقتصادية أو الصناعية التي توجب طبيعتها أن لا يطلع عليها إلا الأشخاص المختصون بالمحافظة عليها، وتستلزم مصلحة الدفاع الوطني أن تبقى مكتومة السر بالنسبة إلى أي شخص آخر... " وينص الفصل 192 على عقوبات في حق الأشخاص الذين حصلوا "بأية وسيلة كانت على حيازة سر من أسرار الدفاع الوطني أو إبلاغه إلى علم الجمهور أو إلى أي شخص لا حق له في الإطلاع عليه..." في زمن السلم، عقوبة مرتكبي مخالفات الفصل 192 هي غرامة والسجن لمدة سنة إلى خمس سنوات سجنا نافذا. أما في زمن الحرب، فإن العقوبة هي السجن من خمس إلى 30 سنة. وقضت المحكمة بأن جريمة السيد طرزاز وقعت خلال الحرب، ورفضت الحجج القائلة بأن اتفاق وقف إطلاق النار بين المغرب والبوليساريو الساري منذ عام 1991 يعني أن البلاد لم تعد في حالة حرب. تجدر الإشارة إلى أن "السر" الذي يزعم إفشاؤه في عام 2005 يتعلق بالحالة العسكرية السائدة في عام 1978، أي ما يقرب من ثلاثة عقود مضت. ومن الجدير بالملاحظة أيضا أن الشخص "غير المؤهل" لمعرفة عدم وجود أنظمة مضادة للصواريخ على طائرات مقاتلة كان هو نفسه طيارا لمثل هذه الطائرات. يمكن أن يكون هناك شك قليل في كون السيد نجاب مدركا لهذه الحقيقة عندما حلق بالطائرة، وعلاوة على ذلك، وكما أشير إليه أعلاه، فقد ذكر هذه الحقيقة في مقابلات نشرتها الصحافة المغربية قبل تلقيه الرسالة من السيد طرزاز. لهذا السبب، فإننا نعتبر أن بكتابته الرسالة وتسليمها إلى السيد نجاب، كان السيد طرزاز يمارس حقه في التعبير السلمي، وهو الحق الذي تحميه المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي صدق عليه المغرب عام 1979. ومن الجدير بالذكر أيضا أن المحكمة العسكرية حاكمت وأصدرت عقوبة حبسية ثقيلة في حق السيد طرزاز 19يوما فقط بعد إلقاء القبض عليه وأسبوعا فقط من وضع المحكمة لائحة التهم الرسمية وإحالته إلى المحاكمة. المحكمة، برئاسة إدريس جبروني، أغلقت المحاكمة، وطردت الحضور وأفراد الأسرة بعد الدفوعات الأولية، لتسمح لهم بالعودة فقط للاستماع إلى القاضي وهو يعلن الحكم والعقوبة. محمد أوراغ، أحد محاميي الدفاع، قال ل هيومن رايتس ووتش إن المحكمة رفضت كلا من ملتمس تأجيل الجلسة للسماح للدفاع بمزيد من الوقت لإعداد الدفاع وملتمس استدعاء شهود الدفاع. تداولت المحكمة لأقل من ساعتين قبل الوصول إلى الحكم. السيد طرزاز قد تم سجنه الآن لأكثر من 15 شهرا. ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2009، سعى إلى أن يقوم المحامي عبد الرحيم الجامعي بزيارته ولكن السلطات رفضت السماح بمثل هذه الزيارة. السيد أبو بكر الجامعي يقول إنه يود أن يقدم ملتمسا إلى محكمة النقض والإبرام لإعادة النظر في قرارها في مرحلة النقض، وهو إجراء بموجب القانون المغربي يعرف باللجوء إلى الاستدراك. وفي رسالة مؤرخة في 4 فبراير/شباط، برر مولاي حفيظ بن هاشم، المندوب العام لإدارة السجون بالمغرب، رفضه بالقول إن الحكم على السيد طرزاز نهائي وبالتالي فإن إدارة السجن قد ترفض زيارات المحامين له. هذا تناقض مطلق مع مجموعة مبادئ الأممالمتحدة المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن، التي صادقت عليها الجمعية العامة في عام 1988. بعد تعريف الشخص ال"سجين" على أنه شخص محروم من حريته بعد إدانته في جريمة، فإن المبدأ 18 (3) ينص على أنه لا يجوز وقف أو تقييد حق الشخص المحتجز أو المسجون في أن يزوره محاميه وفى أن يستشير محاميه ويتصل به، دون تأخير أو مراقبة وبسرية كاملة، إلا في ظروف استثنائية يحددها القانون أو اللوائح القانونية، عندما تعتبر سلطة قضائية أو سلطة أخرى ذلك أمرا لا مفر منه للمحافظة على الأمن وحسن النظام. منذ 30 نوفمبر/تشرين الثاني ، 2009، وضعت إدارة السجن السيد طرزاز في زنزانة انفرادية، وتسمح له فقط بالحد الأدنى من التواصل مع السجناء الآخرين، على الرغم من أنه مسموح له بالزيارات العائلية. نحن غير مدركين لأسباب فرض هذا الإجراء القاسي على السيد طرزاز. إن طبيعة التهمة التي لا أساس لها، وسير المحاكمة ، وقسوة العقوبة، والظروف القاسية لاعتقال السيد طرزاز، تشير إلى أن الدوافع الكامنة وراء محاكمته والعقوبة ضده قد تكمن في مكان آخر غير الفعل الذي توبع به رسميا. المحكمة العسكرية حكمت عليه ظلما أمام أدلة مقنعة بأنه كان يمارسة مجرد حقه في حرية التعبير، بينما لم يفش أي " سر من أسرار الدفاع الوطني". صاحب الجلالة، إننا نلاحظ أن دستور المغرب يمنح جلالتكم في المادة (34) منه صلاحية العفو عن السجناء. ومن الواجب الإفراج عن قدور طرزاز، ذي ال 72 عاما وإلغاء إدانته. نشكر لجلالتكم اهتمامكم ونرحب بردّكم. سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا